الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

السلامة والصحة المهنية ودورها في التنمية البشرية والحد من البطالة اعداد د. سلامه أبو زعيتر

تاريخ النشر : 2018-04-26
السلامة والصحة المهنية ودورها في التنمية البشرية والحد من البطالة اعداد د. سلامه أبو زعيتر
بسم الله الرحمن الرحيم
22/4/2018
ورقة عمل بعنوان:
" السلامة والصحة المهنية ودورها في التنمية البشرية والحد من البطالة"
اعداد/ د. سلامه أبو زعيتر
عضو الامانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين

مقدمة:
ارتبط العمل بالوجود الانساني، وحياة الفرد والمجتمع لضمان استمراريته وترسيخ استقراره وأمنه، وحتى لا يصبح هذا العمل عائقا يهدد ويشكل خطر عليهم، لابد أن يكون عملا لائقاً ومأموناً، يساهم في تعزيز قدرة العمال في الإنتاج كمّاً ونوعاً، ويضمن سلامتهم وصحتهم وتمتعهم بالحماية والرفاه الاجتماعي، وتعتبر الوقاية السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل من الحوادث والإصابات والأمراض المهنية على مستوى المنشأة حجر الزاوية للعمل الامن، في ظل التطور التقني والصناعي والتكنولوجي الذي شهدته المجتمعات، وما صاحبه من تطور في الآلات والماكنات ووسائل الإنتاج، نتج عنه الكثير من المخاطر التي ينبغي على الإنسان إدراكها وأخذ الحذر والحيطة من الوقوع في مسبباتها، بالإضافة لما تلعبه ظروف الانسان العامل الصحية والنفسية في المخاطر، وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى حدوث أكثر من 2.3 مليون حالة وفاة سنويا، و300 مليون حادث يسبب إصابات في مكان العمل كل عام ، أي أن هناك عامل يموت جراء حادث عمل أو مرض مهني كل 15 ثانية، ويتعرض تقريبا 60 عاملاً لحادث عمل كل 15 ثانية، بينما يموت 5760 شخص يومياً جراء الحوادث المهنية أو الأمراض ذات العلاقة بالعمل، غير أن هذه التقديرات لا تكشف تماماً حجم المشكلة، ولا الأثر الحقيقي للحوادث والأمراض المهنية على العمال، والأسر، والاقتصادات، لكنها مؤشر فحجم التكلفة الإنسانية جراء ذلك كبيرة ولا تقدر بمال، كما أن التكلفة الاقتصادية لسوء التصرف في مجال السلامة والصحة المهنية تكلف العالم 4% من مجموع الناتج العالمي الاجمالي .
لقد أصبح لا يخفي علي أحد ضرورة ودور السلامة والصحة المهنية بالمجتمع وأثارها علي الصناعة والنمو الاقتصادي وتقدم الانسان العامل ورقيه، والحفاظ عليه باعتباره أهم أحد أهم مقومات الاقتصاد وعناصره، فسلامه وصحة العامل وأسرته لا تقل عن أهمية عن زيادة الإنتاج وجودته وتخفيف التكاليف المتعلقة به؛ وأصبحت للصحة والسلامة المهنية أنظمة وقوانين يجب على العاملين معرفتها، وعلى المشغلين تطبيقها وعدم السماح بتجاوزها، وخلال هذه الورقة سنحاول الاجابة عن التساؤل الرئيسي: ما دور السلامة والصحة المهنية في التنمية البشرية والحد من البطالة، وذلك بالإجابة عن التساؤلات التالية: ماهي مفاهيم ودور الصحة والسلامة المهنية؟ وما هي علاقتها بالتنمية البشرية ودورها في الحد من البطالة؟ وما هي المسؤوليات وطبيعة التحديات والمعيقات لتطبيق معايير السلامة والصحة المهني؟ وما هو التصور المقترح للتدخل لتطبيق معايير واجراءات السلامة الصحة المهني وإحداث التنمية البشرية والمساهمة في الحد من البطالة؟
اولا/ أهداف ورقة العمل:
- التعرف على مفاهيم ورقة العمل (السلامة والصحة المهنية -التنمية البشرية -الحد من البطالة).
- الوقوف على واقع ومعايير السلامة والصحة المهنية الدولية والعربية والمحلية.
- الكشف عن دور السلامة والصحة المهنية واحداث التنمية البشرية والحد من البطالة.
- التعرف على المسئوليات والتحديات لتطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية.
- تقديم تصور مقترح وتوصيات للتدخل في تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية.
ثانيا/ مفاهيم ورقة العمل:
لفهم دلالات المعاني المصطلحات موضوع ورقة العمل وهي الصحة والسلامة المهنية-التنمية البشرية-الحد من البطالة)


1- السلامة والصحة المهنية:
هو العلم الذي يهتم بالمحافظة على سلامة وصحّة الإنسان العامل، ويتم عن طريق توفير البيئة المناسبة والآمنة التي تخلو من أي مسببات للحوادث، والإصابات، أو الأمراض المهنيّة، وبناءً على ذلك يمكن تعريف مفهوم الصحّة المهنيّة بأنها مجموعة من القواعد، والإجراءات الموضوعة في إطار تشريعيّ، بهدف حماية الإنسان والممتلكات المرتبطة بمهنة معينة ، وتعرف بأنها جميع الاجراءات الوقائية والصحية التي تهدف الى حماية كل عامل ذي مهنة من التعرض لإصابات العمل أثناء العمل أو بسببه أو أثناء الذهاب اليه أو الاياب منه، أو بسبب التعرض لأي من الامراض المهنية .
أي تعني الحفاظ على صحة العمال، والوقاية من الوقوع بأي أضرار صحية على شكل حوادث عمل تنجم عن ممارسات مهنية خطيرة، وترتبط بعناصر بيئة العمل التكنولوجية والمادية، ودورها في الحفاظ على صحة العمال، من الأضرار الناجمة عن الحوادث المرتبطة بالعمل ليكون قادرا على القيام بمهامه ووظيفته لما يساهم ذلك في زيادة وجودة بالإنتاج مما يحقق التنمية البشرية والاقتصادية.
2- التنمية البشرية:
عملية تنموية مقصودة وفق استراتيجية، وخطط لتمكين العمال وتوسيع نطاق الخيارات المتاحة أمامهم لتحسين مستوى معيشتهم، وبيئة عملهم بالتأهيل والإرشاد والتدريب ورفع القدرات وتنمية المهارات، وتطويرها بشكل تقدمي مبدع ومؤثر في حدود مبادئ العدالة والإنصاف، في ظل المتغيرات المحيطة سواء على المستوى المحلى أو العالمي، والتي لا بد أن تتلاءم مع الواقع الفلسطيني .
3- الحد من البطالة:
لندرك مفهوم الحد من البطالة يجب الوقوف على تعريف البطالة والتي تعني وجود فرد في المجتمع قادر على العمل، وسلك كل الطرق للبحث عنه، ولم تُمنح له فرصة لإيجاده لأسبابٍ كثيرة، منها قلّة فرص العمل في المجتمع، وعادة ما تقاس البطالة بمعدلات البطالة، والتي تعرف بنسبة قوة العمل الغير عاملة ، وبناء عليه نعني بالحد من البطالة في ورقة العمل بأنها المقدرة على التدخل لمواجهة البطالة وتوسيع قاعدة الاستثمار والتنمية بالإنسان والحفاظ على صحته بتطبيق معايير واجراءات الصحة والسلامة المهنية مما يساهم بزيادة وتحسين الانتاج وتخفيف حوادث العمل وتكاليفها، ويساعد في خلق فرص عمل جديدة والتوسع في مجالات العمل كنتيجة طبيعية لانخفاض التكاليف وزيادة الارباح والنمو الاقتصادي.
ثالثا /أهمية السلامة والصحة المهنية:
تعتبر السلامة والصحة المهنية من أساسيات التنمية المستدامة، حيث تساهم بشكل رئيسي في تنمية الاقتصاد الوطني لاهتمامها بالإنسان العامل وبيئة العمل والحفاظ على استمراريتها بشكل لائق وآمن، وتعتبر بيئة العمل من المحددات الرئيسية لسلامه وصحة العامل، فظروف العمل غير الآمن قد تؤدي للكثير من مخاطر العمل التي تهدد صحة العامل، وتنعكس على أداء العمل والقدرات الانتاجية، فهناك علاقة طردية بنفس الاتجاه بين صحة العامل وقدرته على العمل، فالعمال الأصحاء والذين يتمتعون برعاية وخدمات صحية في بيئة العمل أدائهم للعمل أفضل ويساهم ذلك بشكل فعال في زيادة وتحسين جودة الإنتاج.
وعليه فإن تطبيق اجراءات السلامة والصحة المهنية له دور في زيادة الانتاج والحفاظ على العمالة الماهرة، ويقلل الوقت المفقود في عملية الانتاج ويخفض التكلفة المباشرة وغير المباشرة للحوادث، ويساهم ذلك في الحفاظ على سلامة صحة العامل الجسدية والعضوية والنفسية وبالتالي يحافظ على مصدر دخله المادي واستمرارية في الحياة والمشاركة في العمل، فالغياب عن العمل بسبب العلاج من إصابة ما، يؤدى الى خصم من الراتب أو لفقدان الوظيفة، وهذا يؤثر سلبا على العامل والعمل، وعند الحديث عن تنمية بشرية لا نستطيع تحقيق الهدف بعيدا عن مراعاة واقع العامل وصحة العمل، فالصحة المهنية تعتبر من أهم وسائل التنمية الاقتصادية الاجتماعية وأهدافها وهي نظام يوفّر ولا يبذر، وضرورة ملحة للحكومات وأصحاب العمال والعمال، وكل المواطنين والمشاركين في العملية الانتاجية والتنمية الاقتصادية.
رابعا/ واقع القانوني للصحة والسلامة المهنية:
تشير الدراسات المتخصصة في تحليل بيئة العمل بأنها تعتمد على عنصرين أساسيين وهما العنصر البشرى ويمثله العامل، العنصر الثاني ويمثله الامكانات المتاحة من بنية أساسية ومعدات وطاقة، ولفهم الواقع ولتحسين ظروف وبيئة العمل نحتاج لوجود نظام يحكم العنصر البشرى ويوجهه الى الصواب ويحذره من الخطأ المتعمد أو غير المتعمد، وذلك باتباع التعليمات السليمة في العمل واستخدام العناصر المادية، وهناك العديد من المصادر والتشريعات التي تنص على أهمية حماية ووقاية صحة العامل من المخاطر والاصابات الامراض المهنية، ومنها الدولية والعربية والمحلية حيث تنص معايير العمل الدولية على ضرورة تطبيق معايير واجراءات السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل، وتعالج معظم الصكوك التي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي في هذا المجال المشاكل التقنية المتعلقة بظروف الوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، وقد أخذت هذه الصكوك في عين الاعتبار التطورات التكنولوجية والعلمية، وكذلك تطور الممارسات التنظيمية للعمل داخل المنشأة وتتضمن أحكامها التزامات ملزمة وبالغة الدقة .
كما وأكدت منظمة العمل العربية على حماية حياة العمال وصحتهم انطلاقاً من مسؤوليتها في تحسين ظروف وشروط العمل والنهوض بمستوى السلامة والصحة المهنية على المستوى العربي، وذلك من خلال العديد من المواد القانونية التي تنص على ضرورة حماية العمال من المخاطر المهنية وتحسين شروط وظروف العمل ورفع الوعي الصحي وتعزيز الثقافة الوقائية على المستوى الوطني؛ للتعرف على مخاطر بيئة العمل وسبل السيطرة عليها، بغرض الوقاية من الإصابات والأمراض المهنية والمرتبطة بالعمل، وضمان بيئة عمل آمنة وسليمة، كما هدفت معايير العمل العربية إلى النهوض بتشريعات العمل العربية وتطويرها وتحقيق التماثل بينها ،
كما أكد القانون الأساسي المعدل، وقانون الصحة العامة الفلسطيني علي السلامة والصحة المهنية للإنسان وتنظيم اجراءاتها بمواده (31،32،33،34)، وتضمن قانون العمل الفلسطيني بمواده في الفصل الرابع على ضرورة توفير بيئة عمل أمنة ومراعاة معايير السلامة المهنية وأن تلزم المنشاة بإصدار التعليمات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية ولائحة الجزاءات الخاصة بها ، وأن توضع هذه التعليمات بعد مصادقة وزارة العمل عليها في أماكن ظاهرة في المنشأة، وهذا بهدف الوقاية والحد من أصابات العمل والمخاطر المهنية في بيئة العمل، ورغم ذلك سجل خلال عامي 2016 و2017 تزايد ملحوظ في أصابات العمل، وهذا يدعو لمزيد من الاهتمام بمتابعة ظروف العمل ومدي التزام المشغلين بمعايير واجراءات السلامة المهنية، لما لذلك من أثر على صحة وسلامه العمال في المشاغل ومواقع العمل، وانعكاس على أدائهم في العملية الانتاجية.
خامسا/ السلامة المهنية ودورها في التنمية البشرية:
تعد القوى العاملة ركيزة التنمية ومحركها الأساسي، في ظل التطور الهائل في أساليب العمل الفني والتكنولوجي، والاهتمام بالسلامة والصحة المهنية وتوفير بيئة العمل الامنة للإنسان العامل، حيث تسعى المؤسسات التشغيلية بتنفيذ اجراءات السلامة المهنية بهدف الوصول إلى إنتاج جيد من دون حوادث وإصابات، فقد أصبحت السلامة المهنية ضرورة من ضروريات التنمية وتحسين الإنتاج لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية، وباعتبارها متطلب لمعايير الجودة وتحسين الاداء والتنمية البشرية والاقتصادية، فحماية العنصر البشري من الإصابات الناجمة عن مخاطر بيئة العمل، والحد من تعرضهم للحوادث والإصابات والأمراض والمخاطر المهنية وتوسيع خياراتهم بالحياة وتنمية قدراتهم والحفاظ على مقـومات العنصر المادي في بيئة العمل بما تحتويه من أجهزة ومعدات من التلف والضياع نتيجة للحوادث، يساهم في زيادة وتحسين الانتاج، وتخفض التكاليف، وهذه نتيجة لتنفيذ كافة اجراءات السلامة والصحة المهنية التي تكفل توفير بيئة آمنة تحقق الوقاية من المخاطر للعنصرين البشري والمادي.
فتطبيق وتنفيذ السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل يعزز شعور الانسان العامل بالأمان والطمأنينة أثناء قيامه بأداء أعماله الوظيفية، وهذا يساهم في الحـد من نوبات القلق والخوف الذي ينتابه، وهو يتعامل بحكم عمله مع أدوات ومواد وآلات يكمن بين ثناياها الخطر الذي يتهـدد حياته، وتحت ظروف غير مأمونة قد تعرض حياته بين وقت وآخر لأخطار مهنية تهدد بإصابات عمل وأمراض مهنية، فالاهتمام به وتنمية مهاراته وقدراته حول سبل وطرق السلامة والصحة المهنية يعزز طاقاته ومهارته وطاقاته الانتاجية ويحقق هدف ومؤشرات التنمية البشرية، وذلك بتحسين وتوسيع خيارات الانسان العامل الصحية، وهذا يعتمد على التخطيط الفني السليم والهادف لأسس الوقاية من المخاطر في مكان العمل، وطبيعة الموارد البشرية ومهاراتها، وعملية التوجيه والرقابة والمتابعة، والادارة السليم والانضباط للقوانين والتشريعات النابعة من الحاجة إلى تنفيذ هذا التخطيط، والتنفيذ المبنى على الأسس العلمية السليمة أثناء العمل وعملية الانتاج وذلك بتوفير الأجهزة الفنية المتخصصة لضمان استمرار تنفيذ خدمات السلامة والصحة المهنية بكفاءة عالية.
نستنتج مما سبق بأن للسلامة والصحة المهنية دور في التنمية البشرية، حيث تستهدف برامجها واجراءاتها الوقاية وحماية الانسان العامل وصحته البدنية من خلال بناء قدراته، وتنمية مهارته بالتدريب والتوعية والتثقيف الصحي، وتمكينه من مفاهيم وموضوعات في مجال السلامة والصحة المهنية وكيفية التعامل مع الآلات والادوات بمهنية مع مراعاة اجراءات السلامة، واستخدام الوسائل والادوات المطلوبة للوقاية من أي مخاطر مهنية بهدف حماية حياته ورفع كفاءته المهنية، فصحة الانسان العامل واكتسابه المعرفة وتحسين مستوى معيشته بشكل اللائق، هي الابعاد والمعايير التي يمكن القياس عليها لمدي تحقيق مستوى التنمية البشرية والتي تعني توسيع خيارات العمال عن طريق بناء وتطوير قدراتهم لعيشوا حياة مديدة وصحية ويحظوا بالمعرفة والعيش الكريم واللائق باعتبارهم المورد الأساسي والأسمى في عملية التنمية، وهم المحدد الرئيسي لها، والتي تشكل بمجملها نتاجاً لإدراكهم بقوتهم الكامنة، وقدرتهم على وتوظيفها؛ لتحسين واقعهم وظروف عملهم وإنتاجهم، والاستثمار الأمثل للإمكانيات والموارد والقدرات؛ لعديل السلوك وتطوير الإمكانيات العمالية والبيئية المتاحة، بهدف الحفاظ على السلامة المهنية في بيئة العمل والوقاية من أي مخاطر أو ممارسات مهنية خطيرة ترتبط بعناصر بيئة العمل التكنولوجية والفيزيائية؛ وتتسع خيارات السلامة والصحة المهنية ودورها في التنمية من خلال:
- إتاحة الفرصة أمام الانسان العامل للوصول إلى مزيد من المعرفة بمجالات السلامة والصحة المهنية، من خلال التدريب والتعليم والتثقيف الصحي، بهدف تزويده بالمعلومات والمعارف المطلوبة والضرورية لتنمية وعيه وثقافته ولإعادة توظيفها في حياته العملية والمهنية.
- مواصلة التعليم والتدريب الصحي للعمال وتنمية قدراتهم ومهاراتهم لمواكبة التقدم في مجال السلامة المهنية، وتمكينهم في مختلف الجوانب الصحية المهنية.
- توفير الرعاية الصحية من خلال الاهتمام بصحة الانسان العامل ورعايته حتى يعيش حياة طويلة متمتعاً بصحة جيدة في مراحل حياته المهنية.
- مراعاة مبادئ ومعايير واجراءات السلامة والصحة المهنية؛ للحفاظ على صحة العمال من أضرار حوادث العمل، أو ممارسات مهنة خطرة ترتبط بعناصر بيئة العمل التكنولوجية والمادية.
سادسا/ السلامة والصحة المهنية والحد من البطالة:
تقوم السلامة والصحة المهنية على الوقاية والحماية للعمال من المخاطر المهنية وخلق بيئة عمل أمنة تقوم على أسس سليمة وإيجابية، تحفيز العاملين علي تحدي الظروف الموجودة لخلق مناخ عمل مناسب، وذلك بإتباع أحدث الوسائل التكنولوجية المتاحة للإقلال من حدوث أي مخاطر في مناطق العمل والحفاظ على سلامة العامل من الاصابات، وكذلك الحفاظ على المعدات والآلات من التلف، للحد من أصابات العمل والخسائر، وايجاد بيئة عمل نظيفة تساعد العاملين على اعطاء المزيد من الانتاج والاستمرارية في العطاء، حيث تشير معظم الدراسات والابحاث إلى أن الانسان العامل الذي يتمتع بصحة بدنية جيدة، ويعمل في بيئة عمل آمنه وظروف عمل مناسبة تكون قدرته الانتاجية عالية، وهذا يساهم في زيادة وتحسين جودة الانتاج وإحداث تنمية اقتصادية وخلق فرص عمل جديدة واتساع في مجالات العمل، واستحداث وظائف متخصصة لتحقيق أهداف السلامة والصحة المهنية، مما يساعد بشكل مباشر وغير مباشر في تخفيف حدة البطالة ويتحقق ذلك من خلال التالي:
- توفير فرص عمل جديدة كنتيجة طبيعية لتخفيف التكاليف وزيادة الانتاج، وتحقيق مزيد من الارباح وازدهار في العمل.
- تأهيل بيئة العمل واستحداث وظائف نوعية متخصصة في مجال السلامة والصحة، والتي تتسم وظائفها بالقيمة العالية خاصة في قطاع الانشاءات والمنشآت الصناعية والخدماتية ذات الصلة.
- استحداث وظائف متخصصة بالسلامة المهنية جديدة في مواقع العمل كمشرف ومراقبي ومرشد وأخصائي سلامة مهنية في بيئة العمل، وذلك لتشغيل خريجين المعاهد والجامعات التخصصية في مجال السلامة والصحة المهنية.
- استحداث فرص ووظائف كمثقفين ومدربين في مجال السلامة والصحة المهنية لتدريب وتأهيل العمال على أداء العمل بالطرق السليمة ...
نستنتج من ذلك الى ان الاهتمام بتطبيق اجراءات السلامة والصحة والمهنية في بيئة العمل سيؤدي لاستحداث فرص عمل وظائف جديدة تفتح المجال أمام الشباب للالتحاق للعمل بمهن جديدة مطلوبة في سوق العمل، وهذا يساهم في خلق فرص عمل والحد من البطالة.
سابعا/ المسئولية والتحديات لتطبيق اجراءات الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل:
تقع مسئولية السلامة والصحة المهنية على عاتق عدة جهات مختلفة في المجتمع، منها جهات حكومية وعمالية وأصحاب عمل، وجميعها تتقاطع بهدف توفير ظروف وبيئة عمل أمنه وحماية ووقاية الموارد البشرية والمادية من المخاطر والاصابات والامراض المهنية، والحفاظ على المعدات والماكنات من التلف، ولكنها تواجه العديد من التحديات في تطبيق معايير واجراءات الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل وذلك حسب الجهة ذات العلاقة (الحكومة – المشغلين-نقابات العمال):
1- الحكومة:
تتقاطع العديد من الوزارات والهيئات الحكومية في مهمة ووظيفة توفير بيئة عمل آمنة، لكن تعد وزارة العمل هي جهة الاختصاص لتنفيذ تشريعات العمل التي نصت عليها القوانين، من خلال دوائرها المختصة عن التفتيش، والتي تفتش على شروط وظروف العمل المختلفة ونظـراً لأهمية موضوع السلامة والصحة المهنية هناك دائرة بالوزارة مختصة مهمتها الوقـوف علـى ظروف العمل والتحقق من سلامتها، وتطبيق المعايير الخاصة بها من خلال طاقم فني من المختصين والمؤهلين، كي يقوموا بالمهام الملقاة على عاتقهم في التفتيش على ظـروف العمـل وتحقيـق شـروط السلامة وفق المعايير التي أقرتها التشريعات، كما تناط هذه المهمة أيضاً بجهات حكومية ذات علاقة بوزارات العمل كوزارة الصحة والبلديات ووزارة التربية والتعليم وهيئة الضمان الاجتماعي ...الخ، وبرغم كل الجهود المبذولة تواجهه الحكومة العديد من التحديات التي تحول دون قدرتها على القيام بواجباتها ويمكن تلخيصها التالي:
- قلة عدد المفتشين والمختصين والمؤهلين في دائرة الصحة والسلامة المهنية بالإضافة لضعف الامكانيات من وسائل وأجهزة وتقنيات للعمل.
- ضعف الوعي لدي المشغلين بأهمية مراعاة اجراءات الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل.
- ضعف وعي العمال حول اجراءات الصحة والسلامة المهنية وعدم اللجوء للوزارة في حال وجود خروقات بالعمل وعدم التوجه بشكوى ضد المشغلين.
2- المشغلين:
يعتبر صاحب العمل أو من ينوب عنه المـسئول الأول عـن تطبيق اجراءات السلامة المهنية في بيئة العمل وفق القانون، ويتحمل مسئولية سـلامة موارد المؤسسة من موارد بشرية وآلات وتجهيزات ومباني ونظام العمل، وتمتـد مـسئوليته لتشمل أي شخص في مواقع العمل أو في مباني المؤسسة، حتى ولو لم يكن من العـاملين فـي منشأة العمل، فمن واجب إدارة العمل على وضع الخطط الوقائية المناسبة، وتحديـد الاختصاصات والمسئوليات في تنفيذها، كما عليها أن تعمل علـى رصد ميزانية مخصصة لتحقيق السلامة والصحة المهنية داخل العمل بهدف حماية صحة الانسان العامل والحد من المخاطر المهنية وإصابات العمل وأمراض المهنة، وعلى صاحب العمل توفير وسائل وادوات السلامة والصحة المهنيـة داخـل المنشآت الصناعية، وعلى العمال والجهات ذات العلاقة الالتزام بها، وفي ظل هذه المسؤولية لتوفير بيئة عمل آمنة ومناسبة يواجه المشغلين العديد من التحديات الاشكاليات لتطبيق معايير واجراءات السلامة المهنية في بيئة العمل:
- عدم التزام العمال باستخدام وسائل وأدوات الصحة والسلامة المهنية وعدم التقيد بالتعليمات الصادرة عن أصحاب العمل حول ذلك.
- ارتفاع اسعار وتكاليف وسائل وادوات السلامة والصحة المهنية.
- ضعف الوعي لدي العمال حول أهمية استخدام الادوات والوسائل للسلامة والصحة المهنية.
- غياب الكفاءات المتخصصة والمهنية في مجالات السلامة المهنية في بيئة العمل.
3- النقابات العمالية:
تعتبر أحد أهم مسئوليات النقابات العمالية الدفاع عن حقوق العمال بتوفير بيئة عمل آمنة وتحسين شروط وظروف العمل، ومن المهام أيضا المساهمة في تقديم التوعية والتوجيه والتثقيـف للعاملين من خلال نشر المعلومات العلمية الحديثة حول مخاطر العمل وأسس الوقاية والسلامة، وكذلك عقد ورش العمل والندوات والمحاضرات، وإصدار النشرات والبيانات، وإجراء الزيارات الميدانية التوجيهية والترشيدية للعمال، والتدريب والتمكين والتمهير على أساليب الحماية والسلامة من العمل، كما تسعى للتفاوض حول تحسين ظروف وشروط العمل مع أصحاب العمـل، وعقد اتفاقيات عمل جماعية تتناول تحسين ظروف بيئة العمل، وتطبيق معايير العمل الامن واجراءات السلامة المهنية ورغم هذا الدور الا ان النقابات تواجه العديد من الاشكاليات أهمها:
- ضعف المصادر والموارد المالية لتمويل البرامج والانشطة التدريبية والتوعوية في مجال الصحة والسلامة المهنية.
- عدم اهتمام العمال بموضوعات الصحة والسلامة المهنية في ارتفاع نسب البطالة وقلة فرص العمل.
- ضعف الوعي لدي العمال حول الصحة والسلامة المهنية، فهناك تقع مسئولية على العمال للالتزام بإجراءات السلامة المهنية خلال قيامهم بالعمل وفقاً للطرق الآمنة لمزاولة العمل، وإتباع تعليمات ونظم السلامة والصحة المهنية وتقديم الاقتراحات اللازمة لمنع الإصابات والحوادث، كما يجب عليهم التعهـد بعـدم القيام بأي أعمال لا يتقنوها ولم يتدربوا على القيام بها.
- غياب سبل الحوار والعمل المشترك مع المشغلين وضعف التواصل مع العمال وزيارتهم في بيئة العمل.
- صعوبة عقد لقاءات توعوية في أماكن العمل لأسباب تتعلق بالمشغلين.
ثامنا/ التصور المقترح للتدخل والتوصيات:
في إطار تطوير العمل لتحسين بيئة العمل من خلال تطبيق اجراءات الصحة والسلامة المهني هناك العديد من الخطوات التي يجب العمل عليها لإحداث التدخل المطلوب ومنها التوصيات والمقترحات التالية:
- ضرورة العمل على تعزيز التوجهات لدي الباحثين في الجامعات والكليات والمعاهد لأجراء مزيد من الدراسات المتخصصة الاستكشافية والتحليلية والمعمقة حول الصحة والسلامة المهنية وعلاقتها بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والتنموي.
- ضرورة العمل على زيادة الوعي المجتمعي بنشر ثقافــة السلامة والصحة المهنية، وتوعية العمـال وأصحاب العمل بأهميتها ودورها في الحفـاظ على مواردنا البشرية والوقايـة من مخاطـر بيئة العمل.
- الاستثمار بالإنسان العامل من خلال الحفاظ على صحته وتنمية قدراتها الإبداعية والابتكارية وإكسابه المهارات المتجددة اللازمة للتعامل مع التقنيات والتكنولوجيات الحديثة باعتبارها القوة الدافعة الحقيقية والمحركة للتنمية الاقتصادية.
- العمل على تعزيز علاقات العمل بالشراكة الحقيقية في تطبيق اجراءات السلامة المهنية بين أطراف الانتاج الثلاثة (الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال) بفاعلية، حيث يعد تنظيم واقع العمل، وتوفير التدريب والمعلومات للعمال، وتعزيز أنشطة التفتيش والرقابة، ومراعاة معايير العمل الامن، والالتزام بها وفق القانون واتفاقيات العمل الصادرة عن منظمة العمل العربية والدولية، هو الطريق والسبيل الهادف لتحقيق الوقاية والامن الصناعي في العمل، وأن يكون هناك حوار اجتماعي أكثر فعالية بشأن قضايا الصحة والسلامة المهنية بين أطراف الانتاج.
- انشاء قاعدة بيانات من خلال رصد توثيق وحصر التجاوزات وكافة المعلومات والبيانات عن الصحة والسلامة المهنية من مصادر موثوقة للمساعدة في وضع الخطط وتحديد الأولويات للتدخل، لما يساعد ذلك في اكتشاف الأخطار الجديدة والمخاطر الناشئة، وتحديد القطاعات الخطرة، ووضع تدابير الازمة والوقائية، فضلاً عن تنفيذ سياسات ونظم وبرامج على المستويين الوطني والمؤسسي، كما تساعد هذه البيانات في الكشف المبكر عن الأمراض المهنية وتشخيصها، فضلاً عن اتخاذ تدابير للاعتراف بها والتعويض عنها.
- تطوير عمل الهيئة الوطنية للسلامة والصحة المهنية وتوسيع تتمثل الوزارات الهيئات المعنية ومنظمات أصحاب العمل والنقابات العمالية والمؤسسات العامة والأهلية ذات العلاقة بهدف التنسيق مع كل الجهات المعنية والمشاركة في تنفيذ سياسة وطنية متسقة مع اهداف ومهام ودور السلامة والصحة المهنية.
- العمل على تطوير وتنشيط قدرات جهاز التفتيش في وزارة العمل، وتعزيز التنسيق في الانشطة بين دائرة التفتيش وكل الجهات ذات العلاقة بشؤون السلامة والصحة المهنية في الوزارات الأخرى.
- إشراك منظمات أصحاب الأعمال والمنظمات العمالية في شتى أنشطة السلامة والصحة المهنية وذلك اعترافاً بالمسؤوليات والواجبات الملقاة عليهم ومن أجل ضمان حقوق العمال والتعامل مع هذه المنظمات بجو تعاوني صريح وشراكة حقيقية.
- مشاركة مؤسسة الضمان الاجتماعي في كل أنشطة السلامة والصحة المهنية وتنظيم الدورات التدريبية والعمل مع الجهات المعنية الأخرى على تشجيع وترويج أسس السلامة والصحة المهنية على صعيد المنشأة نظراً لما لهذه المساهمة من مردود إيجابي.
- عمل دليل متكامل بالمؤسسات والمنشآت الصناعية العاملة في فلسطين وفقاً لحجمها، ونوعها مع تحديد الأخطار وتصنيفها.
- المشاركة في التخطيط والتنفيذ للبرامج والمشروعات المتعلقة بتطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، ومنها المحافظة على صحة وسلامه الانسان العامل في مواقع التعليم والتدريب والعمل، وكذلك الاهتمام بتدريب المدربين في مؤسسات التعليم والتدريب المهني حول السلامة المهنية، وإدخال مساقات متخصصة بالسلامة والصحة المهنية في مناهج وبرامج التعليم والتدريب المستمر والتدريب المهني السريع.
- ضرورة العمل على الزام كل مشغل بتطبيق ومراعاة الاجراءات القانونية في بيئة العمل، من خلال توفير وسائل وأدوات الصحة والسلامة المهنية، ومتابعته لوضع لائحة جزاءات توضح العقوبة في حال عدم الالتزام من قبل العمال باستخدام وسائل الصحة والسلامة المهنية.
- على النقابات العمالية أن تلعب دورا فعالا في تعزيز وعي وثقافة العمال حول الصحة والسلامة المهنية وأهميتها لحماية صحة العمال والحد من مخاطر العمل والوقاية من الاصابات والامراض المهنية.
- التنسيق مع منظمة العمل الدولية ومطالبتها بتقديم العون الفني الدعم لتمويل برامج وأنشطة السلامة والصحة المهنية لدى الشركاء الاجتماعيين عمال وحكومة وأصحاب عمل.
- ضرورة العمل من قبل كل أطراف الانتاج الثلاثة (حكومة – اصحاب عمل- عمال) لدعم أنشطة السلامة والصحة المهنية الخاصة بالصحة والحقوق، وتشجيع البحث العلمي في أحسن الطرق للإرشاد الصناعي، وتنظيم المؤتمرات الدورية بين هيئات التفتيش الحكومية وأصحاب العمل وكـذلك العمـال، لاستعراض حالات الحوادث وبحث مقترحات تحسينها.
- ضرورة العمل على تطوير سياسات التعليم العالي لاستحداث تخصص أكاديمي مهني في مجال السلامة والصحة المهنية لتخريج مشرفين مرشدين ومراقبين صحة وسلامه مهنية متخصصين للعمل في مواقع العمل لمتابعة تنفيذ وتطبيق اجراءات الصحة والسلامة المهنية وتوعية العمال بتوفير بيئة عمل أمنة.
- العمل على تفعيل وسائل الإعلام بكافة أنواعها وحثها لتخصيص الجهود اللازمة والكفيلة بترويج السلامة والصحة المهنية على الصعيد الوطني وتوعية المجتمع في هذا المجال.
هذا والله ولي التوفيق.....
المراجع:
- المركز الاستشاري الهندي للسلامة المهنية: موقع الكتروني، http://kenanaonline.com/users/heshamaly/posts/410650
- المعرفة: موقع الكتروني، https://www.marefa.org
- روز حسني: موقع الكتروني وطني، http://www.wataninet.com/2016/04
- سلامه ابو زعيتر: دور النقابات العمالية في التنمية البشرية، دراسة دكتوراه، غير منشورة، معهد البحوث، القاهرة 2014.
- قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة2004.
- قانون العمل الفلسطيني رقم7 لسنة 2000، الفصل الرابع السلامة والصحة المهنية.
- مركز الديمقراطية وحقوق العاملين في فلسطين: الصحة والسلامة المهنية، رام الله، الطبعة الثانية، ايار 2005.
- منظمة العمل الدولية: البيانات الدقيقة تساهم في انقاذ الارواح، موقع الكتروني، http://www.ilo.org/global/about-the-ilo/how-the-ilo-works/ilo-director-general/statements-and-speeches/WCMS_551733/lang--ar/index.htm
- منظمة العمل العربية: موقع الكتروني، http://alolabor.org/?p=9834
- مؤتمر العمل العربي: حماية بيئة العمل من التلوث، تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية، البند الأول / القسم الأول، الدورة الحادية والثلاثين، دمشق، 2004.
- موضوع كوم: موقع الكتروني، http://mawdoo3.com/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86%D9%8A%D8%A9

بسم الله الرحمن الرحيم
22/4/2018
ورقة عمل بعنوان:
" السلامة والصحة المهنية ودورها في التنمية البشرية والحد من البطالة"
اعداد/ د. سلامه أبو زعيتر
عضو الامانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين

مقدمة:
ارتبط العمل بالوجود الانساني، وحياة الفرد والمجتمع لضمان استمراريته وترسيخ استقراره وأمنه، وحتى لا يصبح هذا العمل عائقا يهدد ويشكل خطر عليهم، لابد أن يكون عملا لائقاً ومأموناً، يساهم في تعزيز قدرة العمال في الإنتاج كمّاً ونوعاً، ويضمن سلامتهم وصحتهم وتمتعهم بالحماية والرفاه الاجتماعي، وتعتبر الوقاية السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل من الحوادث والإصابات والأمراض المهنية على مستوى المنشأة حجر الزاوية للعمل الامن، في ظل التطور التقني والصناعي والتكنولوجي الذي شهدته المجتمعات، وما صاحبه من تطور في الآلات والماكنات ووسائل الإنتاج، نتج عنه الكثير من المخاطر التي ينبغي على الإنسان إدراكها وأخذ الحذر والحيطة من الوقوع في مسبباتها، بالإضافة لما تلعبه ظروف الانسان العامل الصحية والنفسية في المخاطر، وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى حدوث أكثر من 2.3 مليون حالة وفاة سنويا، و300 مليون حادث يسبب إصابات في مكان العمل كل عام ، أي أن هناك عامل يموت جراء حادث عمل أو مرض مهني كل 15 ثانية، ويتعرض تقريبا 60 عاملاً لحادث عمل كل 15 ثانية، بينما يموت 5760 شخص يومياً جراء الحوادث المهنية أو الأمراض ذات العلاقة بالعمل، غير أن هذه التقديرات لا تكشف تماماً حجم المشكلة، ولا الأثر الحقيقي للحوادث والأمراض المهنية على العمال، والأسر، والاقتصادات، لكنها مؤشر فحجم التكلفة الإنسانية جراء ذلك كبيرة ولا تقدر بمال، كما أن التكلفة الاقتصادية لسوء التصرف في مجال السلامة والصحة المهنية تكلف العالم 4% من مجموع الناتج العالمي الاجمالي .
لقد أصبح لا يخفي علي أحد ضرورة ودور السلامة والصحة المهنية بالمجتمع وأثارها علي الصناعة والنمو الاقتصادي وتقدم الانسان العامل ورقيه، والحفاظ عليه باعتباره أهم أحد أهم مقومات الاقتصاد وعناصره، فسلامه وصحة العامل وأسرته لا تقل عن أهمية عن زيادة الإنتاج وجودته وتخفيف التكاليف المتعلقة به؛ وأصبحت للصحة والسلامة المهنية أنظمة وقوانين يجب على العاملين معرفتها، وعلى المشغلين تطبيقها وعدم السماح بتجاوزها، وخلال هذه الورقة سنحاول الاجابة عن التساؤل الرئيسي: ما دور السلامة والصحة المهنية في التنمية البشرية والحد من البطالة، وذلك بالإجابة عن التساؤلات التالية: ماهي مفاهيم ودور الصحة والسلامة المهنية؟ وما هي علاقتها بالتنمية البشرية ودورها في الحد من البطالة؟ وما هي المسؤوليات وطبيعة التحديات والمعيقات لتطبيق معايير السلامة والصحة المهني؟ وما هو التصور المقترح للتدخل لتطبيق معايير واجراءات السلامة الصحة المهني وإحداث التنمية البشرية والمساهمة في الحد من البطالة؟
اولا/ أهداف ورقة العمل:
- التعرف على مفاهيم ورقة العمل (السلامة والصحة المهنية -التنمية البشرية -الحد من البطالة).
- الوقوف على واقع ومعايير السلامة والصحة المهنية الدولية والعربية والمحلية.
- الكشف عن دور السلامة والصحة المهنية واحداث التنمية البشرية والحد من البطالة.
- التعرف على المسئوليات والتحديات لتطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية.
- تقديم تصور مقترح وتوصيات للتدخل في تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية.
ثانيا/ مفاهيم ورقة العمل:
لفهم دلالات المعاني المصطلحات موضوع ورقة العمل وهي الصحة والسلامة المهنية-التنمية البشرية-الحد من البطالة)


1- السلامة والصحة المهنية:
هو العلم الذي يهتم بالمحافظة على سلامة وصحّة الإنسان العامل، ويتم عن طريق توفير البيئة المناسبة والآمنة التي تخلو من أي مسببات للحوادث، والإصابات، أو الأمراض المهنيّة، وبناءً على ذلك يمكن تعريف مفهوم الصحّة المهنيّة بأنها مجموعة من القواعد، والإجراءات الموضوعة في إطار تشريعيّ، بهدف حماية الإنسان والممتلكات المرتبطة بمهنة معينة ، وتعرف بأنها جميع الاجراءات الوقائية والصحية التي تهدف الى حماية كل عامل ذي مهنة من التعرض لإصابات العمل أثناء العمل أو بسببه أو أثناء الذهاب اليه أو الاياب منه، أو بسبب التعرض لأي من الامراض المهنية .
أي تعني الحفاظ على صحة العمال، والوقاية من الوقوع بأي أضرار صحية على شكل حوادث عمل تنجم عن ممارسات مهنية خطيرة، وترتبط بعناصر بيئة العمل التكنولوجية والمادية، ودورها في الحفاظ على صحة العمال، من الأضرار الناجمة عن الحوادث المرتبطة بالعمل ليكون قادرا على القيام بمهامه ووظيفته لما يساهم ذلك في زيادة وجودة بالإنتاج مما يحقق التنمية البشرية والاقتصادية.
2- التنمية البشرية:
عملية تنموية مقصودة وفق استراتيجية، وخطط لتمكين العمال وتوسيع نطاق الخيارات المتاحة أمامهم لتحسين مستوى معيشتهم، وبيئة عملهم بالتأهيل والإرشاد والتدريب ورفع القدرات وتنمية المهارات، وتطويرها بشكل تقدمي مبدع ومؤثر في حدود مبادئ العدالة والإنصاف، في ظل المتغيرات المحيطة سواء على المستوى المحلى أو العالمي، والتي لا بد أن تتلاءم مع الواقع الفلسطيني .
3- الحد من البطالة:
لندرك مفهوم الحد من البطالة يجب الوقوف على تعريف البطالة والتي تعني وجود فرد في المجتمع قادر على العمل، وسلك كل الطرق للبحث عنه، ولم تُمنح له فرصة لإيجاده لأسبابٍ كثيرة، منها قلّة فرص العمل في المجتمع، وعادة ما تقاس البطالة بمعدلات البطالة، والتي تعرف بنسبة قوة العمل الغير عاملة ، وبناء عليه نعني بالحد من البطالة في ورقة العمل بأنها المقدرة على التدخل لمواجهة البطالة وتوسيع قاعدة الاستثمار والتنمية بالإنسان والحفاظ على صحته بتطبيق معايير واجراءات الصحة والسلامة المهنية مما يساهم بزيادة وتحسين الانتاج وتخفيف حوادث العمل وتكاليفها، ويساعد في خلق فرص عمل جديدة والتوسع في مجالات العمل كنتيجة طبيعية لانخفاض التكاليف وزيادة الارباح والنمو الاقتصادي.
ثالثا /أهمية السلامة والصحة المهنية:
تعتبر السلامة والصحة المهنية من أساسيات التنمية المستدامة، حيث تساهم بشكل رئيسي في تنمية الاقتصاد الوطني لاهتمامها بالإنسان العامل وبيئة العمل والحفاظ على استمراريتها بشكل لائق وآمن، وتعتبر بيئة العمل من المحددات الرئيسية لسلامه وصحة العامل، فظروف العمل غير الآمن قد تؤدي للكثير من مخاطر العمل التي تهدد صحة العامل، وتنعكس على أداء العمل والقدرات الانتاجية، فهناك علاقة طردية بنفس الاتجاه بين صحة العامل وقدرته على العمل، فالعمال الأصحاء والذين يتمتعون برعاية وخدمات صحية في بيئة العمل أدائهم للعمل أفضل ويساهم ذلك بشكل فعال في زيادة وتحسين جودة الإنتاج.
وعليه فإن تطبيق اجراءات السلامة والصحة المهنية له دور في زيادة الانتاج والحفاظ على العمالة الماهرة، ويقلل الوقت المفقود في عملية الانتاج ويخفض التكلفة المباشرة وغير المباشرة للحوادث، ويساهم ذلك في الحفاظ على سلامة صحة العامل الجسدية والعضوية والنفسية وبالتالي يحافظ على مصدر دخله المادي واستمرارية في الحياة والمشاركة في العمل، فالغياب عن العمل بسبب العلاج من إصابة ما، يؤدى الى خصم من الراتب أو لفقدان الوظيفة، وهذا يؤثر سلبا على العامل والعمل، وعند الحديث عن تنمية بشرية لا نستطيع تحقيق الهدف بعيدا عن مراعاة واقع العامل وصحة العمل، فالصحة المهنية تعتبر من أهم وسائل التنمية الاقتصادية الاجتماعية وأهدافها وهي نظام يوفّر ولا يبذر، وضرورة ملحة للحكومات وأصحاب العمال والعمال، وكل المواطنين والمشاركين في العملية الانتاجية والتنمية الاقتصادية.
رابعا/ واقع القانوني للصحة والسلامة المهنية:
تشير الدراسات المتخصصة في تحليل بيئة العمل بأنها تعتمد على عنصرين أساسيين وهما العنصر البشرى ويمثله العامل، العنصر الثاني ويمثله الامكانات المتاحة من بنية أساسية ومعدات وطاقة، ولفهم الواقع ولتحسين ظروف وبيئة العمل نحتاج لوجود نظام يحكم العنصر البشرى ويوجهه الى الصواب ويحذره من الخطأ المتعمد أو غير المتعمد، وذلك باتباع التعليمات السليمة في العمل واستخدام العناصر المادية، وهناك العديد من المصادر والتشريعات التي تنص على أهمية حماية ووقاية صحة العامل من المخاطر والاصابات الامراض المهنية، ومنها الدولية والعربية والمحلية حيث تنص معايير العمل الدولية على ضرورة تطبيق معايير واجراءات السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل، وتعالج معظم الصكوك التي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي في هذا المجال المشاكل التقنية المتعلقة بظروف الوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، وقد أخذت هذه الصكوك في عين الاعتبار التطورات التكنولوجية والعلمية، وكذلك تطور الممارسات التنظيمية للعمل داخل المنشأة وتتضمن أحكامها التزامات ملزمة وبالغة الدقة .
كما وأكدت منظمة العمل العربية على حماية حياة العمال وصحتهم انطلاقاً من مسؤوليتها في تحسين ظروف وشروط العمل والنهوض بمستوى السلامة والصحة المهنية على المستوى العربي، وذلك من خلال العديد من المواد القانونية التي تنص على ضرورة حماية العمال من المخاطر المهنية وتحسين شروط وظروف العمل ورفع الوعي الصحي وتعزيز الثقافة الوقائية على المستوى الوطني؛ للتعرف على مخاطر بيئة العمل وسبل السيطرة عليها، بغرض الوقاية من الإصابات والأمراض المهنية والمرتبطة بالعمل، وضمان بيئة عمل آمنة وسليمة، كما هدفت معايير العمل العربية إلى النهوض بتشريعات العمل العربية وتطويرها وتحقيق التماثل بينها ،
كما أكد القانون الأساسي المعدل، وقانون الصحة العامة الفلسطيني علي السلامة والصحة المهنية للإنسان وتنظيم اجراءاتها بمواده (31،32،33،34)، وتضمن قانون العمل الفلسطيني بمواده في الفصل الرابع على ضرورة توفير بيئة عمل أمنة ومراعاة معايير السلامة المهنية وأن تلزم المنشاة بإصدار التعليمات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية ولائحة الجزاءات الخاصة بها ، وأن توضع هذه التعليمات بعد مصادقة وزارة العمل عليها في أماكن ظاهرة في المنشأة، وهذا بهدف الوقاية والحد من أصابات العمل والمخاطر المهنية في بيئة العمل، ورغم ذلك سجل خلال عامي 2016 و2017 تزايد ملحوظ في أصابات العمل، وهذا يدعو لمزيد من الاهتمام بمتابعة ظروف العمل ومدي التزام المشغلين بمعايير واجراءات السلامة المهنية، لما لذلك من أثر على صحة وسلامه العمال في المشاغل ومواقع العمل، وانعكاس على أدائهم في العملية الانتاجية.
خامسا/ السلامة المهنية ودورها في التنمية البشرية:
تعد القوى العاملة ركيزة التنمية ومحركها الأساسي، في ظل التطور الهائل في أساليب العمل الفني والتكنولوجي، والاهتمام بالسلامة والصحة المهنية وتوفير بيئة العمل الامنة للإنسان العامل، حيث تسعى المؤسسات التشغيلية بتنفيذ اجراءات السلامة المهنية بهدف الوصول إلى إنتاج جيد من دون حوادث وإصابات، فقد أصبحت السلامة المهنية ضرورة من ضروريات التنمية وتحسين الإنتاج لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية، وباعتبارها متطلب لمعايير الجودة وتحسين الاداء والتنمية البشرية والاقتصادية، فحماية العنصر البشري من الإصابات الناجمة عن مخاطر بيئة العمل، والحد من تعرضهم للحوادث والإصابات والأمراض والمخاطر المهنية وتوسيع خياراتهم بالحياة وتنمية قدراتهم والحفاظ على مقـومات العنصر المادي في بيئة العمل بما تحتويه من أجهزة ومعدات من التلف والضياع نتيجة للحوادث، يساهم في زيادة وتحسين الانتاج، وتخفض التكاليف، وهذه نتيجة لتنفيذ كافة اجراءات السلامة والصحة المهنية التي تكفل توفير بيئة آمنة تحقق الوقاية من المخاطر للعنصرين البشري والمادي.
فتطبيق وتنفيذ السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل يعزز شعور الانسان العامل بالأمان والطمأنينة أثناء قيامه بأداء أعماله الوظيفية، وهذا يساهم في الحـد من نوبات القلق والخوف الذي ينتابه، وهو يتعامل بحكم عمله مع أدوات ومواد وآلات يكمن بين ثناياها الخطر الذي يتهـدد حياته، وتحت ظروف غير مأمونة قد تعرض حياته بين وقت وآخر لأخطار مهنية تهدد بإصابات عمل وأمراض مهنية، فالاهتمام به وتنمية مهاراته وقدراته حول سبل وطرق السلامة والصحة المهنية يعزز طاقاته ومهارته وطاقاته الانتاجية ويحقق هدف ومؤشرات التنمية البشرية، وذلك بتحسين وتوسيع خيارات الانسان العامل الصحية، وهذا يعتمد على التخطيط الفني السليم والهادف لأسس الوقاية من المخاطر في مكان العمل، وطبيعة الموارد البشرية ومهاراتها، وعملية التوجيه والرقابة والمتابعة، والادارة السليم والانضباط للقوانين والتشريعات النابعة من الحاجة إلى تنفيذ هذا التخطيط، والتنفيذ المبنى على الأسس العلمية السليمة أثناء العمل وعملية الانتاج وذلك بتوفير الأجهزة الفنية المتخصصة لضمان استمرار تنفيذ خدمات السلامة والصحة المهنية بكفاءة عالية.
نستنتج مما سبق بأن للسلامة والصحة المهنية دور في التنمية البشرية، حيث تستهدف برامجها واجراءاتها الوقاية وحماية الانسان العامل وصحته البدنية من خلال بناء قدراته، وتنمية مهارته بالتدريب والتوعية والتثقيف الصحي، وتمكينه من مفاهيم وموضوعات في مجال السلامة والصحة المهنية وكيفية التعامل مع الآلات والادوات بمهنية مع مراعاة اجراءات السلامة، واستخدام الوسائل والادوات المطلوبة للوقاية من أي مخاطر مهنية بهدف حماية حياته ورفع كفاءته المهنية، فصحة الانسان العامل واكتسابه المعرفة وتحسين مستوى معيشته بشكل اللائق، هي الابعاد والمعايير التي يمكن القياس عليها لمدي تحقيق مستوى التنمية البشرية والتي تعني توسيع خيارات العمال عن طريق بناء وتطوير قدراتهم لعيشوا حياة مديدة وصحية ويحظوا بالمعرفة والعيش الكريم واللائق باعتبارهم المورد الأساسي والأسمى في عملية التنمية، وهم المحدد الرئيسي لها، والتي تشكل بمجملها نتاجاً لإدراكهم بقوتهم الكامنة، وقدرتهم على وتوظيفها؛ لتحسين واقعهم وظروف عملهم وإنتاجهم، والاستثمار الأمثل للإمكانيات والموارد والقدرات؛ لعديل السلوك وتطوير الإمكانيات العمالية والبيئية المتاحة، بهدف الحفاظ على السلامة المهنية في بيئة العمل والوقاية من أي مخاطر أو ممارسات مهنية خطيرة ترتبط بعناصر بيئة العمل التكنولوجية والفيزيائية؛ وتتسع خيارات السلامة والصحة المهنية ودورها في التنمية من خلال:
- إتاحة الفرصة أمام الانسان العامل للوصول إلى مزيد من المعرفة بمجالات السلامة والصحة المهنية، من خلال التدريب والتعليم والتثقيف الصحي، بهدف تزويده بالمعلومات والمعارف المطلوبة والضرورية لتنمية وعيه وثقافته ولإعادة توظيفها في حياته العملية والمهنية.
- مواصلة التعليم والتدريب الصحي للعمال وتنمية قدراتهم ومهاراتهم لمواكبة التقدم في مجال السلامة المهنية، وتمكينهم في مختلف الجوانب الصحية المهنية.
- توفير الرعاية الصحية من خلال الاهتمام بصحة الانسان العامل ورعايته حتى يعيش حياة طويلة متمتعاً بصحة جيدة في مراحل حياته المهنية.
- مراعاة مبادئ ومعايير واجراءات السلامة والصحة المهنية؛ للحفاظ على صحة العمال من أضرار حوادث العمل، أو ممارسات مهنة خطرة ترتبط بعناصر بيئة العمل التكنولوجية والمادية.
سادسا/ السلامة والصحة المهنية والحد من البطالة:
تقوم السلامة والصحة المهنية على الوقاية والحماية للعمال من المخاطر المهنية وخلق بيئة عمل أمنة تقوم على أسس سليمة وإيجابية، تحفيز العاملين علي تحدي الظروف الموجودة لخلق مناخ عمل مناسب، وذلك بإتباع أحدث الوسائل التكنولوجية المتاحة للإقلال من حدوث أي مخاطر في مناطق العمل والحفاظ على سلامة العامل من الاصابات، وكذلك الحفاظ على المعدات والآلات من التلف، للحد من أصابات العمل والخسائر، وايجاد بيئة عمل نظيفة تساعد العاملين على اعطاء المزيد من الانتاج والاستمرارية في العطاء، حيث تشير معظم الدراسات والابحاث إلى أن الانسان العامل الذي يتمتع بصحة بدنية جيدة، ويعمل في بيئة عمل آمنه وظروف عمل مناسبة تكون قدرته الانتاجية عالية، وهذا يساهم في زيادة وتحسين جودة الانتاج وإحداث تنمية اقتصادية وخلق فرص عمل جديدة واتساع في مجالات العمل، واستحداث وظائف متخصصة لتحقيق أهداف السلامة والصحة المهنية، مما يساعد بشكل مباشر وغير مباشر في تخفيف حدة البطالة ويتحقق ذلك من خلال التالي:
- توفير فرص عمل جديدة كنتيجة طبيعية لتخفيف التكاليف وزيادة الانتاج، وتحقيق مزيد من الارباح وازدهار في العمل.
- تأهيل بيئة العمل واستحداث وظائف نوعية متخصصة في مجال السلامة والصحة، والتي تتسم وظائفها بالقيمة العالية خاصة في قطاع الانشاءات والمنشآت الصناعية والخدماتية ذات الصلة.
- استحداث وظائف متخصصة بالسلامة المهنية جديدة في مواقع العمل كمشرف ومراقبي ومرشد وأخصائي سلامة مهنية في بيئة العمل، وذلك لتشغيل خريجين المعاهد والجامعات التخصصية في مجال السلامة والصحة المهنية.
- استحداث فرص ووظائف كمثقفين ومدربين في مجال السلامة والصحة المهنية لتدريب وتأهيل العمال على أداء العمل بالطرق السليمة ...
نستنتج من ذلك الى ان الاهتمام بتطبيق اجراءات السلامة والصحة والمهنية في بيئة العمل سيؤدي لاستحداث فرص عمل وظائف جديدة تفتح المجال أمام الشباب للالتحاق للعمل بمهن جديدة مطلوبة في سوق العمل، وهذا يساهم في خلق فرص عمل والحد من البطالة.
سابعا/ المسئولية والتحديات لتطبيق اجراءات الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل:
تقع مسئولية السلامة والصحة المهنية على عاتق عدة جهات مختلفة في المجتمع، منها جهات حكومية وعمالية وأصحاب عمل، وجميعها تتقاطع بهدف توفير ظروف وبيئة عمل أمنه وحماية ووقاية الموارد البشرية والمادية من المخاطر والاصابات والامراض المهنية، والحفاظ على المعدات والماكنات من التلف، ولكنها تواجه العديد من التحديات في تطبيق معايير واجراءات الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل وذلك حسب الجهة ذات العلاقة (الحكومة – المشغلين-نقابات العمال):
1- الحكومة:
تتقاطع العديد من الوزارات والهيئات الحكومية في مهمة ووظيفة توفير بيئة عمل آمنة، لكن تعد وزارة العمل هي جهة الاختصاص لتنفيذ تشريعات العمل التي نصت عليها القوانين، من خلال دوائرها المختصة عن التفتيش، والتي تفتش على شروط وظروف العمل المختلفة ونظـراً لأهمية موضوع السلامة والصحة المهنية هناك دائرة بالوزارة مختصة مهمتها الوقـوف علـى ظروف العمل والتحقق من سلامتها، وتطبيق المعايير الخاصة بها من خلال طاقم فني من المختصين والمؤهلين، كي يقوموا بالمهام الملقاة على عاتقهم في التفتيش على ظـروف العمـل وتحقيـق شـروط السلامة وفق المعايير التي أقرتها التشريعات، كما تناط هذه المهمة أيضاً بجهات حكومية ذات علاقة بوزارات العمل كوزارة الصحة والبلديات ووزارة التربية والتعليم وهيئة الضمان الاجتماعي ...الخ، وبرغم كل الجهود المبذولة تواجهه الحكومة العديد من التحديات التي تحول دون قدرتها على القيام بواجباتها ويمكن تلخيصها التالي:
- قلة عدد المفتشين والمختصين والمؤهلين في دائرة الصحة والسلامة المهنية بالإضافة لضعف الامكانيات من وسائل وأجهزة وتقنيات للعمل.
- ضعف الوعي لدي المشغلين بأهمية مراعاة اجراءات الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل.
- ضعف وعي العمال حول اجراءات الصحة والسلامة المهنية وعدم اللجوء للوزارة في حال وجود خروقات بالعمل وعدم التوجه بشكوى ضد المشغلين.
2- المشغلين:
يعتبر صاحب العمل أو من ينوب عنه المـسئول الأول عـن تطبيق اجراءات السلامة المهنية في بيئة العمل وفق القانون، ويتحمل مسئولية سـلامة موارد المؤسسة من موارد بشرية وآلات وتجهيزات ومباني ونظام العمل، وتمتـد مـسئوليته لتشمل أي شخص في مواقع العمل أو في مباني المؤسسة، حتى ولو لم يكن من العـاملين فـي منشأة العمل، فمن واجب إدارة العمل على وضع الخطط الوقائية المناسبة، وتحديـد الاختصاصات والمسئوليات في تنفيذها، كما عليها أن تعمل علـى رصد ميزانية مخصصة لتحقيق السلامة والصحة المهنية داخل العمل بهدف حماية صحة الانسان العامل والحد من المخاطر المهنية وإصابات العمل وأمراض المهنة، وعلى صاحب العمل توفير وسائل وادوات السلامة والصحة المهنيـة داخـل المنشآت الصناعية، وعلى العمال والجهات ذات العلاقة الالتزام بها، وفي ظل هذه المسؤولية لتوفير بيئة عمل آمنة ومناسبة يواجه المشغلين العديد من التحديات الاشكاليات لتطبيق معايير واجراءات السلامة المهنية في بيئة العمل:
- عدم التزام العمال باستخدام وسائل وأدوات الصحة والسلامة المهنية وعدم التقيد بالتعليمات الصادرة عن أصحاب العمل حول ذلك.
- ارتفاع اسعار وتكاليف وسائل وادوات السلامة والصحة المهنية.
- ضعف الوعي لدي العمال حول أهمية استخدام الادوات والوسائل للسلامة والصحة المهنية.
- غياب الكفاءات المتخصصة والمهنية في مجالات السلامة المهنية في بيئة العمل.
3- النقابات العمالية:
تعتبر أحد أهم مسئوليات النقابات العمالية الدفاع عن حقوق العمال بتوفير بيئة عمل آمنة وتحسين شروط وظروف العمل، ومن المهام أيضا المساهمة في تقديم التوعية والتوجيه والتثقيـف للعاملين من خلال نشر المعلومات العلمية الحديثة حول مخاطر العمل وأسس الوقاية والسلامة، وكذلك عقد ورش العمل والندوات والمحاضرات، وإصدار النشرات والبيانات، وإجراء الزيارات الميدانية التوجيهية والترشيدية للعمال، والتدريب والتمكين والتمهير على أساليب الحماية والسلامة من العمل، كما تسعى للتفاوض حول تحسين ظروف وشروط العمل مع أصحاب العمـل، وعقد اتفاقيات عمل جماعية تتناول تحسين ظروف بيئة العمل، وتطبيق معايير العمل الامن واجراءات السلامة المهنية ورغم هذا الدور الا ان النقابات تواجه العديد من الاشكاليات أهمها:
- ضعف المصادر والموارد المالية لتمويل البرامج والانشطة التدريبية والتوعوية في مجال الصحة والسلامة المهنية.
- عدم اهتمام العمال بموضوعات الصحة والسلامة المهنية في ارتفاع نسب البطالة وقلة فرص العمل.
- ضعف الوعي لدي العمال حول الصحة والسلامة المهنية، فهناك تقع مسئولية على العمال للالتزام بإجراءات السلامة المهنية خلال قيامهم بالعمل وفقاً للطرق الآمنة لمزاولة العمل، وإتباع تعليمات ونظم السلامة والصحة المهنية وتقديم الاقتراحات اللازمة لمنع الإصابات والحوادث، كما يجب عليهم التعهـد بعـدم القيام بأي أعمال لا يتقنوها ولم يتدربوا على القيام بها.
- غياب سبل الحوار والعمل المشترك مع المشغلين وضعف التواصل مع العمال وزيارتهم في بيئة العمل.
- صعوبة عقد لقاءات توعوية في أماكن العمل لأسباب تتعلق بالمشغلين.
ثامنا/ التصور المقترح للتدخل والتوصيات:
في إطار تطوير العمل لتحسين بيئة العمل من خلال تطبيق اجراءات الصحة والسلامة المهني هناك العديد من الخطوات التي يجب العمل عليها لإحداث التدخل المطلوب ومنها التوصيات والمقترحات التالية:
- ضرورة العمل على تعزيز التوجهات لدي الباحثين في الجامعات والكليات والمعاهد لأجراء مزيد من الدراسات المتخصصة الاستكشافية والتحليلية والمعمقة حول الصحة والسلامة المهنية وعلاقتها بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والتنموي.
- ضرورة العمل على زيادة الوعي المجتمعي بنشر ثقافــة السلامة والصحة المهنية، وتوعية العمـال وأصحاب العمل بأهميتها ودورها في الحفـاظ على مواردنا البشرية والوقايـة من مخاطـر بيئة العمل.
- الاستثمار بالإنسان العامل من خلال الحفاظ على صحته وتنمية قدراتها الإبداعية والابتكارية وإكسابه المهارات المتجددة اللازمة للتعامل مع التقنيات والتكنولوجيات الحديثة باعتبارها القوة الدافعة الحقيقية والمحركة للتنمية الاقتصادية.
- العمل على تعزيز علاقات العمل بالشراكة الحقيقية في تطبيق اجراءات السلامة المهنية بين أطراف الانتاج الثلاثة (الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال) بفاعلية، حيث يعد تنظيم واقع العمل، وتوفير التدريب والمعلومات للعمال، وتعزيز أنشطة التفتيش والرقابة، ومراعاة معايير العمل الامن، والالتزام بها وفق القانون واتفاقيات العمل الصادرة عن منظمة العمل العربية والدولية، هو الطريق والسبيل الهادف لتحقيق الوقاية والامن الصناعي في العمل، وأن يكون هناك حوار اجتماعي أكثر فعالية بشأن قضايا الصحة والسلامة المهنية بين أطراف الانتاج.
- انشاء قاعدة بيانات من خلال رصد توثيق وحصر التجاوزات وكافة المعلومات والبيانات عن الصحة والسلامة المهنية من مصادر موثوقة للمساعدة في وضع الخطط وتحديد الأولويات للتدخل، لما يساعد ذلك في اكتشاف الأخطار الجديدة والمخاطر الناشئة، وتحديد القطاعات الخطرة، ووضع تدابير الازمة والوقائية، فضلاً عن تنفيذ سياسات ونظم وبرامج على المستويين الوطني والمؤسسي، كما تساعد هذه البيانات في الكشف المبكر عن الأمراض المهنية وتشخيصها، فضلاً عن اتخاذ تدابير للاعتراف بها والتعويض عنها.
- تطوير عمل الهيئة الوطنية للسلامة والصحة المهنية وتوسيع تتمثل الوزارات الهيئات المعنية ومنظمات أصحاب العمل والنقابات العمالية والمؤسسات العامة والأهلية ذات العلاقة بهدف التنسيق مع كل الجهات المعنية والمشاركة في تنفيذ سياسة وطنية متسقة مع اهداف ومهام ودور السلامة والصحة المهنية.
- العمل على تطوير وتنشيط قدرات جهاز التفتيش في وزارة العمل، وتعزيز التنسيق في الانشطة بين دائرة التفتيش وكل الجهات ذات العلاقة بشؤون السلامة والصحة المهنية في الوزارات الأخرى.
- إشراك منظمات أصحاب الأعمال والمنظمات العمالية في شتى أنشطة السلامة والصحة المهنية وذلك اعترافاً بالمسؤوليات والواجبات الملقاة عليهم ومن أجل ضمان حقوق العمال والتعامل مع هذه المنظمات بجو تعاوني صريح وشراكة حقيقية.
- مشاركة مؤسسة الضمان الاجتماعي في كل أنشطة السلامة والصحة المهنية وتنظيم الدورات التدريبية والعمل مع الجهات المعنية الأخرى على تشجيع وترويج أسس السلامة والصحة المهنية على صعيد المنشأة نظراً لما لهذه المساهمة من مردود إيجابي.
- عمل دليل متكامل بالمؤسسات والمنشآت الصناعية العاملة في فلسطين وفقاً لحجمها، ونوعها مع تحديد الأخطار وتصنيفها.
- المشاركة في التخطيط والتنفيذ للبرامج والمشروعات المتعلقة بتطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، ومنها المحافظة على صحة وسلامه الانسان العامل في مواقع التعليم والتدريب والعمل، وكذلك الاهتمام بتدريب المدربين في مؤسسات التعليم والتدريب المهني حول السلامة المهنية، وإدخال مساقات متخصصة بالسلامة والصحة المهنية في مناهج وبرامج التعليم والتدريب المستمر والتدريب المهني السريع.
- ضرورة العمل على الزام كل مشغل بتطبيق ومراعاة الاجراءات القانونية في بيئة العمل، من خلال توفير وسائل وأدوات الصحة والسلامة المهنية، ومتابعته لوضع لائحة جزاءات توضح العقوبة في حال عدم الالتزام من قبل العمال باستخدام وسائل الصحة والسلامة المهنية.
- على النقابات العمالية أن تلعب دورا فعالا في تعزيز وعي وثقافة العمال حول الصحة والسلامة المهنية وأهميتها لحماية صحة العمال والحد من مخاطر العمل والوقاية من الاصابات والامراض المهنية.
- التنسيق مع منظمة العمل الدولية ومطالبتها بتقديم العون الفني الدعم لتمويل برامج وأنشطة السلامة والصحة المهنية لدى الشركاء الاجتماعيين عمال وحكومة وأصحاب عمل.
- ضرورة العمل من قبل كل أطراف الانتاج الثلاثة (حكومة – اصحاب عمل- عمال) لدعم أنشطة السلامة والصحة المهنية الخاصة بالصحة والحقوق، وتشجيع البحث العلمي في أحسن الطرق للإرشاد الصناعي، وتنظيم المؤتمرات الدورية بين هيئات التفتيش الحكومية وأصحاب العمل وكـذلك العمـال، لاستعراض حالات الحوادث وبحث مقترحات تحسينها.
- ضرورة العمل على تطوير سياسات التعليم العالي لاستحداث تخصص أكاديمي مهني في مجال السلامة والصحة المهنية لتخريج مشرفين مرشدين ومراقبين صحة وسلامه مهنية متخصصين للعمل في مواقع العمل لمتابعة تنفيذ وتطبيق اجراءات الصحة والسلامة المهنية وتوعية العمال بتوفير بيئة عمل أمنة.
- العمل على تفعيل وسائل الإعلام بكافة أنواعها وحثها لتخصيص الجهود اللازمة والكفيلة بترويج السلامة والصحة المهنية على الصعيد الوطني وتوعية المجتمع في هذا المجال.
هذا والله ولي التوفيق.....
المراجع:
- المركز الاستشاري الهندي للسلامة المهنية: موقع الكترون
- المعرفة: موقع الكتروني،
- روز حسني: موقع الكتروني وطني،
- سلامه ابو زعيتر: دور النقابات العمالية في التنمية البشرية، دراسة دكتوراه، غير منشورة، معهد البحوث، القاهرة 2014.
- قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة2004.
- قانون العمل الفلسطيني رقم7 لسنة 2000، الفصل الرابع السلامة والصحة المهنية.
- مركز الديمقراطية وحقوق العاملين في فلسطين: الصحة والسلامة المهنية، رام الله، الطبعة الثانية، ايار 2005.
- منظمة العمل الدولية: البيانات الدقيقة تساهم في انقاذ الارواح،
- منظمة العمل العربية: موقع الكتروني،
- مؤتمر العمل العربي: حماية بيئة العمل من التلوث، تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية، البند الأول / القسم الأول، الدورة الحادية والثلاثين، دمشق، 2004.
- موضوع كوم: موقع الكتروني،
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف