الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأديبة الكويتية فاطمة يوسف العلي بقلم علي عبد الفتاح

تاريخ النشر : 2018-07-17
الأديبة الكويتية فاطمة يوسف العلي بقلم علي عبد الفتاح
مبدعون من الادب الكويتي المعاصر
الأديبة فاطمة يوسف العلي
بقلم علي عبد الفتاح

*في كتاباتها روح التمرد .. والتحريض ضد سلطة الرجل .. والنضال من أجل القيم الأخلاقية
*كاتبة لا تتسامح مع أدعياء الثقافة ... ودعاة وئد إبداع المرأة .. والتطرف الفكري في العالم.

الكاتبة الكويتية د.فاطمة يوسف العلي .. قلم مبدع .. جرىء في مواجهة قضايا الواقع يسكن في أعماقها دائماً روح التأمل .. والرغبة في البحث وتعميق قيم الحب والجمال والحرية .. تحلق في فضاءات الإبداع .. لترصد ظواهر الواقع العربي وتتابع مسيرة المرأة وكفاحها وتقف شامخة ضد القهر .. ومتمردة على سلطة الرجل الظالمة.
ولا يمكننا أن نتحدث عنها كمبدعة في الأدب دون أن نتطرق إلى نشاطها السياسيى والاجتماعي في مجال حقوق المرأة والدفاع عنها ليس في الكويت وإنما في العالم العربي حيث تصبح قضيتها الأولى التي تعبر عنها في المؤتمرات وفي أدبها القصصي ومقالاتها المتعددة في الصحف العربية.


طفولة شاعرية
د.فاطمة يوسف العلي تعلمت منذ طفولتها كيف تقرأ وتكتسب ثقافة منفتحة على الآداب العربية والأجنبية فامتد حبها خارج ذاتها لتتعاطف مع كل الدمعات المقهورة والقلوب الجريجة وعذابات الوطن في ظل المحن والغزوات.
ولا غرابة في شاعريتها الرقيقة النابضة بالحب والحنان واحساسها المرهف الجميل فقد ولدت ونشأت في الكويت القديمة على ضفاف الخليج "فريج سعود" وتقول :"كان منزلنا قريب من البحر حيث كنت أرقب السفن الشراعية التي تجلب التمر وغيرها من مواد التموين".
وفي كل صباح كانت تتأمل أمواج الخليج تعانق الضفاف وتلمح أسراب الطيور البيضاء تحلق فوق صفحة البحر فتغيب في عالم سحرى الألوان تحلم أن تتحول إلى طائر حر يرسم أحلامه على صفحة السماء الزرقاء.
هذه اللوحة الطبيعية ساهمت في تعميق أفكارها عن الحياة .. وصراع الناس .. والمراكب المسافرة في بحر الحنين وإشتياق الصيادين إلى المرافىء الآمنة بعد رحلة شقاء مع البحر .
البداية شاعرة
كتبت في مرحلة مبكرة من حياتها مجموعة من القصائد الرومانسية واتجهت إلي قراءة مشاهير الأدب العربي وساهمت في المسابقات الثقافية بالمدرسة بكتابات عبرت فيها عن مشاعر طفولية بريئة تحلم بالحب النقي والحياة الجميلة.
كانت مشاهد البحر والمراكب والطيور كل صباح تدعوها إلي التأمل بمشاعرها وخيالها وتعشق الطبيعة في سكونها وعنفوانها.. في نسائمها الحريرية .. وعواصفها الرملية لتعبر عن فكرة أو مدخل لقصيدة بسيطة تغنيها للقلوب الحزينة الباحثة في الظلام عن نجمة من نور كما يقول الشاعر الانجليزى الرومانسي وردزورث: "أكبر متعة عندى أن اتأمل في الصباح الجداول وهي تترقرق في أحضان الطبيعة وأشاهد الطيور الأليفة وأسير وحدى أعانق الشجر والورد والنهار المشرق فلاشك في كل ذلك قصة رائعة".
وفاطمة تملك قدرة على أسر مشاعرك ..إذا جلست أمامها بحت لها بكل أسرار حياتك دون أن تدري .. في مجلسها عطر يفوح .. وقلب ودود.. وروح تحتوى كل المعاني الجميلة فلا تملك إلا أن تعترف بما في قلبك أو حياتك من مواجع وآلام.
اول رواية
واعتقد من خلال قراءتها المبكرة في الأدب الرومانسي استطاعت أن تلملم خيوط روايتها الأولى وتنسج أحداث أول رواية لكاتبة كويتية وهي مازالت في السابعة عشرة من العمر فظهرت روايتها :وجوه في الزحام 1971.
رغم أن الرواية نُسجت تفاصيلها بعفوية كاتبة لم يكن لها دربة أو خبرة في القص الدرامي إلا إنها أثارت قضايا كثيرة تتعلق بزواج الشباب الكويتيون من الأجانب مع بعض اللمحات عن القضايا القومية ومنها قضية فلسطين.
كما تجلت قضية المرأة التي تسيطر عليها ثقافة العادات والتقاليد البالية بحيث يصبح الرجل هو المسيطر على مصير المرأة وحياتها دون أن يكون من حق المرأة المظلومة أن تشكو أو ترفض أو تتمرد.
واستطاعت الرواية أن تؤثر في المتلقى ليتعاطف مع قضية البطلة "أحلام " التي فقدت فارس أحلامها بعد انتظار مؤلم وذهبت إلى دروب مسدودة. وتذكرك الرواية بكتابات احسان عبد القدوس في "الطريق المسدود" ويوسف السباعي في "نادية " ومحمود تيمور في"سلوى في مهب الريح" فالتجربة الأدبية كانت تبشر بمولد كاتبة كويتية اكتسبت روايتها دور الريادة.
وجهها وطن
وظلت قضية المرأة الهدف الذى تسعى إليه الأديبة فاطمة يوسف العلي لتعبر عن المشاعر الخفية للمرأة وأفكارها في علاقتها بالرجل وكيف تبدو كأئن يقاوم وحيداً في العراء.فهناك عراقيل عليها أن تجتازها وتتغلب على مشاكلها دون أن تجد عوناً من شريك حياتها فكان عليها أن تدين مجتمع يهمل مشاعر المرأة ويراها ليست أكثر من تابع للرجل تعيش في ظله وتخضع لسيطرته الغاشمة .
فجاءت مجموعة " وجهها وطن "1995 لتبوح المرأة بمزيج من مشاعر الخوف والألم والعذاب والغيرة والرفض لكل ما يحاصر موقف المرأة من أفكار قديمة وعادات بالية.فهل نتصور كيف يقف الرجل في وجه زوجته التي حققت نجاحاً كبيراً في عملها وحياتها ويقرر حرمانها من هذا العالم الجميل الذى تحقق فيه ذاتها؟ ربما حقداً عليها أو غيرة منها لأنه في حياته فشل كثيراً وعبرت عن تلك الفكرة في قصة "سقط سهواً" من تلك المجموعة.
وتطرقت إلي قضية عنوسة المرأة في قصة"البومة" ومعاناة القهر الذي يؤدى بها إلي اقتراف جريمة في قصة"عروس لم تظهر بعد" لكن في قصة " يانوم" صورة واقعية عن حياة المرأة في عالم حسي يخلو من قيم الرحمة والحب والعطف والرقة والحنان.
ومن أجمل قصص المجموعة "وجهها وطن " الرمز يحتل مستوى فني ناضج لتصور لنا مدى تطور موقف المرأة حين يمتد حبها إلى وطنها وتقف لتناضل جنود الاحتلال الذين زحفوا على الكويت في الثاني من اغسطس 1990م.
وجه القمر
أما في مجموعتها القصصية "دماء على وجه القمر" وثيقة تسجيلية لدور المرأة أثناء الغزو العراقي في عهد صدام حسين.القصص ترسم لك في براعة موقف المرأة التي كانت تجلس حزينة تشكو لذاتها حزنها وضياعها تحولت من خلال تجربة الحرب القاسية إلى مناضلة تقاوم وتشترك مع الرجل في أعمال المقاومة وتوزيع الطعام ونشر القصائد والتعليمات وتوزيع المنشورات.فهي امراة تجازف بحياتها وتخاطر مثل الرجل في كل موقف وربما كان دور المرأة أثناء الحروب والمحن مؤثر أكثر من الرجل.
التحريض والتمرد
وفي مجموعة "تاء مربوطة"2001م قررت فاطمة يوسف العلى أن لا تتسامح مع الخلل الاجتماعي والمفاهيم الخاطئة التي تسود المجتمع ويتقبلها الجميع دون مناقشة أو جدال .ومن هنا تتسم القصص بالاتجاه التحريضى والتمرد على العنف ضد المرأة ومحاولات تهميش دورها الحيوى وغلق الأبواب في وجهها حتى لا تحقق ذاتها ويكون لها صوتاً في البرلمان والمجالس الشعبية.
قررت فاطمة أن تنتقم لصورة أحلام بطلة روايتها الأولى وتشق أمامها درباً من نور العلم وصوت الحرية ورياح التمرد وتسخر من واقع الرجل في قصة"عندما كان الرجال حريما للسيدة" وتطرح الكاتبة تساؤلها: لماذا لا يكون للمرأة عدداً من الأزواج مثلما يسمح للرجل ذلك؟وبذلك تثير ذهن القارىء بأفكار كثيرة عن موقف المرأة وحقوقها المهدورة دائماً.
عالجت الكاتبة قضايا كثيرة مثل تعدد الزوجات وعنوسة المرأة وظلم الرجل وتلاشى مشاعر الحب في الحياة الزوجية والبحث عن الحرية في التعبير والبوح ومقاومة انتهازية الرجل وعبثه في الحياة مع النساء بحيث يتزوج ويطلق كأنه يتاجر في أجساد النساء دون أن يحاسبه قانون أو تقاليد.
ومن أجمل قصص المجموعة "تاء مربوطة" حيث تجد بطلة القصة أثناء سفرها بالطائرة أن عليها أن تترك مقعدها وتجلس في الخلف لأن المقاعد الأمامية للرجال فقط وليس هناك اختلاط في الطائرة.
صور القهر
وتشعر البطلة بالقهر وتنظر إلى بعض النساء فتسمع منهن كلمة " هذا نصيبنا ماذا نفعل ؟ولم تعترض امرأة واحدة على هذا المشهد كلهن صمتن ووافقن دون اعتراض أو رفض أو حتى طرح سؤال يتحدى القرار الجائر على المرأة.
وفي مجموعة "لسميرة واخواتها" تمضى فاطمة يوسف العلي في كشف الستار عن عذابات المرأة في المجتمعات العربية فهي مازالت تفتقد دورها الطليعي وتواجه أزمات سياسية وإرهاب فكرى وتطرف ديني يحاول عزلها من المجتمع وأن تظل في البيت بلا قيمة وخادمة للرجل.وتطرح فاطمة قضايا المرأة بحرية وجرآة وصدق من خلال القصة القصيرة ولا توجه الإدانة للرجل وحده وإنما للأنظمة الديكتاتورية والأفكار الرجعية في عالمنا العربي ومحاولات إقصاء المرأة عن واقع الحياة حتى تصبح "الموؤدة" كما جاء في قصتها القصيرة .
ثورة ضد الفساد
وتؤمن الأديبة فاطمة أن الإبداع فن التمرد وإختراق للسياق المألوف والقصة القصيرة ثورة ضد فساد الأخلاق وفساد الفكر.. والكتابة محاولة لتنوير وإثارة الوعي وتحريضه ضد القهر والكبت وتحريره من أغلال الجهل والتخلف والإستبداد الفكري.
ولذلك كانت مجموعتها القصصية الأخيرة "بقايا" الصادرة عام 2012همسات حنونة .. ودموع دفينة .. وتأملات صوفية .. وفلسفية .. ونظرات حالمة في الآفاق .. وتوقعات أن يسقط المطر بعد لحظات غائمة.وترسم الكاتبة صوراً عديدة لمواقف المرأة في الحياة وكيف تقاوم تحديات وصعاب وكيف ينهار الحب حتى يصبح مجرد بقايا في عالم النسيان.
ونلاحظ ان قصص المجموعة أكثر كثافة وعمقاً في التصوير والفكرة تجسد رموزها مع توظيف فنى ومستوى عال للحوار والاسترجاع الذهني والمناجاة النفسية والسرد الدقيق لتفاصيل الموقف واللغة الشاعرة حتى تكاد تقرأ القصة القصيدة واللغة المحلقة التي تغرف من ينابيع الرومانسية وفيض الاحاسيس.
وقد ذكرت من قبل ان فاطمة يوسف العلى شاعرة جميلة قبل أن تكون قاصة قديرة فأقرأ كيف تصبح الكلمات لغة شاعرة في قصة"بنت":
"لم تصرخ حين استقبلت الدنيا منذ سنوات الاكتمال .. كان صوتها كصوت كروان .. والبسملة دستور عمل وقانون إنجاز.. ترمق الريح بنظرة مهدهدة فتنام .. وحين يصطلى الرابضون بجذوة النهار.. تخبو عند قدميها أوردة الشمس الحارقة .. تتناثر نسمات للمسير."
واللغة الشاعرة فسرها العقاد في كتاب بهذا الاسم قال فيه:" إنما نريد باللغة الشاعرة أنها لغة بنيت على نسق الشعرفي أصوله الفنية والموسيقية فهي في جملتها فن منظوم منسق الأوزان والأصوات لا تنفصل عن الشعر في كلام تألفت منه ولو لم يكن من كلام الشعراء ".
وهناك ملامح صوفية وفلسفية في تلك المجموعة القصصية تكشف عن فطرة الإنسان نحو الخالق وإيمانه الشديد وانسياب روحه في السماء باحثة عن أفق من ضياء ودرب من الهدى والصلاح.شخصيات تواجه المحن بقلب خاشع.. ونفسٌ يغلفها التقوى كما في قصص:"حقيقة "و"غزل" و"براءة" و"مباغتة" وغيرها من قصص مجموعة " بقايا".
ملامح فلسفية
أستطيع أن أقرر بكل بساطة أن د.فاطمة يوسف العلى قد عبرت عن فلسفة صوفية عميقة واجتازت مستويات رفيعة خلاقة في فن القص الأدبي وهذا يأتي بصورة تلقائية من خلال خبرتها الحياتية المنفتحة على العالم دون تمييز لجنس أو دين أو مذهب وتلك سمات المبدع الكبير الذى يحتوى الإنسانية في روحه وأدبه ويقول تولستوى : " ما أروع أن تحنو على طفل صغير أو عامل فقير أو ثري بائس بثروته وتفتح قلبك على الكون في تناغم مع أهات الحزانى وأنين الشجر العاري.
وقد تعلمت فاطمة أول درس إنساني منذ طفولتها حين تقول:"في الكويت القديمة كان البيت في جوار البيت يلاصقه ويحاذيه بيت كويتي لصديق مصري وبيت لصديق سورى وبيت لصديق لبناني.كان الشارع كان السوق كانت المدرسة كان الجامع كانت الكنيسة كانت الأرجاء الكونية كلها تفوح بالعبير العربي وتبوح بالصوت العربي".
رائدة التنوير
ولذلك لم تكتف فاطمة يوسف العلى أن تكون رسالتها من خلال الأدب في القصة والرواية والشعر والمقال والدراسات وإنما تعتبر من الشخصيات العامة التى تشارك في المؤتمرات والمنتديات والتجمعات العربية والعالمية لمناصرة حقوق المرأة.
فإذا كانت فاطمة قد أمتلكت الريادة في فن الرواية فهي أيضا رائدة من رواد التنوير من خلال دورها المتميز وحضورها المؤثر في الدعوة لتحرير المرأة من الجهل والخرافات ومقاومة الحصار حولها حيث تؤكد البحوث والدراسات التي قدمتها في مؤتمرات المرأة إنها قد وهبت فكرها وحياتها لتلك القضايا.
وأتمنى أن يوفقنى الله وأنجز كتاباً خاصاً عن إنجازات الأديبة فاطمة يوسف العلى ودورها الكبير في الدفاع عن قضايا المرأة .
وقد صدر عن تجربتها الأدبية عدة كتب منها :فاطمة يوسف العلي رائدة الرواية النسوية من تأليف حسن حامد وكتاب أخر أنجزه الأديب محمد جبريل بعنوان : الصوت الهامس .. هذا بالاضافة الي مئات المقالات والحوارات التي نشرت عنها.أتمنى أن أكون قد قدمت للقارىء العربي بعض ملامح أديبة اخترقت كل حصار وخرجت من ينابيع الأدب الصادق لتؤكد ان المراة في الكويت والعالم العربي تشق درب النور وتعلو الي مستويات فكرية وابداعية عالية.
***
علي عبد الفتاح
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف