الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ويـبـقـي الـحــب بقلم:حسن زايد

تاريخ النشر : 2018-09-18
ويـبـقـي الـحــب بقلم:حسن زايد
أسئلة حادة مدببة ، لها مطارق ، تنقر جمجمتي الصحراوية ، دقات منتظمة ، سريعة ، متدافعة ، لا تدع فرصة للتفكير المنتظم المستقيم ، الذي يقر له في النهاية قرار . شممت بين ثنايا حروف كلماتها ، التي كانت ترد بها علي كلماتي عبر نافذة الدردشة رائحة ما . لم أستطع تمييزها ، غير أنها كانت تميل إلي الإختزال ، والإقتصار ، والرمادية . أشبه ما تكون باللغة الطاردة ، الجافة ، غير المكترثة . كنت حريصاً علي الإدراك ، والفهم ، والإستيعاب ، دون معرفة سبب لذلك . وكانت لغتي تميل إلي اللين ، والتبسط ، والتلطف ، حتي لا أستفز فيها نوازع التمرد ، والتفلت ، واستمراء القطيعة . ومع ذلك ، استغلت كلمة فلتت مني مزاحاً ، حتي قاطعتني شهراً . ليلتها سكتت الحروف ، وانخرست الكلمات ، في مقابل حروفي التي شكلت كلمات مترجية دون جدوي . ليلتها أخرجت هاتفي وطلبت رقمها مراراً ، حتي قامت بغلق هاتفها . وظل الموقف مجمداً شهراً ، خلاله تدفقت بداخلي دون إرادة مني مشاعر الشوق واللهفة . لم أكن أتصور أن ذلك الحب الفيسبوكي له هذا الألم ، حب بلا ملامح ملموسة ، مما يترك في النفس أثراً أو انطباعاً أو ملمحاً يجري التعلق به ، حيث أن موضوعه شخصية افتراضية متوهمة ، لا وجود لها إلا في الحروف والكلمات . ومع ذلك شعرت في القلب وجعاً . كنت أجري علي اللابتوب بلهفة ، أفتحه ، وأجلس متسمراً أمامه ، أستنطقه فلا ينطق ، أحدثه فلا يرد ، صوتاً أو صدي ، وكأن حروفه وكلماته قد أصابها الخرس ، وفقدت الحس والحركة والشعور ، وفقدت حياتها انتحاراً علي عتبة انقطاعها عني ، ويظل حالي هكذا حتي يغلبني النوم ، أو يحطني التعب . بدأت المخاوف تناوش ثوابت قلبي وعقلي . وينهش الشك في لحم الحب بنهم نهشاَ موجعاً . وفي ليلة عصيبة ، التقطت عيني لمبة وجودها علي الجانب الآخر تشع لونها الأخضر ، فسارعت إلي نافذة الدردشة :
ــ آمل فقط أن أعرف السبب .
ــ .....................
ــ من فضلك .
ــ ..................
ــ أهذا قرارك النهائي ؟! .
ــ .......................
طال الإنتظار أمام النافذة الحوارية ، ولم يرد جواب حتي صبيحة اليوم التالي . مرت الأيام التالية بطيئة متثاقلة لزجة . آلام الوخزات التي تنخر في وهاد قلبي تحرمني النوم . تعملقت الأيام ، وأمست شهوراً كالجبال الرواسي ، تجثم فوق صدري ، تحول ما بيني وبين الحياة . البشر ، الشجر ، الطيور ، المواشي ، السحاب ، والهواء ، والنجوم في السماء . ولعل في الغموض ، والضبابية السوداء ، التي تلف الموقف في الجانب الآخر ، ما يدفعني إلي القلق ، والتوتر ، والعصبية . لقد كنت أتصور دائماً أن الموقف تحت السيطرة ، لأني ما جعلت قلبي أسيراً لأحد أو لموقف ، وظننت أني أُسَيِّر الأمور وفق إرادتي . فإذا بالإنفلات ، والتمرد ، والضبابية ، والرمادية في مفردات الموقف ، فإذا بي مقود بقلبي ولست قائداً ، كما توهمت . تفاجأت في تجاربي اليومية مع النافذة الحوارية ، التي تبوء بالفشل في استقبال رسائلي في كل مرة ، أنها استقبلت هذه المرة :
ــ لماذا ؟
ــ لأنك أردته فيسبوكياً ، من باب التسلية .
ــ لا .
ــ طلبت منك إثبات ذلك واقعاً .
ــ ..................................
ــ لقد تزوجت .
ــ ...............................
ــ أتمني لك السعادة .
ــ أرأيت ؟ ! .
ــ ............................
ــ لو أردتني حقاً ، لطلبت منه الخلع صباحاً .
ــ ........................
لقد ضربت بمطرقة فوق رأسي علي نحو خاطف ، وتبعثرت كل الأوراق ، وسقطت كل الحسابات ، وشعرت بأني مقدم علي فترة عصيبة من حياتي . لقد مررت بذات المشهد من قبل ، من سنوات بعيدة ، حين تزوجت محبوبتي . ولم أكن قد وضعت تصور لحياتي من دونها . يومها ضاعت مني ملامح الطريق ومحدداته ، وعشت آلاماً مبرحة ، وأحزاناً عميقة أحدثت حفراً داخل نفسي ، صاحبتني آثارها وندوبها حتي الآن ، ولا تزال صورتها تمر بخاطري مكللة بهالات الأحزان السوداء ، المقبضة للنفس . ولا ريب أن ذلك جعل حياتي أكثر صعوبة . وجعلني أكثر حذرا ، وتحوطاً من الوقوع في حبائل العشق بقلب مجروح نازف ، مهما تقادم الجرح واندمل . والصعوبة في أن ينجرح الإنسان في نفس الموضع مرتين ، والأكثر صعوبة أن يكون ذلك الموضع هو القلب . وهذه المرة كسابقتها ، استسهلت الأمر ، واسترسلت فيه ، حتي حفر في سويداء القلب بالحديد والنار . في الأولي كان لدي من الوقت ما يكفي للملمة الأوراق والأوضاع وشعث النفس ، والتعايش مع الجرح . أما هذه فليس هنالك وقت لذلك . في الأولي كانت الخيارات صعبة ، أما هذه فليس هنالك خيار . ومر وقت لم أعد أحسبه ، حتي فوجئت بها تفتح النافذة الحوارية ، متسائلة:
ــ أنت زعلان .
ــ طبعاً .
ــ أنا تخيلت أن زواجي سينسيني حبك .
ــ ..............................
ــ إكتشفت أني كنت مخطئة .
ــ ...............................
ــ ما زلت تجري في عروقي .
ــ ...........................
ــ هل ستنساني ؟ .
ــ لم أعد أملك ترف النسيان .
ــ بحبك .
ــ وأنا أيضاً .
ويبدو أنني كنت في حاجة إلي بقاء هذا الحب الفيسبوكي حياً . وما زلنا نتواصل عبر نافذة الحوار . ولم يبق في جعبتي سوي الحب .
حــســـــــن زايـــــــــــد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف