الإعلام والتكنولوجيا الرقمية .. بين التكوين المهني والأخلاقي
أحمد حمودة
انتقلت القوة الإعلامية إلى أيادٍ جديدة هي أيادي المواطنين الذين يمتلكون إمكانية الاتصال عبر الإنترنت فلا يكفي أن تمتلك مدونة أو هاتفا ذكيا لنقل الأحداث التي جعلت لك الظروف شاهدا عليها حتى تتحول إلى صحفي مهني بل على المواطن أن يعي شكل التغيرات التي تطرأ على البنية الإعلامية حتى يستوعب كيفية إنتاج المحتوى الإعلامي وتسويقه, كما عليه أن يكون ملماً بأخر المستجدات على مستوى الشكل والمفهوم لكل وسيلة إعلامية فلكل وسيلة طريقة تختلف عن الأخرى في تشفير وفك الشفرات وذلك وفقا لمحددات بنيوية تشكل في منتهاها خاتمة الرسالة الإعلامية, ونلاحظ في هذا الآن غياب الحواجز والقيد وصار بإمكان أي فرد أن يدلي برأيه في كنف الحرية, حتى وإن كان باسم مستعار, مع توفر تطبيقات اختفاء الهوية الإلكترونية مما ساهم خلال العديد من المناسبات في انتشار الإشاعات والأخبار الزائفة والمغلوطة, والترويج للعنصرية والتعصب الديني, وعادة لا يلتزم روّاد صحافة المواطن من مدونين وأصحاب صفحات الميديا الاجتماعية بأخلاقيات الصحافة المحترفة, مثلما لا تخضع صحافة المدونات والشبكات الاجتماعية لأي إطار قانوني يحدد ضوابط النشر والبث.
ونرى بأن المواطن الصحفي ليس دائما مواطنا مستقلا ومتنوراً وبريئاً ومتحرراً من المصالح السياسية والأهواء الأيديولوجية, وهكذا يجوز القول أن الفضاءات الإلكترونية تحولت إلى فضاء فسيح يمارس فيه المواطنون العاديون أشكالا مبتكرة من الدعاية والتضليل وتزوير الأحداث والتلاعب بها والاعتداء على سمعة الناس وتشويه أعراضهم ونشر المضامين المشينة, فبعض صفحات الميديا الاجتماعية تنشر بما يسمى الأخبار البديلة والعاجلة الفيديوهات الحصرية والصور والوثائق السرية التي يقال أن الميديا التقليدية تخفيها, وهي في كثير من الأحيان صفحات إيديولوجية وحزبية أو مليشيات فيسبوكية تختفي وراء "الصحفي المواطن" كما أنها تشكل في أحيانا عديدة مجالا لانتشار ثقافة العنف والتصادم والتنافر إذ يمكن أن تمثل مجالا لظهور"غوغائية إلكترونية" ويمكن أن تعتمد على أساليب غير شرعية في الحصول على المعلومات كقرصنة البريد الشخصي مثلا.
وفي ظل التطورات الرقمية وفقدان الميدان الإعلامي الحد الأدنى من الأخلاقيات التي يلتزم بها المستخدمون والتي من شأنها أن تنشر ثقافة الريبة والمؤامرة وزيادة نشر المضامين التي لا أساس من صحتها فإنها تؤدي إلى تخمة معلوماتية وإلى ابتذال المعلومات ذاتها .. وها هنا يتعود الناس على استهلاك كل أنواع المعلومات والأخبار, دون التأكد من مصادرها ومصداقيتها وينشأ نوع جديد من المتلقي" يصدق كل ما يقرأ وما يسمع وما يشاهد,, فعندما يتحول الجميع إلى صحفيين ويتحول المجال العمومي من مجال يحكمه الصوت الواحد إلى مجال تحكمه الأصوات المتعددة فإن ذلك يمكن أن يخلق نوعا من الضجيج يمنع النقاش أو الحوار, إذ عندما يتحدث الكل إلى الكل لا يستمع أحد إلى الأخر.
وعلى هذا الأساس وفي ظل انتشار الملتيميديا والمنظومات والوسائط الإعلامية الجديدة أصبح الأمر يحتاج إلى إطار تشريعي ينظم حضورها في مجتمع المعلومات وتحديد أشكال توظيفها لخدمة المعرفة, وقد يتحقق هذا التنظيم القانوني عبر تأمين سلامة المنظومات المعلومات والتشفير الالكتروني, والإمضاء الالكتروني, وحماية المعطيات الشخصية, عبر ضمان سلامة الروابط الاجتماعية الافتراضية الجديدة التي فرضت حضورها في مختلف أشكال التواصل الإلكتروني عبر النص والصوت والصورة, كما يتحقق هذا التنظيم من خلال تحرير قطاع الاتصالات وفتحه على المنافسة والتنافسية, فمن المهم صياغة قانون الانترنت والملتيميديا من خلال مضامين الملتيميديا التي تتدفق بسيولة متسارعة عبر الشبكات الرقمية للاتصال والمعلومات. لذا يتعين على المؤسسات الإعلامية الاستفادة مما توفره التكنولوجيات الحديثة من إمكانيات لتحقيق التكامل بين ما تبثه وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحافة مكتوبة وما ينشر على مواقع الإنترنت وخصوصاً تحت مسمى صحافة المواطن, ولعل هذا التكامل يكرس مفهوم الإعلام المندمج المتكامل ونرى بأن هذا التطور يجب دمجه في مجال البرامج التعليمية تحت مسمى " التربية على وسائل الإعلام " .
أحمد حمودة
انتقلت القوة الإعلامية إلى أيادٍ جديدة هي أيادي المواطنين الذين يمتلكون إمكانية الاتصال عبر الإنترنت فلا يكفي أن تمتلك مدونة أو هاتفا ذكيا لنقل الأحداث التي جعلت لك الظروف شاهدا عليها حتى تتحول إلى صحفي مهني بل على المواطن أن يعي شكل التغيرات التي تطرأ على البنية الإعلامية حتى يستوعب كيفية إنتاج المحتوى الإعلامي وتسويقه, كما عليه أن يكون ملماً بأخر المستجدات على مستوى الشكل والمفهوم لكل وسيلة إعلامية فلكل وسيلة طريقة تختلف عن الأخرى في تشفير وفك الشفرات وذلك وفقا لمحددات بنيوية تشكل في منتهاها خاتمة الرسالة الإعلامية, ونلاحظ في هذا الآن غياب الحواجز والقيد وصار بإمكان أي فرد أن يدلي برأيه في كنف الحرية, حتى وإن كان باسم مستعار, مع توفر تطبيقات اختفاء الهوية الإلكترونية مما ساهم خلال العديد من المناسبات في انتشار الإشاعات والأخبار الزائفة والمغلوطة, والترويج للعنصرية والتعصب الديني, وعادة لا يلتزم روّاد صحافة المواطن من مدونين وأصحاب صفحات الميديا الاجتماعية بأخلاقيات الصحافة المحترفة, مثلما لا تخضع صحافة المدونات والشبكات الاجتماعية لأي إطار قانوني يحدد ضوابط النشر والبث.
ونرى بأن المواطن الصحفي ليس دائما مواطنا مستقلا ومتنوراً وبريئاً ومتحرراً من المصالح السياسية والأهواء الأيديولوجية, وهكذا يجوز القول أن الفضاءات الإلكترونية تحولت إلى فضاء فسيح يمارس فيه المواطنون العاديون أشكالا مبتكرة من الدعاية والتضليل وتزوير الأحداث والتلاعب بها والاعتداء على سمعة الناس وتشويه أعراضهم ونشر المضامين المشينة, فبعض صفحات الميديا الاجتماعية تنشر بما يسمى الأخبار البديلة والعاجلة الفيديوهات الحصرية والصور والوثائق السرية التي يقال أن الميديا التقليدية تخفيها, وهي في كثير من الأحيان صفحات إيديولوجية وحزبية أو مليشيات فيسبوكية تختفي وراء "الصحفي المواطن" كما أنها تشكل في أحيانا عديدة مجالا لانتشار ثقافة العنف والتصادم والتنافر إذ يمكن أن تمثل مجالا لظهور"غوغائية إلكترونية" ويمكن أن تعتمد على أساليب غير شرعية في الحصول على المعلومات كقرصنة البريد الشخصي مثلا.
وفي ظل التطورات الرقمية وفقدان الميدان الإعلامي الحد الأدنى من الأخلاقيات التي يلتزم بها المستخدمون والتي من شأنها أن تنشر ثقافة الريبة والمؤامرة وزيادة نشر المضامين التي لا أساس من صحتها فإنها تؤدي إلى تخمة معلوماتية وإلى ابتذال المعلومات ذاتها .. وها هنا يتعود الناس على استهلاك كل أنواع المعلومات والأخبار, دون التأكد من مصادرها ومصداقيتها وينشأ نوع جديد من المتلقي" يصدق كل ما يقرأ وما يسمع وما يشاهد,, فعندما يتحول الجميع إلى صحفيين ويتحول المجال العمومي من مجال يحكمه الصوت الواحد إلى مجال تحكمه الأصوات المتعددة فإن ذلك يمكن أن يخلق نوعا من الضجيج يمنع النقاش أو الحوار, إذ عندما يتحدث الكل إلى الكل لا يستمع أحد إلى الأخر.
وعلى هذا الأساس وفي ظل انتشار الملتيميديا والمنظومات والوسائط الإعلامية الجديدة أصبح الأمر يحتاج إلى إطار تشريعي ينظم حضورها في مجتمع المعلومات وتحديد أشكال توظيفها لخدمة المعرفة, وقد يتحقق هذا التنظيم القانوني عبر تأمين سلامة المنظومات المعلومات والتشفير الالكتروني, والإمضاء الالكتروني, وحماية المعطيات الشخصية, عبر ضمان سلامة الروابط الاجتماعية الافتراضية الجديدة التي فرضت حضورها في مختلف أشكال التواصل الإلكتروني عبر النص والصوت والصورة, كما يتحقق هذا التنظيم من خلال تحرير قطاع الاتصالات وفتحه على المنافسة والتنافسية, فمن المهم صياغة قانون الانترنت والملتيميديا من خلال مضامين الملتيميديا التي تتدفق بسيولة متسارعة عبر الشبكات الرقمية للاتصال والمعلومات. لذا يتعين على المؤسسات الإعلامية الاستفادة مما توفره التكنولوجيات الحديثة من إمكانيات لتحقيق التكامل بين ما تبثه وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحافة مكتوبة وما ينشر على مواقع الإنترنت وخصوصاً تحت مسمى صحافة المواطن, ولعل هذا التكامل يكرس مفهوم الإعلام المندمج المتكامل ونرى بأن هذا التطور يجب دمجه في مجال البرامج التعليمية تحت مسمى " التربية على وسائل الإعلام " .