الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لغة الديكتاتورية المحجبة بقلم د. محمود عبد المجيد عساف

تاريخ النشر : 2018-09-22
لغة الديكتاتورية المحجبة بقلم د. محمود عبد المجيد عساف
لغة الديكتاتورية المحجبة
بقلم / د. محمود عبد المجيد عساف
عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين

ساد عبر التاريخ فكرة مفادها أن الحرية بأنماطها هي الأساس، وأن القيود عليها هي الاستثناء، وما القانون والتشريع إلا تنظيم للحرية داخل المجتمع بما يضمن علاقة الأفراد ببعضها وعلاقة الأفراد بالدولة (السلطة)، بما يحقق القيمة المعنوية والنفسية لدور الفرد في تغيير المجتمع.
لكن الحقيقة التي بدأت تجوب أروقة السلطة، بمفهومها التسلطي، لا بمفهومها الذي ارتضاه المجتمع وشرعه، هي الاستقواء والتنمر العمدي على قضايا الانتهاك، والارتفاع بها إلى أبراج  فكرية عالية بشكل مقصود هادف إلى الابتعاد بالحرية بعيداً عن مجال الواقع الاجتماعي بكل مكوناته (الصراعية-التنافسية- التوازنية)، كمحاولة لطمس الدور الفردي في التغيير، والتنوير والتحرر.
فنجحت السياقات الجديدة في تحويل الجدال حول الحرية إلى تعميمات وتهويمات وصراعات حول ما هو واجب وما هو محظور، وامتاز الخطاب السياسي والثقافي بتعويم قضية الحق لصالح فئات خاصة منتفعة، لتدخل البرلمانات والمؤسسات السياسية والأحزاب والمجتمع المدني في موافقة ضمنية غير مستشعرة على حكم الرجل الواحد، والرضوخ للقرار الواحد إلى الحد الذي قد نتنازل فيه عن حرياتنا مقابل حفنة مصالح مع صاحب النفوذ.
ليس الأمر بالتعميم بقدر ما هو تسليط الضوء على ظاهرة غريبة، تتمثل في التناقض بين الخطاب والمردود، حيث أصبحت المفاهيم المتصارعة باسم خطاب الحرية والديمقراطية وقبول التعددية، وحقوق الإنسان تمثل غطاءاً يخفي خطاباً سرياً (محجباً) تسلطياً يميل نحو الإجماع والتكتل المتمركز حول المصلحة، ونفي الآخر والتحفيز من شأنه، وإقصاء كل من تظهر عليه ملامح الحرية.
هذه الأنانية أفضت إلى تواطؤ جماعي فرضته أنساق القيم والثقافة التقليدية المعتمدة على مضمون (المصلحة الضيقة) على حساب المصلحة العامة، وحجمت الطلاقة الفكرية، والتوسع في مدركات العائد من الخير الجماعي برفض الرجل الواحد او القرار الواحد.
وعليه، فإن غياب الحرية الفردية وقولبتها في إطار المصلحة الشخصية الضيقة أدى إلى نقص عميق في الحيوية الاجتماعية والسياسية، ومن ثم أصبح الفرد ككيان مستقل(عقل- إمكانيات) غائب فعلياً في ساحة تقرير المصير، وأصبح تابعاً لمرجعيات تتحكم في مصيره ورؤيته المستقبلية.
ومن هذا المنطلق يمكن تفسير سطوة القلة السياسية أو الحزبية على جهود الأحرار، وتحكمها بمصائر قوى وجماعات، كان من الأصل أن يكون لها قوة التأثير على مجريات الأحداث، فتبرز إشكالية شرعية أو شرعنة التمثيل سياسياً واجتماعياً، وحتى ثقافياً، إذ تحولت حركة التمثيل على هذه المستويات أداة لتقنين المصالح السياسية والاجتماعية والاقتصادية للصفوة الحاكمة بما لا يدع مجالاً للشك أنه لم يعد من المفيد وجود القانون والعدالة، فالمرجعيات الممثلة تقود المسيرة، وتعرف ما لا نعرف.
إنها استراتيجية التغييب، وأزمة العقل التي جعلت منا إمعات، نكره التفكير في التغيير، ونستحسن بالعبودية على حساب مقاومة لغة الدكتاتورية المحجبة.
إن الحرية الفردية كمفهوم فلسفي وقانوني واجتماعي وثقافي وسياسي، يجب أن تمثل ملكة الخيال السياسي الواعي، غير المصنوع من قبل الأحزاب والمصدّر لنا على شكل أيديولوجيات ناصحة، وما هي إلا نخبوية تبحث عن ذواتها، تمارس القوة الناعمة لتستمر في صفقاتها، فغياب الحرية الفردية سيؤدي أو أدى فعلاً إلى انطلاق الغرائز التشريعية والأمنية والاقتصادية التي تغتال الحريات المدنية، ومصالح الأغلبية، لصالح شهوات الصفوة التي تدعي الخيرية.
إنها أزمة العقل يا سادة، العقل الذي ضاقت على خلاياه قنوات التفكير نحو الأفضل بحجة (لا بديل)، إنها أزمة تسليم الهوية الذاتية لغير أصحابها، فلم يعد العقل ناقداً للأحداث، وأصبح أسيراً لتحقيق الحد الأدنى من حاجاته، ولم تعد الهوية الفردية معبرة عن ذاتها بقدر ما تبحث عن انتمائها، لتكمل بهذا الانتماء ما يعتريها من احتياج، وهذا هو الفرق ما بين الولاء لوطن، والولاء لمصلحة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف