الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المَمْنوعُ مِنَ الصَّرْف خَط ُّالدِّفاعِ الأوّل عَنِ اللُّغةِ بقلم:سلامة عودة

تاريخ النشر : 2018-06-15
المَمْنوعُ مِنَ الصَّرْف خَط ُّالدِّفاعِ الأوّل عَنِ اللُّغةِ  بقلم:سلامة عودة
الممنوع من الصرف خط الدفاع الأول عن اللغة
لعلَّ المُتأملَ للجانب الفكريّ في كَينونةِ المُصطلح يدفعه التّحليلُ الصرفيُّ إلى طرقِ أبواب المَنطق؛ لتفتحَ خزائنُهُ عن معاني نحسبها جديدة في هذا الخِضم، فالممنوعُ من الصّرف قد أولى العَلَم المُؤنث عنايةً حثيثةً في جلِّ الأسماءِ، وإنْ خرجتْ بعضُ الأسماء عن مِظانهِ ،نظراً لاشتراكها في معانٍ أخرى غير تعبيرها عن المؤنث، وهي الصّفة التي تخرجُ عن العَلَميّة، فكان المسوغُ المنطقيُّ اعتبار سكون الوسط دلالة على المنع أو الصّرف، والمحصلة النهائيّة تكمن في منع الاسم العَلَم المُؤنث من الصرف عموماً، ولا غرابةَ في ذلك، فالمرأةُ لها كَيانها الخاص الذي يمنعها من الكسر، وبالتالي حفظت اللغة لها هذه المَكانة، فأصبحَ العَلَمُ المؤنث ممنوعاً من الصرف في الأغلب الأعمّ.
وباستعراض الأعلام الأخرى نجدها مَصروفة، إلا أنَّ ثَمّةَ أعلاماً مُنعتْ من الصّرف وهي عربيّة ، لا لكونها أعجمية، وإنما بوصفها وردت على لسان العَجم، مثل: إبراهيم وإسحاق..، وأود في هذا الصّدد أن أعالجَ علماً اكتنفه الغموضُ في صرفه ومنعه، ذلك بأن الممنوعَ من الصرف درعٌ واقٍ للألفاظ التي تدخل مُعترك اللغة الأصيل.
فابن زيدون، وابن عبدون، وابن حمدون، وحفصون، وسعدون، أسماءٌ دخلت اللغة العربية، ووقف الحارس الأمين الممنوع من الصّرف بسلاحه يَذودُ عن حِياض اللغة في صرفها أو منعها من الصّرف، وقد رأى اللغويون أنّها مصروفةٌ قياساً على عربون، وبالتالي تقبل الحركات والتّنوين، إلا أن أراء لغويّة ترجح المنع من الصّرف، واتّفق مع هذا القول من وجهات نظر عدّة، منها: أن منعها من الصرف جاء لوصفها بالعَلَميّة والعُجمة قياساً على إبراهيم ، وإبراهيم ليس ممنوعاً من الصرف لعجمته ، بل لأنه ورد على لسان العجم، وهو عربي أصيل، والسؤال المشروع طرحه : ما العجمة التي في تركيب زيدون، وعبدون؟
أقول : إن موطنَ العُجمة في أن زيدون تدلُّ على التّصغير للتّحبب أو للتّدليل أو للتّعظيم، وقد ورد التّصغير بالواو والنون في اللُّغات السّامية وبخاصة اللهجة المندائيّة التي هي في عمق اللغة السريانيّة المنحدرة من الآراميّة، ولها بذورٌ في العامية المتداولة ، فعندما يريدون تصغير كلمة ( صغير) يقولون : ( زغير) ، ثم تُضاف لها اللازمة الواو والنون، وبالتالي تصبح ( زغيرون)، وهي رواسب من تأثير اللّغة الآراميّة في اللغة العاميّة، ولم يدرجها النُّحاة كوزن تصغير، مقتصرين على أوزانه الثلاثة وهذا ما يدفعنا إلى القول: إنها في اللغات السامية ، فقد كان الممنوعُ من الصرف درعاً للّغة من هذه العواصف السّامية، وتنقية لمياهها العَذبة.
وقد يتساءلُ شخصٌ ما ، فيقول: هل اللّغات السّامية تمنع من الصّرف ؟ وأقول : نعم، فثَمّة أوزانٌ في اللّغة مُنعت من الصّرف ، والسببُ لا يبتعدُ عن وصفها أوزاناً وردت في اللّغات السّامية، مثل: فعلان وفعلى، وأفعل وفعلاء، ولم يوضح اللغويون سببَ المنع سوى تسويغِ ورودها على هذه الأوزان ، دونما تسويغ منطقي يفصح عن الأسباب، وأظن الأسباب كامنة في ورودها على أوزان اللّغات الجزريّة أو السّاميّة مع التّحفظ على الاسم ( السّاميّة).
وبالعودة إلى ابن زيدون وعائلته اللّغوية الكَريمة، نجد العُجمة تطرقت إليه من جراء الامتزاج باللّغة التي كانت حاضرة في بيئة الأندلس ، وشبه جزيرة إيبرية، ألا وهي اللغة القشتاليّة التي كانت سائدة في الشَمال والوسط في إسبانيا الحاليّة، تكلم بها شعوب أمريكا الجنوبيّة نتيجة المُكتشفات الجغرافيّة التي وصلت إلى تلك الرُّبوع، والقشتاليّة أو (الكستال) التي تعني القلعة في اللغة الإنجليزيّة، مع تسكين حرف التّاء؛ أي الاستغناء عن لفظه، انحدرت منها القشتاليّة، وباتت اللغة الإسبانية الحاليّة وإن كانت اللغة الإسبانيّة الحاليّة وفق رأي اللُّغويين خليطاً من اللاتينية والعربية، وبالنظرإلى قواعد اللغة القشتاليّة نجد أن التّصغير فيها ينطلق من إضافة الواو والنون إلى أسمائها، وتسللت القاعدة إلى العربية، ومن هنا جاء مصدر العجمة، فاللغة القشتاليّة تُصغر بإضافة الواو والنون، للتّعظيم.
ولايخفى أن العبريّة قد واكبت هذه الفترة ، ونقلت إلى مفرداتها هذا الوزن الدّارج في المنطوق العبري ، مثل : تركتورون، ومطبخون...، وهذا ما يؤكد عجمتها؛ أي عجمة سعدون وحمدون، وزيدون.
لكنَّ اللُّغويين قد سوغوا ورود الواو والنون بأنها الواو هي نهاية الاسم، وأن النون قفل مقطعي، قياساً على فرعون التي أصلها فرعو، وختمت بقفل مقطعي هو النون، ومن هنا وجدوا فيها أنها ليست ممنوعة من الصرف، وتسير على الوزن العربي ( فعلون)، قياساً على عربون.
أما الجموع في اللغة الآرامية فنجدها تختم بالواو والنون، ولا يوجد جمع تكسير في الآراميّة، وبالتالي وقف العلماء اللُّغويون على الجمع بالواو والنون وفق شروط مبثوثة في كتب النُّحاة، بيد أن زيدون لا تدل على الجمع لأنها خلت من شروطهم، فرأوا جمعها بإضافة اللازمة ( ذوو، ذوي) حسب الحاجة التي تقتضيها بناء الجملة، فقالوا : ذوو زيدون ، وذوي زيدون، ولم يتعاطوا مع التركيب على أنّه جمع كما هو في الآرامية أو السريانية المنبثقة عنها.
فالممنوع من الصرف له أحكام تتعلق بالتّصغير ، فهو يصرف المُصغّر من الأسماء، لكنّه لم يعدَّ هذه الأسماء زيدون وعبدون وحفصون من قبيل الأسماء المُصغّرة ، وبالتالي لم يصرفه ، وبقي ممنوعاً من خلال العَلمية والعُجمة.
ولا ننسى أن الممنوع من الصّرف يقفُ في الوسط بين عِلمي النَحْوِ والصَّرْف، وله مكانته التي لا يمكن تجاهلها، فهو يعنى بالتّركيب الصّحيح ، ويقدمه إلى عِلم النَّحو وقد شذبه من أعشاب دخيلة ؛ ليقفَ علم النحو عند تفصيحه وإعرابه.
وأخيراً ، فالمَنطقُ وفلسفةُ اللّغة لها وجودها في تفسير هذه الظّواهر اللُّغوية الّتي كانت مثارَ نقاشٍ بين اللُّغويين، وكان لها دورٌ في إثراء اللّغة ، والبَحث عن جذورها اللُّغوية الأصيلة بعيداً عن جذور تداخلت معها من نباتات أخرى دخيلة، ولا نستبعد ذلك فاللّغة أرضٌ خَصبة، وتنبت بها النّباتات الأصيلة والدخيلة، وما علينا سوى تمييزِ هذه المزروعاتِ اللّغوية، والحفاظ على أصالة نباتاتها الّتي هي مُفرداتُها.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف