الأخبار
ما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقط
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غيلان يا غيلان وانفعالات القراءة بقلم:صالح الطائي

تاريخ النشر : 2018-09-25
غيلان يا غيلان وانفعالات القراءة
صالح الطائي
كنت بعد أن انتهيت من قراءة الجزء الأول من مراثي غيلان للأديب اللبيب والبغدادي الحبيب الدكتور سعد الصالحي قد شعرت بحالة غريبة، لم تمر علي من قبل، حالة كنت أشعر خلالها وكأني أريد أن أجهش بالبكاء، واصرخ منتحبا، واضحك بهستيريا مفرطة؛ في نفس الوقت واللحظة، فقراءة تلك المواضيع بموضوعها وطريقة صياغتها وأسلوب كتابتها ومفرداتها تنقلك حتما من دنيا الواقع إلى دنيا خيال مفرط بالحساسية، يثير رغبات ذكرياتك لتتحفز شبقا لرؤية وقراءة المزيد، وحينما تنهي قراءتها ستشعر يقينا وكأنك انجزت عملا لا تريد له أن ينتهي، وتتمنى ان يتجدد تلقائيا ويستمر إلى آخر اللحظات.
مر على هذه الحالة بضعة سنين، تخلصت خلالها من مغبة حمل هموم غيلان ووجع مراثيه التي تقلق القلب والعقل، كنت خلالها أشعر بالراحة من إلقاء ذلك الحمل الثقيل عن كاهلي، لكن مع رغبة جامحة في أن تجدد المراثي بنغمة أخرى، ومواضيع أخرى، وذكريات أخرى، إلى أن سمعت خبر إصابة الدكتور سعد بسرطان الحنجرة، فشعرت وكأن غيلان يصرخ في تلافيف عقلي باستمرار ووحشة، لا يريد أن يتخلى عن إيذائي، لأبكي وابكي دون انقطاع.. لحظتها كنت أتمنى لو عشت لحظات الحالة الأولى؛ التي كان يختلط فيها الضحك مع البكاء، ولكن الضحكة اللعينة أبت أن تتسلل إلى شفتي اللتين كان النشيج يدخلهما في حالة رجفة غجرية وكأنهما ترقصان على أنغام وجعي وتألمي وخوفي من فقدان هذا الصديق الرائع.
وبعد رحلة علاج وانتظار طويل، وبما معروف عن الدكتور سعد من صلابة وفروسية وتحد وعناد، نجح في هزيمة المرض وهزيمة حزننا، وتحرر من رهبة اسمه، وحررنا من خوفنا، فعاد ليعزف أوجاع المراثي على أنغام حزننا وفرحنا ودهشتنا. خلال هذه المدة كنت بين حين وآخر أطلع على واحدة منها، تزيدني لهفة وشوقا إلى ما سواها، إلى أن استلمت منه مسودة الجزء الثاني؛ التي ما إن رأيتها حتى هجمت عليها وكأنها أكلة لذيذة، وُضعتْ أمام جائع، لم يأكل منذ عصر نوح، تركت كل ما في يدي حتى المستعجل منه، وانهمرت عليها كرذاذ مطر ربيعي تشعر به ولا تلمسه، كانت صفحاتها تتهاوى أمام نهمي أسرع مما أرغب، ومع كل صفحة أطويها كنت استعيد تلك الحالة الفريدة، حالة التحرر من سنن الطبيعة، وثقل الأجساد، حيث أثيرية الروح، وحيث يصبح الضحك والبكاء سوية أمرا لا يستهجنه أحد.
أتممت القراءة، وعدت ثانية وثالثة لأنهش تلك الصفحات العارية الممددة أمام اشتهائي، وكأن غيلان تلبسني من جديد، وكلي أماني في أن لا ينتهي نث المراثي إلى الأبد.
حينها وبكل أنانية التاريخ، تمنيت لو كان الأمر بيدي، لأمنع الماء والشراب عن الدكتور سعد وأمنع تقديم وجبات الطعام له، إلا بعد أن يكتب مرثية جديدة مقابل كل وجبة طعام تقدم له، وهذه هي الأنانية بعينها، والأنانية أصلها من أنا وهي حينما تختص بعلاقة مع مراثي غيلان تكون احلى ما في الدنا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف