الأخبار
قرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزة
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القابضون على الجمر بقلم:جعفر المظفر

تاريخ النشر : 2018-04-26
القابضون على الجمر
جعفر المظفر
إن كثيرا من الذين تراكمت تجاربهم السياسية خلال العقود السابقة كانوا أقدر على تحديد الرؤى وتأسيس الأحكام, لا لكونهم كانوا أذكى من أقرانهم في الوقت الحاضر, وإنما لأن خارطة تصنيف خانات الأعداء والأصدقاء كانت أكثر وضوحا مما هي عليه الآن.
كان العدو القومي والوطني المتمثل بإسرائيل والغرب الإستعماري قد جمع في مقابله الوطنيين والقوميين والماركسيين في جبهة واحدة كتلك التي شاهدناها قبل إنهيار الحكم الملكي في العراق وفي تجارب الشام المتفرقة. وقد قُدِر لذلك التجمع السياسي أن يخلق وعيا واسعا وحركة جماهيرية عريضة تلتقي على أساسيات المواجهة على الأقل.
في تلك المرحلة يمكن القول تحديدا أن المساحة الزمنية للمواجهة بين الحركة الوطنية العريضة من جهة وبين التحالف الصهيوني الإستعماري الرجعي من جهة أخرى كانت كافية لإنتاج خطاب وطني مشترك وهوية وطنية جماهيرية جامعة, وقد ظلت الخلافات بين القوى محصورة في مستوياتها البينية سياسيا ولم تتركب بعد او تنزل إلى العمق الإجتماعي, وظل الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي في اثناء الحرب الباردة يؤثر بشكل كبير في تقسيم الساحة السياسية العربية بعناوين تناسب مفردات تلك المرحلة. وبإمتداد زمن ذلك الصراع لأكثر من سبعين عاما فإن الخطاب السياسي والإجتماعي الوطني كان إمتلك المساحة الزمنية الكافية لإنتاج ثقافة سياسية كافية لتحديد من هو العدو ومن هو الصديق..
في عقد السبعينات صارت المنطقة في مواجهة حدثين أديا بدورهما إلى إحداث إرتباك خطير على صعيد تحديد قوى المواجهة وعلى توزيع هذه القوى وترتيبها. الحدث الأول كان تمثل بتنازل مصر عن دورها الريادي في جبهة المواجهة العربية مع إسرئيل بعد الزيارة التي قام بها السادات إلى القدس في19 نوفمبر (تشرين الثاني) 1977 وإعلانه أن حرب إكتوبر عام 1973 هي آخر الحروب, وبيعته لواشنطن بإعتبارها حسب وصفه تملك كل أوراق الحل. وكان هذا الدور قد تراجع أصلا بعد نكسة الخامس من حزيران عام 1967 التي أكلت كثيرا من الزعامة الناصرية وأدخلت الساحة العربية في مرحلة سميت حينها بالحقبة السعودية.
وكان ثاني الحدثين هو إنهيار النظام الشاهنشاهي الإيراني عام1979 الذي أدى بدوره إلى صعود حكم الإسلام السياسي في طهران, والتي كان من تأثيراته المباشرة إنهاك النظام البعثي في العراق في حرب طاحنة إستمرت لثمان سنوات, ثم جَعْلِه عرضة للدخول في مغامرة كسر الظهر في الكويت, التي أدت بدورها إلى إحتلال العراق من قبل أمريكا وصعود الإسلام السياسي الشيعي التابع إلى إيران بديلا لنظام صدام حسين مسجلة بذلك إنتهاء الحقبة القومية ودخول المنطقة العربية في عصر التجاذبات السعودية الإيرانية.
لقد جابهت المنطقة العربية نوعين من الإحتلال, أولهما إحتلال الأرض على يد إسرائيل وثانيهما إحتلال الإنسان على يد إيران. وبينما كان إحتلال الأرض على يد الإسرائيليين كافيا لتعريف المرحلة وتحديد هويتها السياسية وهوية قواها الفاعلة فإن أبرز ما جاءت به مرحلة إحتلال الإنسان أنها أدخلت هذه القوى في مرحلة تشرذم وإنقسام ذاتي وضياع سياسي يمكن تبين ملامحه من خلال سيادة الأحكام الإزدواجية وتناقض المواقف بشكل كاريكتيري مثير للسخرية, حتى وكأنك صرت ترى إنسانين في إنسان واحد.
كان السياسيون لهم من وضوح المواقف ما يكفي لمعرف درجة القربى أو درجة الخصومة مع غيرهم من القوى. أما الآن فلقد كان لطبيعة المتغيرات السياسية السريعة والمركبة دورا في إحداث الإرتباك سواء ذلك الذي يتعلق بنوعية القوى المقررة الجديدة أو بنوعية الإصطفافات بينها أو بطبيعة الأحكام العامة أو الفردية. وما نواجهه هنا أن المتغيرات السياسية كانت كبيرة وسريعة في حين أن الثقافة السياسية والخطاب الوطني الذي يلاحقها, أو يتكون منها, كان بطيئ التكوين: أي أن الثقافة الوطنية المشتركة لم تملك بعد الفرص الكافية لكي تتكون بسبب زحمة وكثافة ونوعية المتغيرات الإستراتيجية الهامة, ولهذا فإن الخطاب الوطني المشترك لم يتكون بعد, وقد نقول أنه ما زال في دوره الجنيني ولم يولد بعد.
أما نحن أصحاب التجارب السياسية السابقة فقد أضفنا إلى سوء الحشف كيلات. قسم منا وجد نفسه على سبيل المثال قوميا أو بعثيا سنيا, وقسم منا, وعلى سبيل المثال أيضا, وجد نفسه شيوعيا شيعيا. من الناحية السياسية دخل الموقف في مساحة من الإرتباكات الكبيرة أهمها تلك التي جعلت البعض على أهبة أن يكون حليفا ومحبا لإسرائيل لأنه متضرر من الأطماع الإيرانية, وتجد من بين أولئك الذين قاتلوا ضد إيران لثمانية سنوات كاملة وقد تحول إلى نصير لإيران.
إن الذي يحافظ على ولاءاته الوطنيه وعلى علاقاته القومية والإقليمية بشكل لا يتقاطع مع تلك الولاءات بات الآن كالقابض بيده على جمرة من نار.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف