هَمسُ الصباح :::
مع بزوغ فجر هذا اليوم آثرت السير على رمال شاطئ البحر الناعمة وشاطئه المليئ بمختلف الأصداف والزلف الذي جمعت منه العشرات من مختلف ألوانه وأشكاله وأحجامه ..
وجلست على كومة رملٍ قريبةٍ من آخر نقطةٍ تصل إليها أطراف الموج ، أراقب سكون البحر وهدوء موجه الذي لا يكاد يظهر له أيّ نشاط . وأداعب بأصابعي تلك السمكة الصغيره جداً والتي لا يتجاوز طولها ٢ سم وعرضها لا يتجاوز ٢ مم ، تلك السمكة التي وجدتها على الشاطئ أثناء ما كنت أجمع الصدف والزلف فوضعتها بداخل حفرة صغيرة حفرتها بأصابعي وتدفقت مياه البحر إليها من تحت الارض وليس من خلال موجه ، ووضعت السمكة بداخلها لتبقَ على قيد الحياة وأستمتع بالنظر إليها والتأمل بقدرة الله .
كان نسيم الصباح يمر من أمامي ويداعب وجنتيَّ ويغازل فؤادي بلباقةِ الواثق بجماله ورقته ،
ولم تخجل تلك النورسة ولم تَهب من الإقتراب مني وكأن لديها شئ تريد ان تفصح به لى ، ولم يخجل ذاك الهدهد بألوانه الزاهية من أن يتقدم نحوي بخطى الواثق وهو يرمقني بنظرةٍ وكأنه يقول لى جِئتُك من سبأ بنبأ .. عندها تبسمت له إبتسامةً عريضةً وكأنها تخبره بأننى لست ب سليمان ، وذاك العصفور ( الكركز ) الذي يسترق النظر نحوي ليلتقط بعض الأشياء من أمامي ليأكلها ثم يعاود القفز نحو اللا هدف وفي كل الإتجاهات ماراً بذاك الدوري القادم من أطراف رصيفٍ جفت مياهه وخيره ، جاء باحثاً عن شئ يسد رمق جوعه وعطشه .
وتلك الغربان التي تتسابق بملاحقة بعض الفراشات والعصافير الرقيق لتُقلقها وتنشر الخوف في قلوبها ، ولكن تلاحقها بعض كلاب الشاطئ فتفشل مخططاتها .. خاصة تلك الكلاب التي تُريد أن تُظهر قوتها وطاعتها أمام تلك الأنثىٰ التي تقدم كل الإغراءات لها لتجذبهم إليها وتبتزهم ويحققوا لها مطالبها ، فينقض كلبٌ أسود عل ذاك العصفور ويأتى به وجبة إفطارٍ للكلبة ،وذاك الكلب الأبيض وغيره الأحمر ، جميعهم يسعون للحصول على رضىٰ تلك الكلبة التي تلعب بأعصابهم فتنطلق بأقصىٰ سرعة على طول الشاطئ وتلحق بها الكلاب باقصىٰ سرعاتها فيتساقطون من التعب يلهثور وتتدلىٰ من بين أشداقها ألسنتهم القذرة .
لا زالت الأصداف وبعض المحار والزلف بجواري ولم أبدأ الحديث معها بعد ، وما أن بدات بفرزها وأضع كل صنف وكل حجمٍ بشكلٍ منفصلٍ عن الآخر ، وذلك تمهيداً لوضع الأسئلة التى أنوي طرحها على كل صنفٍ منها ، وأثناء ذلك مر في الفضاء ومن فوق رأسي ذاك الصقر الذي تعودت على مشاهدته في الصباح الباكر عندما كانت تسعفني قدمايَّ لممارسة رياضة المشي التي أعشقها ..
وفجأةً وكأن طبول الحرب ونعيقها قد بدأت مُعلنةً بأن العدو اللدود قد إجتاز حدود مملكة الغربان ، وإذ بعشرات الغربان تتوافد من كل حدٍ وصوب ، وبأقصىٰ سرعة تخفق بأجنحتها لتحقق أقصىٰ سُرعة لتلحق بعدوها التاريخي لتنتقم منه وتقتله وهو الصقر الذي تعود عل إختطاف فراخ الغربان من أعشاشها وقتلها وأكلها .. ومنذ ذاك التاريخ وقبل التاريخ لم تنسَ الغربان حقوقها بالإنتقام .
عُدت إلى ما جمعته من المحار والأصداف والزلف أحدثها أسألها عشرات الأسئلة .. ولكنني لم أتلقَ منها أيّ جواباً شافياً يشفي غليلى ويروي شغفي لمعرفة كل شئ عن كل شئ ..
كنت أسمع دوياً كالهمسِ الخجولِ ، ومن ثم ترتفع وتيرة هذا الهمس مما يضطرني لوضع فوهة كل واحدة من الأصداف بالقربِ من أُذني عَليِ أسمع صوتاً مفهوماً .
لم أصل إلي جوابٍ من أيٍّ منها ، وكأنها جميعاً اتفقت على جوابٍ واحدٍ وأن علىّ ألا أفهمه.
عُدت إلى الحفرة الصغيرة الموجود بها تلك السمكة فوجد المياه بداخلها قد جفت وفقد السمكة الأكسجين والأمل فكانت في الرمق الأخير وهي تنظر إلىَّ بعينيها الجاحظتين بحزنٍ كبير وكأنها تطلب مساعدتي .. ولكن !! قد فات الأوان ... ففارقت الحياة .. و ماتت ..
د. عز الدين حسين أبو صفية ،،،
مع بزوغ فجر هذا اليوم آثرت السير على رمال شاطئ البحر الناعمة وشاطئه المليئ بمختلف الأصداف والزلف الذي جمعت منه العشرات من مختلف ألوانه وأشكاله وأحجامه ..
وجلست على كومة رملٍ قريبةٍ من آخر نقطةٍ تصل إليها أطراف الموج ، أراقب سكون البحر وهدوء موجه الذي لا يكاد يظهر له أيّ نشاط . وأداعب بأصابعي تلك السمكة الصغيره جداً والتي لا يتجاوز طولها ٢ سم وعرضها لا يتجاوز ٢ مم ، تلك السمكة التي وجدتها على الشاطئ أثناء ما كنت أجمع الصدف والزلف فوضعتها بداخل حفرة صغيرة حفرتها بأصابعي وتدفقت مياه البحر إليها من تحت الارض وليس من خلال موجه ، ووضعت السمكة بداخلها لتبقَ على قيد الحياة وأستمتع بالنظر إليها والتأمل بقدرة الله .
كان نسيم الصباح يمر من أمامي ويداعب وجنتيَّ ويغازل فؤادي بلباقةِ الواثق بجماله ورقته ،
ولم تخجل تلك النورسة ولم تَهب من الإقتراب مني وكأن لديها شئ تريد ان تفصح به لى ، ولم يخجل ذاك الهدهد بألوانه الزاهية من أن يتقدم نحوي بخطى الواثق وهو يرمقني بنظرةٍ وكأنه يقول لى جِئتُك من سبأ بنبأ .. عندها تبسمت له إبتسامةً عريضةً وكأنها تخبره بأننى لست ب سليمان ، وذاك العصفور ( الكركز ) الذي يسترق النظر نحوي ليلتقط بعض الأشياء من أمامي ليأكلها ثم يعاود القفز نحو اللا هدف وفي كل الإتجاهات ماراً بذاك الدوري القادم من أطراف رصيفٍ جفت مياهه وخيره ، جاء باحثاً عن شئ يسد رمق جوعه وعطشه .
وتلك الغربان التي تتسابق بملاحقة بعض الفراشات والعصافير الرقيق لتُقلقها وتنشر الخوف في قلوبها ، ولكن تلاحقها بعض كلاب الشاطئ فتفشل مخططاتها .. خاصة تلك الكلاب التي تُريد أن تُظهر قوتها وطاعتها أمام تلك الأنثىٰ التي تقدم كل الإغراءات لها لتجذبهم إليها وتبتزهم ويحققوا لها مطالبها ، فينقض كلبٌ أسود عل ذاك العصفور ويأتى به وجبة إفطارٍ للكلبة ،وذاك الكلب الأبيض وغيره الأحمر ، جميعهم يسعون للحصول على رضىٰ تلك الكلبة التي تلعب بأعصابهم فتنطلق بأقصىٰ سرعة على طول الشاطئ وتلحق بها الكلاب باقصىٰ سرعاتها فيتساقطون من التعب يلهثور وتتدلىٰ من بين أشداقها ألسنتهم القذرة .
لا زالت الأصداف وبعض المحار والزلف بجواري ولم أبدأ الحديث معها بعد ، وما أن بدات بفرزها وأضع كل صنف وكل حجمٍ بشكلٍ منفصلٍ عن الآخر ، وذلك تمهيداً لوضع الأسئلة التى أنوي طرحها على كل صنفٍ منها ، وأثناء ذلك مر في الفضاء ومن فوق رأسي ذاك الصقر الذي تعودت على مشاهدته في الصباح الباكر عندما كانت تسعفني قدمايَّ لممارسة رياضة المشي التي أعشقها ..
وفجأةً وكأن طبول الحرب ونعيقها قد بدأت مُعلنةً بأن العدو اللدود قد إجتاز حدود مملكة الغربان ، وإذ بعشرات الغربان تتوافد من كل حدٍ وصوب ، وبأقصىٰ سرعة تخفق بأجنحتها لتحقق أقصىٰ سُرعة لتلحق بعدوها التاريخي لتنتقم منه وتقتله وهو الصقر الذي تعود عل إختطاف فراخ الغربان من أعشاشها وقتلها وأكلها .. ومنذ ذاك التاريخ وقبل التاريخ لم تنسَ الغربان حقوقها بالإنتقام .
عُدت إلى ما جمعته من المحار والأصداف والزلف أحدثها أسألها عشرات الأسئلة .. ولكنني لم أتلقَ منها أيّ جواباً شافياً يشفي غليلى ويروي شغفي لمعرفة كل شئ عن كل شئ ..
كنت أسمع دوياً كالهمسِ الخجولِ ، ومن ثم ترتفع وتيرة هذا الهمس مما يضطرني لوضع فوهة كل واحدة من الأصداف بالقربِ من أُذني عَليِ أسمع صوتاً مفهوماً .
لم أصل إلي جوابٍ من أيٍّ منها ، وكأنها جميعاً اتفقت على جوابٍ واحدٍ وأن علىّ ألا أفهمه.
عُدت إلى الحفرة الصغيرة الموجود بها تلك السمكة فوجد المياه بداخلها قد جفت وفقد السمكة الأكسجين والأمل فكانت في الرمق الأخير وهي تنظر إلىَّ بعينيها الجاحظتين بحزنٍ كبير وكأنها تطلب مساعدتي .. ولكن !! قد فات الأوان ... ففارقت الحياة .. و ماتت ..
د. عز الدين حسين أبو صفية ،،،