الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحب ظاهرة إنسانية مجتمعية ثنائية الروح والجسد بقلم:أسيل غيث

تاريخ النشر : 2018-04-23
الحب ظاهرة إنسانية مجتمعية ثنائية الروح والجسد بقلم:أسيل غيث
الحبُّ ظاهرةٌ إنسانيّةٌ ( ثنائية الّروح والجسد)
 صورته في جامعاتنا ومصيره بين النجاح والفشل؟؟
      د. زياد بني شمسه / أستاذ الأدب والنقد جامعة بيت لحم
الطالبة أسيل غيث- جامعة بيت لحم  
 
" أنا لستُ أناني متسلط ولستُ منغلقٌ معقد،إنما متحضر، راقٍ ومتفهم، ولذا فإنني أحب الحياة وأسعى لها بكل ما أوتيت من قوة، ولا أهدر لحظة من حياتي دونما تفاعل  وأمل حتى يضفي علي الإحساس بالسعادة والهناء". وفي الوقت الذي يتعاطى فيه الطلبة "هرمون الحب" ويمارسونه بألوانه وأشكاله الحداثية الطازجة والكلاسيكية الأولى؛ فإنهم أمام منعطفين فيه: إما أن يتوج بنجاح  وسعادة أو يتجسد بخسارة نفسية قاتلة.
 نسعى هنا في هذه المقالة البحثية إلى معالجة موضوع الحبّ الظاهرة الإنسانية المجتمعية؛ صورته وألوانه؟ وكيف يمارس اليوم في مجتمعاتنا، بمهنية وعلمية، عبر استقرائه عبر العصور الكلاسيكية الأولى، وعصوره الحداثية الطازجة، في بيئات مجتمعاتنا منها الجامعات كعينية للدراسة والبحث، واستقراء آراء طلبة الجامعات باعتبارها عينية مجتمعية واعية، واستقراء صوره وحاله من وجهة نظر ذوي الاختصاص.
تطرح المقالة تساؤلات عدة:
- ما مفهوم الحبّ وألوانه في المجتمعات الكلاسيكية الأولى والحداثية؟
- ما لونه عند طلبة الجامعات هل هو عذريٌّ "عفيف" أم حسي عابث؟
2-  هل يتوج هذا الحبّ في  نهاية المطاف  بالسعادة أم يكون تعاسة وانتكاسة؟
3- هل يصبح الحب واقعة حقيقية محققة؟ أم ذكريات مؤسفة ومؤلمة؟
الحبّ الطبيعي؛هو يعطي الحياة معناها الحقيقي ونكهة خاصة مفعمة بالإحساس والفهم والانسجام والسعادة. وهنا لا قيمة للحياة الإنسانية بلا حب يمارس بشكله الطبيعي، دون قيود المنع والتحريم والتشهير، وهو ليس حالة انطلاق الغرائز وراء الشهوات لإشباعها بلا عقل أو تفكير؛ يتحول فيه قلب العاشقين إلى "عضلة بلاستيكية" خادعة؛ ورعشات جسدية لا إرادية.
  إنما الحب يتميز به الإنسان لرقيه الفكري والحسي والوجداني، إحساس منظم؛ قصة حضارة وجودية واقعية. ويلعب الحبّ عاملا نفسيا يصقل شخصية الفرد ويشكل هويته الاجتماعية فهو يحتاج من يشاركه همومه، ويحتضن أحلامه، ويمسح دموعه إن حزن، ويشدّ على يديه إن فرح.
ويمكن أن نتحدث عن لونين من الحبّ: الحبّ اللّاهي أو الحسيّ والحب العذري العفيف.
أولا- الحب الحسي: وهنا عزيزي القارئ نطرح عليك تساؤلات عدة: هل تحب من أجل         " البارفام الفرنسي النفاذ " ؟ هل تحب من أجل جمال وجه وطول جسم ؟ هل تحب لرؤية  وجه قمري؟ أم سمرة جسد "برونزي"؟ إذًا لا تقلق عزيزي القارئ؛ فأنت من مدرسة الحب الحسي مع كل اعتذاري لحبك "البارفامي".ِِ
 ويتصف الحب في الشعر العربي في عصوره الكلاسيكية الأولى بلونيه "الحسيّ والعذري"، ومن حسية الحب الاعتناء بالمفاتن؛ تتحول  فيه المحبوبة إلى دمية؛ حوراء واسعة العينين، وشعر أسمر أو أشقر طويل، متدل على وجه منير، متوسطة القامة مابين طول وقصر أو كما يقول الشاعر:
هيفاءُ مقبلةً عجزاءُ مدبرةً   لا يُشتكى منها قِصر ولا طُول
هذا الحب لا يؤمن بالواحديّة؛ تعدد فيه المحبوبات ِفي( list ) نسائي طويل يتسع لأكثر من محبوبة؛" هيفاء وصفاء وبراء ولبنى وزران وجمان .."  وتتنوع فيه ربّات الحسن والجمال، قصة حبّ ضخمة، ومسرحية كبيرة، متعددة الفصول والشخصيات، يسجل فيها واحدة ويحذف أخرى    (Delete)  ، ثم ينتقل فيها العاشق من زهرة إلى زهرة؛ يمتص ريحقها وشعاره في ذلك قول الشاعر:         إني امرؤٌ مُولعٌ بالحسنِ أتْبعُه    لا حظَّ لي فيهِ إلا لُذةُ النَّظرِ
فهل يعجبك أن تكون منهم؟ وهل يسرّك أن تستقبل فتاة في صبيحة ذلك اليوم وتودع أخرى؟
سلامٌ عليها ما أحبّتْ سلامَنا    فإنْ كَرِهتْه فعلى الأخرى السّلامُ
 إذًا؛ دعْنا  ننتقل بك إلى الغزل العذري العفيف علّه يعجبك أو يروقك؟
ثانياً- الحب العذري: قيل في هذا الحب: ممن الفتى : قال: من قوم إذا عشقوا ماتوا، قال: عذريٌّ وربُ الكعبة. هو حبّ المُرقّعين والبؤساء كما نصفه في هذا المقال؛ حب المجانين، كما ظهر في الأدب العربي: مجنون ليلي ومجنون لبني وجميل بثينة وكثير عزة؛ حب نقي عفيف طاهر سام يصطلي فيه العاشق بناره، ويستقرّ في أحشائه، كأنه محنة أو مرض لا يملك الخلاص منه. ورغم أنه مرقّع وللبؤساء لكنه يتصف بالإخلاص والواحدية في الحب؛ والعفة في الوصف يرتبط فيه العاشق بواحدة ؛يكتب حبه تارة حبه، و يذرف دموعه بمداد من ألم تارة أخرى:
أعدُّ اللياليَ ليلةً بعدَ ليلةٍ    وقد عِشتُ دهرا لا أعدّ اللياليا
هذا الحب العذري قصة بدايتها أمل ولقاء، ونهايتها ألم وفراق، ولكنه يبقى على أمل اللقاء حتى لو يوم القيامة:
وقد يلتقي الشتيتانِ بعدما        يظنّا كلَّ الظنِ ألا تلاقيا
الحب رباط مقدس؛ وعبادة مشروعة، يتعبد فيها العاشق في محراب محبوته؛ ويقدم لها دعواته وصلواته يقول:
تراني إذا صليتُ يَمَمّتُ نَحوها    بوجهي وإنْ كانَ المُصلى ورَائيا
وما بي إشراكٌ ولكنْ حبُها  كمثل الشجى أعيا الطبيب المداويا
أحبّ من الأسماءِ ما وافقَ اسمها   وشَابَهَهُ أو كان منه مُدَانيا
إذًا؛ هل تحب أن تكون مرقّعا؟ وبائسا ونزيلا في إحدى المشافي هزيل الجسم، تعاني من مرض الحب؟ فعليك أن تكون عُذريا شعارُك:
أُصَلي فأبكي في الصلاةِ لذِكرِها      لي الويلُ لما يكتب المَلَكان ِ


وهنا نعرض بعض من آراء طلبة الجامعات ، وذوي الاختصاص في  الحب وألوانه السابقة:
- ي. ح (طالبة سنة رابعة، تخصص أدب عربي): الحب حسيّ في غالبه، لكون العاشق صغير السن، وهمه الوحيد أن يتلاعب بمشاعر الطالبة، ولا يفكر بموضوع الزواج بل همه إشباع رغباته المكبوتة.
- ع. ص(طالبة سنة رابعة، تربية رياض أطفال): الحب حسيّ في هذه المرحلة، لأن الطلبة  في مرحلة اختلاط بين الشباب والبنات ومرحلة تجريب، ولا يوجد لديه علاقة ثابتة، يهمه أن يجرب أكثر من علاقة في السنة نفسها، ولا يتخد قرار صحيح بشأن علاقته مع الفتاة.
- أ. خ (طالبة محاسبة،سنة ثالثة) الحب هنا ليس صادقا، والشباب ينظرون إلى الفتاة عالم غريب يحبون أن يكتشفونها بعد أن يحسون بملل الحياة القاسية التي يعيشها.
- ه. ح (طالب محاسبه،سنة رابعة) كرأي عام، الحب حسي لكن كرأي شخصي الحب هنا لاهي حسي وليس عفيف.
د. ق (كلية تربية،سنة ثالثة) الحب في الجامعات عموما: حب " بينوني"  أي بين العذرية والحسية، ولكن القسم الطاغي هو الحب الحسي اللاهي.
- خ. ع (طالبة علم اجتماع،سنة ثالثة) الحب مفهوم نسبي؛ كل شخص له مفهومه وطريقته بالحب تختلف من شخص لآخر؛ وتختلف حسب رغبات الشخص.
- أ.س (طالب أدب انجليزي،سنة رابعة) الحب هنا في جامعة بيت لحم، حب حسي لاهي بالنسبة للشب؛ أي للتسلية فقط حتى يضيع وقت فراغه.أما بالنسبة للفتاة فحبها عذري وصادق - ب. ز (طالبة أدب انجليزي، سنة ثانية) لا تؤمن بالحب لا يوجد وفاء وصدق بالحب،لا يوجد شخص يستحق أن نضحي من أجله.الحب هنا شكل ومنظر بالنسبة للشب أي لاهي بسبب القيود التي يعيش بها، وأيضاً بسبب وسائل الانترنت التي يتأثر بها ويحب أن يقلدَ الغير.
- ل. ع ( باحثة أكاديمية) : الحب خيالات لا يمس للواقع بصلة، والقصص الغرامية غير واقعية، الفتاة  يجب ألا تنتظر أحدا يحقق أحلامها، وعليه أن تسعى بنفسها لتحقيق ذاتها لأن الشاب ليس  بيده مصباح علاء الدين، عليها أن تعمل عقلها في الحب، فالحب مشاعر ليس له قواعد ثابتة إحساس قابل للزوال، فكن/ي عقلانيا.
د. زياد غانم/ باحث وأكاديمي: الحب في الجامعات ظاهرة واقعية؛ تمارس في أغلب  الأحيان بوعي وإدراك؛ لأن الطلبة دخلوا مرحلة جديدة ؛ قد يكون في السنوات الأولى الجامعية عبثي لاهي؛ لكنه يبقى خيط طاهر في إطار المحبة والزمالة والتعاون الدراسي والمجتمعي والبحثي، لا تمسه شوائب، صريح أمام المجتمع الجامعي، قد يتوج بالأمل والنجاح وهي حالات نادرة، وفي أغلب الأحيان تذروه رياح التخرج من الجامعة، ويبقى أثرا جميلا بين الطلبة.
- د. مؤمن البدارين أستاذ النحو والصرف جامعة بيت لحم :هل الحب مقبول شرعا وعرفا؟ أم لا؟ إذا أردنا أن نكون موضوعيين لا شرع ولا عرف يقبلان بوجود علاقة بين الطلبة والطالبات تتجاوز حدود علاقة الزمالة؛ ولعل سبب ذلك يعود إلى القاعدة الفقهية ما أدى إلى الحرام فحرام، وفي العرف " سمعة الفتاة كزجاجة"، ومجتمعنا فلسطيني محافظ بالعموم.
- د. فردوس العيسى  تخصص الصحة النفسية جامعة بيت لحم :
الحب بالعقل، والنظر بين الطرفين إلى المستوى الفكري والاجتماعي والثقافي، ويحترم الطرفين الآخر، وبينهما شراكة يتقاسمان فيها الهموم والحياة.
- د. أحمد فسفوس أستاذ علم النفس الإكلينيكي/ جامعة بيت لحم:
الحب مستويات وأدنى مستويات الحب إشباع الحاجات وأعلاه حب الآخر أي حب الذات، الحب في الجامعات واقعي بحاجة إلى وعي يتوج بالنجاح.
- محمود حمّاد/ أستاذ علم الاجتماع جامعة بيت لحم:
الاعتقاد السائد بناء على الوقائع المشاهدة على ساحة الجامعة تفيد بأن معظم علاقات ما يسمى " علاقات حب " غابا ما تبوء بالفشل  الذريع وهذا يعني أن القصص الناجحة تبعا للبيئات الاجتماعية المختلفة وطبيعة القيم الثقافية المتفاوتة بين الأفراد عدا  عن الأسباب الأخرى التي تتعلق بنوع المدرسة مختلطة وغير مختلطة.
ما يحدث من علاقات حميمة قد تعود إلى تفسير بيولوجي يتمثل بحاجة الإنسان للجنس الآخر مع الأخذ بالاعتبار البعد الوجداني. واعتقد أن الحب بين الطلبة هو " موسمي" قد ينتهي بسرعة نتيجة اكتشاف حقائق مؤلمة لم تكن في حساب أحد الطرفين.
-    الطالبة أسيل خاطر/ رئيس مجلس اتحاد الطلبة: ينقاد الحب بإنسيابية سلسة في الجامعة ليرتقي على أسمى درجات العذرية والإخلاص، ليعكس بذلك ما تنامى في أزقة ذاكرتنا عن الحب من أوهام وسلبيات ويغير الآلام إلى آمال ويسمو بذواتنا وواقعنا وتطلعاتنا إلى عنان السماء.
أخيرا؛  بعد النظرية واستطلاع الآراء؛ هل يمكن الحديث " حب ثالث " وسط بين اثنين هو" الحب العقلي" ؛ باعتبار الحب  حقيقة وعلاقة لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها؛ فمهما كانت أشكاله حسيّا أم عذريا أم عقليا وسطا، يبقى نعمة الله لمن يفهمه؛ تتوج به الإنسانية، وتنتظم به العلاقات؛ وهو في حقيقته شوق وتعطش إلى استرجاع السعادة المفقودة، فإما أن يكون شقاء وإما أن يكون سعادة وحياة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف