الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في قصة " الضي " بقلم:سعيد رمضان على

تاريخ النشر : 2018-09-24
قراءة في قصة " الضي "
-----------
سعيد رمضان على
----------


1- توطئة
--------
وداد معروف كاتبة مصرية في قصتها " الضي" يؤرقها الفقد، لكنها لا تعبر عنه بتلك اللغة الجافة، بل بمشاعر أكثر عمقا، وبحس إنساني بالغ الشفافية، كأنها تحفزنا لنبحث ونتخيل لعلنا نجد شيئا ما، بداخلنا وبما حولنا، يتبدى ذلك دائما عبر التأكيد على الشخصية، وصراعاتها الداخلية، في عملها هذا شخصيات خاصة تتوغل فينا، رسمت بشكل دقيق وصادق، كأنها ترسم جمالا يتألق عند الأفق ساعة الغروب، جمالا ينبض بحس الغياب، يتوهج تاركا فينا شعورا بالفقد والأمل.

2- القراءة
------------
إذا كانت القاصة أظهرت الحياة في جانبها التدميري بقصتها (زيت الورد و أشياء أخرى) عندما تتغذى النفوس بالخداع والطمع، وتصبح القصة هجاء لزمن ينخر فيه التخلف والقهر، فان قصة " الضي" تعبر عن الفقد، وهى قصة تضعنا مباشرة أمام نفوسنا، باحثين عن معنى لوجودنا الإنساني، إثناء سيرنا المضنى في حياة يصهرها الألم، وفى دربنا الطويل نكتشف انه لا يوجد هزيمة في الموت، فنحن ننتصر على العدم عندما ندافع في الحياة عما نعتقده صوابا، وعن الحقائق الخالدة كالعدل والحق والخير ومساعدة الأخرين، وهذا ما نلمسه في " الضي" التي تحمل أنواع من الفقد مع أمل في المستقبل نلمسه في "سارة".

يحمل هذا النص الثقافي موضوعا أساسيا، فهو يوضح ثقافة سائدة ويرفضها، لكنه في الأساس يطرح قضية تحرير من ثقافة سلبية وأوضاع خاطئة من أجل الوصول إلى مجتمع خير، لذا فأن النص يفجر الصراع بكل السطور داخل المتن.
صراع بين ما هو جميل ومضى، وبين ما هو قبيح وموجود، لكنه ليس صراع سلبى على طول الخط يعبر عن رفض كامل لكل ما هو موجود، بل هو صراع ضد قيم سلبية مسيطرة على حاضرنا نلاحظ الصراع في العنوان وبداخل المتن .
والكاتبة تستحضر الماضي عن طريق فتح الذاكرة الشخصية للحفيدة، و وَاِسْتِحْضَارٌ الماضي يعنى استحضار التاريخ فلها مع الجدة/ الرمز / الماضي تاريخا، تحمله في ذاكرتها، ونظرا لأنها تشبه الجدة، فيكون عبق هذا التاريخ أو ما يستفاد منه موجود في الحفيدة، لكن هذا الماضي فعلا فارقه الروح، ولم يعد له معنى ولا قيمة في حاضر تجاهل تاريخه، وقيمه وأخلاقه فأبتلى بالبلاء.

ويبدوا النص هنا متكئا على أعمده:
العمود الأول : لون الجسد.
والعمود الثاني : إن سارة في هذا النص لا تتلقى الثقافة السائدة بشكل سلبي لأنها تملك القدرة على عدم نسيان جماليات الماضي، كما تملك القدرة على مقارنته مع الحاضر.
وجمال النص ينكشف في تقديم المرأة / الرمز من كل الوجوه، ومن خلال شخصيات نسائية يمتلكن أزمنتهم الخاصة، وهو بهذا دخل في العمق الإنساني، والقصد من تقديم المرأة من كل الوجوه : هو تقديمها بلون الجسد وبجمالياته متضمنا في هذا التقديم الأعماق العاطفية والنفسية والعقلية للشخصية وتلك مقاطع دالة:
1- ( أنا التي تشبهها في كثير من ملامحها الجسدية، ورثت عنها اللون الأبيض الزهري، ووجهها المستدير ذا البشرة الناعمة)
2- (أنت من تشبيهين جدتك الضي، أسعد بانتسابي لها وأني أحمل ملامحها الطيبة، كنت أطير فرحا كلما أرسلتني والدتي إليها)
ومع ذلك فأن النص في استدعاءه لجماليات الماضي، لا يغفل الحاضر عندما يأتي بذكر الأم:
(هي أكثر هدوءا من والدتي، تتحدث معي كأنني فتاة ناضجة و تسمع لي، فأشعر معها أن عندي ما يُنصَت إليه، علي غير ما تعودت مع أمي التي لا تري فيَّ إلا "سارة" صغري بناتها التي لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، فلا ينبغي أن تتحاور مع "مفعوصة مثلي"، الحوار بيننا افعلي ... لا تفعلي، ذاكري ...لا تلعبي، قللي من الكلام مع عفاف صديقتك، خذي بالك علي مصلحتك، عفاف تعطلك و تذاكر هي و ستسبقك و تتفوق عليك)
إن حضور الجدة والأم، يحدث تصادما في نفوسنا، فالجدة تنصت، والأم لا، فالعلاقة بين الأم والابنة تتحول إلى علاقة غير إنسانية، تتمحور حول الأمر والطاعة، مقابل الأصغاء والحب في زمن الجدة، فالأم لا تعرف ابنتها، و لا تعايشها ولا اتصال لها معها ـ حتى تفهم ثقافتها وعقليتها، لكن القصة عندما تنحاز إلى زمن الجدة، كانت مخلصة أيضا إلى الترسبات الموجودة بأعماق الأم والتي تكونت لديها هي أيضا بسبب الفقد:
(آليت علي نفسي ألا أخلعه حتي آخر عمري، لم يكن فقد أبيك بالأمر الهين لاستبدل ثيابي بالألوان)
ومع ذلك فأن لحظة حضور السواد الغارق في الكآبة سرعان ما يرحل إلى منطقة الغياب ويورد النص في النهاية:
(كبرت وصار أبغض لون لي هو ذلك الأسود الحزين وعرفت أن الشبه بيني وبين الضي لم يكن ملامحها فقط و إنما روحها أيضا)
وهى نهاية تملك جمالها، فهي تبعدها عن الوجود والاندماج في الحياة الخالية من الحب والعطاء ، ورغم إنها تعيش مع الأم، لكنها ترغب عميقا في الابتعاد عن طريقتها في الحياة لا تنكشف هذه الرغبة بشكل مباشر وفج ، بل هي متوارية في عملية استدعاء الجدة.
ونلاحظ في النص أن الرجل / الأب حضر بشكل خافت من خلال الاستدعاء:
(آليت علي نفسي ألا أخلعه حتي آخر عمري، لم يكن فقد أبيك بالأمر الهين لاستبدل ثيابي بالألوان)
ولم يظهر الرجل في النص بشخصه كحضور فاعل، ويبدوا أن هدف السرد في تخفيت حضور الرجل بشخصه، هو توسيع المجال لصوت الأوضاع السائدة في المجتمع، والذى تجعل حضور الرجل في الأسرة خافت جدا، سواء بالسفر للعمل في الخارج، أو العمل طول اليوم لتوفير لقمه العيش ثم العودة مرهقا والنوم دون حدوث تفاعل مع الزوجة والأولاد، وسواء عاش الرجل أو مات، فهو غير موجود، وما يؤكد على هذا المقطع التالي:
(تصر بشكل عجيب علي أن آكل ما قدمته لي، وما قدمته لي لا يقاوم، فالبيض بالسمن البلدي مع كوب اللبن الكبير و الجبن الذي تصنعه بيديها، خبزها الذي تعجنه باللبن و السمن و عطر الفانيليا، هو نوع من الخبز يطلق عليه " الكماج " للذة طعمه يؤكل وحده دون غمسه في شيء)
أين كل تلك الخيرات في الزمن الحالي؟ وعمل الرجل بأكثر من شغلتين في اليوم الواحد حاليا لا يمكنه سوى توفير قدر ضئيل من متطلبات الحياة.
ويشد العنوان ( الضي ) المتلقي بتناقضه
فالضي يوحى بضياء القمر، وهو اسم منطبق مع طبيعة الجدة، لكن ضياء القمر يظهر جماله ليلا، لذا فالضياء يستدعى نقيضه وهو الظلام / السواد، وهكذا حمل العنوان وظيفة إشارية لنوع الحياة التي عاشتها الجدة، وكذلك نوع الحياة التي تعيشها الأم، لذا فنحن أمام عنوان
يحتوى على عملية محو وأثبات، من خلال الدلالات المختلطة في العنوان التي تحوى الصراع، و انتقلت إلى المتن كما أوضحنا سابقا.

---------------
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف