فسق من نوع آخر
في واحدة من محاولاتي لإقحام نفسي في الفعاليات التي تصب في صلب تخصصي، والتي أقصى منها كأمثالي من المتخصصين، والتي تنظمها بعض مؤسسات المجتمع المدني لأسباب مختلفة، تلك المؤسسات التي من الواجب أن تقوم بدورها في مراقبة الفساد، والحفاظ على النسيج المجتمعي، ومراقبة عمل الحكومة للحفاظ على ما تبقى من صدأ المستقبل، وجدت أن ضيوف هذه الفعالية والمتحدثين الرئيسيين فيها ليس لهم علاقة بموضوع النقاش، حتى أن المدعوين ليسوا من ذوي الاهتمام، بل من المارقين والمترددين على الفنادق والمطاعم للإرتزاق بما هو متاح.
ما دفعني الحديث في هذا الموضوع أنه من وجهة نظري أصبح يمثل ظاهرة تستوجب الوقوف عليها، والمراقبة والمحاسبة بعدما تيقنت أنه لا هدف لها سوى سد بنود التمويل للمشروع الحاضن للفعالية، ولست هنا بصدد تشريح الموضوع والبحث في اتجاهات الفساد فيه، بقدر ما هو الإشارة إلى أن هذه الظاهرة التي أصبحت أحد أوجه التخلف والفساد المبطن.
فعندما تحول أستار الفساد والتعصب والشللية في مثل هذه المؤسسات دون رؤية المشهد على حقيقته أو تحقيق الأهداف التي أسست من أجلها، ستجد جموعاً من الناس تستهين بعملها، وتنظر لها بصورة حجم الاستفادة المادية منها دون نقد تصرفاتها.
ويتكرر هذا المشهد في مؤسسات التعليم الخاص التي لا يهم القائمون عليها، سوا بسد الشاغر وفي نفس الوقت تحقيق مصلحة شخصية، بغض النظر عن حجم الفائدة التي ستعود على الفئات المستهدفة .
قد يعترض أحد القراء على ربطي للموضوع بأوجه التخلف والفساد، ولأني أرى الأمور بمنظور علمي، فإن لهذا الموضوع وحسب تقارير التنمية البشرية التي وضعت خطة لتقليل الخسارة المجتمعة من خلال الاستفادة من الكفاءات أبعاد خطيرة، تتمثل في إسناد الأمر إلى غير أهله لتحقيق أغراض شخصية أو توطيد علاقات وهمية، ضاربين بعرض الحائط مدى الخسارة التي ستعود على المجتمع بشكل عام جراء تحقيق المصالح الضيقة.
وما يزيد الطين بلة في هذا الموضوع أن المشاركين في الجريمة ممن يسند لهم الأمر يقنعون أنفسهم بأنهم قادرين على العطاء في كل المجالات وفي كل الاختصاصات، لكنهم يقصون في دعواتهم ذوي الاختصاص الأصليين كي يحافظوا على عوراتهم.
الحقيقة العارية هي أن أزمتنا الحقيقية ليست أزمة سياسية، بل هي أزمة (عقل، خلق)، أزمة عقل ارتضى لنفسه التبعية دون تفكير، عقل تقيده المادة، وتلوكه المصلحة الشخصية، وخلق لم يعد يميز بين تقديم المصلحة العامة وقضم حقوق الناس بغير وجه حق .
أي فسق هذا الذي يدور في فلك الوهم؟ فبعض مؤسسات المجتمع المدني يهمها التمويل ليعيش القائمين عليها بمستوى المانحين، وبعض مؤسسات التدريب تبيع الخبرة الوهمية بأسماء كبيرة، وبعض المؤسسات التعليمية الخاصة تتسول منتسبيها لسد نفقاتها وتحقيق الأرباح لأصحابها، وكل هذه الحالات تستخدم نفس الإستراتيجيات في التعامل مع الزبون (المستهدف).
يؤسفني جداً القول إن الفساد في هذا المجتمع الذي ينادي بالمحافظة والصمود والتحدي أصبح منظومة تتقدم وتتسع دائرتها، وتضم أعضاء جدد لمسيرتها، وليس في نهب الثروات والمال العام ومقدرات الوطن، بل في حجب الفائدة عن أبنائه وتجيير المصلحة العامة لصالح المصالح الخاصة .
ألهذا الحد أصبح الحق تمر وخبز الأجداد؟ ألم يعد فينا من يقدم مبادئه على جوع جيبه؟ سؤال صعب في عصر الاستحمار، العصر الذي قد يتهمك أحدهم بالغباء لأنك قدمت الصالح العام على مصلحتك الشخصية أو أنك قلت كلمة حق عند سلطان جائر .
و أخيراً .. أقول وإن تطاولت على الحقيقة أنه إن كان الفقر هو العدو الأول للاستقرار والأمن للمجتمع فإن إسناد الأمر إلى غير أهله في أنشطة التعليم والتدريب في المؤسسات الخاصة والأهلية هو العدو الأول للتنمية، ومن يمارسه فليراجع وطنيته قبل أن يأخذ رقماً في الطابور الخامس .
في واحدة من محاولاتي لإقحام نفسي في الفعاليات التي تصب في صلب تخصصي، والتي أقصى منها كأمثالي من المتخصصين، والتي تنظمها بعض مؤسسات المجتمع المدني لأسباب مختلفة، تلك المؤسسات التي من الواجب أن تقوم بدورها في مراقبة الفساد، والحفاظ على النسيج المجتمعي، ومراقبة عمل الحكومة للحفاظ على ما تبقى من صدأ المستقبل، وجدت أن ضيوف هذه الفعالية والمتحدثين الرئيسيين فيها ليس لهم علاقة بموضوع النقاش، حتى أن المدعوين ليسوا من ذوي الاهتمام، بل من المارقين والمترددين على الفنادق والمطاعم للإرتزاق بما هو متاح.
ما دفعني الحديث في هذا الموضوع أنه من وجهة نظري أصبح يمثل ظاهرة تستوجب الوقوف عليها، والمراقبة والمحاسبة بعدما تيقنت أنه لا هدف لها سوى سد بنود التمويل للمشروع الحاضن للفعالية، ولست هنا بصدد تشريح الموضوع والبحث في اتجاهات الفساد فيه، بقدر ما هو الإشارة إلى أن هذه الظاهرة التي أصبحت أحد أوجه التخلف والفساد المبطن.
فعندما تحول أستار الفساد والتعصب والشللية في مثل هذه المؤسسات دون رؤية المشهد على حقيقته أو تحقيق الأهداف التي أسست من أجلها، ستجد جموعاً من الناس تستهين بعملها، وتنظر لها بصورة حجم الاستفادة المادية منها دون نقد تصرفاتها.
ويتكرر هذا المشهد في مؤسسات التعليم الخاص التي لا يهم القائمون عليها، سوا بسد الشاغر وفي نفس الوقت تحقيق مصلحة شخصية، بغض النظر عن حجم الفائدة التي ستعود على الفئات المستهدفة .
قد يعترض أحد القراء على ربطي للموضوع بأوجه التخلف والفساد، ولأني أرى الأمور بمنظور علمي، فإن لهذا الموضوع وحسب تقارير التنمية البشرية التي وضعت خطة لتقليل الخسارة المجتمعة من خلال الاستفادة من الكفاءات أبعاد خطيرة، تتمثل في إسناد الأمر إلى غير أهله لتحقيق أغراض شخصية أو توطيد علاقات وهمية، ضاربين بعرض الحائط مدى الخسارة التي ستعود على المجتمع بشكل عام جراء تحقيق المصالح الضيقة.
وما يزيد الطين بلة في هذا الموضوع أن المشاركين في الجريمة ممن يسند لهم الأمر يقنعون أنفسهم بأنهم قادرين على العطاء في كل المجالات وفي كل الاختصاصات، لكنهم يقصون في دعواتهم ذوي الاختصاص الأصليين كي يحافظوا على عوراتهم.
الحقيقة العارية هي أن أزمتنا الحقيقية ليست أزمة سياسية، بل هي أزمة (عقل، خلق)، أزمة عقل ارتضى لنفسه التبعية دون تفكير، عقل تقيده المادة، وتلوكه المصلحة الشخصية، وخلق لم يعد يميز بين تقديم المصلحة العامة وقضم حقوق الناس بغير وجه حق .
أي فسق هذا الذي يدور في فلك الوهم؟ فبعض مؤسسات المجتمع المدني يهمها التمويل ليعيش القائمين عليها بمستوى المانحين، وبعض مؤسسات التدريب تبيع الخبرة الوهمية بأسماء كبيرة، وبعض المؤسسات التعليمية الخاصة تتسول منتسبيها لسد نفقاتها وتحقيق الأرباح لأصحابها، وكل هذه الحالات تستخدم نفس الإستراتيجيات في التعامل مع الزبون (المستهدف).
يؤسفني جداً القول إن الفساد في هذا المجتمع الذي ينادي بالمحافظة والصمود والتحدي أصبح منظومة تتقدم وتتسع دائرتها، وتضم أعضاء جدد لمسيرتها، وليس في نهب الثروات والمال العام ومقدرات الوطن، بل في حجب الفائدة عن أبنائه وتجيير المصلحة العامة لصالح المصالح الخاصة .
ألهذا الحد أصبح الحق تمر وخبز الأجداد؟ ألم يعد فينا من يقدم مبادئه على جوع جيبه؟ سؤال صعب في عصر الاستحمار، العصر الذي قد يتهمك أحدهم بالغباء لأنك قدمت الصالح العام على مصلحتك الشخصية أو أنك قلت كلمة حق عند سلطان جائر .
و أخيراً .. أقول وإن تطاولت على الحقيقة أنه إن كان الفقر هو العدو الأول للاستقرار والأمن للمجتمع فإن إسناد الأمر إلى غير أهله في أنشطة التعليم والتدريب في المؤسسات الخاصة والأهلية هو العدو الأول للتنمية، ومن يمارسه فليراجع وطنيته قبل أن يأخذ رقماً في الطابور الخامس .