الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دراسة باسم الأطباق الورقية "إبداعات فلسطينية في المواجهات السلمية" بقلم:د.رأفت خليل حمدونة

تاريخ النشر : 2018-06-15
دراسة 
الأطباق الورقية ( إبداعات فلسطينية في المواجهات السلمية )

الدكتور 
رأفت خليل حمدونة **

مقدمــــة :
 المعاناة تولّد الإبداع، جملة متداولة لدى كل الشعوب، والإبداع لا يقتصر على المعذبين، لكنه أجمل وأصدق وأروع منهم لأنه يخرج من رحم الموت ليصنع الحياة، فأصل كل إبداع التخيل، ولأن الابداع مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية، إما لجلب منفعة أو دفع ضرر، فالحاجة هي التي تدفع إلى الإبداع ( ) ، ولكون أن الشعب الفلسطينى عاش كل أشكال التعذيب والمعاناة والظلم من الاحتلال الاسرائيلى وتضييقه وحصاره المتواصل فكان أحوج فيها لدفع الضرر الذي أوقعه بحقه، فكان كثير التخيل لجلب المنفعة على قلة الإمكان، مما أنتج عنده روح التحدي وروح الابتكار، وجعله يفكر بطريقة غير مألوفة وغير تقليدية ليقهر الظرف الزمني باستغلاله استغلالاً أمثل، مما أدى إلى الحالة التجديدية فكانت النتيجة إبداعية، فالإبداع ثمرةٌ مميزة، تصدر عن مقهور مميز يحيا ظروفًا خاصة غالبًا ما تكون معاناة وقهرًا أو إحساسًا بالظلم ( ).
ويعدّ الإبداع تفاعلاً لعدّة عوامل عقليّة وبيئيّة واجتماعيّة و شخصيّة، وينتج هذا التفاعل بحلول جديدة تمّ ابتكارها للمواقف العمليّة أو النظريّة في أيٍّ من المجالات العلميّة أو الحياتيّة، وما يميّز هذه المجالات هي الحداثة والأصالة والقيمة الاجتماعيّة المؤثّرة؛ فهي إحدى العمليّات التي تساعد الإنسان على الإحساس وإدراك المشكلة، ومواقع الضّعف، والبحث عن الحلول واختبار صحّتها، وإجراء تعديل على النتائج، كما أنّها تهدف إلى ابتكار أفكار جديدة مفيدة ومقبولة اجتماعيّاً عند تطبيقها، كما تمكّن صاحبها من التوصّل به إلى أفكار جديدة واستعمالات غير مألوفة ( ).

تلك الحالة الابداعية تجسدت في فكرة استخدام " الأطباق الورقية " في مسيرات العودة ، والتى أخذت الكثير من الاهتمام ، والعناوين في الصحف الفلسطينية والعربية والعبرية
 
والدولية كان أبرزها " ابداع شبابي يرهق الاحتلال ، الطائرات الورقية" تحرق "إسرائيل ، الطائرات الورقية والمقاومة المبدعة ، طائرات من ورق ونار، الطائرات الورقية الحارقة - حرب فلسطينية حقيقية ضد إسرائيل، الطائرات الورقية لعبة أطفال ترهق "إسرائيل ، الطائرات الورقية الحارقة كشفت عن عجز "إسرائيل ، الطائرات الورقية الحارقة الفلسطينية ترهق الكيان المحتل،كابوس الطائرات الورقية يؤرق "إسرائيل ، الطائرات الورقية.. ابتكار متظاهري غزة لإشعال مواقع الاحتلال ، الطائرات الورقية في غزة تشكل تحديا أمنيا لإسرائيل ".

وصُنِف استخدام الأطباق الورقية كجزء من المقاومة السلمية للمتظاهرين الفلسطينيين بعشرات الألاف على السلك الذى يفصل المتظاهرين عن مدنهم وقراهم التى هجروا منها في العام 1948 ،  وأخذت هذه الأنشطة السلمية المتنوعة على الحدود صفة " المقاومة السلمية " أو المقاومة الشعبية كعمل جماهيرى .

 " فالمقاومة السلمية " هى فعل إنساني إرادي واعٍ ومسؤول للحفاظ على الوجود والعيش بكرامة وحرية، وأي مقاومة إنسانية تعتبر دفاعاً إنسانياً مشروعاً عن الحياة، ضد من يعمل على قتلها واجتثاث القيم الإنسانية النبيلة، فالمقاومة المدنية أو الشعبية أو اللاعنفية نضال شاق وطويل تخوضه الشعوب ضد الاحتلال،وهذا النضال السلمي يقوم على الابتكار في مواقع المواجهة وفيه القدرة على الصمود والصبر، لجعل تكاليف الاحتلال كل يوم أكثر فأكثر حتى يقتنع بزواله ونهايته (  ).

ومن المؤكد أن الشعب الفلسطينى لديه القدرة على إبداع وسائل جديدة ومبهرة للمقاومة السلمية من شأنها أن تجعل إسرائيل ذاتها تعيش على سطح من الصفيح الساخن ، فالمقاومة السلمية فعل لا حدود له، لا نتحدث هنا عن عنف أو سلاح أو ضربات صاروخية أو نزال فى ميدان عسكرى ، بل نتحدث عن فكرة بسيطة ذات نتائج كبرى ومؤثرة ، إرادة المقاومة السلمية التى أبدعت في استخدام الطائرات الورقية، وهى أصلا من أجل اللعب والترفيه البرىء، كأسلوب مقاومة فريد يرسل إشارات لدولة الاحتلال انه مهما تكن قوتها العسكرية الضخمة وتطورها التقنى فإنها تقف عاجزة أمام إرادة الشعب الأعزل ما دام مؤمنا بقضيته وبحقوقه القومية التى لا يمكن التنازل عنها، فلقد انشأت إسرائيل قبتها الصاروخية كنظام دفاعى متطور وبكلفة تزيد على 2 مليار دولار لمواجهة الصواريخ المحلية الصنع التى تطلقها أحيانا فصائل المقاومة الفلسطينية العسكرية على المستوطنات المقامة فى محيط قطاع غزة، لكن هذه القبة المسماة بالحديدية تقف عاجزة تماما أمام الطائرات الورقية المحملة بشعلة من النيران حين تسقط على أرض فلسطينية مغتصبة فتحرق ما فيها من زرع أو منشآت، والجدال السائد فى اسرائيل حاليا يكشف عن الغضب والانبهار وقلة الحيلة رغم كثرة الامكانات أمام هذا الإبداع الفلسطينى لمقاومة سلمية قليلة التكلفة ولكنها عالية التأثير، فى البداية اعتبرها الإسرائيليون مجرد أسلوب تافه، وبعد ما أحدثته من خسائر وما عبرت عنه من إرادة قوية، تحول الأمر الى إشكالية سياسية وعسكرية وتقنية (  ).

تاريخ صناعة الطائرة الورقية :

الطائرة الورقية هي لعبة للأطفال والكبار تصنع من الخشب والخيوط  ، وتعتمد فكرة الطائرة الورقية على جسم انسيابي خفيف الوزن مربوط بخيط أو عدّة خيوط لتطير بعامل الريح .
وتنتشر هواية الطائرات الورقية في الهند واليابان والصين حيث يعتقد ان الطائرات الورقية نشأت هناك، وكانت الطائرات الورقية تُصنع من الورق (ولا زالت) إلا أن النايلون الخفيف يؤدى الغرض نفسه فى صنع الطائرات ، ولقد استخدمت الطائرات الورقية قديما من بعض الناس كمسيلمة الكذاب كما ورد في كتاب الحيوان للجاحظ ، والذى زعم حينها أن هذه الطائرات هي الملائكة فقال لهم في ليلة منكرة الرياح مظلمة ""إن الملائكة تنزل علي وهي ذوات أجنحة، ولمجيئها زجل، وخشخشة، وقعقعة؛ فمن كان منكم ظاهراً فليدخل منزله، فأن من تأمل اختطف بصره ، ثم صنع راية من رايات الصبيان التي تعمل من الورق الصيني ومن الكاغد " أى من الورق " وتجعل لها الأذناب والأجنحة وتعلق في صدورها الجلاجل وترسل"(  ).

أطفال فلسطين وجينتس للطائرات الورقية

استخدام الطائرات الورقية في مسيرات العودة لم يكن الظاهرة الأولى لأطفال فلسطين ، بل سجل أكثر من سبعة آلاف طفل فلسطينى في الثلاثين من يوليو 2010 رقما قياسيا بإطلاق طائرات ورقية فى وقت واحد ضمن مهرجان ترفيهى نظمته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على شاطئ بحر شمال قطاع غزة ، وفور إطلاق صفارة البدء أطلق الأطفال وعددهم 7202، وجميعهم يشاركون فى المخيمات الصيفية للأونروا، طائرات ورقية ملونة فى الهواء .
وسعى الأطفال حينها وجميعهم من التلاميذ فى المدارس الأساسية وغالبيتهم فى مدارس الأونروا إلى تسجيل هذا الرقم ضمن موسوعة جينتس للأرقام القياسية (  ).
وقال حينها مدير عمليات "أونروا" في قطاع غزة جون جينج " إن هذه الفعاليات تأتي ضمن برنامج "ألعاب الصيف" الذي ترعاه "أونروا" خلال فترة الإجازة الصيفية، ويضم ربع مليون طفل بغرض إيجاد أجواء المرح والتسلية لهم.
وقال إن تطيير أطفال غزة الطائرات الورقية هو تعبير عن الحرية وتفريغ لهم عما يعانوه، مضيفاً "نريد أن نذكّر العالم بالإمكانات الرائعة والكبيرة لهؤلاء الأطفال في غزة".
وحملت الطائرات الورقية التي أطلقها الأطفال شعارات تدعو إلى رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، بينها "حقّي في المواطنة"، و"أطفال غزة يحلمون بحياة كريمة"(  ).

الطائرات الورقية الفلسطينية الداعية للسلام ورفع الحصار 2011

كما تطورت تجربة الطائرات الورقية مع أطفال فلسطين على السياج الحدودى فبدأت باطلاق عشرات الطائرات الورقية في  28  يونيو 2011 على مقربة من السياج الفاصل أملا في دعم جهود السلام ورفع الحصار الإسرائيلي ، وكتب الأطفال حينها على الطائرات الورقية التي صنعوها بأنفسهم شعارات تدعو إلى إحلال السلام ، وتحقيق الحرية من خلال رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة .

 وجاءت الفعالية ضمن نشاطات المبادرة المحلية التي تنشط في قطاع غزة لمناهضة فرض "إسرائيل" منطقة أمنية عازلة على طول حدود قطاع غزة بعمق 300 متر بزعم وحجة منع الفصائل الفلسطينية من شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية.


وقال القائمون على الفعالية إنهم يرغبون من خلال طائراتهم الورقية مخاطبةالمجتمع الإسرائيلي واقناعهم بسلمية توجهاتهم ووجوب وقف الحصار واستخدام العنف بحقهم ، وأعرب الأطفال المشاركون على طائراتهم الورقية عن أمنياتهم في العيش بحرية وأمان كما أطفال العالم (  ).

من الواضح أن سلطات الاحتلال والمجتمع الاسرائيلى لم يتجاوب بالمطلق مع رسالتى 2010 ، و 2011 ، وبقى الاحتلال على تجاهل لمطالب أطفال فلسطين برفع الحصار وتحقيق كرامة العيش كباقى الشعوب ، حتى كانت رسالة الطائرات الورقية ببديل وشكل ورسالة مختلفة في مارس 2018 ضمن أنشطة مسيرات العودة الكبرى .

طائرات مسيرات العودة الورقية 2018
طائرات مسيرات العودة في مارس 2018 دقت ناقوس الخطر في أوساط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي راحت تتحدث عن "سلاح جديد" يستخدمه المتظاهرون في قطاع غزة(  ).

وهى نفس الطائرة الورقية التقليدية ، مع اضافة "خِرقةٌ" من القماش المُبلل بالبنزين أوالسولار " إلى ذيلها ، وهي فكرةٌ مستحدثة للشباب الفلسطيني المُبدع؛ لإيلام  الاحتلال أثناء المشاركة في مسيرات العودة الكبرى في مارس 2018 ، والتى تحملها الرياح فوق المواقع العسكرية، والأحراش، والأعشاب الجافة، وبعد أن تصل المكان المُحدد يفلتها الشبان، فتأتي على الأعشاب في المكان، وتتسبب بحرائق واسعة (  ).

أهداف الطائرات الورقية :
يعتقد الباحث أن الطائرات الورقية أوفت بغرضها ، وحققت الكثير من الأهداف القريبة والبعيدة ، على الصعيد السياسى والاعلامى وغير ذلك من أهداف مثل : 
1- رسالة سلمية اعلامية للعالم من خلال اطلاق الطائرات الورقية .
2- التكامل في النضال الفلسطينى بأنواع ووسائل ابداعية مختلفة .
3- اظهار روح التحدى والابداع والفنون في المواجهة مع الاحتلال .
4- توجيه رسالة للاحتلال والعالم للنظر لمعاناة الشعب الفلسطينى وقضيته، والعمل على وقف الحصار المستمر على قطاع غزة . 
5- تحليق علم فلسطين فوق فلسطين التاريخية كتعبير عن انتماء الشبان لوطنهم التاريخى في ظل منعهم من عودتهم في ظل أنشطة مسيرات العودة الكبرى .
6- ارباك دولة الاحتلال والجيش والاطفائية الاسرائيلية .
7- إطلاق الطائرات الورقية تهدف لإشغال قناصة جنود الاحتلال التى تستهدف المشاركين في مسيرات العودة لدواعى الاعاقة والقتل القصد والمتعمد .
8- التسبب بالأضرار للمستوطنين الذين ينعمون بخيرات الشعب الفلسطينى بلا رادع .
9- اظهار حالة العجز لجيش الاحتلال في مواجهة أطفال وطائرات مصنوعة من الورق في ظل التفاخر بالقوة والامكانيات العسكرية والردعية .
  
وفى هذا السياق أكد الخبراء السياسيين والعسكريين " أن الطائرات الورقية أدت دورها، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتفوق بالغطرسة والقتل على الشعب الفلسطيني.
وفى المقابل "الشعب الفلسطيني يتفوق على العنصرية الإسرائيلية، بمقاومة الروح، التي هي أقوى أنواع المقاومة" (  ).

تقليد فاشل :

ذكرت تقارير عربية وعبرية أن ثلاثة من المستوطنين التابعين لنشطاء اليمين الإسرائيلي المتطرف حاولوا تقليد الأطفال الفلسطينيين في الطائرات الورقية وتوجيهها نحو قطاع غزة ، الا أنها توجهت تحت عامل الريح إلى المزارع في فلسطين التاريخية في سماء المستوطنات الصهيوينة ، مما أدى إلى إحراق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الواقعة شرقي السياج الفاصل ، وأكدت المصادر الإسرائيلية " إن الحريق الذي نشب في الأرض الزراعية التابعة لمجلس منطقة "سدوت هنيغيف" تمت السيطرة عليه وإخماده، في حين فر المستوطنون الثلاثة من المكان لكن الجيش تمكن من اللحاق بهم واعتقالهم وتحويلهم للتحقيق (  ).


تأثير الطائرات الورقية :
تشكل الطائرات الورقية سلاح بدائي له مفعول آني في إشعال الحريق لدى الأطفال والشبان، فيما تلاقي الفكرة قبولا واسعاً بين أواسط المتظاهرين كإحدى الوسائل المزعجة للاحتلال في مسيرات العودة السلمية التي تشهدها مناطق قطاع غزة الحدودية (  ).
وتُثير تلك الطائرات ، غضب قادة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة مع عدم قدرة جيش الاحتلال على إيجاد حل مناسب لها لوقف حرق الأراضي المتاخمة لحدود قطاع غزة. 

والكثير من المصادر العبرية نقلت صوراً وأخبار واحصائيات وتصريحات تؤكد أن الطائرات الورقية قامت باحراق مساحات واسعة من أراضي المستوطنين ووصلت إلى ما يقارب من 2100 دونم من الغابات، وكبدت المزارعين الإسرائيليين خسائر مالية بالغة، واضطر آخرون  لحصادها بشكل مبكر(  ).

وقال موقع (واللاه) الإسرائيلي، إن الطائرات الورقية الحارقة، التي يتم إطلاقها نحو مستوطنات غلاف غزة، تسببت باحتراق مساحات زراعية أكثر من ضعفي ونصف المساحة التي التهمتها النيران في حريق الكرمل عام 2010 ، وأوضح الموقع، أن اسرائيل لم تجد بعد رداً مناسباً لهذا الأسلوب، ويومياً تبقى الحقول مشتعلة في منطقة النقب الغربي (  ).
وترافق ذلك مع إعلان وزير المالية موشيه كحلون ان هذه الطائرات كبدت إسرائيل أضرارا مادية تزيد عن خمسة ملايين شيكل (  ).

وبحسب احصائيات سلطة الطبيعة والأحراش في اسرائيل ، احترق ما يقارب من 10,000 دونم من الأراضي في احراش ومحميات طبيعية في المنطقة ، ولكن قال ناطق بإسم السلطة أن التحقيقات لا زالت جارية لتحديد أي من الحرائق نتجت عن الطائرات والورقية والبالونات الحارقة، وأي منها نتجت عن مصادر أخرى (  ) ، ويعتقد الباحث أن هناك حرائق مفتعلة من قبل المستوطنين بدافع الحصول على تعويضات .

وتقول القناة الثانية العبرية في 2 يونيو / حزيران، إن "الطائرات الورقية الحارقة" تسببت في خسائر اقتصادية وأمنية فادحة للطرف الإسرائيلي، من بينها تدمير آلاف الدونمات من المناطق الزراعية للمستوطنات القريبة من الشريط الحدودي لقطاع غزة، فيما يعادل ربع الدونمات الحقيقية المزروعة في تلك المناطق.

 وأضافت أن " داني بن ديفيد " رئيس بلدية النقب الغربية قال إن "الطائرات الورقية الحارقة" تسبب في إتلاف آلاف الدونمات، بما يقابل مئات الآلاف من الشواكل الإسرائيلية، حيث وصف تلك الخسائر الإسرائيلية بأنها "حرب حقيقية "من الجانب الفلسطيني، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه أية وسائل دفاعية في مواجهة تلك الطائرات الورقية الحارقة (  ). 

وفى الفترة الأخيرة اتسعت تأثيرات الطائرات وامتدت لتتمكن، ولأول مرة، من شل خط السكة الحديدية الذي يربط مدينتي عسقلان ونتيفوت (  ).

مواجهة الاحتلال للطائرات الورقية :
بدأ الجيش الإسرائيلي في انتهاج أسلوب جديد لمواجهة الأطباق الطائرة التي يطلقها فتيان من قطاع غزة، بعدما عجزت وسائله التقليدية في إسقاطها ، وأفادت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أدخل إلى الخدمة طائرات مسيرة صغيرة ، وأضاف سكاكين إلى أجنحتها ، ومهمة هذه الطائرات ، قطع خيوط هذه الطائرات لإسقاطها قبل أن تصل إلى المستوطنات ،وأضافت أن من بين التدابير التي سيتخذها الجيش للتصدي لظاهرة الطائرات ، استهدافها بالرصاص خلال تحليقها بالهواء قبل اجتيازها الحدود، بالإضافة إلى إعاقتها بواسطة الطائرات المسيرة وإسقاطها داخل القطاع (  ).

كما وأعلنت الصناعات الحربية الإسرائيلية، عن إنجازها لجهاز طائر، قادر على تدمير الطائرات الورقية (  ) ، وشكلت دولة الاحتلال وحدة اسرائيلية أخرى جديدة تسمى  (الدرونز) تم تشكيلها من أجل محاربة "هذا السلاح الفتاك"، على حد تعبيرها ، مع العلم أن هذه الطائرات المسماة " الدرونز " التي تستخدمها الوحدة الإسرائيلية لن توقف عملهم، ولَم تؤثر عليهم حتى الآن.
وحول كيفية عمل الطائرات الإسرائيلية، قال ليفني إن هناك طريقتين تعمل بهما الطائرات الإسرائيلية.
الأولى "انتحارية"، حسب وصفه، إذ تصطدم الطائرة بدون طيار بالطائرة الورقية وتهويان معاً إلى الأرض. "لكن هذه الطائرة التي تم تصميمها قوية ، وممكن استخدامها مرة أخرى حتى بعد وقوعها"، على حد قوله.
أما الطريقة الثانية فتعمل على مبدأ أن سيطرة الطائرة المسيرة على الطائرة الورقية في الجو، وتهبط بها داخل منطقة خالية.

ولَم يذكر ليفني في حديثه للقناة الرسمية الإسرائيلية تكاليف هذه الطائرات أو عددها، لكنه أكد أن "هناك ما يكفي لمواجهة الطائرات الورقية بنجاعة"(  ).
ومع هذا فشل الجيش الاسرائيلى فشلاً ذريعاً في التصدى لظاهرة الطائرات الورقية ،لان
 نسبة اعتراض الطائرات الإسرائيلية المسيرة للطائرات الفلسطينية الورقية الحارقة منخفضة جدا ، ويستخدم الجيش الإسرائيلي الطائرات المسيرة بالتحكم عن بعد والتي تحمل كاميرات وأدوات حادة لاعتراض الطائرات الورقية التي تطلق من غزة، لكن هذه التكنولوجيا المتطورة لم تتمكن من اعتراض الطائرات الورقية البدائية إلا بنسبة منخفضة جدا (  ).

وأوضحت القناة العبرية، أن الجيش الإسرائيلي سيقوم بنشر 200 قناصٍ على طول الشريط الحدودي للقطاع، وتزويدهم بأجهزة لإسقاط الطائرات الورقية.
كما يدرس الجيش الإسرائيلي استخدام ردود قاسية؛ مثل تنفيذ هجمات داخل قطاع غزة وإطلاق النار على المسؤولين عن إطلاق الطائرات وتسييرها.
وفي السياق ذاته، نقلت القناة الثانية في التلفزيون العبري عن مسؤول عسكري إسرائيلي، قوله "إن الجيش يتعامل مع إطلاق الطائرات الورقية الحارقة من غزة، وكأنها قذائف صاروخية، ويعتبرها ظاهرة خطيرة"(  ).
  
وكتب قائد عسكري سابق في الجيش الإسرائيلي لصحيفة "إسرائيل اليوم" أن الجيش الإسرائيلي تعود على حل مشاكله بواسطة أجهزة تكنولوجية فائقة مثل القبة الحديدية، وذلك جيد، لكن عليه أن يعيد روح المبادرة لجنوده في الميدان ليتصدوا لهذه التحديات بإبداع فردي (  ) .

كما قدّم أحد مهندسي الاحتلال الذين اشتركوا في مشاريع صناعية أمنية، أنه يمكن محاولة استخدام" رادارات ومناظير" تعمل على استشعار الحرارة، ولكن المشكلة التي تواجه هذه الأنظمة أنها تعمل في الظلام، ويجب تطويرها وجعلها تعمل خلال ساعات النهار وعندها يمكن تجربتها وفحص مدى فعاليتها(  ) .
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "أحد مراكز الإطفاء أكد أنه لا يوجد حل للطائرات الورقية"، مشيرة إلى أن "رجال الإطفاء ينتقلون من هدف إلى آخر، وتتحرك رياح النيران ضدهم"(  ).
من جهتها، قالت متنبئة جويّة تعمل في مجال الاتصالات التابع للاحتلال، إن نسيم الهواء القادم من بحر غزة يساعد الشبان في إطلاق الطائرات الورقية، وهذه الرياح الباردة القادمة من البحر تعمل على دفع إضافي للطائرات بإتجاه الأراضي المحتلة، ومن الصعب أن يتم إيقاف الطائرات المشتعلة والبالونات لأن شدة الرياح تكون قوية، وتوقعت أيضًا أن تشهد الأيام المقبلة حرائق أكثر نظرًا لشدة الحر والجفاف المنتظرين.

تصريحات اسرائيلية في التعامل مع نشطاء الطائرات الورقية 

- وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان يهدد بـ"تصفية الحساب" مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لاتهامهما بتسيير الفعاليات التي تشهدها حدود غزة، والرد عسكريا على ذلك، وتعهد ليبرمان بـ "محاسبة" المسؤولين عن ذلك (  ) ، وأجرى اتصالات هاتفية مع القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال، والذين طالبوا برد إسرائيلي رادع على ما اعتبروه "ظاهرة خطيرة".

- وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان يدعو جيش الاحتلال إلى انتهاج سياسة حاسمة تجاه مطلقي الطائرات الورقية ، ويدعو الجيش لاستهداف مطلقي الطائرات ، عبر طائرات الاغتيالات" ، كما و دعا إلى تدفيع حركة حماس ثمن عدم قيامها بوقف هذه الظاهرة طالما أن إطلاقها يتم من أراض خاضعة لسيطرتها، حيث قال إنه يتوجب الرد ضد قادة حماس (  ).
-
 
- عضو الكنيست حاييم يلين: "يجب على مجلس الوزراء اتخاذ قرار بشأن قطاع غزة، ويجب عليه تنفيذ قانون للتعامل مع الطائرات الورقية كصواريخ القسام، وحتى ذلك الحين سيستمر الإرهاب العنيف، وستستمر الحرائق في غلاف غزة، لدينا حكومة لا تعرف كيف تتخذ القرارات"، وفق تعبيره (  ).

- وزير الزراعة الإسرائيلي، أوري أرئيل طالب الجيش بإطلاق الرصاص الحي على الجزء السفلي لأجساد مطلقي الطائرات، وذلك من خلال تغريدة على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، وأضاف أنه "أتمنى أن تتبنى المؤسسة الأمنية هذه الإستراتيجية"(  ).
 
- رئيس الكنيست الإسرائيلي "بولي إدلشتاين" قال :  أن الطائرات الورقية هي نوع من "الإرهاب – على حد تعبيره " في كل الأحوال، وعلينا أن محاربتها بيد قوية، وأن التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة سوف تجد قريبا حلا لهذه القضية"

- وزير الإسكان الإسرائيلي "يؤاف جالانت" قال"إذا وصلت الأمور إلى وضع لا يوجد فيه خيار فإننا سندخل غزه ونقضي على جميع قادة حماس .. نحن نضبط نفسنا أمام إرهاب الطائرات ولكن حين نتحرك سنقضي على كل من يرسل الطائرات لأراضينا". 

- وزير الحرب الإسرائيلي السابق عضو الكنيست "عمير بيرتس" طالب بعدم التساهل مع قضية الحرائق، والاستسلام لإرهاب الطائرات الورقية الحارقة، داعياً الحكومة إلى تعويض المزارعين وإلى تطوير آليات لمواجهات الطائرات الورقية الحارقة، متوعداً حماس بدفع ثمن باهض إذا استمرت هذه الظاهرة التي تنتشر أكثر وأكثر(  ).

عملياً على الصعيد العسكرى قامت طائرات الاستطلاع الاسرائيلية في يوم السبت 09 يونيو 2018  باستهداف مجموعة من الشبان الفلسطينيين من مطلقي الطائرات الورقية شمال شرق بيت حانون شمال قطاع غزة(  ).

وعلى صعيد آخر في يوم الاثنين 11/06/2018 صادقت لجنة الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلية بالإجماع على مقترح قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخصم أموال التعويضات التي تدفع لسكان غلاف قطاع غزة، بسبب أضرار الحرائق التي اندلعت هناك، من أموال الضرائب التي تحول إلى السلطة الفلسطينية".
وأوعز مكتب نتنياهو لرئيس هيئة الأمن القومي، بالعمل على بلورة هذا المقترح ليشمل التعويضات التي تدفع لسكان غلاف غزة، بسبب الحرائق (  ).

وردت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على القرار بالقول " أن كل الأضرار التي تلحق بالشعب الفلسطيني والاسرائيلي هي ناجمة عن استمرار سياسات الاحتلال، واستمرار الحصار الظالم الذي تفرضه على القطاع ، وعلى إسرائيل أن تدفع آلاف المليارات لشعبنا الفلسطيني الذي غالبيته من اللاجئين الذين هجروا عام 48، تعويضا عن استغلال أراضيهم وممتلكاتهم في غزة والقدس والضفة، وأن تمكنهم من العودة الى ديارهم ، وعلى إسرائيل أن تعوض عائلات شهداء المجازر التي ارتكبتها في غزة منذ 30 مارس 2018، وكذلك شهداء القدس والضفة"، مشيرًا إلى أن ذلك مُدرج في ملف مُحال للمحكمة الجنائية الدولية (  ).

أمريكا تنحاز للرواية الاسرائيلية 
هاجم مبعوث الرئيس الأمريكي للاتفاقيات الدولية جيسون غرينبلات، إطلاق الشبان الفلسطينيين طائرات ورقية حارقة من قطاع غزة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، معتبراً إياها "أسلحة عشوائية".
وكتب غرينبلات باللغة العربية في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "طائرات حماس الورقية المقاتلة ليست ألعابا غير مؤذية أو تعبيرات مجازية للحرية، بل هي حرب دعائية وأسلحة عشوائية"، وأهدرت ملايين الدولارات منذ نشوب العنف في الفترة الأخيرة (منذ مارس/ آذار 2018)" (  ).

ويرى الباحث أن رأى غرينبلات ، وتصريحات الشخصيات المتصهينة في أمريكا غير مفاجئة ، لأن انحياز الولايات المتحدة الامريكية للرواية الاسرائيلية في الدعم السياسى والاعلامى والعسكرى والمادى غير جديد ، وهذه التصريحات تؤكد أن الإدارة الامركية وعلى رأسها " ترامب " بشكل مباشر أو غير مباشر تناصب العداء للفلسطينيين والعرب وحقوقهم المشروعة ، وهذه المواقف التقليدية تؤكد على استمرار الدعم الامريكي للاعتداءات الصهيونية وانتهاكاتها وسياساتها العنصرية (  ) .

العالم يجرم الاحتلال الإسرائيلي لاستخدامه القوة المفرطة مع المتظاهرين الفلسطينيين :
يؤكد الباحث أن تصريحات الحكومة الاسرائيلية وزعامات الأحزاب الصهيوينة ووزير الجيش والقادة العسكريين أعطت الضوء الأخضر للجيش والقناصة للتعامل بالمزيد من القوة في التعامل الوحشى مع المتظاهرين الفلسطينيين السلميين ، الأمر الذى اتضح من خلال ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى في فترة محدودة ، وعلى الرغم من ارتكاب المجازر واجماع العالم على استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية كحليف استراتيجى للاحتلال عطلت حتى بيان إدانة في مجلس للأمن، لاستخدام "إسرائيل" القوة المفرطة " ، الأمر الذى يعطى غطاء لإسرائيل لاستمرار عدوانها على الشعب الفلسطيني، وتشجعها على تحدي قرارات الشرعية الدولية الرامية إلى إنهاء الاحتلال".

أما الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة " عبر متحدثيها " أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي رفع وتيرة الاستخدام المفرط للقوة ضد المشاركين المدنيين العزل في مسيرة العودة، في دلالة واضحة على أنهم يخططون لارتكاب جرائم ومجازر ضد المدنيين العزل ، وأكدت ارتكاب الاحتلال لانتهاكات جسيمة ومتعمدة بحق المتظاهرين المدنيين في تظاهرات سلمية ، أبرزها الاعتداء عليهم بالرصاص الحي والمطاطي والمتفجر المحرم دوليا ، وكذلك استخدام قنابل الغاز السامة، في الأجزاء العلوية كالرأس والتي تؤدي إلى الموت المحقق والأجزاء السفلية بالجسد خاصة منطقة الركبة لشل حركة المصاب، لافتةً الهيئة إلى أن انتهاكات الاحتلال تخالف قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.

 واعتبر عدد من الحقوقيين الفلسطينيين والعرب والدوليين أن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين العزل يعد جريمة حرب، يجب على المجتمع الدولي أن يلاحق مرتكبيها وفق القوانين والاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تدعو لحماية المدنيين، مطالبين بسحب الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي التي صادقت على كافة شروط ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولة فلسطينية وغيرها من الشروط التي وقعت عليها.
وعبرت الكثير من الدول العربية والغربية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاستخدام قوات الاحتلال القوة المفرطة في مواجهة تظاهرات سلمية، معتبرا  التصعيد العسكري الإسرائيلي الخطير، انتهاكا صارخا للمواثيق والقوانين الدولية، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته في ثنيها عن الاستمرار في نهجها العدواني ( ) .
كما وطالبتْ 26 منظمة دولية، المجتمع الدولي، الضغط على إسرائيل بشكل فاعل، لإنهاء حصارها لقطاع غزة بشكل فوري، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية، "باعتباره يشكل أساسا لاستمرار النزاع وتصاعد العنف في المنطقة".
وأكدتْ المنظمات الدولية في بيان، أن الاحتلال استخدم الرصاص المتفجر وسياسة القوة المفرطة تجاه المتظاهرين على حدود قطاع غزة.
واتهمت المنظمات الدولية "قادة إسرائيل"على الاصرار على دعم عمليات الجيش على حدود غزة ويرفضون فتح تحقيق في الأحداث"، وطالبتْ المنظمات الاحتلال الإسرائيلي باحترام حق المتظاهرين في قطاع غزة بالاحتجاج السلمي، داعيةً القادة الإسرائليين أن يلجموا القوات عن استخدام القوة في التعامل مع المحتجين السلميين.

ودعت الاحتلال الإسرائيلي لفتح تحقيق فعال وجدي في حالات الاستخدام المفرط للقوة تجاه المتظاهرين في قطاع غزة، واستخدام أسلحة تحدث آلاما لا مبرر لها، وتقديم المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم للعدالة( ) .

خاتمـــــة :
يعتقد الباحث في ظل الارادة القوية ، والابداع الأسطورى لفتيان فلسطين ، يجب على دولة الاحتلال وقادتها أن تدرك أن أسطورة " الكبار يموتون والصغار ينسون " لا وجود لها على الأرض ، ولا في تعاقب الأجيال ، ولا في التاريخ والمستقبل القريب والبعيد ، فأطفال فلسطين أثبتوا بطائراتهم الورقية ، ومسيراتهم السلمية ، واصرارهم غير المسبوق ، أن العودة إلى فلسطين التاريخية حق كالشمس ، ولا مجال الا بالعودة  مهما تزايدت المشاريع ومن كل الجهات لتقويضها .
وعلى قادة الاحتلال أن يدركوا أن كل سياسات التهديد والوعيد لن تتمكن من احتواء هذه الظاهرة والنقلة الابداعية في المقاومة السلمية ، ولن يجدوا حلا اقتصادياً ولا سياسيا ولا عسكريا ولا تكنولوجيا للسيطرة عليها(  ) ، ومهما تكن القيود والحصار فالشعوب قادرة على تخطيها، وبإرادتها الحرة تستطيع أن تقلب الموازين بأقل الامكانات ، هذه حقيقة تاريخية انسانية، اثبتها الشعب الهندى فى مواجهة الاستعمار البريطانى على يد قائدها العظيم غاندى، وفى جنوب افريقيا حيث أبدع أهلها الأصلاء اسلوب العصيان المدنى لسنوات وتضحيات هائلة، وفى الحالتين انزوى الاستعمار البريطانى واختفى الفصل العنصرى الى غير رجعة، وما نراه فى الحالة الفلسطينية يبشر بنموذج فريد من المقاومة السلمية سوف تؤتى ثمارها ولو بعد حين (  ). 
نعم لا يملك الفلسطينييون طائرات حربية تكتيكية ولا استراتيجية، ولا يملكون جيوشا وصنوف اسلحة برية وبحرية وجوية، ولا صواريخ كروز وتوماهوك وs) 400) أو دبابات الميركافا، كما لا يمكنهم على الاطلاق انشاء نظام دفاعي كنظام القبة الحديدية او الباتريوت، لكنهم يملكون (ارادة ماسية) تقاوم الحديد والفولاذ، وفوق كل ذلك تشع بقيم الحق والأخلاق والحرية.
فالفلسطينييون يملكون طاقات وقدرات شبابية، تنبعث عند كل منعطف تاريخي لتؤكد ان الشعوب التي تستحق مكانها تحت الشمس هي الشعوب المتجذرة لكنها متجددة .

لا يمتلك الفلسطينييون الطائرات الشبح (f35) ولا يمتلكون الرادارات، لكن (طائراتهم الورقية) تدفع منظومة دولة تدعي انها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط للانخراط في عصابات الاجرام الدولي، حتى بات الأحرار في العالم يعرفون (دولة الاحتلال) اسرائيل بأنها (دولة القراصنة) لا يستولون ويسرقون اموال الشعب الفلسطيني وحسب، بل ارضه، ويسفكون دماء شبابه ونسائه وأطفاله، ويغتالون الانسانية.
لا مجال للمقارنة بين دمار صواريخ طائراتهم وخاصة تلك المسيرة عن بعد، وبين الخسائر التي تسببها طائرات الشباب الفلسطينيين الورقية ذات الذيل الناري، لكن عندما يرى المحتلون المستعمرون الطائرة الورقية الفلسطينية وكأنها تنين اسطوري، فهذا شأنهم، لأنهم وحدهم يعرفون ويعلمون الى حد اليقين انهم يقفون في جبهة الباطل، وأن ما زرعوه في عروق أرضنا فاسد، وما أنشأوه عليها جريمة.

كما ويرى جنرالات وساسة (دولة الطائرات والصواريخ الحربية والرؤوس النووية) في الطائرات الورقية سلاحا مرعبا! ليس باعتبار الحرائق التي تسببها في مزروعات وحقول المستوطنين في مستعمرات ما يسمى غلاف غزة وحسب، بل لأن الجيل الرابع والخامس للنكبة ما زال يبدع الوسائل لإشهار رسائله للعالم وتأكيد حقه في الحرية والاستقلال والعودة، فالطائرات الورقية المسيرة بخيط رفيع أوله في قبضة ساعد شاب فلسطيني اسمر وآخره في قلب طبق من ورق مدعوم بالقصب، ليست الا علامة على قدرة هذا الشعب على التحليق نحو السماء، وتطيير الآمال فوق الأسلاك الشائكة والجدران وحقول الالغام المانعة بين ارجاء الوطن، حتى يعم السلام كل الوطن(  ).  

** تعريف بالباحث :
الاسم / الدكتور رأفت خليل عطية حمدونة
من مواليد 1970 ، وأسير محرر أمضى في الاعتقال 15 عام متواصلة ، حاصل على 
بكالريوس في علم الاجتماع والعلوم الانسانية من ( الجامعة العبرية أثناء الاعتقال ) وشهادة امتياز منها في العام 2001  ، وماجستير  دراسات اقليمية تخصص دراسات اسرائيلية من جامعة القدس " أبو ديس " ، بامتياز  90.9% " ، ودكتوراة : فى " العلوم السياسية " من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة مع مرتبة الشرف الأولى مع توصية بالطباعة ، ومن مؤلفاته " الجوانب الابداعية للأسرى الفلسطينيين – من اصدارات وزارة الاعلام الفلسطينى ، ونجوم فوق الجبين - عاشق من جنين - الشتات - ما بين السجن والمنفى حتى الشهادة - قلبي والمخيم - لن يموت الحلم - صرخة من أعماق الذاكرة  .

مركز الأسرى للدراسات والأبحاث الإسرائيلية


 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف