الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العقاب بقلم:سوزان الأجرودي

تاريخ النشر : 2018-06-07
العقاب بقلم:سوزان الأجرودي
{1} العقاب

القاصَّةُالسورية الْمُبْدِعَةْ/ سوزان الأجرودي

مقالٌ أودى بحياتي، ضمن زنزانة تحملُ رقم خمسَ وعشرين تدعى {الانفرادية}، جدرانها سوداء، رائحتها نتنة، عفنُها شديد يزكمُ الأنوف، مظلمةٌ لاأعرفُ ليلها من نهارها، لاأسمعُ فيها غير أصوات القوارض التي تقطعئها جيئة وذهاباً.

أخذتُ شهيقاً سريعاً وأطلقتُ صرخةً تناديكِ أمي أمي …

انهالوا الجزارون الحمقى عليَّ بسلاسلٍ حديدة فهم لايعرفون مامعنى الرحمة والشفقة، جسدي الرقيق جُلدَ ترحيباً بي عشرون جلدة، الفارقُ بين الجلدة والأخرى عشرُ ثوانٍ فقط….

لا أستطيع وصفَ شعورِ الألم في تلك اللحظة، فقد كان أشبهُ بعملية جراحية دون تخدير وربما أسوأ من ذلك.

بكيتُ كثيراً لكني، لم أتحسسْ دموعي على خدي من شدة تعرقي وحرارة الدم داخلي، وصرخاتي التي كانت تفريغاً لشحناتِ العذاب.

أداروا وجهي وأسندوني على الحائط، بعد أن صفعوني بلكمةٍ حادة فسالت الدماء من أنفي وفمي،

 اقتربوا مني بلهجة مخيفة :

هاد البوكص مشان جملة { نريدُ السلامَ لا الظلم }

_يابنت ال …. بدك سلام والله لنخليكي تشتهي الموت …

_بدنا نكسر راسك قبل قلمك يانرجس خانوم …

شعروا أنني بدأتُ أغيبُ عن الوعي، فقاموا بإلقاء دلو من الماء البارد على وجهي.

….

في اليوم التالي:

كانت الحفلةُ مختلفةٌ تماماً، سحبوني من شعري الأسودُ الحالك، الناعم، الطويل، المنسابُ على كتفي انيساب الماء على ناعم الصخر.

من باب الزازنة إلى ساحةِ السجن أمام الملأ، قصوا شعري بمقصٍ كبير، وبرودٍ أعصابٍ قاتل.

لم أحركْ ساكناً فقد أصابني جمود الأطراف، انكتم صوتي وعُقِدَ لساني، كنتُ فقط أسمعهم وهم يشتموني بالكلام البذيء ودموعي تذرفُ دون همسٍ وأنين.

شعري الذي أصبح متناثراً على الأرض يعني لي التجردُ من عبودية الحياة، كنتُ أحبه جداً، كان رفيقي في كل شيء في حزني قبل فرحي.

بقيتُ ست شهور في تلك الأقبية كنا ثلاثُ فتيات كاتبة وطبيبة، ومحامية، لا نعرف الأيام من الشهور، كنا نحفرُ كل يوم على الحائط بخطٍ صغير وعندما يصبحُ ثلاثين خطاً نحيطهم بدائرة إلى أن أتموا الستة شهور وخمسة أيامٍ.

خلال هذه الأيام توفيت الطبيبة والمحامية تحت التعذيب الوحشي، وبقيتُ أنا أنتظرُ موتي على شفا حفرةٍ.

في اليومِ السادس أخذوني لغرفةٍ يسمونها {غرفة السعادة}

ترى ماهذه الغرفة؟ تمتمت بداخلي : {يارب لطفك}.

كانت غرفة الإغتصاب صرختُ صرخةً كادت حبالي الصوتية أن تقطع لشدتها قائلة: لا أرجوكم اتركوني …ابتعدوا عني .

ازداد ارتجاجي بدأ قلبي يرددُ الآية :[وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لايبصرون]

وهم يتجهزون، كانوا اثنين لاأذكرُ أشكالهم سوى أنهم كالكلاب المذعورة، القياني على ظهري ونهشا أخر ماتبقى مني، فأصابني نزيف حاد وتوقف قلبٍ مفاجئ إثرَ الصدمة.

تم نقلي إلى المستشفى العسكري، تلقيتُ ضرباتٍ كهربائية ودخلتُ بسباتٍ لسوء حالتي، لم يكن بيني وبين الموت سوى تلكَ الأجهزة الطبيبة التي تدعي أن دماغي مازال حياً.

كانت الحراسةُ عليَّ مشددةً، أربعُ ورديات كل ورديةٍ (٦) ساعات، بقيادة ملازمٌ يدعى {تيم}.

تيم ليس صارماً بل إنسانياً منذُ اعتقالي وهو يحاولُ انقاذي من قعر الظلم لكنه لم يستطع ْ لأنهُ سيكتبُ نعوة موتهُ بيده، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي استعدتُ فيه عافيتي.

فاتفقَ هو والطبيب {قصي} المسوؤل عن حالتي الصحية على هروبي من المستشفى بحجةِ أنني توفيت بسبب وضعي الصحي الذي دخل في مرحلة اليأس بعد سباتٍ دام شهرين،

وبالفعل تم ذلك… توفيت نرجس قانوناً، امافي الواقع هي على قيد الحياة بروحٍ متفحمة وتحمل هويةٍ بإسم {أمل} لعل الأملُ يطرقُ بابها من جديد.

……

 طالبوا برأس الملازم بعد أن اكتشفت المخابرات أنني لستُ ميتة، وأنهُ السبب في هروبي، لكن خطته نجحت وكان الحظُ حليفنا هذه المرة.

تزوجنا أنا وتيم وأنجبنا نرجس، سافرنا خارج البلاد فور هروبنا، ونجونا بسلام.

ممتنةٌ أنا لقدرٍ أليمٍ جمعني به، فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.

….

إلى الآن مازال شبحُ اعتقالي يطاردني كل فترةٍ في نومي يوقظني برعبٍ فأستعيذُ بالله منه وأعاود النوم مطمئنة بين عائلتي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف