الأخبار
طالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الغرب وتزييف تاريخ الحضارة الإغريقية بقلم: عميرة أيسر

تاريخ النشر : 2018-09-20
الغرب وتزييف تاريخ الحضارة الإغريقية بقلم: عميرة أيسر
الغرب وتزييف تاريخ الحضارة الإغريقية

عمل الكثير من المؤرخين والمفكرين الغربيين المعاصرين على تكريس مفاهيم وأسس نظرية لتفوق الحضارة الغربية، باعتبارها نموذجاً عالمياً يعتمد على المركزية الأوروبية اللاتينية، والتي تمتد أصولها إلى الحضارات الغربية القديمة، كالحضارة الرومانية والإغريقية، والتي أصبحت في الفكر الغربي أحد المسلمات التي لا يجوز لأحد أن يشكك بها، ونسبوا للإغريق اليونانيين ومفكريهم نظريات وكتبا علمية وفلسفية ومعرفية أضحت مراجع عالمية حالياً، تدرس في كبريات الجامعات ويعتمد عليها كمراجع مهمة في انجاز البحوث الأكاديمية، وحتى مراكز الفكر والدراسات الفلسفية والحضارية والإستراتيجية تعتمد عليها كذلك، بالرغم من أنه لا أساس لها من الصحة ولا وجود لها على أرض الواقع الفعلي، فالتاريخ الإغريقي الذي حالوا إضفاء طابع التمجيد والتقديس والتعظيم عليه لم يكن في الحقيقة كما تم تصويره لنا، أو كما درسوه لنا في المناهج التعليمية الدراسية، إذ أنه وباعتراف الكثير من المفكرين والكتاب الغربيين  تاريخ مزيف ومفبرك، من أمثال  هؤلاء المؤرخ الفرنسي ألبار يوفتن في كتابه الخرافات عبر العصور، إذ يقول في أحد فقرات الكتاب:  في كرانون مدينة في اليونان، في وقت الجفاف  كانوا يتجولون فوق عربة لحث المطر على النزول، فالفلاسفة المتنورين كما يضيف كانوا ينصحون مثلاً، من  رأى أحدهم حلماً في النجوم بأن يطوف دائرياً، حسب دوران النجوم، فإن كان القمر فيجب  عليه الجري مستقيماً، فإن كانت الشمس فيجب  عليه الجري طويلاً ثم دائرياً.  فالإنسان الإغريقي كان إنساناً ميثولوجياً، ويؤمن بأن الآلهة و خاصة تلك التي تسكن جبل الاولمب المقدس هي المسئولة عن إدارة شؤون حياته وتوجيها والتحكم بها، وبأن زيوس كبير الآلهة هو الذي يتحكم بمجلس الآلهة، وهو الذي خلق هذا العالم، وبالتالي فلا يمكن للإنسان الذي يؤمن بتعدد الآلهة وتنوعها وبأنها من تؤثر في حياته سلباً أو إيجاباً، أن يعمل عقله ويطلق مكنوناته الذهنية المذهلة، لكي يبتكر ويفكر ويبدع.

فعند الإغريق لكل مكون طبيعي رئيسي آلهة تتحكم به، مثل البحر الذي يتحكم به بوسيدون، وديمتار هو إله الأرض والخصب والتربة والمحاصيل، ويسمى عند الرومان بيراس، وبالتالي فلماذا يقوم الإنسان الإغريقي بالبحث والتفكير والاختراع؟، ويقوم بالتفكير بشكل عقلاني، ومنطقي ما دام أنه يعتبر الآلهة جزء من معتقداته الدينية والسيكولوجية، فكل هذا جعل العلوم والفنون الإغريقية التي حاول الغرب إلصاقها بالحضارة الإغريقية لإظهار النهضة العلمية والفكرية والثقافية التي حدثت في القرن 16م في أوروبا، بأنها ليست غريبة عن العقل الأوروبي  الجبار الذي له جينات وراثية إغريقية، ليست إلا مجرد أوهام وخزعبلات، وخاصة فيما يتعلق بعلوم الفيزياء والميكانيك، التي ليست إلاَّ نتاج الحضارة الإسلامية التي تعتبر أول من وضع أسس الفيزياء والميكانيك، فالمفكر والفيلسوف الغربي ألبار بونار يؤكد ذلك إذ يقول: عن الحضارة الإغريقية، وهذا شيء مهم بالنسبة للفيزياء والميكانيك، فالابتعاد لم يقتصر فقط على جعل لا فائدة لابتكار وسائل ميكانيكية لإنتاج الاستعباد، إبان كبح الأبحاث العلمية التي كانت تسمح بابتكار الميكانيك، فالابتكارات الميكانيكية لم تتم أبداً في اليونان، وحتى علوم الطب والفلك والمنطق لا علاقة للإغريق بها لا من قريب ولا من بعيد.

فالنظريات الطبية التي حاول الغرب إلصاقها بالأطباء الإغريقيين كأمثال هيبوكرات وجاليان، تعود أصولها إلى أطباء مسلمين كابن سينا والموصلي، فكتاب القانون في الطب لابن سينا كان الكتاب الأول المتداول في أوروبا حتى ق18م، والذي ألفه ما بين القرن 9 و10 ميلادي، وهناك من يؤكد بأنه تم تأليفه في سنة 890م، بينما يعتبر الموصلي أول من قام بإجراء عملية جراحية للعين في التاريخ، لأن طرق الطب عند الإغريق وعلى عكس الرواية التاريخية الغربية كانت بدائية جداً تعتمد على البدع والأساطير، والخرافات اعتماداً على آلهة الطب عند الإغريق والتي كانت تملأ جبل الاولمب، كإيجي التي كانت آلهة الصحة عندهم، بالإضافة إلى بيون طبيب الآلهة، وديان أرتميس آلهة العذارى، و التي كانوا يدعونها لعلاج الأطفال وأفروديت آلهة الجنس، وفي الأخير أسكلا بويس الذي يجسد الطب، بل إن الطبيب جون برنارد بولاي سنة 1804م، في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة باريس، رفض من خلالها التسليم بوجود شخصية اسمها هيبوكرات واعتبره مجرد أسطورة لم توجد إطلاقاً في التاريخ الإغريقي القديم.

وهناك اختلاف كبير بين طرق العلاج بالنسبة لمجموعة من الأمراض عند الإغريق، ونظرائهم المسلمين مثلاً، بالنسبة لوقف نزيف الدَّم يكون عند الإغريق بواسطة الكي بالنار، فيما يكون عند المسلمين بربط الأوعية الدموية وخياطتها، وباستعمال الحشيش المخدر، إذ يعتبر العلماء والأطباء المسلمين أول من استعمل التخدير في الطب، وبالنسبة لعلاج العين فإن المسلمين عادة يلجئون إلى استعمال طرق الجراحة الطبية لعلاج الخلل فيها، بينما يقوم الإغريق بوضع ثعبان وضفدع عليها لعلاجها مثلاً. وكذلك فإنه وإن سلمنا بأن مفكري الإغريق هؤلاء كانوا موجودين أصلاً، وهذا احتمال ضعيف جداً وغير مثبت، فكيف لهم مثلاً أن يكتبوا كتاباً من 655 صفحة، والورق في ذلك الوقت لم يكن موجوداً ولم يعرف بعد، فالورق الوحيد الذي كان متوفراً في ذلك الوقت كان ورق البردي الملكي في مصر الفرعونية القديمة، وهو لم يكن متوفراً إلا داخل دواليب الإدارة ولا يمكن لأحد استعماله إلا بأوامر ملكية موقعة من الفرعون شخصياً، وحتى الأغنياء جداً المقربين منه فلا يمكن لهم استعماله لغلاء ثمنه، فأول من استعمل الورق هم المسلمين عندما تم إنتاج أو مصنع للورق في التاريخ سنة 755م، في الإمبراطورية العباسية بعد هزيمة الصينيين في معركة نهر طلاس التي كانت تحت قيادة والي الكوفة السَّابق زياد بن صالح الحارثي، والتي ربحها المسلمين ولكن بتكلفة بشرية هائلة جداً،  وساعد الأسرى الصينيين المسلمين وعلَّموهم كيفية صناعة الورق مقابل الحصول على حريتهم، ومن ثم انتقل سر صناعة الورق من بغداد إلى دمشق ثم القاهرة، والأندلس ثم أوروبا وبقية العالم.

فالغرب الحديث لم يعرف الطباعة إلاَّ في سنة 1450م، في  مدينة غوتنبرغ الألمانية عندما تم إنشاء أول مطبعة في أوروبا، والتي انتشرت كالنار في الهشيم بعد ذلك ليصبح عدد المطابع في ألمانيا حوالي 200 مطبعة، وبحلول القرن 16م، كان هناك ما يزيد عن 10 آلاف كتاب مطبوع في انجلترا لوحدها، وارتفع عدد الكتب المطبوعة في أوروبا ليصبح 150 مليون بتعداد لا يتجاوز 80 مليون نسمة في كامل القارة العجوز. وقد حاول الغرب تكريس التفوق المفاهيمي حتى في الفن الكلاسيكي التراجيدي من خلال لوحة مدرسة أثينا للفنان الايطالي رافييلو سانزينو، والتي تم رسمها ما بين 1509-1510م وذلك لتزيين إحدى غرف قصر أبوستوليك في الفاتيكان، والتي تظهر مجموعة من الفلاسفة وعلماء اليونان القديمة كما يطلقون عليهم إلى جانب العلامة والفيلسوف الأندلسي ابن رشد، حيث يظهر فيها قرطاس سقراط، وتيماوس بلاتون، بالإضافة إلى أرخميدس وفيتاغورس في جهة أخرى واحدة، وفي الجهة الأخرى أو الكفة المقابلة يقف العلامة الفذ الشارح الأعظم لأرسطو كما يلقبونه في أوروبا، وهو ينقل منهم العلم والحكمة والفلسفة. فالحضارة الغربية قد أخذت كل علومها الأساسية وتقنياتها ومفاهيمها من الحضارة الإسلامية، وهذا حسب ما أكده الدكتور عبد الدايم كحيل في أحد بحوثه معتمداً على تصريحات أدلى بها أحد الباحثين الألمان لتلفزيون قناة آر تي آل الألمانية، حيث أكد من خلالها بأن الغرب قد سرق علوم المسلمين ونسبها لنفسه في أكبر عملية سرقة تمت في تاريخ العلوم، أما فيما يخص شخصيات مثل أفلاطون وأفلاطين وسقراط وغيرها، فلا وجود لها تاريخياً، فإذا كانوا موجودين فعلاً فلا بد من أن كتبهم ومخطوطاتهم وأثارهم لا زالت موجودة حالياً، وهذا ما ينفيه عدد كبير جداً من العلماء والباحثين والفلاسفة المختصين بالتاريخ والفلسفة الإغريقية القديمة، فكيف إذن قد وصلت آثارهم إلينا، والتي لم تكن معروفة آنذاك كما ذكرنا سابقاً، لأن الكتاب أو ليبار كما هم معروف باللاتينية حسب عريف لاروس هو مجموعة من الأوراق والتي تكون بمثابة دعم لنص مطبوع أو مكتوب، وهذا ما لم يكن متوفراً في ذلك الزمن، فالإغريق كانوا بدائيين جداً في حضارتهم، ولم تكن لهم القدرة على ترك كل تلك الآثار الفكرية المهمة، التي يحاول الغرب أن يوهمنا بأنها من إنتاجهم الفكري والعلمي والثقافي، وذلك لخدمة مشروع الهينة الاستعماري المعولم، للسيطرة على كل حضارات وشعوب العالم، وخاصة المتخلفة منها، ويتحدى مجموعة من المؤرخين من يثبت وبالأدلة القطعية وجود كتب أو مخطوطات لهؤلاء المفكرين والفلاسفة المزعومين، والذين يعتبرون مجرد أساطير لا وجود لها أصلاً في التاريخ.

عميرة أيسر-كاتب جزائري
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف