الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فلسفة الدم بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2018-04-19
فلسفة الدم بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
فلسفة الدم

( عادل بن مليح الأنصاري )

قال الفيلسوف ( جيرمي بنثام ) ذات يوم : " ليس السؤال هو : هل الحيوانات تفكر ؟
أو : هل تنطق ؟
لكن السؤال هو : هل تشعر بالألم ؟

لم يكن هذا التساؤل وليد اللحظة أو وليد تلك الفترة الفلسفية من عمر التاريخ الفلسفي الإنساني , ولكنه امتداد للفترة تمتد حتى 250 ق . م , ولا أدري حقيقة هل هي فعلا فلسفة جديرة بأن تأخذ مكانتها (كسؤال) في تاريخ الفلسفة البشرية , لاشك أن المنطق والتجربة والبداهة وحتى أراء بعض الفلاسفة الآخرين تصب في حقيقة أن الحيوانات تشعر بالألم , والشواهد لا تعد ولا تحصى من واقع حياتنا اليومية وحتى في أبسط صورها , فالخروف عند ذبحه يصدر حركات وأصوات تدل قطعا على شعوره بألم شديد (وربما) صرخة احتجاج ( بفلسفة حيوانية ) تقول لماذا هذا يحدث , كذلك لو أمسكت بقط صغير وحاولت وخزه بإبرة في جزء من جسده , ستكون ردة فعله الفطرية المقاومة , وربما الهجوم المعاكس عليك , ولو حدث أنك استطعت إدخال الإبرة في جسده لأصدر أصواتا عنيفة تنتج عن إحساسه بالألم , هذه بديهيات لا يمكن حتى مناقشتها , ولكن السؤال هو : لماذا هذا السؤال الغريب يصدر من قِبل فئة مفكرة تكاد تصنع من بعض المفردات تاريخ إنساني ربما يوغل في الغرابة ؟

ربما يجب أن يكون السؤال الصحيح هو :

هل شعور الحيوان بالألم يهمنا كبشر من الناحية الأخلاقية أم لا ؟

فالإنسان ومنذ عصور وهو يمارس التجارب على الحيوانات ويقوم بذبحها وربما التسلية بها حتى يرى الألم ينبعث منها جليا واضحا في تصرفاتها وتعبها وردة فعلها على قسوة الإنسان أحيانا .
الإنسان هنا يمارس أقسى أنواع التحيز (الفلسفي) اتجاه الحيوان , فهو يبرر تلك الأفعال كما يشاء , فالذبح للغذاء , والتجارب للتقدم العلمي , والتسلية للرياضة , وهكذ !
ولكن يمكن لنا أن نطرح المثال التالي لنثبت تحيز الإنسان (الفلسفي) ناحية الحيوانات , وربما لأنها تحتل المرتبة الثانية في الخلق من حيث الشبه بالإنسان , كالحركة وبعض المكونات كالعين واللسان والأسنان وغيرها , ولنا في بعض فصائل القرود خير دليل , وحتى تطور هذا الإنسان عزاه بعض العلماء كدرجة من تطور بعض أنواع الحيوانات ذاتها ( كالقردة ) مثلا .

وهذا المثال كالتالي :

ماذا لو كان هناك إنسان مصاب بمجموعة من العلل المزمنة ( والتي لا رجاء من برئه منها ) كضمور في المخ والأعصاب وشلل كامل وعمى وصمم , هنا يُعتبر هذا الإنسان (ربما) من الأداء والعطاء والنفع أقل كثيرا من بعض من الحيوانات , هو هنا كمخلوق بعيدا عن التصنيف مخلوق لا فائدة منه (بشكل علمي وعملي , مع الاحترام لكونه مخلوق بشري كرمه الله ) , هل هنا يمكن أن نتقبل أن نجري عليه نفس التجارب التي نجريها على الحيوانات كونه ( عاجز تماما حتى عن التصريح بالألم والشقاء ) ؟
لماذا لا نتصور مجرد تصور أن نخضعه لنفس التجارب التي نجريها على الحيوانات ( بالرغم من أن معظم الحيوانات ربما تكون أقدر منه على إظهار شعورها بالألم والاعتراض والخوف على ما تشعر به من ألم ) ؟
أليس هو التحيز ( الفلسفي ) لكونه إنسان فقط ؟
فالإنسان هو صانع الفلسفة وهو موجهها كيف يشاء , وهو يضع أفكارها وتوجهاتها وشروطها ومنطقها , ويقوم بتطبيقها على الكون بكامله .
الإنسان هذا الكائن الغريب الذي لا يتردد في قتل ملايين الضحايا من البشر والحيوانات وهدم المعالم والحضارات وحتى الأطفال والمسنين والنساء لتحقيق فكرة أو الوصول لهدف ( ربما ) يكون نتيجة لغروره أو تحديه فقط , يتساءل عن شعور الحيوان بالألم !
هو لم يهتم بشعور الإنسان بالألم أولا !!
والقصد هنا أن الفلاسفة السابقين واللاحقين لم يضعوا دراسات متكاملة وحقيقية ذات نتائج علاجية وتحليلية لقدرة هذا الإنسان على خلق الألم لنفسه قبل الحيوان !!
فمبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) وفلسفة ( النفعية ) كلها تصب في إذكاء روح القسوة على تصرفاته وخاصة أولئك القلة من الساسة عبر التاريخ الذين كتبوا فلسفاتهم بالجماجم والجثث وخراب المدن والحضارات !
أحيانا قد نجد إجابة شافية في تعاليم الفلسفة في تبرير تلك التصرفات الدموية لبعض تجار الدم عبر التاريخ , ولا ندري هل هم صاغوا تصرفاتهم بناء على فلسفات درسوها وعرفوها أم أنها تصرفات بشرية تخضع لتلك الدراسات الفلسفية وتبرر منطقها ؟

فمثلا : هل الخير يكون خيرا محضا لأنه خير أم لأننا نراه خيرا ؟
: هل يمكن أن يكون الخير شرا والشر خيرا ولكننا وضعنا قوانين مجردة عن
حقيقتها لتكون خيرا أو شرا ؟
: هل نبرر قتل 99 إنسانا من أجل أن ننقذ 100 إنسان ؟
: ثم هل نحن ( مسيرين أم مخيرين 9 ؟
: التبريرات الأخلاقية مثلا للقتل الرحيم , الدفاع عن النفس , وغيرها .

قد لا نكون مخطئين لو قلنا أن أغلب النتائج الدموية التي تنتج عن اتخاذ قرارات الحرب وما ينتج عنها من دمار وقتل غير متوقع يقع تحت تأثير ( فلسفة التأثير المزدوج ) " لتوماس ألاكويني " فيلسوف القرن 13 , وهي ببساطة ( فصل نتائج الفعل المقصودة عن النتائج التي كانت متوقعة فقط ) , بمعنى أن احتلا مدينة أو دولة كان مقصودا من قِبل ذلك الديكتاتور , ولكن النتائج من قتل الملايين والدمار للمدن تلك نتائج متوقعة وليست هدف للخطة !!!!
هناك الكثير من النظريات الفلسفية ( والتي تحتاج لوقت وتمحيص وبحث , والتي تبرر الكثير من التصرفات الغريبة والغير متوقعة والغير منطقية لبعض البشر سواء أكانوا بسطاء أم جبارين ) .

ولكن السؤال الأهم :

هل تنطبق على أفعالهم تلك النظريات , أم أنهم يطبقون تلك النظريات على أفعالهم ؟
ولكن المؤكد أن أغلب أولئك الجبارين لا يملكون وقتا لدراسة الفلسفات الإنسانية ليبحثوا عن تبرير لتصرفاتهم (خاصة الدموية) , فربما طُبقت تلك الفلسفات على تصرفاتهم كمبدأ إنساني فطري أو ربما كانت نتيجة توجيه من مستشارين متخصصين يحيطون بهم ليبرروا تصرفاتهم بناء على فلسفات إنسانية وُضعت عبر التاريخ ليقنعوهم ( بأخلاقيات ) تصرفاتهم !
وكمثال على ذلك قول الصديق رضي الله عنه عندما وليَ الخلافة :
( أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني ..... ) .


أخيرا
ربما لن تتوقف عجلة الفلسفة في المضي قدما في طريقها ( إن صح التعبير ) القفر , فهم قلة من يجوبون طرقاتها ويمتلكون القدرة على العثور على ما يمكن أن يفيدهم , ويستخلصون ثمار أشجارها الحلوة أحيانا والمرة أحيانا أخرى , ولكن الخطورة كل الخطورة من البعض الذين يحصدون ثمار العلقم من طرقاتها ليهيئوا بها وليمة من الدم لسفاح ما ينتظر عبر انحناءة تاريخية ذات زمن .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف