الأخبار
بلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع الشعب الفلسطيني.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولى
2024/4/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أنشودة إخناتون ومزمور داود ال 104 بقلم مرثا بشارة

تاريخ النشر : 2018-06-14
أنشودة إخناتون ومزمور داود ال 104
بقلم مرثا بشارة
رغم تخصصي في علم الآثار إلا أنني لم أسعَ من قبل لنشر مقال يتضمن حديثاً مطولاً عن أيٍّ من مظاهر الحضارة المصرية العظيمة، لكن وبعد جدل واسع عن التشابُه بين أنشودة إخناتون للإله "آتون" وبين المزمور الرابع بعد المائة لداود رأيت أنه لِزاماً عليَّ أن أحلل بعض هذه المقارنات بشكل موضوعي من واقع دراستي للآثار والديانات المصرية القديمة من جهة، ولإلمامي بمضامين الفكر التوراتي من جهة أخرى. وإليك عزيزي القاريء هذا التحليل الذي حاولت فيه جاهدةً أن أصيغه بأسلوب مُيَسَّر:
 في السطر السابع من أنشودة إخناتون يقول:
 أنت "رع"  وأنت تخترق حتى نهايتها القصوى –ويقصد قطري مصر الشمالي والجنوبي-
وهنا ينادي إلهه  بــ"رع" وليس "آتون" وفي هذا محاولة للتوفيق بين الإله "آتون"  وبين الإله "آمون رع"  استرضاءً لكهنة  "آمون رع"  قبل أن تُفْرَض عبادة الإله "آتون" بالقوة على جميع أنحاء البلاد،
و عندما يقول :
أنت تخترق حتى نهايتها القصوى،
 فهذا لتأثره بالفكر اللاهوتي المصري قبل عصر الإمبراطورية التي امتد بأطرافها المترامية الملك "تحتمس الثالث" أهم ملوك الأسرة الثامنة عشر في الدولة الحديثة، وكان هذا اللاهوت الإقليمي لا يتعدى نيل مصر وصحراءها الشرقية والغربية، ويُصَوّر الإله ملكاً على مملكته (مصر) ساهراً على حمايتها من أعداء من الشعوب الأخرى.
 إذاً لم تكن هناك حاجة أو ضرورة  لوجود إله عالمي إلا فيما بعد عصر الإمبراطورية حتى يَسْعَ كل شعوبها تحت لواء معتقد واحد يوحدهم ويضمن ولاءهم لمصر، وهذا على عكس إله التوارة والمزامير الذي وعد ببركة كل القبائل والعشائر والأمم بنسل إبراهيم المُبَارَك.
وفي السطر الثامن من أنشودته يقول إخناتون:
 أنت توثقهم (أي البشر) لابنك المحبوب (أي الملك إخناتون)
وهنا يلقب إخناتون نفسه (بابن الإله المحبوب) لأنه يرى نفسه رسولاً ووسيطاً وحيداً بين  الإله "آتون" وبين البشر، رغم استمرار نظام الكهنوت ووجود الكهنة لخدمة المعابد، إلا أنه له وحده حق معرفة هذا الإله وكشف أسراره، وهذا على عكس منطق وفكر داود كاتب المزامير الذي يرى إعلان الله عن نفسه لكل البشر من خلال الخليقة التي تُعلن عظمة ومجد الله، وما هو إلا بشرٌ ضعيف يُوحَى إليه بروح الله القدس .
في الأسطر من 11-18 يقول إخناتون مُخَاطِبَاً الإله آتون : 
وحينما تغيب في أفق السماء الغربي  فإن الأرض تُظلم كالأموات
فينامون في حجراتهم
ورؤوسهم ملفوفة
ومعاطسهم مسدودة
ولا يرى إنسان الآخر
في حين أن أمتعتهم تُسرق وهي تحت رؤوسهم
وهم لا يشعرون بذلك
يرى هنري بريستد، عالم الآثار الأمريكي وصاحب كتاب "فجر الضمير" أن هذه الأسطر تقابل عدد 20 من مزمور104  حيث يقول كاتب المزمور: تجعل ظلمة فيصير ليل.فيه يدبّ كل حيوان الوعر.
والإختلاف هنا واضح لفظاً ومعنى، لا ينكره أثري حديث التخرج!
  حيث تقول الأنشودة بأن الإله نفسه يغيب في أفق السماء الغربي فتظلم الارض كالأموات، والبر الغربي من النهر أو الأفق الغربي من السماء أو غيره، كل ما هو غربي في أدبيات الديانات المصرية القديمة يمثل عالم الموتى، ولا أدل على ذلك أكثر من تعابير مثل:  فينامون في حجراتهم، ورؤوسهم ملفوفة، ومعاطسهم مسدودة، فمثل هذه التعابير جميعها تشير لشكل المومياوات في حجرات الدفن، وهذا عكس مضمون المزمور حيث يشير إلى أن ظلمة الليل يتبعها حركة ونشاط لعالم الحيوان في وقت خلود البشر للنوم، فالظلمة هنا مقصود بها راحة ونوم خلائق ونشاط ويقظة خلائق أخرى، في الوقت الذي لا ينعس ولا ينام راعي هذه الخليقة، على عكس إله "إخناتون" الذي ترتع الخليقة عند غيابه!
وفي الأسطر من 24-30 تقول الأنشودة:
الأرض زاهية حينما تشرق في الأفق
وعندما تُضيء بالنهار مثل "آتون"
فإنك تُقصي الظلمة إلى بعيد
وحينما ترسل آشعتك
تصير الأرضان-قطري مصر الشمالي والجنوبي- في عيد
والناس يستيقظون ويقفون على أقدامهم
عند إيقاظك لهم
ويرى هنري بريستد أن هذه الأسطر تقابل الأعداد 22 و23 من نفس المزمور حيث يقول: تشرق الشمس فتجتمع وفي مآويها تربض. 23 الإنسان يخرج إلى عمله وإلى شغله إلى المساء‏
وفي هذه الأسطر رغم تشابه الكلمات وتشابه المضمون إلى حد ما، فإن الفارق جوهري، فإخناتون يخاطب الإله " آتون" المُمَثَّل في قرص الشمس، أي أنه وببساطة يتعبد للشمس التي يراها إلهه الأوحد، أما كاتب المزمور يتحدث لمن خلق الشمس ويشرق بها على البشر، وثبّت الليل والنهار لتنظيم حياتهم ونشاط سائر الكائنات الأخرى، وهنا يتحدث عن الإنسان كممثل لبني آدم جميعاً، أما إخناتون هنا فمازال متأثرا باللاهوت الديني الإقليمي القديم الذي يختص بمصر دون غيرها!
في الأسطر من 61-65 تقول الأنشودة:
ما أكثر تعدُّد أعمالك
إنها على الناس خافية
يا أيها الإله الأحد
الذي لا يوجد بجانبه إله آخر
لقد خلقتَ الأرض حسب رغبتكَ
ويرى هنري بريستد أن هذه الأسطر تقابل عدد 24 إذ يقول كاتب المزمور: ما أعظم أعمالك يا رب.كلها بحكمة صنعت.ملآنة الأرض من غناك
وهنا يبدو التشابه كبيرا في استخدام تعابير متشابهة، لكن بكل تأكيد  فإن إله داود ويعقوب وإبراهيم ليس هو إله إخناتون، حتى وإن كانت بقية الأنشودة تتغنى بواحدانية الإله "آتون" وتُعَدّد صفاته الطيبة، فهذا ليس بجديد! فلقد سبق عصر إخناتون الكثير مِمَّن حاولوا الوصول لفكرة الواحدانية بدءاً من عصر الأهرامات، بل إن لقب الإله الواحد أُطْلِق على الكثير من الآلهة المصرية القديمة!
لكن الأمر الجدير بالملاحظة هنا هو أن إله إخناتون كان وليداً لمستجدات عصره التي نقلت مصر من واديها الضيق إلى رحب العالمية، فكان لابد من إله عالمي يناسب هذا التطور السياسي والحضاري، لكن الغريب في الأمر أن إخناتون نفسه إرتد عن عبادة "آتون" فيما بعد!
وربما يتبادر إلى أذهاننا هنا هذا السؤال، ماذا يعني وجود تشابه حتى ولو في بعض الكلمات بين أنشودة إخناتون ومزمور داود؟
وللاجابة على هذا السؤال لابد وأن نعود لمنطق الوحي في التوراة والإنجيل وهو أنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أُنَاس الله القديسون مَسُوقِين من الروح القدس.إن هذا يعني أن الله ساقَ وقاد بروحه القدس أناسه القديسين ليسجلوا لنا كل نبوات الوحي وهم يُوَظِفُون اللغة ويُعَبّروا عن بيئاتهم وشكل الحياة بها، وجميعنا نعلم أن بيئاتهم كانت شرقية معاصرة ومُعَايِشة لحضارات الشرق الأدنى القديمة. إذاً فليس في الأمر إختلاس ولا إقتباس من أنشودة أخناتون ، لكنه وحي الله للإنسان من بيئة الإنسان التي يعرفها ويفهم مفرداتها. 
أما السؤال الأهم هنا، طالما أنه كانت هناك محاولات للوصول للإله الواحد الأحد، وطالما أن كلٌ يتغنى بإلهه الواحد، فأي هذه الآلهة جميعها يكون هو الإله الحق؟!
الإجابة هي، فتشوا الكتب لتكتشفوا بأنفسكم لأي إله تشهد ولأي مصير تقود!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف