في الموت حياة
علي الجمال نموذجاً
أيمن كراجة
علي الجمال واحدٌ من المناضلين الفلسطينيين الذين استطاعوا أن يقدموا المختلف في مسيرة نضالهم، صمود أسطوري في أقبية التحقيق وسنوات طوال في الأسر وصاحب أطول اعتقال إداري متواصل.
البعض قد يرى في ذلك أمراً مكرراً لدى العديد من مناضلي شعبنا، نعم العديد من أبناء شعبنا مروا بتلك الظروف ولكن ما المختلف لدى علي الجمال، يمكن الحديث وبإسهاب عن مزايا البشر وخصالهم، ولكن أن تشعرها وتلامسها بشكل مباشر هنا يكون المختلف.
علي الجمال من الواضح أنه كان كتلة متحركة من القيم الإنسانية السامية، لم يسعفنِ الحظ لأختلط به مباشرة مع أنني تربيت على قصته الملحمية في النضال والتضحية، ولكن إدراكي لعظمة ما قدمه لامسته في حديث زوجته وأسرته أثناء تقديم واجب العزاء.
من يريد أن يدرك كيف القيم يمكن لها أن تبني قصراً عظيماً من الأبهة الإنسانية وفخامة الروح وجميل الاعتقاد وسمو الفعل ما عليه إلا أن تطئ قدماه منزل الشهيد علي الجمال، فهناك حينما تتحدث زوجته ستدركون أي طراز من المناضلين كان هذا الفارس الذي ترجل صامتاً كما كان دوماً في عطاءه ونضاله، فحينما نرى أن التواضع والطيبة ومحبة العطاء تاجاً لأحد فاعلموا أنه وصل إلى حد الملائكية.
النضال حينما يكون صادقاً يعيد خلق البشر بصورة خلابة، لا تقوى أمام روعتها إلا على الانحناء تقديراً وتعظيماً، بهذا المعنى كان علي الجمال عالياً حمل في داخله كل تاريخ جنين وكفاحها ونثر على كل المحيطين به من جميل الروح والقيم ما يأسر كل ذي عقل وضمير، إنها الروح التي تفرض حضورها حتى وإن غابت في رحلة الموت، إنها الأفعال التي تتوارثها الألسن جيلاً بعد جيل لتحولّها إلى براعم تنمو في أفئدة الصغار فتعطي ثمارها ولو بعد حين.
عظمة الناس لا ما في تجيد قوله بل ما تستطيع فعله، فكان الجمال النموذج لكل ما يمكن أن يقال أو يفعل، كيف لا وهو المحب لكل الأطفال والمساعد للمحتاجين سراً وكتماناً، بلا استعراض أو تفاخر، كيف لا وهو من رفض المناصب وأصر أن يكون مناضلاً في ظل شعبه لا عليه، وكيف لا حينما تستمع إلى زوجته كيف تمنح حبها لطفلة كفيفة في ملجأ فتدرك أن العطاء سمة المجموع في عالمه، فهنا يظهر أصل المعدن.
حينما تزورون منزل علي الجمال استمعوا جيداً لزوجته، المربية التي اختارت أن ترتبط به رغبة ً منها في تعظيم مناضل بعد أن كانت تعرف تجربته النضالية التي دفع ثمنها من دمه وأجمل سنين عمره، فكان خيارها كما العديد من الماجدات اللواتي يرين في أنفسهن جزءاً متماً لإرادة الاستمرار والكفاح في سبيل أيام أجمل، فيحملن في أفئدتهن حب الوطن والرجال المدافعين عنه، وكل ما يرافق ذلك من وجع وتضحية، ولكن خيار العطاء يلقي بظله فيحيل الوجع إلى متعة حياة وواجب، إنها الملحمة التي تحيل التفاصيل الصغيرة التي قد نعبر عنها بلا سؤال إلى محطة زاخرة بالقيم والمعاني ودلالات الحياة .
بعض الناس يكونون حاضرين أو غائبين في حياتهم، ولكن هم قلة من يكون حضورهم بذات القدر في حياتهم أو بعد الممات، وعلي الجمال حاضراً في تلك القلة التي مضت بهدوء كما عاشت بهدوء القول وعظيم الفعل، مضى وترك من خلفه أبناءً وزوجة يحملون في أرواحهم عظيم قيمه التي جسدها فكان القدوة والنموذج. سلام إلى روحه التي طافت في البلاد ونثرت فيها من الجميل ما أضاف لنيسان جمالاً ولأهله ولزوجته عظيم التحية والتقدير.
علي الجمال نموذجاً
أيمن كراجة
علي الجمال واحدٌ من المناضلين الفلسطينيين الذين استطاعوا أن يقدموا المختلف في مسيرة نضالهم، صمود أسطوري في أقبية التحقيق وسنوات طوال في الأسر وصاحب أطول اعتقال إداري متواصل.
البعض قد يرى في ذلك أمراً مكرراً لدى العديد من مناضلي شعبنا، نعم العديد من أبناء شعبنا مروا بتلك الظروف ولكن ما المختلف لدى علي الجمال، يمكن الحديث وبإسهاب عن مزايا البشر وخصالهم، ولكن أن تشعرها وتلامسها بشكل مباشر هنا يكون المختلف.
علي الجمال من الواضح أنه كان كتلة متحركة من القيم الإنسانية السامية، لم يسعفنِ الحظ لأختلط به مباشرة مع أنني تربيت على قصته الملحمية في النضال والتضحية، ولكن إدراكي لعظمة ما قدمه لامسته في حديث زوجته وأسرته أثناء تقديم واجب العزاء.
من يريد أن يدرك كيف القيم يمكن لها أن تبني قصراً عظيماً من الأبهة الإنسانية وفخامة الروح وجميل الاعتقاد وسمو الفعل ما عليه إلا أن تطئ قدماه منزل الشهيد علي الجمال، فهناك حينما تتحدث زوجته ستدركون أي طراز من المناضلين كان هذا الفارس الذي ترجل صامتاً كما كان دوماً في عطاءه ونضاله، فحينما نرى أن التواضع والطيبة ومحبة العطاء تاجاً لأحد فاعلموا أنه وصل إلى حد الملائكية.
النضال حينما يكون صادقاً يعيد خلق البشر بصورة خلابة، لا تقوى أمام روعتها إلا على الانحناء تقديراً وتعظيماً، بهذا المعنى كان علي الجمال عالياً حمل في داخله كل تاريخ جنين وكفاحها ونثر على كل المحيطين به من جميل الروح والقيم ما يأسر كل ذي عقل وضمير، إنها الروح التي تفرض حضورها حتى وإن غابت في رحلة الموت، إنها الأفعال التي تتوارثها الألسن جيلاً بعد جيل لتحولّها إلى براعم تنمو في أفئدة الصغار فتعطي ثمارها ولو بعد حين.
عظمة الناس لا ما في تجيد قوله بل ما تستطيع فعله، فكان الجمال النموذج لكل ما يمكن أن يقال أو يفعل، كيف لا وهو المحب لكل الأطفال والمساعد للمحتاجين سراً وكتماناً، بلا استعراض أو تفاخر، كيف لا وهو من رفض المناصب وأصر أن يكون مناضلاً في ظل شعبه لا عليه، وكيف لا حينما تستمع إلى زوجته كيف تمنح حبها لطفلة كفيفة في ملجأ فتدرك أن العطاء سمة المجموع في عالمه، فهنا يظهر أصل المعدن.
حينما تزورون منزل علي الجمال استمعوا جيداً لزوجته، المربية التي اختارت أن ترتبط به رغبة ً منها في تعظيم مناضل بعد أن كانت تعرف تجربته النضالية التي دفع ثمنها من دمه وأجمل سنين عمره، فكان خيارها كما العديد من الماجدات اللواتي يرين في أنفسهن جزءاً متماً لإرادة الاستمرار والكفاح في سبيل أيام أجمل، فيحملن في أفئدتهن حب الوطن والرجال المدافعين عنه، وكل ما يرافق ذلك من وجع وتضحية، ولكن خيار العطاء يلقي بظله فيحيل الوجع إلى متعة حياة وواجب، إنها الملحمة التي تحيل التفاصيل الصغيرة التي قد نعبر عنها بلا سؤال إلى محطة زاخرة بالقيم والمعاني ودلالات الحياة .
بعض الناس يكونون حاضرين أو غائبين في حياتهم، ولكن هم قلة من يكون حضورهم بذات القدر في حياتهم أو بعد الممات، وعلي الجمال حاضراً في تلك القلة التي مضت بهدوء كما عاشت بهدوء القول وعظيم الفعل، مضى وترك من خلفه أبناءً وزوجة يحملون في أرواحهم عظيم قيمه التي جسدها فكان القدوة والنموذج. سلام إلى روحه التي طافت في البلاد ونثرت فيها من الجميل ما أضاف لنيسان جمالاً ولأهله ولزوجته عظيم التحية والتقدير.