" حلم " قصة قصيرة ..
_______________
أعجبني كلمات الأغنية التي سمعتها في المذياع ثم نسيتها, حاولت أن أتذكرها
ولكن دون جدوى ..
في الليل عندما غلبني النعاس , احتضنت الوسادة وكأنني أغمر الأمكنة كلها ,
, الحلم يتزين بقلائد ترن في الأعماق ,أجراس من الحواجز لا تتكسر ,معركة طاحنة تدور في رأسي لإجتياز الأسلاك , رأسي يدور مثلما يدور قرص الهاتف , كلمات الأغنية تباغتني كالشظايا الحادة
" مع إن الليل مجروح مجروح بيئن
مع إن الروح للروح دايما بتحن"
وفجأة يظهر أبي , أبي المتوفي يأتيني في الحلم ,يقف شاخصاً بعكازه ,
أحدق في سبحته البيضاء وهو يفركها بين راحتيه , أتامل تقاطعيه ,
الكلمات تطن في أذني , روحي تزداد توقداً ,
" مع إن الروح للروح بتحن "
أردد قائلاً
_ أبي.. هل تراني؟
والدي يتكئ على عكازه , نظراته الثاقبة تبتلع الضباب ,
وبخطوات ثقيلة يدير ظهره , أصرخ من قاع بئر عميق , تتطاير من جوفي الآهات , تدوي في حلقة مفرغة _ أنا الموجوع يا أبي ..
تكاثفت غشاوة من الحزن وهو ينهب الطريق , ساهماً تماماً
مثل كل الطرقات التي تصطدم في أعماقي دون أن تجد لها مخرجاً,
لم يسمعني , لم يراني , جاء وذهب وكأن شيئاً لم يكن ..
استيقظت من النوم , الأنين يتقافز , يتلوى في صدري ويعاهد دمعتي
بأن لا تنقطع ..
في الصباح غادرت المنزل .
تعرضت ُ لحادث مروّع, لا غرابة في اصابة طفيفة بكتفي ,
لكن باب السيارة تهشم ,نقلتُ سيارتي على الفور إلى المستشفى ,
وضع الميكانيكي سماعته الطبية على الماتور , سمع أنينا ًخفيفاً ,
قال بتهكم_ هذه المريضة تحتاج إلى طبيب جراح .
ذهبت ُ للسمكري ,احتضنها بالمِشرط وتركني أنزف
أمي تتصل بي , مسكت الموبايل كأنه قنبلة يدوية
قالت بحدة _ أخوك في أزمة , لابد أن تأتي حالاً.
تمزق صوتي عبر الصدى وأنا أقول
_ أمي ,لقد تعرضت لحادث ..
وكأنها لم تسمعني , تعودتْ أمي أن أسخر من كل شيء, حتى وإن كان الألم يمنحني
قدرة على التماسك ,قدرة على عناق الحزن اللعين ,
لكنّ هذه المرة لم أفلت من حالة التلذذ بالعجز والإحتياج ,
ابتسامتي الدائمة لم تعد تقنع الآخرين بأنها خير وسيلة
للتغلب على مرارة الأشياء وبأنني هذه المرة كنت أستحق بعض المواساة
والتلطف , الحلم يتنفس بإرتياح , الحلم يتحقق ,المشهد ذاته يتكرر ,
ولأول مرة شعرت كم أنا وحيد ..
____________________________
_______________
أعجبني كلمات الأغنية التي سمعتها في المذياع ثم نسيتها, حاولت أن أتذكرها
ولكن دون جدوى ..
في الليل عندما غلبني النعاس , احتضنت الوسادة وكأنني أغمر الأمكنة كلها ,
, الحلم يتزين بقلائد ترن في الأعماق ,أجراس من الحواجز لا تتكسر ,معركة طاحنة تدور في رأسي لإجتياز الأسلاك , رأسي يدور مثلما يدور قرص الهاتف , كلمات الأغنية تباغتني كالشظايا الحادة
" مع إن الليل مجروح مجروح بيئن
مع إن الروح للروح دايما بتحن"
وفجأة يظهر أبي , أبي المتوفي يأتيني في الحلم ,يقف شاخصاً بعكازه ,
أحدق في سبحته البيضاء وهو يفركها بين راحتيه , أتامل تقاطعيه ,
الكلمات تطن في أذني , روحي تزداد توقداً ,
" مع إن الروح للروح بتحن "
أردد قائلاً
_ أبي.. هل تراني؟
والدي يتكئ على عكازه , نظراته الثاقبة تبتلع الضباب ,
وبخطوات ثقيلة يدير ظهره , أصرخ من قاع بئر عميق , تتطاير من جوفي الآهات , تدوي في حلقة مفرغة _ أنا الموجوع يا أبي ..
تكاثفت غشاوة من الحزن وهو ينهب الطريق , ساهماً تماماً
مثل كل الطرقات التي تصطدم في أعماقي دون أن تجد لها مخرجاً,
لم يسمعني , لم يراني , جاء وذهب وكأن شيئاً لم يكن ..
استيقظت من النوم , الأنين يتقافز , يتلوى في صدري ويعاهد دمعتي
بأن لا تنقطع ..
في الصباح غادرت المنزل .
تعرضت ُ لحادث مروّع, لا غرابة في اصابة طفيفة بكتفي ,
لكن باب السيارة تهشم ,نقلتُ سيارتي على الفور إلى المستشفى ,
وضع الميكانيكي سماعته الطبية على الماتور , سمع أنينا ًخفيفاً ,
قال بتهكم_ هذه المريضة تحتاج إلى طبيب جراح .
ذهبت ُ للسمكري ,احتضنها بالمِشرط وتركني أنزف
أمي تتصل بي , مسكت الموبايل كأنه قنبلة يدوية
قالت بحدة _ أخوك في أزمة , لابد أن تأتي حالاً.
تمزق صوتي عبر الصدى وأنا أقول
_ أمي ,لقد تعرضت لحادث ..
وكأنها لم تسمعني , تعودتْ أمي أن أسخر من كل شيء, حتى وإن كان الألم يمنحني
قدرة على التماسك ,قدرة على عناق الحزن اللعين ,
لكنّ هذه المرة لم أفلت من حالة التلذذ بالعجز والإحتياج ,
ابتسامتي الدائمة لم تعد تقنع الآخرين بأنها خير وسيلة
للتغلب على مرارة الأشياء وبأنني هذه المرة كنت أستحق بعض المواساة
والتلطف , الحلم يتنفس بإرتياح , الحلم يتحقق ,المشهد ذاته يتكرر ,
ولأول مرة شعرت كم أنا وحيد ..
____________________________