الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في ذكرى أربعينية الفنان عبد المطلب السنيد بقلم:فاضل البياتي

تاريخ النشر : 2018-04-19
في ذكرى أربعينية الفنان عبد المطلب السنيد بقلم:فاضل البياتي
   في ذكرى أربعينية الفنان عبد المطلب السنيد
فاضل البياتي
*  في الغربة، وفي ولاية ميشيغان الأميركية، رحل الفنان العراقي المسرحي القديرعبد المطلب السنيد، يوم الخميس 8 آذار 2018 بعد معاناة مع المرض. وتمرهذه الأيام ذكرى اربعينيته..الرحيل من زمن الفن الجميل نحو زمن الغربة *                                                
كان ذلك صيف عام 1991 لقد كانت مفاجأة بحق بالنسبة للفنان الرائع مهند الأنصاري، مديرإذاعة بغداد، عندما قدمت له إستقالتي ورغبتي في أن أحيل نفسي الى التقاعد من عملي كمخرج ورئيس لقسم التمثيليات في الإذاعة، وهو الفنان ألذي وجدت معه إحتراما وحبا مشتركا للتمثيلية الإذاعية، فكانت نتاجات إذاعة مشتركة، حيث كنا نصغي معا لعدة من أعماله أو من إعمالي الإذاعية ونبدي الرأي فيها.
 قال لي مندهشا ...
- تريد التقاعد؟
- أجل، انني افكربالهجرة.لقد حصد الجيش والحروب أكثر من أثني عشر عاما من عمري، ليس هنالك من أمل، وليس هنالك من ضمان لعدم استدعائي للجيش من جديد. مجبرأخاك لابطل.
  أجابني حينها.
 - تريث في الأمر يافاضل، فالغربة رحلة بلا رحمة.
هاأنا ذا الآن أعيش مع غربتي التي بلا رحمة، قريبا من المحيط المنجمد الشمالي، غربة تواصلت معي دون إنقطاع، لما يقرب من 26 عاما، لم يتنفس فيها فؤادي طيلة تلكم السنين العجاف هواء حبيبي العراق الجميل...
 في سنة 1968 صعدت لأول مرة ممثلا على المسرح، مع ثلة من زملاء الدراسة في المرحلة المتوسطة، من الطريف أنه كانت المسرحية الشعبية "الدبخانة" هي مثلنا الأعلى وكل مانستطيع، كانت تلك المسرحية بعفويتها تشكل ذاكرة أولية لإنتظارالموعد للزمن الجميل.
 عام 1970 كان تمهيدا لمرحلة شروق زمن الفن الجميل لتكتب مرحلة مهمة في تاريخ الإبداع العراقي االمعاصر، وفي كل مناح العطاء المتألق والذي مازلنا نتنفس رحيقه ونشتاق أليه، في الأدب، المسرح، السينما، الإذاعة والتلفزيون، الموسيقى والغناء، والفنون التشكيلية.
عام 1970 حينما بدأت دراستي في معهد الفنون الجميلة، القديم، قسم الفنون المسرحية، كان زميلي عبد المطلب السنيد قد تخرج من المعهد في العام نفسه.. كان مثابرا حصيفا وعاشقا حقيقيا للمسرح وفن الدراما بكل أتجاهتها وصنوفها ومدارسها، فضلا عن ذلك فقد كان عبد المطلب السنيد يمتلك حنجرة و صوتا غنائيا متميزا عذبا متمكنا، لايشدو به إلا مع لقاءآته مع أعزالصحاب والمقربين منه. وهنا بوسعي القول لو أنه أختارأن يكون مطربا، خاصة للغناء الجنوبي العراقي، لكان توفق بل وتفوق على العديد من مطربي هذا اللون والفلكلورالأصيل من الغناء، لكنه أحب وعشق الإبداع في الفن الدرامي والمسرحي وحسب، وليس شيئا آخر.
عام 1972 بينما كنت أمثل دورا رئيسيا على خشبة مسرح بغداد في مسرحية "فندق الغرباء" لفرقة المسرح الشعبي، وكانت من تأليف ثامر مطر وإخراج الأب والفنان الرائد جعفرالسعدي، وقد شاركني في التمثيل الفنان الكبيرعقيل مهدي الغربان، في العام نفسه قدم عبد المطلب السنيد على خشبة المسرح القديم في كرادة مريم، مسرحيته التي لاتنسى والتي تنتمي الى مدرسة اللامعقول. إنها مسرحية "الكراسي" ليوجين يونسكو، التي أخرجها الفنان عبد المطلب السنيد، حيت أعتمد العرض المسرحي على شخصية واحدة فقط، أستطاع عبد المطلب أن يجسدها بمهارة وإقتداروأن يبهرالجمهوربحق، وليس في المشهد إلا سواه وعشرات من زحام الكراسي الشاغرة تنتظرخطيبا أخرسا في نهاية الأمر.
 لقد كان جيلنا في ذلك الزمن الجميل مولعا ومتأثرا بشدة بهذا ألإتجاه الأدبي والفلسفي، مدرسة اللامعقول، وفضلا عن يونسكو فهنالك كان يعيش في ذائقتنا وذاكرتنا أبداعات كتاب آخرين من ذات ألإتجاه، أمثال صمويل بيكيت، فرانس كافكا، أوجين أونيل، ألبير كامو... وغيرهم.
يوم شاهدت عبد المطلب وهو يؤدي دوره في مسرحية الكراسي، صار بمقدوري يومها أن أكون على يقين من أن الفن المسرحي العراقي فاز بفنان سيضيف الكثيرفي المستقبل، خاصة بعد أن أصبحنا زملاء عمل في ذات العام، بقسم التمثيليات في إذاعة بغداد، يوم كان يرأس هذا القسم الفنان الكبيرالرائع كريم عواد ومن ثم الفنان البديع الراحل حسن الجنابي.
كان قسم التمثيليات عام 1972 يعتمد العمل فيه على نظام المشاركة وليس الوظيفة الثابتة براتب شهري، خاصة بالنسبة لمن كانوا طلابا يواصلون الدراسة، حيث كان أغلبنا مازلنا نواصل دراستنا المسرحية، إذ كان يوجد قانون لايسمح فيه الجمع بين الوظيفة والتلمذة، كنا شبابا، طلابا في معهد الفنون أوالأكاديمية، نعمل في القسم، ممثلين، مساعدي إخراج أو مخرجين، على نظام المكافأة او المشاركة، أمثال الفنان حسن العبيدي "حسن حسني" روناك شوقي، فلاح زكي، وآخرين .. كان عبد المطلب  يواصل دراسته أيضا في أكاديمية الفنون ويعمل على نظام المشاركة ..  على حين غرة، قررالمديرالعام للإذاعة والتلفزيون آنذاك وهو الأستاذ "محمد سعيد الصحاف"وبقرار جريء توظيفنا نحن الطلاب التي كانت ألإذاعة بحاجة لنا، وعلى الملاك الدائم، ناسفا وبخطوة "ثورية" حكاية عدم الجمع بين الوظيفة والتلمذة. كان عبد المطلب يعمل مخرجا إذاعيا وكاتبا للنصوص، أخرجت له للإذاعة مسلسلا  من تأليفه، في ثلاثين حلقة، تجري أحداثه في مدينته الناصرية. هذا المسلسل أسمه "معلم من بلادي" حيث وضع الموسيقى التصويرية الفنان عبدالحسين السماوي، وغناء الصوت الأصيل، حميد منصور، وكلمات الشاعرالكبيرناظم السماوي، حتى تمت أعادة إذاعته مرات عدة، لما كان له من تمييز بين المسلسلات الإذاعية في ذلك الزمن الجميل.
في عام 1976 التحقت بالخدمة العسكرية، في المسرح العسكري، في كرادة مريم، وكان حينها عبد المطلب يؤدي خدمته العسكرية كضابط إحتياط، وكان معي مجموعة من الفنانين يؤدون خدمتهم العسكرية أيضا في المسرح العسكري، أمثال الفنان سعدون جابر، الشاعر كريم راضي العماري، فلاح زكي، فاروق صبري وآخرون ... لقد كانت تحدث مواقف طريفة أو محرجة حينها، وذلك لتداخل الصفات بيننا، كأصدقاء وفنانين ومعارف، وبين صفة عبد المطلب كضابط مسؤول عن جنود وأفراد..
قبيل إنتهاء خدمته العسكرية كضابط إحتياط، جاءنا عبد المطلب برسالة من جهات عسكرية عليا   تدعوالشباب الخريجين من معهد وأكاديمية الفنون للتطوع كضباط  في مجال التوجيه السياسي.
هل تريد التطوع كضابط؟ غيرأن مبدعي الزمن الجميل لايميلون الى العسكرتاريا واللون الكاكي. مبدعوالزمن الجميل كانوا دائما مع الحب والسلام والحرية والحياة.
 بعد عام واحد ألغي المسرح العسكري، ورحل بعدها عبد المطلب السنيد الى أمريكا ليكمل دراسته، لم يكن يدري أن رحلته تلك نحوالغربة، ستأخذ أكثرمن نصف سنوات عمره بالكامل. هذا المصير سيحصل لي دون ريب. عام 1985 عاد عبد المطلب من أمريكا ألى العراق، التقيته يومها، وكانت الحرب الإيرانية العراقية على أشدها، وجدته قلقا مضطربا، فعلمت منه إنه تأخركثيرا على موعدعودته، وإن هناك من يحاول على عدم عودته الى أمريكا.
لكن بعد أيام صار بوسعه العودة لحياته هناك، وقد غمرني فرح عظيم، فانا يوما ما، أصبحت ضحية أحد الفاشلين. ولكني أقول اليوم، كل شيء يضرني يهون أذا كان تضحية من أجل وطني حبيبي العراق.
أجل لقد قدم عبد المطلب السنيد الكثير للمسرح وفن الدراما عموما، داخل العراق وخارجه، على الرغم من غربته التي إمتدت لما يقارب الأربعين عاما. أجل ياأخي وزميل عملي، كنت مخلصا للفن الصادق النظيف النبيل.
نم قريرالعين في مثواك في الغربة.
  لكن روحك الطيبة ياعبد المطلب، ما زلت حية في مكان ما.
   في مكان هو أجمل ... أجمل..أجمل بكثير.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِقال تعالى   (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ))
 صدق الله العلي العظيم.
   
الفنان والكاتب العراقي فاضل البياتي
 شمال السويد  


  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف