الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خمسٌ وثلاثون عاما من الغياب.. و مازال الصمت يطلق ضحكته الساخرة

تاريخ النشر : 2018-05-24
خمسٌ وثلاثون عاما من الغياب .. و مازال الصمت يطلق ضحكته الساخرة

بقلم : ايهاب القسطاوى

«خمسٌ وثلاثون عاما مضت على رحيل طائر الحزن النبيل ، شاعر الرفض والحرية أمل دنقل "1940-1983" ، الشاعر الذي تميز بشكل واضح من بين أبناء جيله ، وشق له دربا مختلفا، درب التغريد خارج السرب وهو ما عبر عنة "من يقول لا لا يرتوى الا من الدموع" ، وقد اهلة هذا الدرب ليرتقى ضمن قائمة الشعراء العظام الذين لن تجرؤ الذاكرة الشعرية على تجاهلهم ، فهو شاعر الرفض والحرية الذي ، قال : لا تصالح .. ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ ، والرجال التي ملأتها الشروخ ، هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم ، وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ ، لا تصالح ، فليس سوى أن تريد ، أنت فارس هذا الزمان الوحيد ، وسواك .. المسوخ ، لا تصالح .. لا تصالح ، اربعة وثلاثون عامآ على رحيل أمل دنقل آخر من قال مايعبرعنا ، ولد محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل في أسرة تنحدر من صعيد مصر ، وبالتحديد في عام 1940 بقرية القلعة، مركز "قفط" الذى يقع على مقربة بسيطة من محافظة قنا ، وقد كان والده شيخا من مشايخ الأزهر، وقد ترك بة اشد الاثر فى تكوين بنيان وجدانة وقصائده بشكل واضح ، واقترن أمل دنقل بهذا الاسم لانه ولد بنفس العام الذى حصل فيها والده على اجازة العالمية فسماه باسم أمل تيمنا بالنجاح ، وورث أمل عن والده موهبة الشعر فقد كان ينظم الشعر العمودي ، وأيضاً كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي مما أثر كثيراً في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى لهذا الشاعر العظيم ، وفقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيراً واكسبه مسحة من الحزن نجدها تسكن في كل أشعاره ، على اثر ذلك رحل أمل دنقل إلى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا ، والتحق بالقاهرة بكلية الآداب ولكنه لم ينتظم وانقطع عن دراستة الجامعية منذ العام الأول لكي يعمل ، فقدعمل أملموظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ، ثم انتقل بعد ذلك للعمل موظفاً في منظمة التضامن الأفروآسيوي ، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر. كمعظم أهل الصعيد ، ، شعر أمل دنقل بالصدمة عند نزوله إلى القاهرة أول مرة، وأثر هذا عليه كثيراً في أشعاره ويظهر هذا واضحاً في اشعاره الأولى ، مخالفاً لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات ، واستوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة ،عاصر امل دنقل عصر أحلام اكاذيب العروبة مما ساهم في تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبر عن صدمته في أول صيحة شعرية عام 1969 في ديوانه "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ، وهو الديوان الذي جسد فيه الشعور المحتقن عقب نكسة 1967، مستلهمًا قصة زرقاء اليمامة، السيدة العربية ثاقبة البصر، التي كانت ترى على مسيرة ثلاثة أيام ، وحذرت قومها من قدوم العدو مستترًا خلف أغصان الشجر، فكذبوها، فحاقت بهم الهزيمة :

"أيتها العرافة المقدسة

جئت إليك مثخنًا بالطعنات والدماء

أزحف فى معاطف القتلى وفوق الجثث المكدسة

منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء

أسأل يا عذراء عن فمك الياقوت

عن نبوءة العذراء

عن ساعدي المقطوع"

ومجموعته "تعليق على ما حدث "، فقد شاهد أمل دنقل بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة "العار" كامب ديفيد، ووقتها أطلق رائعته "لا تصالح" والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، وكذلك يتجلى تاثير اتفاقية العار وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحاً في مجموعته "العهد الآتي"، كان موقف أمل دنقل من خيانة النظام المصرى واتفاقية العار سبباً في اصطدامه في الكثير من المرات بالنظام وخاصة ان أشعاره كانت تقال في المظاهرات على ألسن الآلاف ، مما عرضة للقهروالتعتيم الإعلامي، ورغم ذلك لم ينحن أمام سياط الجلاد ومحاولة إقصائه عن الساحة وظل يقاوم حتى الرمق الأخير.

لقد عبر أمل دنقل عن مصر وصعيدها وناسها اوجاعها ، وتجلى هذا واضحاً في قصيدته "الجنوبي" في آخر مجموعة شعرية له "أوراق الغرفة8"، حيث عرف القارئ شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" الصادر عام 1969 الذي جسد فيه إلاحساس بمرارة نكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارئ ووجدانه.

صدرت له ست مجموعات شعرية هي :
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة - بيروت 1969.
تعليق على ما حدث - بيروت 1971.
مقتل القمر - بيروت 1974.
العهد الآتي - بيروت 1975.
أقوال جديدة عن حرب بسوس - القاهرة 1983.
أوراق الغرفة 8 - القاهرة 1983.

وقبل اكتشاف امل لا صابتة بالسرطان تزوج أمل دنقل من الكاتبة عبلة الرويني التي كانت تعمل في صحيفة "أخبار اليوم"، حيث التقت به من أجل اجراء حوار معة للصحيفة ، الا ان الحوار انتهى بزواج لم يُمهله الموت وقتًا ، إذ اكتشف "أمل" بعد الزواج بتسعة أشهر أن الورم الخبيث بدأ يعصف بجسدة الضعيف

أصيب "امل دنقل" بالسرطان وعانى منه لمدة تقترب من الثلاثة اعوام وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته "أوراق الغرفة 8" وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته، وهناك أيضاً قصيدته "ضد من" التي تتناول هذا الجانب، والجدير بالذكر أن آخر قصيدة كتبها دنقل هي "الجنوبي".
لم يستطع المرض أن يوقف أمل دنقل عن الشعر حتى قال عنه أحمد عبد المعطي حجازي: "إنه صراع بين متكافئين، الموت والشعر".

رحل أمل دنقل عن دنيانا في 21 مايو عام 1983م لتنتهي معاناته في دنيانا مع كل شيء ، كانت آخر لحظاته في الحياة برفقة د.جابر عصفور وعبد الرحمن الأبنودي صديق عمره، مستمعاً إلى إحدى الأغاني الصعيدية القديمة، أراد أن تتم دفنته على نفقته لكن أهله تكفلوا بها.

وليس افضل من ان اختتم برسالة امل دنقل الى عبله الروينى : "لقد قتلت عبر سنوات العذاب كل أمل في الفرح ينمو بداخلي ، قتلت حتى الرغبات الصغيرة والضحك الطيب ، لأنني كنت أدرك دائماً أنه غير مسموح لي بأن أعيش طفولتي ، كما أنه من غير المسموح أن أعيش شبابي ، كنت أريد دائما أن يكون عقلي هو السيد الوحيد لا الحب ولا الجنس ولا الأماني الصغيرة ، لقد ظللت حتى أعوام قليلة أرفض أن آكل الحلوى ، وأنها في نظري لا ترتبط بالرجولة ، وظللت لا أقبل كلمة رقيقة من امرأة ، لأنني أضطر عندئذ إلى الترقق معها وهذا يعني بلغة إحساس التودد لها، وهو يمثل الضعف الذي لا يُغتفر، وقد لا تعرفين أنني ظللت إلى عهد قريب أخجل من كوني شاعرا ، لأن الشاعر يقترن في أذهان الناس بالرقة والنعومة ، وفجأة ها أنت تطلبين مني دفعة واحدة أن أصير رقيقا وهادئا وناعما يعرف كيف ينمق الكلمات"».
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف