الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ابن جذع النخلة!!بقلم: أ. حسين عمر دراوشة

تاريخ النشر : 2018-04-22
ابن جذع النخلة ... !!!
بقلم: أ. حسين عمر دراوشة
 (باحث وكاتب ومحاضر فلسطيني)
    ذهب أبو القدايد إلى أهله يتمطى، يتباهى  بصحبته النبيلة مع أبناء سحنته، يذوب في حشا الأحاديث الحسنة والسيئة، ويحب أن تلفح وجهه المرايا الخاطفة؛ لترسم محياه وملاحة وجهه أمام مرأى الأحباب؛ لتنهال الضحكات وتتوالى النكزات  الجميلة في دوحات الحدائق والآجام ... إنها للحظات سحرية .. تأخذ اللباب وتأسر القلوب...!!
    يتملق كطواف بيت هنا وهناك  ويلهث  بحمل وبغيره، تلك الأماني التي حازتها النفس منذ أزل...!!!
    يصادفه رب البيت الذي التجأ إليه في يوم كان قمطريرا، فتوسل إليه ودخل إلى مسارب نفسه، طلباً للدفء والحنان وأخذت العلاقة تلتحم مع ذاك الرجل، فإذا به شيخ وقور جاثم على ظهر هذه  المنطقة  كالنخلة الشماء التي تلامس السماء، وتداعب الرياح الهوجاء والساكنة التي تبعث في النفس وتتراءى لها جماليات الحياة التي تسعى بين يديها... فجذعها ثابت وفرعها يتباهى في كبد السماء وعنان الفضاء الرحب... الذي تتلألأ فيه شمس النهار، ويربع على عرشه القمر والنجوم ترعى حوله...!!!
خطابه الشيخ قائلاً: تتطوع عندي مقابل أن تسكن وتأكل وتشرب ...!!!
فكر في الكلام وبدأت صراعات النفس تحدث أخاديدَ بين الرفض والتأييد في جذران الكينونة والذات، فرد قائلاً:
أمهلني لكي أفكر ...
الشيخ: تدبر الأمر، وضروري تعطيني رأيك...
وانصرف إلى مبتغاه... فأجاب أبو القدايد وهو يطأطأ رأسه: حاضر يا قائدي المبجل...فنظر فإذا به لم يجد من يتحدث إليه، وصمت ... يتحدث مع نفسه كيف أصبح قائداً لي؟، الكلام كثير و"الضيف أسير المحلي"، الدنيا تريدنا هكذا...!!
***
جاء الشيخ إلى أبي القدايد ومعه إكراميات الضيافة، قائلاً:
تفضل على ما قسم الله من ميسور البيت...!
أبو القدايد: وجبة دسمة بيت السبع لا يخلى من العظام...!!!
لقد خصه الشيخ بهذه الوجبة الثمينة التي أسالت لعاب أبي القدايد وفتحت  مجاري شهيته ...!!!
الشيخ: ما رأيك في الموضوع؟
أبو القدايد: أنا موافق على أي شيء تراه يتعبني ويريحك...!!
يفكر الشيخ ويهز رأسه  ويكرر في خلده تذهب العقول عند البطون... فبادره قائلاً:
أمر جيد، اجلس مع أبنائي لكي أقضي التزامات خاصة بي...
تعرف أبو القدايد على أبناء الشيخ، والتصق بابنه زاهي ذلك الشاب الوسيم، الذي ورث صفات الأدب الجم من والده،  واشتد الوثاق في ردحات الزمن المترامي في تلك الحياة السعيدة التي تحمل في جنباتها مزيداً من الورود المجروحة  والفواحة.... التي ابتسمت بدت عليها علامات الابتسامة رغم الجراح... !!!
تسلل أبو القدايد إلى دوائر خلان زاهي وبدأ يحوم كالبازي يبحث عن فريسته، ولم يدر أن ابن جذع النخلة ... قد رأى في حياته الكثير ... وصدق القائل:
ومن يجعل الضّرغام للصّيد بازه ... تصيّده الضّرغام فيما تصيّدا
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ ... يضرّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسم
همس أبو القدايد في نفسه، متسائلاً:
كيف  لي أنال رضا ابن جذع النخلة ... ؟، إنه  رجل يمتلك كنوزاً وثرواتٍ، حتى خيل لي أن يمتلك مفاتيح الجنة ... إنه لهو المخلص، وسيد القرار في حياتي ...!!!
***
قابل أبو القدايد ابن صفه الذي درس هو وإياه في مدرسة واحدة، يحاول تذكر اسمه، لكن لغة العيون أوصلت رسائل التعارف بين ركام الحوادث وطوارق سنين الفراق، وأحيت غابر الذكريات... أين أنت يا صديق المدرسة؟، أأنت أبو القدايد ...؟!
اشمأزت نفسه؛ لأنه للوهلة الأولى لم يذكره باسمه الحقيقي، فأجاب  على مضض قائلاً:
نعم...!!
أأنت نزّال الذي كان يجلس آخر الصف:
نعم أنا أنا...!!!
أبو القدايد: الدنيا فيها أشكال وألوان.
نزّال: ما شاء الله عليك متغير كثير، والله إنك أصبحت من عداد الرجال ...!!!
أبو القدايد: كلام جارح، كلما تقدمت في العمر أوشك رصيدك العقلي على الفناء...
نزّال ما فتئ يفكر في الكلام... قائلاً:
أنا صورة قبيحة عن الماضي الجميل...!!!
يناجي أبو القدايد نفسه، يبدو أني أثقلت عيار  الحديث مع نزّال... على العموم:
الله يرحم أيام زمان، كانت حلوة كثير ...!!
صفن نزّال في رياض تفكيره وغياهبه... قائلاً:
لا تبكِ على الماضي، إن هذه الأيام أحلى بكثير من الزمن الفائت...!!!
أبو القدايد: يتخيل لك يا حبيبي...!!!
نزّال: كيف...؟
كأنه لم يسمع ويريد منه أن يكرر...!!!
***
أبو القدايد: ماذا تعمل الآن؟
فكر نزّال، لماذا يا تُرى يسألني عن هذا الأمر؟، فرد قائلاً:
في شركة يمتلكها زاهي ابن الشيخ... العمل فيها جميل وممتع ومربح مادياً...!!!
أبو القدايد: المادة ليس مقياس، لكن أريد أن أتعلم وأكتسب خبرة في هذه الحياة؛ لأني قرأت العلم والمعرفة ولم أدرك شيئاً من أمور المعيشة...!!!
يثق نزّال من نفسه المحمومة، وتقع عينه على أبي القدايد، وتتسع فتحات عينيه، ويهز رأسه قائلاً:
لا تخف نرتب لك الأمور ... كل يوم جالسني لازم تتدلك في تدبير العيش والحياة...!!!
أبو القدايد هل يخدمني بلا مقابل؟، أم أنني سأدفع الثمن وسيقذفني بعد الاستخدام كريشة في مهب الريح... أو ورقة في سلة المهملات... آه الدنيا مصالح يا  فالح ...  وبهدوء مستمر يمعن التفكير في سجلات تاريخه ومواقفه، فيسأل نزّال قائلاً:
كيف علاقتك مع زاهي...؟ هل هي حميمه أم فاترة...؟
نزّال:  إنه لعقلية جبارة ويهف ويلف...ولا يغرنَّك هدوءه وصمته الدفين الصاخب... وضحكاته العريضة الصفراء...!!!
أبو القدايد: لا تبخس الناس أقدارهم، وهل شققت عن قلبه؟
نزّال: لا يهمني قلبه، بقدر ما تهمني متابعة  أقواله وتصرفاته وتحركاته ونشاطاته ... وجل سلوكياته... لإيقاعه في شركي...!!!
صمت أبو القدايد وتجرع آخر عبارة التي شكلت صدمة له، لم يخيل له ذلك، فرد قائلاً:
هذا تجسس وغيبة ونميمة، هذا حرام...!!!
نزّال: الذي يكذب يذهب للنار... قال حرام، كيف حرام والناس نيام...!!
يتحدث أبو القدايد مع نفسه إنني جربت أمثالك وأمثاله من ذي قبل، وقد حاورته، صعب ومتعجرف... نار الحياة ولوعتها ولا جنة الشركة وخباثتها...ابن البط عوّام... فقال:
 إنه ابن جذع النخلة ... يا له من رجل ... ويا لنا من رجال...!!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف