الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ثقافة العقل النقدي المغيبة (3) الفاشية الوطنية بقلم:م.طارق الثوابتة

تاريخ النشر : 2018-04-21
ثقافة العقل النقدي المغيبة (3) الفاشية الوطنية
لقد فتحت الثورة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر ولأول مرة فى تاريخ الإنسانية الطريق واسعا أمام الشعوب لتبؤ مكان لها فى إدارة الشأن السياسي العام وهو ما أعطى دفعة كبيرة وغير مسبوقة لركب الحضارة الإنسانية نحو التطور من خلال شعار الحرية والإخاء والمساواة لقد أرست الثورة الفرنسية ولأول مرة فى تاريخ البشرية أسس نظام الحكم الديمقراطي الحقيقية بإضافتها لضلع الشعب الناقص فى مثلث التجارب الديمقراطية الإنسانية التاريخية فمنذ عهد أفلاطون وحتى القرن الثامن عشر لم يكن ثمة ذكر للشعب فى اى تجربة حكم ديمقراطية او حتى فى أدبيات المفكرين كان الحديث دوما مقصورا على النخب من النبلاء ورجال الدولة و الدين عندما يتعلق الأمر بالإدارة الشأن العام ضمن مفاهيم الراعي والرعية حيث الرعية لا شان لها بأمور الراعي غير السمع والطاعة لقد أسقطت الثورة الفرنسية لأول مرة فى تاريخ الإنسانية هذا المفهوم لصالح مفهوم جديد هو مفهوم المواطنة وفصل السلطات وهو ما فتح الباب أمام ثقافة سياسية وإنسانية جديدة لا علاقة لها بالماضي الفاشي للتجربة السياسية الإنسانية
لقد شكل انتصار الثورة الفرنسية الشعبية علامة فارقة فى تاريخ الفكر والحضارة الإنسانية وفتح أبواب التقدم والتطور الفكري عبر تفعيل مفاهيم العقل النقدي والعلمي التجريبي عبر التجربة والخطأ وهنا حدث انتقال فكرى انسانى عميق من الأفكار المطلقة الى تلك التجريبية التى تحتمل الصواب والخطأ والتي يحكمها منطق العقلي النقدي التجريبي لكن هذا التطور الانسانى لم يمنع حدوث انتكاسات لاحقا عبر انبعاث أنظمة فاشية وجدت طريقها للسلطة عبر الديمقراطية وعبر اللعب على الشعور الوطني للشعوب بعد أن أنهت الثورة الفرنسية اى سبيل للعب على الشعور العقائدي الديني بحسم هوية الدولة وتحيدها عقائديا باعتبارها علمانية مدنية وقد تجل ذلك الانبعاث الفاشى فى ظهور الحركة النازية فى ألمانيا والفاشية فى ايطاليا فى لحظة انحطاط تاريخية وهزيمة للالمانيا وتفكك وانهيار وفوضى فى ايطاليا لقد لعبت الفاشية والنازية على وتر إحياء الشعور الوطنى عبر السير خلف المخلص الوطنى القادر على إعادة الهيبة للأمة الألمانية والايطالية وإعادة الأمجاد الغابرة عبر حشد الأنصار وتدعيم النظام الدكتاتوري الفاشي القمعي فى كلا البلدين لكن قرن ونصف من عمر التغير الثقافى التنويري فى أوروبا حال دون انتصار الفاشية الوطنية التوسعية الألمانية والايطالية فى أوروبا وهو ما أدى فى نهاية المطاف لاندلاع الحرب العالمية الثانية التى حصدت مايزيد عن 60 مليون قتيل قبل ان تنتهي بسقوط النازية والفاشية لقد أعطت الحرب العالمية الثانية درسا عميق أخر لأوروبا وللبشرية عن خطورة الأنظمة الفاشية عندما تخضع شعبها وتفتح شهيتها للتوسع لتخضع المزيد من البشر لسطوتها وذاك هو ديدن الأنظمة الفاشية إذا ما امتلكت القدرة ووجدت المجال متاح لذلك
ان انبعاث النظام النازي الفاشي فى ألمانيا بداية القرن العشرين يؤشر الى ان مفاهيم وقيم التطور الانسانى الذى أسست له الثورة الفرنسية لم تكن بعد قد ترسخت فى الثقافة السياسية للأمة الألمانية بحيث لم يستطع الالمان إدراك خطورة الحركة النازية التى لبست ثوب المدافع الغيور على الوطنية الالمانية الجريحة فلم يدرك الالمان ان تضميض الجروح الوطنية بايدى نظام فاشى يعنى ضياع الوطنية ووأدها لقد تنازل الالمان عن حريتهم من اجل وطنيتهم ففقدوا حريتهم وقسم وطنهم لكنهم لم يعيدوا الخطا مجددا فبعد قرابة نصف قرن استطاع نظام ديمقراطى فى شطرها الغربى ان يعيد الوحدة لشطرى الوطن ويستعيد القسم الشرقى من يد نظام فاشى منهار واستطاع اعادة بناء الوطنية الالمانية عبر الديمقراطية على يد الحزب الديمقراطى المسيحى بزعامة هولمتكول الذى لم يمدد له الالمان ولاية ثالثة رغم الانجاز التاريخى الذى حققه فقد تعلم الألمان الدرس جيدا وعندها تصرفوا كما تصرف البريطانيون مع تشرشل بعد انتصار بريطانيا بزعامته فى الحرب العالمية الثانية عندما اسقطوه بانتخابات ديمقراطية وصوتوا لمنافسه وذلك لايعنى ان تشرشل اوهولمتكول لم يكونا جديرين بالثقة لكنه يعنى ببساطة ان الامة الالمانية والبريطانية قد ترسخت فى وجدانها الثقافة الديمقراطية وقررت القطيعة الابدية مع عهود الفاشية والديكتاتورية التى تصنع فيها الامم دكتاتوريتها و طغاتها واستطاعت الأمة الألمانية ان تتبؤ مكانها الريادي مجددا فى أوروبا بعد ان رسخت قيم الديمقراطية عبر تجربة عملية مريرة وباهظة الثمن دفع خلالها الشعب الالمانى ضريبتها كاملة ليدرك ان الأنظمة الفاشية لا تقود شعوبها الا نحو الهاوية الحتمية

م.طارق الثوابتة
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف