الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البوح بين الزمان والمكان في قصة" ظلال وخلجان " للأديبة المغربية ربيعة ريحان

تاريخ النشر : 2018-04-26
البوح بين الزمان والمكان في قصة" ظلال وخلجان " للأديبة المغربية ربيعة ريحان
بقلم: أمينة الطنجي
البوح بين الزمان والمكان
في قصة" ظلال وخلجان "  للأديبة المغربية
ربيعة ريحان

" ظلال وخلجان " أول مجموعة قصصية للكاتبة المغربية ربيعة ريحان، تم نشرها عام 1994 م، وتعتبر الكاتبة أحد الأصوات الإبداعية النسائية البارزة في المشهد الأدبي المغربي، التي استطاعت في بداية مشوارها الإبداعي أن تلفت الأنظار إلى أعمالها، رغم حداثة عهدها بالكتابة من خلال مجموعتها "ظلال وخلجان، "وأن تأخذ مكانها إلى جانب القاصات المغربيات البارزات.
حظيت الاديبة بديعة ريحان بتوقيع شهادة ميلادها الابداعي/السردي بمجموعتها هذه، ونالت بها شهادة الكاتب السوري المعروف "حنا منا"، الذي أشاد بها ككاتبة مبدعة، وهذا ما أثار حماسي لقراءة المجموعة، وحاولت الغوص في أبنيتها الفنية، لعلي أتعرف على بعض أصدافها.
- العنوان والغلاف
"ظلال وخلجان"، مركب اسمي من وحدتين دلالية، "فالظلال" جمع "ظل" وهو دلالة إيحائية على وجود الشمس أو النور الذي ينعكس معه الظل؛ فيوحي بتواجد كثرة الضوء وقوته، ومن زاوية أخرى الظل والفيء في وسط الحر، دلالة على الراحة الاسترخاء.
     الخلجان دلالة وأثر على وجود الماء، الذي هو أساس الحياة، اما " و " "العطف" دلالة على ارتباطهما معا قدر الرؤية التخيلية للقارئ.
    والعنوان "ظلال وخلجان"، يمثل مدخلا رقيقا شاعريا يطبع هذه المجموعة، ويسري في مفاصلها، ويحقق شاعرية المؤلفة، فكلمة "ظلال" أصغر حجما من كلمة "خلجان"، وهي رؤية دلالية على وجود الآمل والنور ضمن المجموعة القصصية التي تنبض بالحياة. أما خلفية العنوان، فتكسوه صفحة مقسمة إلى قسمين، قسم عن اليمين أبيض اللون يمثل مجموعة من أوراق بيضاء مرتبة، يعلوها اسم الكاتبة ربيعة ريحان، بينما القسم الثاني على اليسار تبدو فيه كف معلقة في الهواء، تسحب ورقة من تلك الأوراق المرتبة.
    وأيضا تمثل الخلفية الرمادية؛ رمزا لهيمنة الأجواء الضبابية التي تعبر على الحزن والكآبة، التي لا يخلو منها مسار إنسان على وجه هذه الأرض، وتظل المجموعة القصصية " ظلال وخلجان "هي تلك الورقة التي قامت الكف بسحبها من بين الأوراق؛ التي لازالت في جعبة الكاتبة ربيعة ريحان، فهي – كما أراها – وعد بالآتي من الأعمال.
عتبة المدخل :
    انطلقت القصة بعبارة " عندما مر ظلها الذي يسبقها فوق الخلجان الرملية الصغيرة "( قصة ظلال وخلجان/ص 56 )، وهي جملة دلالية  حاملة لمعاني كثيرة لتواجد الكلمتان معا "الظل والخلجان"، اللتين سيستمر وجود ظلالهما ضمن المجموعة، و"الهاء" الضمير الذي سيصاحبنا طيلة الأقصوصة التي تحمل عنوانها، وهي نص سردي غني بالانزياحات والحركة، مع توظيف تقنية كل من المكان والزمان، حيث حضورهما مكثف- هو الآخر -  في جميع قصص المجموعة .
ـ الزمكانية في السرد:
    الزمان هو ساعات الليل والنهار، ويعرفه النقاد بأنه مجرد حقيقة سائلة، لا تظهر إلا من خلال مفعولها على الشخصيات. والمكان هو علامة الدالة على مرور الوقائع اليومية، يطغى عليها صفة الانتظام. وهو في الخطاب القصصي يشكل المادة الجوهرية للخطاب، وأي إقصاء لهما إنما هو إلغاء لهوية من هويات هذا الخطاب.
    وخلال طوافنا في مدارات هذا النص المتميز أفقيا وعموديا، على مستوى مختلف بنياته وأنساقه السردية؛ حاولنا ملامسة بعض حدوده الثاوية، ونعتقد أن القاصة استطاعت أن تلاعب الزمكانية خلال عملية السرد، كركيزة أساس في أحداث قصص "المجموعة ظلال وخلجان".
    إذ قام الزمان والمكان في المجموعة بوظيفة ديناميكية؛ كوحدة متصلة لخدمة السرد، واستطاعت الكاتبة أن تروضهما طوعا  لإرادتها حيث تقول في قصة ، ذلك المساء:" تسمع صوته العميق مبادرا باقتراحه المسائي، تتخيل وقفته، ويده اليسرى على البكرة، والذراع اليمنى مرفوعة للأعلى، والكف الكبيرة القوية مبسوطة، تنظر إلى لوح الباب العريض، وإلى الشق الأسفل، ظل خفيف ينعكس على الأرضية "( قصة السفر/ص 9) ؛ والفقرة تستدعي التوقف لكي تستحضر الزمان الأول الذي هو المساء ثم الزمان الثاني وهو الحاضر مكان تواجد الساردة، مع حضور زمن السرد المتحرر من جمود القيم الواقعية؛ وفي ذلك تكمن إحدى أهم أسرار وجماليات القص وسحره؛ فهو يكسر رتابة التتابع الممل لمسيرة الزمن، وبطنه وتسويفه في إعطاء النتائج للأحداث و عدم وضوحها، والزمن في هذا المشهد غني برؤيته التخييلية، تؤطره الحركة، والتوقع، والانتظار..
     ويحضر المكان في المجموعة – هو الآخر - بقوة : البيت – المدينة – البحر – السوق – الجبل - الطريق – مكان العمل ؛ حيث استطاعت الكاتبة أن تستحضر الزمكانية في أغلب مجموعاتها القصصية وهذا واضحا في قصة "ظلال وخلجان " وخصوصا في هذا النص (( انتظرته طويلا، غزلت في برودة الليالي فتائل الوحدة المديدة ، استمسكت بالصبر والأحلام، لكنه ظل بعيدا، ضائعا في ضفاف التيه السحيقة، قال إنه ذاهب وسيأتي ورأته جاذب، لكنه أبدا لم يأت وظلت هي تنتظر على أبواب البحر، الرجل الذي دوى رأسه هنا بانفجارات مكتومة ترمد، ذهب من فرط لوعته يطرق باب المجهول، لكن العالم المخدر الغريب جعله ينسى، وأومأ لها من هنا منذرا بالهجران، حاسما ، مدمرا كل بارقة أمل ))، حيث تمسك المؤلفة                     ب " زمان/مكان"، توقف حركتهما، تكثف حضورهما، تعصرهما استرجاعا و استذكارا، كي يصبحا في مستوى تعبيري قابل لتفجير دلالة مشاعر البطلة.


 
ـ البوح عند ربيعة ريحان :
     إدراج المشاعر أو البوح في المشهد السردي – كما يحلو لبعض النقاد أن يسموه، كلما تعلق الأمر بالكتابة النسائية – آلية تأتي بها الكاتبة في مجموعاتها " ظلال وخلجان "  عبر تأملات الأنثى/ الشخصية الرئيسة للمجموعة، تتحرر فيها من واقعها، باحثة عن حلم جميل، تتجاوز به الآلام التي يسببها لها الآخر، وحلم موجود في مكان ما، ووقت ما سيأتي إليها.
    جسدت المجموعة القصصية، صوت الإنسانية الممثل في الأنثى، لرصدها قضايا اجتماعية مختلفة، من خلال عناوينها التي تشير إلى دورات الحياة المتنوعة بأفراحها وأحزانها، ومسراتها ومعاناتها، وتقلبات الحالة النفسية والاجتماعية بالإنسان السوي، وغير السوي، ولكنها في كل الحالات تشير إلى شخصيات متطورة ومتحولة تنتقل من حال إلى حال تنطلق من ضفاف شخصية أنثى لتجوب الشواطئ، والطرقات، والأسواق، لترسو من جديد في ميناء أنثى ؛ وهي رحلة تحيل على ما تحمله الأنثى من ترسبات تتراكم عبر فصول أعمارها، فكان البوح متنفسها الوحيد الذي عبرت من خلاله عن رغبتها في الانطلاق والتحليق حيث  صرخت على لسان الساردة في "ذلك المساء/ص 9" ( أرفض الترمد أرفض الانحدار إلى المهاوي الساحقة...)، وعبر مستويات التمرد والثورة تفتقت هذه التجارب، وشقت طريقها وانفتحت الكاتبة على قضايا اجتماعية معينة، معتمدة في ذلك على جرأتها الخاصة في تناول قضايا؛ تهم الرجل والمرأة.. وتحكي عن همومهما والمعاناة التي يتلقاها كل منهما في ظل المنظومة الاجتماعية التي تحكمهما، ثم ترسل رسائل انتقادية للذات، وللآخر، رافضة وكاشفة لزيف خطاباتنا وسياساتنا وأوهامنا المزيفة والمتناقضة، وتقول القاصة ربيعة ريحان في حوار أجرته معها مجلة اتحاد كتاب الأنترنيت المغاربة :     " على المرأة أن تكتب  وتبوح في شرط ثقافي معين وتثير الكثير من القضايا الخلافية وتدخل مدارات الأسئلة الساخنة، فذلك تحد محسوب لها." .
    ومما يمكن أن يدهش المتلقي في المتن القصصي عند المبدعة ربيعة ريحان؛ تنوع مشاهدها السردية وموضوعاتها، وطريقة توليدها للدلالات والمعاني؛ التي تلتحم جميعها في هم وانشغال واحد، ألا وهو التقصي والتنقيب لتقديم القضايا الاجتماعية المعقدة، وإن هذا الشغف الشديد بالبحث عن المختلف، يتجلى أيضا في انتقائها الدقيق لعناوين مجاميعها القصصية كعتبات دالة تختزل هوس الكاتبة بالمكامن المظللة، والأغوار الدفينة ( كلام ناقص – مطر المساء – أجنحة الحكي – شرخ الكلام – مشارف التيه – بعض من جنون ..)،ولعل الكاتبة راهنت عليها عند خروجها العلني القصصي الأول في (ظلال وخلجان)،والكشف عن مدى الثراء اللغوي الذي تتميز به، من تعبيرات عميقة باذخة بالإيحاءات، ذات إيحاءات عن المعاناة.. والحزن.. والقهر.. الطفولة.. والجسد.. والمرأة.. والرجل.. والتحرر.. والعالم الهامشي والزمن..
     
                                          
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف