الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأصالة في سمح المخالقة و كرم المعاملة بقلم:صبحي عبد النبي

تاريخ النشر : 2018-08-19
الأصالة في سمح المخالقة ,و كرم المعاملة  .

فطر الله البشر على حب المخالقة وطيب المعاشرة بالخلق والأدب والعفو عند المقدرة . فإن المعاملة والمخالقة الحسنة  حتى في زمن كانت القلوب قاحلة من الهدى , والنفوس خاوية من الإرشاد  لها دور بارز في المجتمع العربي الجاهلي  ويعتبرون خلاف ذلك من الفحشاء كما قال  عنترة بن شداد 

لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني ومَا لِسوادِ جِلدي منْ دواء 

وَلَكِنْ تَبْعُدُ الفَحْشاءُ عَني كَبُعْدِ الأَرْضِ عَنْ جوِّ السَّماء

    ويسترسل عنترة أبعد من ذلك حيث أرخ لنفسه الخلق الحسن  ويأمر عبلة  بأن تثني عليّ وتمدحني بما توجد لدي من المخالقة كما تعلمين، بشرط ألا أُظلم، جامعًا بين المعاملة والشجاعة. ولكن تنقصه المخالقة في مواطن الظلم لأن مثل هذه الفجوة لا تسد إلا بنور الإسلام ومحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم .

             أَثْنِي عَلَيّ بِمَا عَلِمْتِ فَإِنَّنِي ... سَمْحٌ مُخَالَقَتِي إِذَا لَمْ أُظْلَمِ 

      ويحظى بها حتى الشعراء الذين اشتهروا بمخالفة العادات القبلية ووفائها، ولم يكن لهم شأن إلا في  ساحة الحانات،بل من عظيم العجائب وجود الخصال الحميدة في المواضع التي تندر فيها المحامد، ويبان جزئيًا في قول امرئ القيس مخاطبا محبوبته: 

                     وإن تك قد ساءتك مني خليقة,, فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

   حيث يقول لها إن ساءك خلق من اخلاقي وكرهت خصلة من خصالي؛ فسلي ثيابي من ثيابك تنسل،أي اسقطي . والنسول : سقوط  الشعر ويقال نسل ريش الطائر نسولا . ومثل هذا التصرف لا يخرج من بيئة تجهل المخالقة .

   أما زهير بن أبي سلمى فيبدو انه كان أستاذا للأدب حاملًا راية الصلح وعدم الشتم مستعينا بحكمته, بارعا في وصاياه , منها قوله في الصلح مادحا هرم بن سنان، والحارث بن عوف :

وقد قلتُما: إنْ نُدرِكِ السِّلمَ واسعًا,, بمالٍ ومعروفٍ من القولِ نَسلَمِ

فأصبَحتُما مِنها على خيرِ مَوطنٍ ,,بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ ومأثَمِ .

             وقال في ذم الشتم  :  ومَن يجعَلِ المعروفَ مِن دونِ عِرضِه,, يفره ومن لا يتَّقِ الشتمَ يُشتَمِ

        وأما في الأمن  فقد استحق جائزة السلام  العالمية  , حيث قال :

وما الحرب إلا ما عَلمتُم وذُقتمُ   ،،وما هو عَنها بالحديثِ المرجَّمِ 

متى تبعَثوها تبعَثوها ذميمةً ,,وتَضْرَ إذا ضرَّيتُموها فتَضْرَمِ 

فتَعرُكُكم عرْكَ الرَّحى بثِفالها ,, وتَلقَحْ كِشافًا ثمَّ تُنتَجْ فتُتْئِمِ 

فتُنتٍجْ لكم غٍلمانَ أشأمَ كلُّهم ,,كأحمرِ عادٍ ثم تُرضِعْ فتَفطِمِ 

فتُغلِلْ لكم ما لا تُغِلُّ لأهلِها ,, قُرًى بالعراقِ مِن قَفيزٍ ودِرهَمِ

  وتظهر قداسته للأخلاق  في قوله :

  ومهما تكُن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تَخْفَى على الناس تُعْلَمِ ,

           ويعني مهما  يستر  المرء أخلاقه  يظهره الله عز وجل .  

    وفي ظل هذه المخالقة كان الكرم أصيلًا في المجتمع  العربي , رغم أن الناس اختلفوا حول وجود الكرم في أرض العرب ولكن هذا الرأي بعيد عن الحقيقة؛ لأن الشعراء امتدحوا لهذه الصفة بعدة ألفاظ كما أورده ابن سيدة مجموعة دالة منها (السخاء ,السماحة ،الجود، البذل، المنيحة وهي الناقة التي يعطيها الرجل للآخر ليشرب لبنها ويردها ، والرفد وهو العطية بلا ثمن ). ويأتي في زعامة الكرم حاتم الطائي بقصصه والروايات التي وردت عنه معتلًا عرش الصحراء بفيضه وجوده وتكفينا الحكاية المشهورة عنه" قيل إن أحد قياصرة الروم بلغته أخبار حاتم فأستغربها، وفيما بلغه أن لحاتم فرساً من كرام الخيل عزيزة عنده فأرسل إليه رسولا يطلب الفرس، فلما دخل الرسول دار حاتم استقبله أحسن استقبال، ورحب به وهو لا يعلم أنه حاجب القيصر، وكانت المواشي في المرعى، فلم يجد إليها سبيلاً لقرى ضيفه، فنحر الفرس، وأضرم النار ثم دخل إلى ضيفه يحادثه، فأعلمه أنه رسول القيصر قد حضر يستميحه الفرس فساء ذلك حاتم وقال: لو أنك أعلمتني قبل الآن، فأنى قد نحرتها لك إذ لم أجد جزوراً غيرها فعجب الرسول من سخائه وقال: والله لقد رأينا منك أكثر مما سمعنا.

   من هذه المقتطفات علينا أن نعلم أن الصفات الحميدة هي زينة المرء أنّى ذهب ، وأن المعاملة الطيبة والكلمة الحسنة هي المتحكمة في بهاء المرء  ، وعمدت إلى استطراد  الأمثلة من العصر الجاهلي؛ لنبين على أصالة المخالقة ، وجزئيتها في طبيعة البشر،وهي من مكوناتها المعنوية متى ما فقدتها فقدت إنسانيتك في نظر العصر الجاهلي دعك من العصر الإسلامي . 

       وقد قيل كل كرم بدر من قوم لايعلمون الله هو وسيلة لتامين المستقبل،فالعربي يكرم الآخرين من أجل أن يلقى العطاء، وهذا رأي لا نبعده طالما ورد في شعرهم 

لحي حلال يعصم الناس أمرهم ... إذا طرفت إحدى الليالي بمعظم

كرام فلا ذو الضغن يدرك تبله ... ولا الجارم الجاني عليهم بمسلم

     أما الكرم عند سيدي رسول الله  صلى الله عليه وسلم فيختلف جدًا عن كل ما قيل لأنه كرم خالص لاينتظر بعده عطاء من مخلوق، إنما أمر نبع من قلب متصل بالله عزوجل ، فهو أجود بالخير من الريح المرسلة ، لأنه بشر خاص، زاهد عن الدنيا كلها , القائل : "مَا لي وَلَلدُّنْيَا" 

*مِن كرم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وجوده.

        لقد مثَّل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والقدوة الحسنة في الجُود والكَرَم، فكان أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان.

       وقد بلغ صلوات الله عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبِّه للعطاء، ما لامجال لأي مخلوق إذ كان يعطي عطاء مَن لا يحسب حسابًا للفقر ولا يخشاه، ثقة بعظيم فضل الله، وإيمانًا بأنَّه هو الرزَّاق ذو الفضل العظيم .

- عن موسى بن أنسٍ، عن أبيه، قال: "ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلَّا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإنَّ محمَّدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا ما يسرُّني أن لا يمرَّ عليَّ ثلاثٌ، وعندي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أرصدُهُ لدينٍ .

           إنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، يقدِّم بهذا النَّموذج المثالي للقدوة الحسنة، لاسيَّما حينما نلاحظ أنَّه كان في عطاءاته الفعليَّة، مطـبِّــقًا لهذه الصُّورة القوليَّة التي قالها، فقد كانت سعادته ومسرَّته عظيمتين حينما كان يبذل كلَّ ما عنده مِن مال.

ثمَّ إنَّه يربِّي المسلمين بقوله وعمله على خُلُق حبِّ العطاء، إذ يريهم مِن نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها.


الدكتور /صبحي عبد النبي عبد الصادق (السودان)معلم لغة عربية بإحدى مدارس دبي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف