كتاب " بهاء السرد" للدكتور سلطان الزغول
د. محمد عبدالله القواسمة
كتاب الدكتور سلطان الزغول " بهاء السرد" (عمان: شركة الألفية للنشر والتوزيع، 2018) يقدم دراسات نقدية تطبيقية في أنواع سردية مختلفة: القصة القصيرة، والرواية والمسرحية. كما يتناول عدة قضايا في هذه الدراسات تتضمن قضية الآخر في الرواية النسوية، وقضية الأنثوية في القصة القصيرة الأردنية، ثم يناقش الكتاب قضايا تتصل بتجارب روائية لإلياس فركوح، وإدوارد الخراط، وواسيني الأعرج، ثم بتجارب قصصية ليوسف الشاروني، وخليل السواحري، وعدي مدانات، وتجربة مسرحية واحدة لجمال أبي حمدان، هي مسرحيته " صندوق الدنيا".
في قضية الآخر في الرواية النسوية العربية، يرى د. الزغول أن الرواية الرائدة في تناول هذه القضية هي رواية زينب فواز " حسن العواقب أو غادة الزاهرة" التي صدرت عام 1895، وهي تماثل رواية سليم البستاني "الهيام في جنان الشام" التي نشرت على صفحات مجلة الجنان البيروتية عام 1870 في بساطتها، واعتمادها على المفاجآت، والربط التعسفي بين الفصول. ويتعرض الكتاب إلى العلاقة بالآخر الغربي في روايتين نسويتين، هما: "كم بدت السماء قريبة" 1999 للروائية العراقية بتول الخضيري، و"شجرة الحب غابة الأحزان" للروائية السورية أسيمة درويش.
أما في قضية الأنثوية في القصة القصيرة الأردنية فيرى سلطان أن مرحلة توهج إبداع المرأة في الأردن يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، وتتمثل في القصة القصيرة؛ فهي المجال الأبرز في الانفتاح على اتجاهات جديدة وآفاق رحبة. ومن هذه المجموعات القصصية: "صرخة البياض" لجميلة عمايرة، و"مزيدا من الوحشة" لبسمة النسور، و"طربوش موزارت" لسامية عطعوط، و"ليل أحلى" لحزامة حبايب.
في تجارب الرواية العربية التي تناولها سلطان الزغول في دراسته يقف عند رواية اليمبوس لإلياس فركوح، ويرى أن همها الأول تقديم المكان وعلاقته بالإنسان. ويستخدم فيها تقنيات: المشهدية السينمائية، وأسطرة المكان والحكايات، ويثري السرد بتنوع استخدام الضمائر، وتنوع لغات الشخوص حسب ثقافاتهم وأوضاعهم الحياتية وأعمالهم، وتقسيم الرواية أقسامًا ثلاثة: السفينة، والأسماء واليمبوس.
يلاحظ مع أننا في هذا الكتاب " بهاء السرد" لسنا بإزاء آراء وأفكار نظرية في السرد على غرار ما جاء في كتاب رولان بارت الناقد الفرنسي المعروف "لذة النص" غير أننا نقدر في الحقيقة الصعوبة المحيطة بالموضوع التي تتأتى من تنوع القضايا التي يتعرض لها، وتعدد النوع السردي الذي يحمل هذه القضايا والتجارب المختلفة.
ما يلفت القارئ والناقد في هذا الكتاب أن د. سلطان الزغول واءم في نقده بين المضمون والشكل، فلم يتناول أحدهما منفصلًا عن الآخر، ولم يغرق في مناقشة الموضوع الذي يدور في فلكه العمل السردي؛ فهو معني بالنظر إلى العمل بأنه فن حي لا انفصال بين أجزائه؛ فهذا يدل على فهم سليم للفن السردي، فالأديب ليس عالم اجتماع أو اقتصاد أو سياسة، بل هو فنان هدفه التأثير في القارئ من خلال جمال الإبداع.
كذلك لم تقتصر دراساته النقدية على وصف الظاهرة الأدبية وتحليلها بل تعدى ذلك إلى تقييمها وتأويلها وربطها بظروف إنتاجها. فنحن نعاني من تجاهل الأحكام النقدية عند نقادنا فتتساوى الأعمال الضعيفة بالأعمال الجيدة. كما فعل في نقده لمجموعة "زائر المساء" لخليل السواحري؛ فوقف عند ضعف بعض قصص المجموعة، وإخفاقها.
كما يمكن القول إن ناقدنا قد استطاع في "بهاء السرد" أن يُقدم العوالم المدروسة في القصة والرواية والمسرحية باقتدار، وذائقة نقدية متعالية، مع أن دراساته النقدية تعددت فيها القضايا، والمدونات، والأنواع السردية.
لعل هذه السمات السابقة هي الغالبة على نقد د. الزغول في كتبه النقدية الأخرى:" فضاء التشكيل وشعرية الرؤى، قراءات في قصة إلياس فركوح القصيرة"، وتمثيلات الأب في الشعر العربي الحديث، دراسة نقدية"، و"سحابة صهباء فاقع لونها، قراءات في الشعر العربي، والقصيدة العربية الحديثة وتعدد المرجعيات".
[email protected]
د. محمد عبدالله القواسمة
كتاب الدكتور سلطان الزغول " بهاء السرد" (عمان: شركة الألفية للنشر والتوزيع، 2018) يقدم دراسات نقدية تطبيقية في أنواع سردية مختلفة: القصة القصيرة، والرواية والمسرحية. كما يتناول عدة قضايا في هذه الدراسات تتضمن قضية الآخر في الرواية النسوية، وقضية الأنثوية في القصة القصيرة الأردنية، ثم يناقش الكتاب قضايا تتصل بتجارب روائية لإلياس فركوح، وإدوارد الخراط، وواسيني الأعرج، ثم بتجارب قصصية ليوسف الشاروني، وخليل السواحري، وعدي مدانات، وتجربة مسرحية واحدة لجمال أبي حمدان، هي مسرحيته " صندوق الدنيا".
في قضية الآخر في الرواية النسوية العربية، يرى د. الزغول أن الرواية الرائدة في تناول هذه القضية هي رواية زينب فواز " حسن العواقب أو غادة الزاهرة" التي صدرت عام 1895، وهي تماثل رواية سليم البستاني "الهيام في جنان الشام" التي نشرت على صفحات مجلة الجنان البيروتية عام 1870 في بساطتها، واعتمادها على المفاجآت، والربط التعسفي بين الفصول. ويتعرض الكتاب إلى العلاقة بالآخر الغربي في روايتين نسويتين، هما: "كم بدت السماء قريبة" 1999 للروائية العراقية بتول الخضيري، و"شجرة الحب غابة الأحزان" للروائية السورية أسيمة درويش.
أما في قضية الأنثوية في القصة القصيرة الأردنية فيرى سلطان أن مرحلة توهج إبداع المرأة في الأردن يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، وتتمثل في القصة القصيرة؛ فهي المجال الأبرز في الانفتاح على اتجاهات جديدة وآفاق رحبة. ومن هذه المجموعات القصصية: "صرخة البياض" لجميلة عمايرة، و"مزيدا من الوحشة" لبسمة النسور، و"طربوش موزارت" لسامية عطعوط، و"ليل أحلى" لحزامة حبايب.
في تجارب الرواية العربية التي تناولها سلطان الزغول في دراسته يقف عند رواية اليمبوس لإلياس فركوح، ويرى أن همها الأول تقديم المكان وعلاقته بالإنسان. ويستخدم فيها تقنيات: المشهدية السينمائية، وأسطرة المكان والحكايات، ويثري السرد بتنوع استخدام الضمائر، وتنوع لغات الشخوص حسب ثقافاتهم وأوضاعهم الحياتية وأعمالهم، وتقسيم الرواية أقسامًا ثلاثة: السفينة، والأسماء واليمبوس.
يلاحظ مع أننا في هذا الكتاب " بهاء السرد" لسنا بإزاء آراء وأفكار نظرية في السرد على غرار ما جاء في كتاب رولان بارت الناقد الفرنسي المعروف "لذة النص" غير أننا نقدر في الحقيقة الصعوبة المحيطة بالموضوع التي تتأتى من تنوع القضايا التي يتعرض لها، وتعدد النوع السردي الذي يحمل هذه القضايا والتجارب المختلفة.
ما يلفت القارئ والناقد في هذا الكتاب أن د. سلطان الزغول واءم في نقده بين المضمون والشكل، فلم يتناول أحدهما منفصلًا عن الآخر، ولم يغرق في مناقشة الموضوع الذي يدور في فلكه العمل السردي؛ فهو معني بالنظر إلى العمل بأنه فن حي لا انفصال بين أجزائه؛ فهذا يدل على فهم سليم للفن السردي، فالأديب ليس عالم اجتماع أو اقتصاد أو سياسة، بل هو فنان هدفه التأثير في القارئ من خلال جمال الإبداع.
كذلك لم تقتصر دراساته النقدية على وصف الظاهرة الأدبية وتحليلها بل تعدى ذلك إلى تقييمها وتأويلها وربطها بظروف إنتاجها. فنحن نعاني من تجاهل الأحكام النقدية عند نقادنا فتتساوى الأعمال الضعيفة بالأعمال الجيدة. كما فعل في نقده لمجموعة "زائر المساء" لخليل السواحري؛ فوقف عند ضعف بعض قصص المجموعة، وإخفاقها.
كما يمكن القول إن ناقدنا قد استطاع في "بهاء السرد" أن يُقدم العوالم المدروسة في القصة والرواية والمسرحية باقتدار، وذائقة نقدية متعالية، مع أن دراساته النقدية تعددت فيها القضايا، والمدونات، والأنواع السردية.
لعل هذه السمات السابقة هي الغالبة على نقد د. الزغول في كتبه النقدية الأخرى:" فضاء التشكيل وشعرية الرؤى، قراءات في قصة إلياس فركوح القصيرة"، وتمثيلات الأب في الشعر العربي الحديث، دراسة نقدية"، و"سحابة صهباء فاقع لونها، قراءات في الشعر العربي، والقصيدة العربية الحديثة وتعدد المرجعيات".
[email protected]