الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

باطل مشتهر: الرشيد في مشهد بقلم:خالد أحمد عبد المجيد

تاريخ النشر : 2018-04-26
باطل مشتهر: الرشيد في مشهد
الحاكم العادل الذي يريد ان يتقرب الى المواطنين ويبني دولة حقيقية عليه ان يتخذ في البدء قرارا صعبا محددا، هذه القرار سيفتح له الطريق الى قلوب المواطنين والى القبول به كحاكم يرتجى منه الخير فيدعمونه وينصرونه ، وهذا احوج مايحتاجه الحاكم الجديد الذي يتولى مسؤولية الحكم. هذا القرار هو اعلان العفو العام عن السجناء.
وهذا بالضبط ما فعله هرون الرشيد حينما تولى الخلافة وهو ابن الثانية والعشرين من العمر، لقد ادرك اهمية هذا الأمر فكان ان اعلن مباشرة عن العفو العام عن السجناء السياسيين والمعارضين والهاربين وسجناء الرأي، فكان عمله مدعاة لوحدة الصف ومدعاة لالتفاف الاطياف الشعبية حول الخليفة الجديد. فأحبته رعيته هذا ماقاله المؤرخون عنه. اهمية مثل هذا القرار يمكن ايضاحه حين تقارن حكمة الرشيد هنا (وهو الشاب الصغير) مع واقع التمزق السياسي والاجتماعي الذي تعانيه بعض بلداننا التي لم تجرؤ ان تتخذ مثل هذا القرار الذي يعيد الأمن والاطمئنان للمجتمع ، فلا اضطهاد ولا خوف وتعسف، وهذا هو الذي لم يحصل،- مع الأسف الشديد- فبرغم تعاقب الرؤساء والحكام فما زال يقبع هناك سجناء رأي وسياسيين وسجناء بتهم كيدية ، وهناك قوانين اجتثاث ومساءلة و...
أنشأ الرشيد وهو يبني دولة على اسس علمية عصرية، انشأ دار الحكمة في بغداد، وقام بتوفير الكتب والمؤلفات والمراجع فيها لتكون في متناول الباحثين والعلماء والدارسين ،. ورصد لدار الحكمة العلماء واطلق حركة الترجمة الى اللغة العربية من كتب الأمم الاخرى كالهند والصين واليونان و... لتنطلق على اثرالحركة العلمية الواسعة النشطة، عجلة الاختراعات والاكتشافات وتتقدم مختلف العلوم، وانما تبنى الدول وتترقى بالانسان والعلم قبل اي شيء آخر ، كما قام بالعديد من الإصلاحات فبنى المساجد ، والقصور التراثية. وأنار الشوارع ووضع القناديل فيها لتضيء عتمة الليل للسابلة. واهتمّ بقطاع الزراعة وشجعها كي يكون الاقتصاد متينا ، ولا يكون المسلم رهين لغيره في طعامه ومعيشته، فأجرى الجداول ووفر الماء لحاجات الزراعة والسكان، وبنى الجسور ليسهل عملية التنقل للناس ، وارتقى بالتجارة بين البلدان.

باعماله المجيدة وانجازاته الرائعة وباعتماده على ذوي الكفاءة والمقدرة من كبار القادة والاداريين استطاع أن يحكم السيطرة على ارجاء الدولة الواسعة، وأن يبهر العالم بقوة وازدهار وحضارة هذه الدولة ، وان يكون كل ذلك ممثلاﹰ وظاهراﹰ جلياﹰ في درة العالم (بغداد الرشيد مدينة السلام).
توفي هذا الخليفة الفذ (رحمه الله) في سنة 193هـ فلكل أجل كتاب،{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{34 سورة لقمان. وكان من الطبيعي ان يواري ثرى بغداد جثمان هذا الخليفة الذي خدمها وجعلها عاصمة الدنيا، ومهوى الأفئدة بلا منازع ، ولكن واقع الحال يقول ان بغداد لم تحتضن رفاته ، وليس له قبر فيها، بل وليس له قبر في أي شبر من أرض العراق!!، أليس في ذلك شيء من الغرابة!، فما الذي حصل وكيف لا يقبر في مركز حكمه ويكون له شاهد تأريخي معروف عند أهل العاصمة!، خاصة وهو على هذا المستوى من الشهرة والعظمة؟ فالأمة التي لاتفخر بعظمائها ليس لها تاريخ وهوية. فياترى أين مات هارون الرشيد، وأين دفن؟.
الرشيد في مدينة مشهد:
لقد وافته المنية سنة (193هـ -809م) ودفن في طوس (أي مدينة مشهد حاليا) وعمره خمس وأربعون سنة، وكانت طوس جزءﹰ من مملكة هارون الرشيد. والتساؤل هو: مالذي حدا بالرشيد ليذهب الى طوس حيث مرض وتوفي هناك؟. ماهوهذا الشيء الذي يفتقده في بغداد من متع الدنيا (ان كان متعلقا بها!!) وذهب يبحث عنه بنفسه في طوس؟. هل كان في رحلة صيد للغزلان والطيور مثلاﹰ كما اعتاد ان يفعل ذلك الكثير من الحكام المتنفذين والامراء والاغنياء في كل الأزمنة والامكنة؟. أو ياترى هل سافر للاسترخاء والاستجمام والتمتع بالجواري والخمور في طوس مما ليس له نظير في بغداد !!.... أين انت يا أبا نؤاس وياأبا حيان التوحيدي وياجرجي زيدان لتخبرونا ما الذي حدا بالخليفة ليخرج بعيداﹰ عن عاصمته في رحلة شاقة يعاني فيها (وهو المترف اللآهي كما تزعمون) ليعاني وعورة الطريق الطويل ويقطع الجبال والوديان في مسيرة شاقة لأكثر من 1700 كيلومتر بعيدا عن عاصمة ملكه ومستراحه؟. ليموت ويدفن هناك، وهو في الخامسة والأربعين من العمر؟؟.
الرد على من قال انه عاش عابثا لاعبا:
الحقيقة والواقع يشهد بأن واقعة وفاته ودفنه في طوس، هي أبلغ رد على من زعم وادعى انه (رحمه الله) كان منصرفا الى اللهو واللعب ومتع الدنيا وملذاتها.وذلك الرد يأتي من وجهين. الوجه الأول: لقد توفى هارون الرشيد (رحمه الله) غازيا، اذ خرج إلى "خرسان" لإخماد بعض الفتن والاضطرابات التي قامت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة طوس "مشهد" مرض واشتدت به العلة، وتُوفي على اثر مرضه ذاك، ودفن هناك في مشهد بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، عدت فترة حكمه العصر الذهبي للدولة العباسية. فرجل يتولى بنفسه حماية الأطراف البعيدة للدولة من الفتن والاضطرابات ويعرض نفسه لخطر الطريق وخطر القتال، لايمكن ان يقال عنه أنه كان لاهيا عابثا. والناس تبعث يوم الحساب على ماتت عليه. وبني له ولده المأمون قبة على قبره سميت آنذاك (القبة الهارونية).

الوجه التاني: إن الإمام على بن موسى الرضا (رحمه الله ورضى عنه) أوصى أن يُدفن بجوار هارون الرشيد (رحمه الله)!! (بحارالأنوار ج: 48 ص: 324)، وهذه منقبة عظيمة لهذا الخليفة الصالح!! اذ أن الامام الرضا هو من اختار مكان دفنه ليكون بجانب الرشيد، والامام الرضا لايخفى عليه حال الرشيد، وهو الذي عاصر حكم الرشيد عشر سنوات، فهو يعلم تمام العلم ان هارون الرشيد من الصالحين، ولم يكن من الفاسقين، والا كيف يوصي ان يدفن بجوارة ، اذ لا يعقل ان يوصي احد من المسلمين ان يدفن بجانب ظالم او فاسق او كافر فكيف بالامام الرضا، الا تشير وصية الامام الرضا الى الألفة والمحبة والعلاقة القوية التي كانت بين الرشيد والامام الرضا، بل ان الرشيد لو أساء لأحد من آل البيت هل كان الامام الرضا ان يوصي بمثل هذه الوصية في ان يدفن بجوار الرشيد؟.

المؤرخون والضريح:
لقد ذكر المؤرخون كابن كثير وابن بطوطة والسيوطي وغيرهم ان الرشيد والامام علي الرضا دفنا تحت قبة واحدة في قبرين متجاورين، وقد وصف ابن بطوطة قبر الإمام الرضا رحمه الله فقال: " وإزاء هذا القبر قبر هارون الرشيد أمير المؤمنين رضى الله عنه , وعليه دكانة يضعون عليها الشمعدانات التى يعرفها أهل المغرب بالحسك والمنائر، وإذا دخل الرافضيّ للزيارة ضرب قبر الرشيد برجله ، وسلم على الرضا " وواضح ان هذا كان حال القبر قديما أيام ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي. ولكن المكان الذي كان يضم ضريحين أصبح اليوم فيه ضريح واحد ، هو ضريح علي بن موسى الرضا فقط، وبالمقابل محي أثر قبر هارون الرشيد، ثم طمر تحت الأسفلت بعد توسعة المكان، وأصبح مداساﹰ لزائري قبر الرضا، وقبل أن يكون قبر الرشيد مداساً، فقد جعلوه مكباﹰ للنفايات ترتفع بالقرب منه لافتة تعرؔف به، يتوقف عندها الزائر فيهيل عليه ما تيسر من السباب والبذاءآت والبصاق، ثم يكمل الزيارة الى ضريح الرضا. وانا يؤسفني انني لم تتح لي الفرصة لزيارة مشهد والضريح ولذا فأنا هنا في هذه الفقرة انما انقل عن الآخرين.

اذاﹰ هنالك فئة أو لنقول شريحة من الناس في القديم وفي الحديث مازالت تتصور أن من حقها أن لا تحترم لا الرشيد ولا قبره ، فهي تحمل أحقاداﹰ تاريخية وضغينة غير منطقية على الرشيد، وقد تسمع بنفسك عند ذكر اسم الرشيد أمام أحدهم فسرعان ما سيبادربسبه ولعنه دون وجه حق، هذا هو الباطل المشتهرالذي ارجو ان يتغير. فهو مشتهر عند فئة معينة من الناس، ربما غيبت عنها الحقيقة ، أو لقنت معلومة خاطئة ، وبالمقابل فمن المؤسف ان لاتتضمن المناهج التعليمية في المدارس في بلداننا فصولاﹰ مطولة توضح سيرة وانجازات هذا الخليفة المفترى عليه ، بغية تلافي هذا الاعوجاج الفكري عند البعض ولتصحيح الصورة وازالة الغبش الذي لحق بالناس ربما عن جهل أو عن تقليد أعمى .ثم تعال وتسائل بأي حق يطمس قبر شخصية عظيمة كشخصية هرون الرشيد الذي أوصى الامام علي الرضا ان يدفن الى جواره ، فان كنا نحب الرضا ونقيم له كل هذا الضريح المبهر، هل الاخلال بوصيته يرضي الرضا (عليه السلام). حسنا من الواضح أن هنالك من لايريدون ان يشارك ضريح الامام الرضا أحد آخر ، اذاﹰ فلماذا لم يخرج قبرالرشيد الى خارج ضريح الامام بدل أن يطمس ويكون مداسا للزائرين، أم أن هذا فعل مقصود!؟. ولم لا تحتضن بغداد رفات الخليفة اليست هي أولى به من أي مكان آخر.

اليوم أمانة بغداد ومجلس محافظتها والوقف السني ودائرة الآثار ووزارة الثقافة وغيرهم ممن يعنيهم الأمر مطالبون بالتحري عن موضع القبر وتحديده، خاصة والعلاقة مع الجارة ايران في هذه الفترة وطيدة، فما دام القوم لا يحبونه وطمسوا قبره وجعلوه مداسا للزائرين فلا اقل من أن تتحرك الجهات الرسمية والشعبية العراقية لاجراء الاتصالات الضرورية للتفاهم والتفاوض وليتم نقل رفات الخليفة هارون الرشيد الى بغداد، وأن يتم النقل بكل الاحترام والاكرام في موكب رسمي وشعبي لائق بخليفة عظيم ليتم دفنه في عاصمته العظيمة، ولتعيد بغداد لهذا الخليفة العظيم اعتباره فهو أهم رمز من رموزها لا ينبغي التفريط فيه ، ويبرز مصداقية وواجب بغداد تجاهه.

خالد احمد عبد المجيد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف