الأخبار
الأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويا
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ورقة بحثية: قانون القومية.. الوقائع والأهداف اعداد:ياسر مناع

تاريخ النشر : 2018-08-01
ورقة بحثية: قانون القومية.. الوقائع والأهداف اعداد:ياسر مناع
ملخص
تتناول هذه الورقة “قانون القومية” الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بعد جدل دام ثمانية أعوام، يعتبر هذا القانون بمثابة الأول من نوعه منذ بداية التشريع في تاريخ دولة الاحتلال الذي يذكر صراحة لفظة “أرض إسرائيل”، في دلالة وكناية بأن “إسرائيل” أصبحت رسمياً البيت القومي لليهود في جميع أرجاء العالم، مما يعكس أثار سلبية على الوجود العربي في الداخل المحتل الذي يعاني أصلاً من التمييز العنصري منذ عقود.
ورصدت الورقة موقف الحزب الحاكم -اليمين المتطرف- المتمثل بحزب الليكود بزعامة رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو”، والأحزاب اليمينة المساندة وفقاً لمصلحتها بالتأكيد مثل حزب البيت اليهودي بقيادة “نفتالي بنت”، وحزب إسرائيل بيتنا بقيادة “أفغدور ليبرمان”.
وركز القانون على ذكر خواص ومعالم الدولة، والتي تخلصت عبر ذلك القانون من مسألة الاثنية المقلقة لها على الداوم، بالإضافة الى الإهتمام بقضية الإستيطان والحض على دعمه وتعزيزه على إعتباره عصب هذه الدولة الزائلة، لما يتمتع به المستوطنون -الذين هم بمثابة الخزان الإنتخابي لليمين- من مكانة عند القيادة السياسية.
وتطرقت الورقة الى موقف منظمة التحرير الفلسطينية الذي وصف بالقاصر والعاجز، وموقف الدول الكبرى المتراوح بين الصامت والهامس بالتنديد.
وتناولت الورقة أيضاً جملة من الوقائع والدوافع التي عجلت بإقرار القانون وفق الحسابات الإسرائيلية، التي تسير في فلك المصالح العليا للدولة.
وختاماً نستنتج بأن هذا القانون ما هو إلا حلقة في سلسلة طويلة تسعى الى تهجير المواطن الفلسطيني من أرضه بشتى الطرق والوسائل، يقوم على تنفيذها كلٌ من الأذرع الأمنية والسياسية الإسرائيلية في آن واحد في إطار شكلي قانوني.
توطئة:
بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على احتلال فلسطيني تحاول دولة الإحتلال “إسرائيل” تحديد طبيعتها وشخصيتها من خلال قانون كَثُر حوله الجدال، عرف في الوسط السياسي والإعلامي بـ “قانون القومية اليهودية”، لكن مُشَرِعَ القانون غفل عن إستحالة إضفاء صفة القومية الى اليهودية التي لم تكن يوماً من الأيام سوى ديانة من الديانات السماوية.
بيد أنه كشف الوجه الحقيقي للمنظومة الحاكمة في “إسرائيل” وما تَكِنُ صدورهم من عنصرية نابعة من نظريتهم الأيدولوجية الزاعمة “شعب الله المختار” وأن ما تبقى هم من الجوييم الأغيار، ويُعدُ قانون “القومية اليهودية” من أخطر القوانين التي أقرها الاحتلال، كونه يطمس هوية وثقافة صاحب الأرض ويستبدلها بثقافة وهوية مجهولتين.
والجدير بالذكر بأن هذا القانون يعتبر بمثابة القانون الأول منذ بداية التشريع قي تاريخ دولة الاحتلال الذي يذكر صراحة كلمة “أراض إسرائيل”.
خلال دورة الكنيست الثامنة عشر(2009- 2013)، إقترح كلٌ من آفي ديختر([1]) و زئيف إلكين([2]) قانونًا ينهي التيه الذي طال أمدها حول صبغة الدولة وشخصيتها تحت شعار “الدولة القومية للشعب اليهودي” مستندين في ذلك الى رؤية هرتزل الرامية الى “إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين”، حيث تم التوقيع على مشروع القانون من قبل 40 عضو في الكنيست من أحزاب الائتلاف والمعارضة([3]).
بعد ثمانية أعوام من حالة النقاش والتحفظات والتعديلات التي شهدتها جلسات الكنيست حول القانون – تظهر مدى المناورة التي تلجأ لها “إسرائيل” عندما ترغب في التقدم خطوة نحو الأمام، وتبني اليمين القومي المتطرف بزعامة بنيامين نيتنياهو ونفتالي بينت للقانون تمت الموافقة عليه خلال الجلسة التي إنعقدت في يوم 19/7/2018، حيث صوت 62 عضواً لصالح القانون، فيما عارضه 55 عضواً وامتناع اثنان عن التصويت([4]) .
ويسعى مشروع الى ترسيخ تلك القيم الوطنية –كما هو الإدعاء- في وضع قانوني ملزم، وينظر الى إعتبار أن “إسرائيل” هي الدولة القومية للشعب اليهودي أخطر ما احتواه القانون، مما يعني بأنه لا مكان لأصحاب الأرض الحقيقين من عرب ومسيحيين في الدولة، بالإضافة الى أن صاحب الحق الطبيعي في تقرير المصير هو الشعب اليهودي.
وأكد على جملة من معالم الخاصة بطبيعة الصبغة الجديدة، التي هي في واقع الأمر قديمة على الأرض منذ بداية احتلاله، ولكن مبلور القانون رغب في تقديمه جملة واحدة، على هيئة قانون شامل جامع في إطار إنجاز يمني وطني خصوصاً مع إقتراب موعد الإنتخابات، ومن تلك المعالم:
شارةالدولة شمعدان ذو سبعة شعب، وأوراق الزيتون على كلا الجانبين.
أبيض مع اثنين من الخطوط على الحواف بالإضافة الى نجمة داود الزرقاء في الوسط.
النشيد الوطني الأمل “هتكفا”.
التقويم اليهودي، هو تقويم رسمي للدولة.
الأعياداليهودية، عيد الإستقلال هو اليوم الوطني الرسمي للدولة، يوم ذكرى قتلى معارك وحروب ويوم ذكرى الكارثة هي أيام تذكارية رسمية للدولة.
اللغة العبريةهي اللغة الرسمية للدولة، فيما تحظى اللغة العربية بوضع خاص بعد أن كانت لغةً أساسية([5])، وإستخدامها يتم ترتيبه وفق القانون.
وأن القدس عاصمة الدولة موحدة وكاملة.
الدولة مفتوحة للهجرة اليهودية، وستعمل الدولة على ضمان رفاهية الشعب اليهودي في العالم
تنظر الدولة الى تطوير المستوطنات اليهودية كقيمة وطنية، والعمل على تعزيز وتشجيع إنشائها.
مواقف الأحزاب الداخلية الإسرائيلية
لم تنتهِ حالة التجاذب والأخذ والرد بين الكتل السياسية والنخب الفكرية في “إسرائيل” حول قانون القومية، بل وحتى لم تنجح خطوة إقرار القانون في إنهاء حالة التباين تلك داخل المؤسسة السياسية المتنازعة  والمتصارعة أصلاً.
موقف الحزب الحاكم وأحزاب اليمين من القانون:
حزب الليكود وعلى لسان زعيمه “بنيامين نتنياهو” أعرب عن سعادته البالغة بإقرار القانون، حيث قال: “هذه لحظة حاسمة في تاريخ الصهيونية وتاريخ دولة إسرائيل، وأكد أنه وبعد مرور 122 سنة على نشر هرتسل لرؤيته تم أنشاء المبدأ الأساسي لوجودنا، عضو الكنيست أمير أوهانا وصف الموقف باللحظة تاريخية وأنها لحظة حاسمة في تاريخ دولة إسرائيل “الدولة الوحيدة والوحيدة للشعب اليهودي([6])، وأكد أوهانا بأن “إسرائيل لن تكون دولة ثنائية القومية، وهذا ما كرره أيضاً مقترح القانون آفي ديختر، وطالب أيضاً بتبديد فكرة ” إسرائيل للجميع”.
أما حزب البيت اليهودي الصهيوني الديني فلم يكن صاحب موقف مخالف، فهو الذي يرى من خلال برنامجه السياسي في “إسرائيل” الدولة اليهودية ذات نظام ديمقراطي وأنه من الضروري العمل على تحديد صبغتها من خلال الحوار على قاعدة التوراة وتعاليم أنبياء إسرائيل.
موقف أحزاب المعارضة وبعض النخب الفكري من القانون:
القائمة العربية المشتركة رأت في القانون أنه الأخطر في تاريخ “إسرائيل”، وأنه يؤسس لنظام فصل عنصري، لأنه يُشرع التمييز ضد العرب أصحاب الأرض القائم فعلاً قبل وجود القانون، وفي أعقاب إقرار القانون قام عدد من أعضاء القائمة في بتمزيق مشروع القانون داخل أروقة الكنيست، رئيس القائمة النائب “أيمن عودة” أعتبر هذا القانون الأرضية الأساسية لصفقة القرن([7]).
ويرى البروفيسور ألون هاريل أن القانون يضر بالشعب اليهودي والتراث اليهودي نفسه، قبل أن يؤذي  غير اليهود، وأن هناك العديد من الجماعات اليهودية في إسرائيل التي تحتفظ بالتقاليد غير اليهودية كالمهاجرين الروس مثلاً([8])، حزب ميرتس من جانبه رأى في القانون أنه عنصري، وأنه أُقر على حساب الديمقراطية الإسرائيلية.
عضو الكنيست عن حزب العمل “إيتان كابل” رأي في أنه لا حاجة لـ “إسرائيل” بهكذا قانون؛ لأنه يشكل خطراً على النسيج الإجتماعي الإسرائيلي، ويخلق إشكاليات بين اليهود أنفسهم.
موقف الطائفة الدرزية من القانون:
أثار القانون غضب الطائفة الدرزية والتي بدورها قدمت إلتماساً للمحكة العليا، وأعتبرت بأن “إسرائيل” قد تخلت عنهم رغم كل ما قدمته الطائفة للدولة منذ احتلالها، وقال البريجادير جنرال عماد فارس “بأن الشعور هو أننا لسنا دائما متساوين إنه أمر محزن، لأننا كنا دائمًا نؤمن بأننا سنكون متساوين في وقت ما، ولكن الآن بعد أن تم إصلاحه في القانون، فإنه يبدو بعيدًا عن أي وقت مضىلا أفهم سبب الحاجة إلى هذا القانون([9])”، وسارعت عضو الكنيست من “المعسكر الصهيوني” تسيبي ليفني إلى القول بأن صرخة إخوننا الدروز في وجه الحكومة جاءت في الوقت الحقيقي، ويأتي هذا في السياق المناكفات السياسية مع نتنياهو وليس حباً في الطائفة الدرزية.
موقف منظمة التحرير الفلسطينية من إقرار قانون القومية:
اعتبر القانون صفعة قوية جديدة في وجه المتمسكين بخيار المفاوضات وحل الدولتين، لم ترتقَ ردة الفعل الفلسطينية الى المستوى المطلوب ولم تخرج عن دائرة الردود الكلامية والتصريحات الإعلامية، ولم نلمس أي توجه نحو خطوة ما سواء حالية أو قادمة تجبر “إسرائيل” على التفكير قليلاً في التراجع عن قرارها.
وكان يتوجب على السلطة الفلسطينية التخطيط لمجموعة من الخطوات التحضيرية في مواجهة القانون، كالتنصل من إتفاقية أسلو، وسحب الإعتراف بـ “إسرائيل” بصورة واقعة، -وبغض النظر من موقفي من الإعتراف– إلا أن طبيعة الدولة التي تم الإعتراف بها وأقصد هنا “إسرائيل” قد تغيرت معالمها وحدودها الزائلة.
وتركيز الجهود في توثيق الأواصر مع القيادة العربية في الداخل المحتل، والعمل على دعم مسيراتهم وإحتجاجاتهم إعلامياً ومادياً.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي قال: إن قانون القومية الذي أقره “الكنيست” الإسرائيلي قانون عنصري تطهيري استيطاني، يستهدف أبناء شعبنا داخل الأراضي المحتلة عام1948([10])، وإعتبر صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن القانون يعدّ ترسيخاً وامتداداً للإرث الاستعماري العنصري الذي يقوم على أساس التطهير العرقي وإلغاء الأخر([11]).
موقف الدول الكبرى من إقرار قانون القومية :
قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي” فيديريكا موغريني” إن القانون كان مثيراً للقلق، وأضافت أن هذا سيجعل من الصعب تنفيذ خطة الدولتين كجزء من حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأعرب المتحدث بإسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق عن رفضه للإجراءات الأحادية ودعى لحل الدولتين([12])، بالإضافة الى جملة من الإدانات العربية والإسلامية الرسمية، فيما رفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على القانون.
الوقائع والدوافع التي ساهمت في إقرار “قانون القومية” في المرحلة الحالية :
قبل إقرار القانون كانت هنالك عدة وقائع محلية وإقليمية، بالإضافة الى مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية ساعدت بالإسراع بإقرار القانون، على رغم من حالة الجدل المستمرة داخل الأروقة السياسية الإسرائيلية ومنها:
المعضلة العميقة والتعارض الجوهري في النظام السياسي الداخلي الإسرائيلي، بين مفهومي الديمقراطية واليهودية:
كان واضحاً في القانون من خلال تعريفه للدولة على أنها دولة يهودية بحته، دون أن يتطرق الى ذكر مصطلح ” الديمقراطية ” المقيد للخططه له حسب رؤيته، بمعنى أن الديمقراطية في ظل هذا القانون ستصبح الخاضعة والتابعة لليهودية مخالفاً في ذلك كل النظريات السياسية والإجتماعية والأعراف الدولية، وكان من الواضح أيضاً بان القانون قد ركز في صياغته على الخصائص اليهودية للدولة.
في الواقع من يُمعِنُ النظر في القانون يرى بأنه لم يعمل على إرساء مبادئ الديمقراطية العالمية المعروفة، والتي كان حزب العمل يحاول المحافظة عليها ظاهرياً خوفاً من سخط العالم الغربي، ولم ينص القانون أيضاً على حقوق الأقليات والطوائف ولا حقوق الإنسان والمساواة.
ويمكن لنا القول بأن قانون القومية يأتي في إطار مساعي اليمين اليوم بقيادة نيتناهو في السيطرة على مفاصل الدولة العميقة، بعد سنوات من سيطرة اليسار عليها وهذه حالة طبيعة تتناغم من التحولات العالمية نحو اليمين والعزوف عن اليسار، حيث شهدنا في الفترة الماضية سلسلة من الأزمات والتي إنتهت لصالح اليمين المتطرف مثل محاولات السيطرة على محكمة العدل العليا، هيئة الإذاعة والبث، محاولات توجيه مراكز الأبحاث ومؤسسات المجتمع المدني.
اتجاه العالم نحو سياسة الجيتو المجتمعي الجديد، والتي تبلورت في إعقاب صعود اليمين العالم ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية:
بات من الواضح جداً بأن العالم يواصل السير اليوم نحو بوصلة اليمين، وإن صح لنا قول بل إنه يتجه نحو اليمين المتطرف، فكانت البداية من الولايات المتحدة حين تولى “دونالد ترامب” سدة الحكم، ومن ثم تبعتها أوروبا، لكن الوضع في “إسرائيل” مختلف من حيث الزمن مرتبط من حيث الواقع، بمعنى آخر أن اليمين في “إسرائيل” قد تولى منذ زمن سدة الحكم، لكنه لم يجرأ في قليل من الأحيان على إتخاذ بعض القرارات والمواقف تناغماً مع الإتجاه العالمي، وتبدو السمة الجامعة لكل اليمين العالمي المتمثلة في إصدار القرارات وتشريع القوانين التغييرية للأنظمة والأعراف المعمول بها في تلك الدول منذ سنوات، وتعتبر الولايات المتحدة أسرع تلك الدول في إصدار القوانيين مثل قانون إغلاق الحدود أمام المهاجرين، مما يخلق مجتمعات منغلقة تماماً على ذاتها.
إذاً عاد نظام الجيتو -الذي عانى منه اليهود في أوروبا- من جديد الى الواجهة من خلال إقرار ” قانون القومية ” الذي يركز على إن ” إسرائيل ” هي وطن قومي لليهود وأن حق تقرير المصير خاص بالشعب اليهودي، بمعنى أكثر وضوحاً أنه لا مكان لغير اليهود في الدولة.
وهذا ما يؤكده إستطلاع للرأي نشره موقع “وللا نيوز”، حيث أظهرت النتائج بأن ما نسبته 58% من الجمهور الإسرائيلي مؤيد لقانون القومية، فيما كانت نسبة المعارضين 34%([13]).
اختزال القضية الفلسطينية وأدوات النضال، وتراجع التفاعل العربي والاسلامي معها:
عقب توقيع عدد من إتفاقيات السلام مع “إسرائيل”، ولاسيما إتفاق أوسلو، بدأت سياسة اختزال القضية الفلسطينية، فبعد أن كانت القضية عالمية وعربية، تحولت الى قضية تخص الفلسطينين وحدهم ومن ثم أصبحت مناطقية، بصورة أخرى فإن قضية المسجد الأقصى باتت من شأن المقدسيين، وأزمات قطاع غزة خاصة بالغزيين.
وإقتصار المقاومة لدى البعض على المقاومة السلمية وحدها دون أي خيار أخر، بالإضافة الى تراجع التفاعل العربي والإسلامي مع القضية على الرغم من المتابعة الدائمة لمجريات الأمور، ويعود ذلك لعدة أسباب منها المشاكل الداخلية لكثير من الدول العربية، وضيق مساحة الحرية والتعبير وخصوصاً بعد الثورات المضادة للربيع العربي، ولا يمكن لنا أيضاً أن ننكر الأثار السلبية التي خلفها الإنقسام الداخلي الفلسطيني على صورة القضية في العالم.
في ضوء ما ذكر لم تخشى “إسرائيل” من عواقب إقرار القانون، لأنها تعلم إنها لن تتجاوز التنديدات والتصريحات الإعلامية، أو المسيرات في أفضل الأحوال.
الانتقال للمرحلة الثانية من إجراءات دفن ملف العودة، كما فعل بملف القدس من قبل، ومحاولة إنهاء الوجود العربي الذي بات مزعجاً اليوم أكثر من أي وقت مضى:
إقرات ” إسرائيل ” قانونها بعد أن عملت تماماً مدى السبات العميق الذي يعيشه الشارع، ولا سيما بعد أن أزال ترامب من خلال إعترافه بالقدس عاصمة لـ ” إسرائيل ” أكثر الملفات إزعاجاً عن طاولة المفاوضات، وفيما تلاها من قرارات الولايات المتحدة تقليص ميزانيات الأنروا تمهيداً لإنهاء ملف اللاجئين وطمس فكرة العودة لدى الشعب الفلسطيني.
بالإضافة الى ما شكله الوجود العربي في الأراضي المحتلة عام 1948 من شوكة في حلق ” إسرائيل ” منذ إحتلالها للأرض، على الرغم من حصولهم الهوية الزرقاء وعملهم في المواقع الوظيفية معينة داخل مؤسسات الدولة، إلا أنها تسعى بشتى الوسائل والطرق الى تقليص وجودهم وتضيق الخناق على العرب عبر قوانين عنصرية تمييز بينهم وبين اليهود، وهذا ما عبر عنه معظم المفكرين والمثقفين العرب بكل وضوح.
إذاً فمن خلال “قانون القومية” أصبح غير اليهود مواطنين من الدرجة الثانية، ويشكل ذلك إنتهاكاً صارخ لحقوق الأقليات بحسب جمعية حقوق المواطن في إسرائيل([14])، ويعتبر مقدمة لدستور مستقبلي، لا يعترف بحقوق الأقليات والطوائف.
إختراق مقاطعة دول بعض العالم، في ظل إعترافها بالديانة اليهودية:
تشير التقارير والمعطيات إلى تصاعد كبير في حملات المقاطعة لـ ” إسرائيل ” على المستوى الجماهيري في كثير من دول العالم سواء على المستوى الإقتصادي أو الثقافي وحتى السياسي، إضافة إلى التعبير عن الغضب والاحتجاج على سياساتها، ولاسيما في أعقاب الأحداث السياسيّة الأخيرة التي شهدتها الأراضي المحتلة في الذكرى السبعين للنكبة وافتتاح السفارة الأميركيّة في القدس المحتلّة، والقمع المتواصل لمسيرات العودة السلميّة على حدود قطاع غزّة ، مما يعني بأن “إسرائيل” أصبحت عبئاً على أوروبا التي تعتبر نفسها جزءاً منها.
لكن اليوم ومن خلال ” قانون القومية ” وجدت المخرج من حالات المقاطعة تلك، حيث إستطاعت “إسرائيل” إختراق الدول المقاطعة بدعوى الوصاية على يهود العالم على إعتبار أنها دولتهم الوحيدة الراعية والمحافظة على مصالحهم.
الخاتمة
تسير السياسية الإسرائيلية في فلك مصالح الدولة العليا، وفق آليات برغماتية تحقق تلك المصالح،  ويعتبر “قانون القومية ” خطوة في طريق تحقيق الرغبة والإرادة الحقيقية عند حملة المشروع الصهيوني على إختلاف من يقوده سياسياً بالتخلص من الفلسطينيين، ويدور النقاش حول السبل للوصول الى ذلك، ولاسيما بعد فشل وسائل التهجير الطوعية والقسرية، حيث تمت بلورة رؤية طويلة الامد يقوم على تنفيذها كلٌ من الاذرع الامنية والسياسية في آن واحد في إطار شكلي قانوني.
تتمحور الرؤية حول عزل الفلسطينيين في معازل يغلق افاق الحركة عليها من الغرب الجدار فيما يغلق عليها من الشرق الاستيطان والوجود العسكري ويتوسطها حركة استيطانية نشطه وترتكز على فكرة ضم مناطق ” ج ” مع محاولة تحريك السكان الفلسطينيين منها اذا أمكن لهم ذلك، لكنهم لن يقدموا على هذه الخطوة الان لاعتقادهم ان معارضة دوليه كبيره ستحدث.
وبالتالي فهم ينتظرون اللحظة المواتية، بالتزامن مع زحفهم البطئ المستمر تجاه اهدافهم وهي أهداف تتطابق فيها الى حد كبير رؤية الحركة القومية الدينية مع فلسفة الجيش الامنية التي تقول بالأهمية الامنية الكبيرة للضفة الغربية، كما تتطابق مع الرغبة في البحث عن خزان ضخم من الأراضي يُمكن “إسرائيل” من إسكان مليون اسرائيلي جديد فيها وتحديداً في غور الاردن وصولا الى البحر الميت، مبدداً في ذلك فكرة حل الدولتين.
 
قائمة المراجع:
ايمن عودة، مقابلة في برنامج سيناريوهات على قناة الجزيرة الفضائية 26 يوليو2018

توزيع الأصوات، موقع الكنيست الإسرائيلي ( إشور هحوك – يسرائيل مديناه هلوئيم شل عام هيهودي ) إقرار قانون – إسرائيل الوطن القومي لليهود ( 19 يوليو 2018 )
جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، القانون القومي والعنصري ( 19 يوليو 2018 )
جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، ( يسرائيل مديناه هلوئيم شل عام هيهودي ) القانون الأساسي المقترح: إسرائيل – دولة الأمة للشعب اليهودي ( 19 يوليو 2018 )
عنبر تويزر، روعي روبنشتاين-يديعوت أحرنوت، ( إيلف كتسنيم دروزيم نجد حوك هلوئيم ) الف ضابط درزي ضد قانون القومية ( 25 يوليو2018)
موقع وللا نيوز،” تميخا جوريفت شل هيمين بحوك هليؤم ” تأييد واسع في اوساط اليمين بقانون القومية ( 30‏ يوليو ‏2018 ) وطني في الواقع باليهودية؟، حوك هلوئيم بوجيع بميدناه /
وكالة وفا للأنباء، ابوهولي: قانون القومية قانون عنصري تطهيري  ( 19 يوليو 2018 )
وكالة وفا للأنباء، عريقات: “قانون القومية” العنصري قوننة للابرتهايد ودعوة للتطهير العرقي( 19يوليو2018)
ياكي ادمكر، أقرت الكنيست قانون القومية – لحظة حاسمة في تاريخ الصهيونية، موقع وللا نيوز ( 19‏ يوليو ‏2018 )
يديعوت أحرنوت ( 13 اغسطس 2011 )، ( ديختر متسيع: حوك يسود هلوئيم شل عام يهودي ) ديختر يقترح قانون اساسي قومي للشعب اليهودي

[1]–  آفي ديختر سياسي وعسكري إسرائيلي، ولد افي ديختير في اشكلون 1952، كان عضو في الكنيست عن حزب كاديما، وشغل منصب رئيس جهاز الشاباك، ووزير الأمن الإسرائيلي سابقا.
[2] – زئيف إلكين ولد في خاركيف في الاتحاد السوفييتي. هاجر إلى فلسطين في ديسمبر عام 1990، سياسي إسرائيلي وعضو في الكنيست عن حزب ليكود، في عام 2013 أصبح نائباً لوزير الخارجية الإسرائيلي.
[3] – موران ازولاي- مراسلة موقع صحيفة يديعوت أحرنوت في الكنيست ( 13 اغسطس 2011 )، ( ديختر متسيع: حوك يسود هلوئيم شل عام يهودي ) ديختر يقترح قانون اساسي قومي للشعب اليهودي
[4] . توزيع الأصوات، موقع الكنيست الإسرائيلي ( إشور هحوك – يسرائيل مديناه هلوئيم شل عام هيهودي ) إقرار قانون – إسرائيل الوطن القومي لليهود( 19‏ يوليو ‏2018 )

[5] . جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، ( يسرائيل مديناه هلوئيم شل عام هيهودي ) القانون الأساسي المقترح: إسرائيل – دولة الأمة للشعب اليهودي ( 19‏ يوليو ‏2018 )
[6] . ياكي ادمكر، أقرت الكنيست قانون القومية – لحظة حاسمة في تاريخ الصهيونية، موقع وللا نيوز ( 19‏ يوليو ‏2018 )
 
[7] . ايمن عودة، مقابلة في برنامج سيناريوهات على قناة الجزيرة الفضائية( 26 يوليو2018)
[8] . هاريل ألون، لماذا يضر القانون الوطني في الواقع باليهودية؟، حوك هلوئيم بوجيع بميدناه
[9] .  عنبر تويزر، روعي روبنشتاين-يديعوت أحرنوت، ( إيلف كتسنيم دروزيم نجد حوك هلوئيم ) الف ضابط درزي ضد قانون القومية ( 25 يوليو 2018)
[10] . وكالة وفا للأنباء، ابوهولي: قانون القومية قانون عنصري تطهيري( 19‏ يوليو ‏2018)
[11] . وكالة وفا للأنباء، عريقات: “قانون القومية” العنصري قوننة للابرتهايد ودعوة للتطهير العرقي ( 19‏ يوليو ‏2018)
[12] . عرب 48، ( الأمم المتحدة عن قانون القومية: لا للإجراءات الأحادية وندعو لحل الدولتين )
[13] . موقع وللا نيوز،” تميخا جوريفت شل هيمين بحوك هليؤم ” تأييد واسع في اوساط اليمين بقانون القومية ( 30‏ يوليو ‏2018 ) 
[14]. جمعية حقوق المواطن في إسرائيل،  القانون القومي والعنصري ( 19 يوليو 2018 )
 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف