الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المكان في رواية (المدرج الروماني) للروائي مصطفى القرنة

تاريخ النشر : 2018-09-19
المكان في رواية (المدرج الروماني)  للروائي مصطفى القرنة
بقلم:محمد رمضان الجبور

المكان في رواية (المدرج الروماني) للروائي مصطفى القرنة
الرواية صادرة عن دار المعتز للنشر والتوزيع عام 2017 ، وتقع في مائتين وأربعين صفحة من القطع المتوسط ، وفيها يحلق الكاتب مصطفى القرنة بخياله الخصب الرائع والذي يكون أحيانا افر بالى الحقيقة منه إلى الخيال في مدينة فيلادلفيا (عمان) ، فهذا العمل الأدبي مبني على سبر أغوار المكان بكل تفاصيله ، فالمدرج الروماني وهو عنوان الرواية المقصود به هم المدرج الموجود في مدينة عمان والتي كان يُطلق عليها في العهد الروماني فيلادلفيا ، فالنص الروائي يحكي عن حقبة تاريخية لمدينة عربية ، يرجع هذا التاريخ إلى العهد الروماني ،لى الأرجح إلى القرن الثاني الميلادي وتحديدا بين عامي 138 م و 161 م إبان عهد القيصر أنطونيوس بيوس ، وقد جاء في الرواية ما يؤكد أهمية المكان ،و للاشتغال على المكان لا باس من التوقف عند معجم مصغر لأهم ألألفاظ الدالة في(المدرج الروماني) على المكان وأهميته :
أهمية المكان:
لا شك أن للمكان في الرواية أهمية لا تقتصر على أهميته بذاته ، بل هو عنصر من العناصر الفنية للرواية ،فهو الفضاء الذي يحتوى كل العناصر الروائية ، ومنه تنبع الأحداث ، وتتنامى الحبكة أو العقدة القصصية ، فالحوادث والشخصيات والعلائق التي بينها يوضحها ويجليها المكان ، فهو المساعد الأول في تطوير بناء الرواية للوصول إلى الذروة المطلوبة .
إن المكان "ليس عنصراً زائداً فى الرواية، فهو يتخذ أشكالاً ويتضمن معاني عديدة، بل إنه قد يكون في بعض الأحيان هو الهدف من وجود العمل كله" (بحراوى ص 33)1 )
ففي رواية المدرج الرماني ، نرى أن المدرج الروماني قد استحوذ على معظم صفحات الرواية ، فهو الحدث الأبرز والاهم .

المدرج الروماني :
المدرج الروماني ، أحد الآثار المهمة التي تميز مدينة فيلادلفيا ( عمان) عن غيرها من المدن ، وقد أتخذ الروائي مصطفى القرنة قصة بناء المدرج الحبكة الرئيسية في الرواية ، بل الحدث الأهم في الرواية ، ومن المدرج الروماني ، تنطلق الأحداث لتصور لنا أهمية بناء هذا المدرج في تلك الحقبة ، الصعوبات التي واجهت أولئك الناس في بناء ذلك المدرج ، الأحداث الفرعية الأخرى التي حدثت أثناء بنا هذا المدرج ، فلا غرابة حينما رأينا الروائي يعنون روايته باسم (المدرج الروماني ) ،
1) بحراوى، حسن، بنية الشكل الروائى، المركز الثقافى العربى، بيروت، الدار البيضاء، 1990
وسوف يكون لنا وقفة مع هذا العنصر الهام ، عندما نقف على عناصر هذه الرواية ، ومنها الحبكة أو العقدة .
نهر التماسيح: وهو ما يُعرف الآن بسقف السيل فالدراسات التاريخية تؤكد وجود مثل هذا النهر في العهد الروماني ووجود الحياة فيه من اسماك وتماسيح وغيرها ، وقد ركز الكاتب مصطفى القرنه على أهمية هذا المعلم في روايته ، فجاء ذكره في أكثر أجزاء الرواية ، بل يمكن اعتباره مجازيا احد شخوص الرواية لأهميته ، فهذا النهر هو الذي خطف كارا زوجة طاليونوس وعشيقة المهندس العربي الذي هام بها حبا اسماليونوس ، فقد انقض عليها تمساح ضخم وقضمها من وسطها وهي تجلس فرب النهر .
جراسا : (جرش)
خضعت جراسا إلى حكم الرومان الذين احتلوا بلاد الشام وأسسوا فيها اتحاد المدن العشر، والذي عرف باسم مدن "الديكابوليس"، وهي عشر مدن رومانية أقامها القائد بومبي عام 63 ق.م، لتشكل معاً اتحاداً اقتصادياً وثقافياً فيدرالياً في شمال فلسطين والأردن وجنوب سوريا لمواجهة الأنباط، ولقد تحولت المدينة إلى مركز تجاري وثقافي مزدهر، بسبب موقعها على ملتقى طرق القوافل، لتصبح فيما بعد أهم مدن الاتحاد في عهد الإمبراطور هادريان، وقد أدخل الرومان إليها الديانة المسيحية عام 350 ميلادياً لتزدهر فيها حركة بناء وتشييد الكنائس والأديرة المسيحية، وفي عام 635 م دخلتها جيوش الفتح الإسلامي بقيادة شرحبيل بن حسنة في عهد الخليفة الثاني لتستعيد المدينة ازدهارها في العصر الأموي، وفي عام 747م دمر الزلازل أجزاء كبيرة من المدينة.
يرد اسم جراسا كثيرا في الرواية بصفتها مدينة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للرومان ، فهي من المدن العشرة( الديكابوليس) ، وهي ذات صلة قوية مع فيلادلفيا التي يسكنها الرومان .
جبل القلعة :
مكان يتمتع بمزايا عسكرية وإستراتيجية؛ حيث كان محاطاً بسور عالٍ وضخم، وكانت تقوم عليه أبراج للمراقبة والتي كانت ترتفع إلى عشرة أمتار تقريباً وقد أتخذ أهميته لإطلالته المميزة على وسط المدينة ومنها المدرج الروماني ، ويرد ذكره في الرواية كثيرا ، كمعلم هام من المعالم الرومانية ، وقد كان مسكناً لبعض القادة والجند ، مثل القائد بيوس ، وسجناً للعصاة والمتمردين على الدولة الرومانية ، وكان مكاناً للهروب من قاع المدينة الى الهواء الطلق والمناظر الجميلة فهو يطلّ على المدينة وعلى المدرج الروماني ،فهو مكان استجمام وراحة أيضاً ، فلا غرابة أن يكون لهذا المكان الأهمية في رواية تتحدث عن بناء المدرج الروماني.

سبيل الحوريات :
لا يتخيل من يمر في عمّان القديمة، أن يقع ناظريه على أحد أهم شواهد العصر الروماني، وقد تحوّل أثراً بعد عين، مسيجاً بالأسلاك الشائكة، خوفاً من العابثين والفضوليين، ففي شارع قريش والمعروف شعبيا بمنطقة "سقف السيل"، يقع ذلك المبنى القديم الذي يعود بك إلى العصر الروماني، لترتسم أمام المارين صورة الأميرات، وهنّ يضحكن ويبُحن بما يجول في خاطرهن أثناء استحمامهن في "سبيل الحوريات.
فإنّ بناء سبيل الحوريات يعود إلى الفترة الرومانية في القرن الثاني الميلادي، وهو من الأبنية المهمة والعامة في المدن الرومانية، وهو عبارة عن مبنى قائم فوق نبع ماء، كانت تُسقى منه منطقة وسط مدينة فيلادلفيا (الاسم اليوناني القديم للعاصمة الأردنية عمّان)
يحمل البناء تسميات عدة، نظراً لأهميته وأهمية موقعه الجغرافي ودوره التاريخي في الحياة الثقافية والفكرية في وسط المدينة آنذاك، إذ يُطلق عليه المتخصصون اسم "سبيل الحوريات"، كناية عن الحفل السنوي الذي كان يقام في ساحة البناء، وتحضره النساء المتميزات في مدينة فيلادلفيا خلال تلك الحقبة.
توظيف هذه الأماكن في العمل الأدبي يعيد الحياة لها ، ويجعل المتلقي يشعر بحقيقة ما يرى لا ما يتخيّل ، فالأسلوب السردي الذي انتهجه الروائي يشعرك بالحياة لا بالجمود فأنت ترى سبيل الحوريات ، وتسمع خرير الماء المتساقط ، وضحكات الأميرات وعلية القوم وهم يستحمون في هذا المكان .
رأس العين : كان يتم نقل الحجارة من رأس العين أحيانا لإتمام بناء المدرج لصلابة الحجارة في رأس العين ، ومنطقة رأس العين ممر لزيارة جراسا، وهي منطقة لا تبعد كثيرا عن المدرج الروماني .
ولا يقتصر الأمر على هذه الأماكن فهناك أماكن تم ذكرها في الرواية جعلت من الرواية كائنا حيا وقلبا ينبض ، مثل وادي الرمم حيث كان يلقي الرومان جثث العمال والعبيد في هذا الوادي خوفا من المرض ، تدمر / مدن الديكابوليس/ ، الرصيفة كمكان تكثر فيه الأشجار والأسود حيث كان الرومان أحيانا يجلبون الأسود لحفلاتهم الوحشية لمن يتم الحكم عليهم بالإعدام من الرصيفة ،
لقد وظف الروائي مصطفى القرنة المكان بأسلوب يخدم الرواية ويخدم العمل الأدبي ، ويجعل من المتلقي وكأنه واحد من هؤلاء الذين يتجولون في مدينة (فيلادلفيا) ، فلم يكن المكان في رواية المدرج الروماني) مجرد خلفية تتحرك وراءها الشخصيات كما في بعض الروايات التقليدية بل )
كانت الأماكن تعبر عن نفسها ويشعر المتلقي وكأنها قد دبت فيها الحياة .
الحبكة /العقدة :
من العناصر المهمة في أي عمل أدبي روائي أو قصصي الحبكة أو العقدة ، وقد درج أمر العقدة أو الحبكة أن تتعلق بالأشخاص أو ما يسمى أبطال العمل الأدبي ، ولكن في رواية المدرج الروماني وجدنا أن الروائي (مصطفى القرنة ) جعل الحبكة أو العقدة الرئيسية هي بناء المدرج ، ولكن هذا لا يمنع في العمل الروائي أن تتواجد أكثر من عقدة بل هذا هو الأمر الطبيعي في القصص الطويلة .
فاليانوس من أهم الشخصيات التي لها دور فعّال في الرواية وتحريك الأحداث بشكل درامي مشوق، هو وأصدقاؤه ساليانوس ومالبيانوس ، يلتقون قي سجن القلعة ، ويحالون الفرار من بطش أيدي الرومان ، وتضيع كل محاولاتهم في الهروب ، حتى يأتي الأمر بإخراجهم للعمل في بناء المدرج الروماني ، ولا يغفل المؤلف بطريقة السرد التناوبي من ربط القارئ أو المتلقي بحركة سير هؤلاء ، فيظل القارئ في شوق لمعرفة مصير هؤلاء الثلاث ، فالقارئ أمام حبكة وعقدة أخرى يحاول الوصول إلى نهايتها .
المهندس اسماليونوس وعشيقته كارا وزوجها طاليونوس ، مشهد آخر ، يتابعه المتلقي بشغف ، يريد أن يرى نهاية هذا الحب وهذا العشق ، فالكاتب يسلط عدسته على أكثر من موقع وعلى أكثر من مشهد ليشد القارئ والمتلقي بأسلوب جميل للمتابعة .
فالعقدة ينبثق عنها عقد عديدة تثري العمل الأدبي وتجعل القارئ متحفز لمعرفة المزيد .

*******

الشخصيات في رواية ( المدرج الروماني)
يعرف الباحث المغربي "حميد لحميداني" الشخصية بأنها "الشخصية الفاعلة
العاملة بمختلف أبعادها الاجتماعية والنفسية والثقافية ، والتي يمكن التعرف عليها من
خلال ما يخبر به الراوي ، أو ما تخبر به الشخصيات ذاتها ، أو ما يستنتجه القارئ من
أخبـار ، عن طريق سلوك الشخصيات"حميد لحميداني : بنية النص السردي ، ص 50" "
اليانوس:
أولى الشخصيات التي يبدأ الروائي مصطفى القرنة بتصويرها في مشهد سينمائي يثير الرعب ، فاليانوس مع أصدقائه في كهف الاسا ، كانت له رائحة كريهة من الرطوبة وبراز المساجين ، ويصرخ اليانوس فقد لدغه ثعبان ، اليانوس من قرية تدعى بيت نيفا ، ترك زوجته في أحد الكهوف وهي على وشك الولادة ، ولكنه تفاجئ بهؤلاء الجنود الرومان يقبضون عليه ، وتم نقله الى السجن المركزي الرهيب أعلى جبل القلعة هو وساليانوس ومالبيانوس ، سوف يكون أصدقاء ، شخصية اليانوس شخصية قوية قيادة ، تُحسن العمل كما تُحسن التفكير ، تحاول الخروج الى الحرية ، بعيدا عن أعين وأيدي الرومان ، يخطط كثيرا للهرب ، ويعمل بجد ونشاط حتى أصبح مراقبا للعمال ، ولكنه بقي يشتاق إلى الحرية هو ورفاقه ، ويرسم الخطط كل ليلة ، وأخيرا يتم لهم ما أرادوا ، فيهرب اليانوس وصديقه ساليونوس وتخلّف صديقهم الثالث مالبيونوس ورفض الهرب والانطلاق الى الحرية فكان مصيره السجن والتعذيب ، ويصل اليانوس وساليونوس إلى قريتهم بيت نيفا ويجدوا المنازل قد احترقت وتهدمت ولم يبق إلا الأطلال ، ويحتدم غضب اليانوس ويقرر مهاجمة الرومان ويتعقب جنودهم ويقتلهم في الجبال المحيطة برأس العين ، ثم يقع في كمين روماني قرب نقطة تفتيش في زيزياء ويتم أسره وسجنه في فيلادلفيا وإحراقه بطريقة وحشية .
بيوس:
قائد وحاكم لمدينة فيلادلفيا ، بيده القرار في كل شيء ، يسكن في جبل القلعة المطل على المدرج الروماني وقاع المدينة ، كان سعيد جدا عندما عينه الإمبراطور حاكما لآسيا ، هو دائما في حركة ، يتفقد الأسواق والجند والعمال ، يكون سعيدا والجماهير تحتشد في شارع فيلادلفيا لتحيه ، يفكر دائما بالتحديثات التي ستطال فيلادلفيا قبل وصول الإمبراطور لزيارة المدينة ، " قال بيوس للقادة المجتمعين حوله : نحن الآن في فصل الربيع، أريد أن يأتي العام القادم ونحن في قمة نشاطنا ويجب أن يعرف الجميع أن الإمبراطور ادريانوس سيزورنا بعد عام ويجب أن نكون جاهزين بالأسواق والمدرجات والبوابات واللوحات التذكارية وأنا اقترح أن يكون النص على اللوحات التذكارية هدية للإمبراطور قيصر ترايانوس هادريانوس حفيد عظمة نيرفا الكاهن الأعلى ......"
ويغادر الإمبراطور بيوس فيلادلفيا تاركا المدرج والأوديوم والساحات .

المهندس انتيانوس:
شخصية هامة في رواية تقوم حبكتها على بناء هام (المدرج الروماني) فهو في حركة دائبة ، يتفقد رصف الشوارع بالحجارة ، يشرف على بناء المدرج ، يتفقد بعض الأماكن المهمة ويتابعها مثل سبيل الحوريات ، يراقب العمال والأسرى ويحثهم على العمل باستمرار، يتفقد محجر رأس العين وما يقوم به الأسرى من قطع الحجارة لبناء المدرج ،علاقته مباشرة مع القائد بيوس ، المرافق الدائم له المترجم اسماليونوس ، والمهندس انتيانوس كغيره له حبيبة اسمها سارة في روما وكان دائما يشتاق لرؤيتها ، ونراه في آخر أيامه يغادر إلى روما تاركا فيلادلفيا والمدرج إلى غير رجعة .
اسماليونوس:
شخصية المترجم والمرافق دائما لصديقه المهندس انتيانوس ، وهو ابن شيخ القرية الذي يقدم كشفاً بأسماء الرجال للرومان ليتم أخذهم للعمل في فيلادلفيا عنوةً ، يقع اسماليونوس في قصة حب مع عشيقته الرومانية كارا ، كان يعشقها ويكره زوجها الضابط طاليانوس ، اسماليونوس كان اسمر البشرة ، مفتول العضلات ، رباه والده على العز ودلله الرومان لأن والده شيخ القرية الذي يلبي لهم كل ما يطلبونه من غذاء ورجال للعمل في الورشة المفتوحة في فيلادلفيا ، أعماه حب كارا حتى أنه لم يعد يخاف من انكشاف أمره ، حتى لو وصل الأمر لقتله وإحراق جثته كما قال له صديقه المهندس ، وتموت كارا بعد أن انقض عليها تمساح ضخم وقضمها، وتأتيه الأخبار بموت حبيبته كارا فيندب حظه ، وتصيبه حالة من الجنون ، فهو لا يفارق نهر التماسيح ، لحيته طالت ، ثيابه رثة ، يتحدث مع نفسه ، وذاعت قصة حبه للفتاة الرومانية ، والقي القبض عليه ، وأخذوا يسحبونه على وجهه، والدماء تسيل ،والخيل تجره في الشوارع ، والقائد يصرخ إياكم أن يموت ، الحفلة الليلة على شرفه ، وينتهي اسماليونوس طعاما للأسود .
طاليونوس:
قائد روماني ، زوج المرأة الجميلة كارا ، انشغل في الدفاع عن الإمبراطورية الرومانية وفي صد هجمات البدو، أحزنه موت زوجته ، وأحزنه خيانتها له ، لقي مصرعه في إحدى هجمات البدو على الرومان ، شخصية ثانوية في الرواية ولكنها أضافت للرواية القوة والتماسك .
كارا :
الشخصية الأنثوية الوحيدة في هذا العمل الأدبي ، وهي زوجة طاليونوس وعشيقة اسماليونوس ، كانت نهايتها بين فكي تمساح قضمها وهي تسير جانب النهر ، وصفها المؤلف على لسان زوجها المخدوع طاليونوس " يتخيلها قادمة إليه ، تلبس الأزرق ، يا الهي انها جميلة رغم ما يشوبها من الحزن ، عيناها حالمتان فيهما بعض الحزن ، تلبس حداء ممزقا وغلالة زرقاء ، أصابتني الدهشة وكأنني أمام ملكة الفراعنة كيلوباترا ، شعرها الغجري يحط بي في عوالم بعيدة ، شفتاها مورقتان بأزهار الليمون ، تلبس شيئا يتماهى مع لون السماء ، هي عاشقة السماء ......"
وتظل هذه الشخصية الثانوية ( شخصية كارا) قد أضفت على جو الرواية شيئا من الرومانسية المحببة البسيطة ، وتشاركت مع شخصيات أخرى لها دور فعّال في العمل .
جانيوس:
عجوز يقوم بحراسة التماثيل التي خلفها الرومان في ساحة فيلادلفيا ، وصل إليه خبر الرسول عيسى عليه السلام ، آمن به ، فكان أن سُجن وعُذب وتم إطعامه للأسود .
وهناك شخصيات ثانوية في هذا العمل الأدبي الرائع ، تكمل وتضفي الحياة على العمل ، منها شخصية الطبيب انطاليوس يقول عنه المؤلف : كان قوياً كالثور ، مفتول العضلات ، أشقر الشعر يسحر من ينظر إليه .
الإمبراطور هادريانوس ، إمبراطور روما في تلك الحقبة ويرد اسمه أكثر من مرة بشأن الزيارة التي سيقوم بها الى مدينة فيلادلفيا .

الزمان :
الرواية تتحدث عن زمن معين ، وهو زمن بناء المدرج الروماني ، أي عن فترة القرن الثاني الميلادي 130 م ، وقد تم بناء المدرج بين عامي 138م و161 م إبان عهد القيصر انطونيوس بيوس ، وقد بُني المدرج تخليدا لزيارة الإمبراطور مادريانوس (لعمان) فيلادلفيا في القرن الثاني الميلادي .
فقد قام المؤلف الأستاذ مصطفى القرنة ببراعة أدبية بإرجاع عدسة كاميراته إلى تلك الحقبة الزمنية ، وصور لنا تلك الأماكن وقد دبت الحياة فيها ، معتمدا على تاريخ المنطقة ، وتاريخ تلك الحقبة الزمنية ، مضافاً إليها خيال وإبداع الكاتب ، فالرواية تؤرخ لفترة زمنية مهمة جدا للعاصمة الأردنية عمان ، ويجدر بوزارة الآثار الأردنية الاعتناء بمثل هذه الأعمال التي تؤرخ لمدينة عمان.

بقلم الناقد/محمد رمضان الجبور
الاردن /عمان
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف