الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تقدير موقف- المجلس الوطني: الاختيار بين السيئ والأسوأ.. محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

تاريخ النشر : 2018-04-15
تقدير موقف- المجلس الوطني: الاختيار بين السيئ والأسوأ.. محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
تقدير موقف
المجلس الوطني: الاختيار بين السيئ والأسوأ
محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

إعداد: هاني المصري
لجنة السياسات في مركز مسارات


15 نيسان/أبريل 2018
مقدمة
سيعقد المجلس الوطني الفلسطيني، كما هو مقرر حتى الآن، بعد أسبوعين في دورة عادية، بعد فشل جميع الجهود والمطالبات بعقد مجلس وطني توحيدي وفقًا لقرارات اللجنة التحضيرية للمجلس التي عُقدت في بيروت في كانون الثاني 2017، وهو السيناريو الأفضل بلا منازع أو نقاش.
ولكن إذا كنّا واقعيين ولسنا حالمين أصبح عقد مجلس توحيدي بعيد الحدوث خلال فترة قصيرة، ما لم تحدث معجزة، أو تطورات كبيرة، لا سيما بعد عملية تفجير موكب رئيس الحكومة وتداعياتها التي أزّمت الوضع الداخلي بصورة غير مسبوقة.
على الرغم مما سبق، يجب استمرار العمل، لآخر لحظة، وفق القول المأثور "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"، أي العمل ضمن اتجاهين في نفس الوقت: الأول، يتصرف وكأن المجلس الانفرادي سيعقد حتمًا، والسعي لعمل كل ما يمكن لتقليل أضراره وعدم جعله نهاية المطاف للجهود الوحدوية، والآخر العمل في نفس الوقت وكأن المجلس الانفرادي لن يعقد، والسعي لتأجيله لفترة قصيرة متوافق عليها يتم يتم خلالها توفير متطلبات إنهاء الانقسام.
ما العمل: هل نبقى ننتظر حدوث الأسوأ لأننا غير قادرين على تحقيق الأفضل، أم نبذل أقصى ما نستطيع لحصول أخف الضررين، والمتمثل بتقليل أضرار عقد مجلس وطني انفرادي في حال لم تنجح محاولات تأجيله؟
لن تركز هذة الورقة على السيناريوهات المُحتملة لأنها كانت محل تناول في مقالات وأوراق تقدير موقف عديدة صادرة عن مركز مسارات آخرها نشر منذ أسبوع، وإنما ستركز على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أي على كيفية تقليل أضرار عقد مجلس وطني من دون مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وربما الجبهتين الشعبية والديمقراطية، والعديد من المستقلين الذين أعلنوا أنهم سيقاطعون دورة المجلس لأسباب وجيهة، فضلًا عن عشرات الأعضاء الذين لن يتمكنوا من المشاركة حتى إذا أرادوا كونهم ممنوعين من القدوم لعدم موافقة سلطات الاحتلال على إصدار تصاريح لهم.

الأسباب التي حالت دون عقد مجلس وطني توحيدي
وفقًا لما أعلنه الرئيس محمود عباس وقادة حركة فتح، فإن الذي يحول دون مشاركة حركة حماس أنّها لم تنه "الانقلاب" الذي قامت به، من خلال عدم تمكين الحكومة من السيطرة بالكامل على قطاع غزة، وهذا سبب وجيه لا يمكن التقليل من أهميته، ولكنه يستدعي تكثيف الجهود وإعطاء الأولوية لإنهاء الانقسام وتقديم التنازلات المتبادلة، عبر إنهاء "حماس" سيطرتها الانفرادية على قطاع غزة، مقابل إنهاء "فتح" هيمنتها على النظام السياسي كله على أساس شراكة سياسية كاملة، وقيام سلطة/دولة تمثل الجميع، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع بحيث تصبح أجهزة مهنية بعيدة عن الحزبية والفصائلية.
ستتحقق الوحدة عندما ينشأ وضع تشعر فيه "حماس" أنها ستخسر من بقاء سيطرتها الانفرادية على قطاع غزة أكثر مما تربح، أو ستربح من الوحدة أكثر مما تربح من الانقسام، عندها يمكن إنجاز الوحدة، ونفس الشيء ينطبق تمامًا على "فتح". وهذا يمكن أن يحدث إذا زادت مخاطر الوضع الراهن كثيرًا، وتبلورت ضغوط داخلية وخارجية أكبر من إمكانية عدم الاستجابة لها.

أسباب أخرى تحول دون مشاركة "حماس" و"الجهاد"
نعتقد أن هناك أسبابًا أخرى تحول دون مشاركة حماس والجهاد في المجلس الوطني، ومنها:
أولًا: ضرورة موافقة أي فصيل جديد على برنامج منظمة التحرير المعتمد منذ العام 1988، الذي يتضمن حق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، بما يشمل حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس على حدود 1967، استنادًا إلى الحقوق الوطنية الفلسطينية وإلى الشرعية الدولية كونها تتضمن الحد الأدنى من هذه الحقوق.
لقد اقتربت "حماس" من الموافقة على هذا البرنامج كما ظهر في وثيقتها السياسية التي أقرتها بتاريخ 1/5/2017، بعد سلسلة من التغييرات التي مرت بها، وخصوصًا منذ اشتراكها في السلطة الفلسطينية بعد فوزها في الانتخابات التشريعية في العام 2006 وتشكيل الحكومة العاشرة، ومن ثم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وانتهاء بـ"الانقلاب". أما الجهاد فتتحفظ على بند إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، ولكنها لا تجعل تحفظها مانعًا للتوافق الوطني أو لانضمامها للمنظمة.
ثانيًا: شروط اللجنة الرباعية الدولية المقرّة في العام 2003، التي تنصّ على ضرورة الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والإرهاب، والموافقة على الالتزامات المترتبة على اتفاق أوسلو.
هذا السبب كان ولا يزال عائقًا يحول دون انخراط "حماس" و"الجهاد"، لأن قيادة المنظمة تخشى أن يترتب على ذلك مقاطعة أميركية ودولية للمنظمة، ولكنه لم يعد مهمًا مثلما كان عند طرح هذه الشروط الظالمة، لا سيما في ظل انهيار ما تسمى "عملية السلام"، وانتقال الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب من الانحياز لإسرائيل إلى وضع ثقلها لفرض الحل الإسرائيلي، من خلال إخراج القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والسيادة من طاولة المفاوضات، والشروع في فرض عقوبات على السلطة، وتقليص المساعدات الأميركية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، وتقييد عمل مكتب المنظمة في واشنطن تمهيدًا لإغلاقه، والشروع في نقل السفارة الأميركية إلى القدس في شهر أيار القادم.
ما يقلل من أهمية هذه الشروط ويجعل هناك إمكانية كبيرة وأكبر من السابق لتجاوزها فلسطينيًا؛ أن إسرائيل تجاوزت التزاماتها في اتفاق أوسلو منذ فترة طويلة، وأن الرئيس وفتح والمنظمة كما يظهر في الخطابات والقرارات، بما فيها قرارات المجلس المركزي، يَرَوْن أن السلطة بلا سلطة، وطالبوا بضرورة إعادة النظر في العلاقة مع الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، وسحب أو تعليق الاعتراف بإسرائيل، ورهنه باعترافها بالدولة الفلسطينية. فكيف تتم مطالبة "حماس" و"الجهاد" بالموافقة على التزامات تهدد القيادة منذ سنوات بالتخلي عنها؟ هذا مع العلم أن هناك فصائل منضوية ومؤسِسة في المنظمة تعارض اتفاق أوسلو وتدعو للتخلي عنه.
ثالثًا: الخشية من انعكاس الشراكة على سلطات الرئيس وصلاحياته، الذي يتمتع بسلطات استثنائية في ظل الانقسام، بسبب غياب المجلس التشريعي، ما أدى إلى تركيز السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في يد شخص واحد. ويصب في نفس الاتجاه خشية "فتح" من أن انخراط "حماس" و"الجهاد" سينهي قيادتها وهيمنتها على المنظمة التي استمرت منذ عشرات السنين منذ دخول الفصائل إلى المنظمة في العام 1969 وحتى الآن.
هنا، لا يمكن تجاهل "حماس" بوصفها حركة عقائدية وامتدادًا للإخوان المسلمين في فلسطين رغم المسافة بينهما التي زادت مؤخرًا لصالح إبراز البعد الوطني على البعد الإخواني، وأنها لا تؤمن إيمانًا أصيلًا بالمشاركة والتعددية والديمقراطية بدليل سعيها سابقًا لإقامة منظمة بديلة أو موازية لمنظمة التحرير، وأنها "انقلبت" على السلطة عندما لم تمكن من الحكم، فضلًا عن أنها لم تقدم نموذجًا إيجابيًا ديمقراطيًا طوال حكمها للقطاع، حتى أنها احتكرت السلطة بالكامل ولم تشرك فيها الجهاد الإسلامي.
إن هذا السبب (عدم الإيمان بالمشاركة من الطرفين) يعتبر السبب الأهم الذي يحول دون إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ما يقتضي التوقف عنده وتقديم الاقتراحات لتجاوزه. وهذا قد يكون ممكنًا من خلال:
•    الاتفاق على البرنامج الوطني الذي يجسد القواسم المشتركة، ويحدد كيفية مواجهة التحديات والمخاطر والأهداف والقيم وأشكال النضال الأساسية، وكيفية الاستفادة من الفرص المتاحة.
•    الاتفاق على أسس وقواعد الشراكة التي تضمن الاحتكام إلى الشعب بالانتخابات كمبدأ ناظم للمؤسسات في السلطة/الدولة والمنظمة، وعلى اختلاف أنواعها، وفي كل المستويات، والتوافق الوطني حينما يتعذر إجراء الانتخابات من خلال وضع معايير موضوعية يحتكم إليها الوفاق الوطني، ليس هنا مجال الخوض فيها الآن.

تأجيل عقد دورة المجلس الوطني
هناك مصلحة وطنية في تأجيل عقد دورة المجلس بما لا يزيد عن فترة زمنية قصيرة متوافق عليها، يتم خلالها تحديد شروط ومتطلبات الانضمام إلى المنظمة، وتكثيف الجهود لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، بما يضمن مشاركة مختلف الأطراف والفصائل.

تقليل أضرار عقد مجلس وطني انفرادي
حتى نقلل أضرار عقد مجلس وطني انفردي لا بد من القيام بما يأتي:
•    توجيه الدعوة لكل أعضاء المجلس الوطني، بمن فيهم أعضاء المجلس التشريعي من كتلة التغيير والإصلاح وكتلة النائب محمد دحلان (كما حصل فعلًا)، وتمكين كل من لا يستطيع من الأعضاء من المقيمين في غزة أو في الشتات من المشاركة عبر تقنية الفيديو كونفرنس (وهذا غير واضح حتى الآن).
وفي هذا السياق، لا بد من التحذير من اللجوء إلى استبدال الأعضاء من ممثلي التنظيمات والاتحادات الشعبية والعسكر، أو عند اختيار أعضاء بدل المتوفين المستقلين من المقيمين في الضفة، أو الذين يستطيعون الحصول على تصاريح من الاحتلال واستثناء الآخرين؛ لأن هذا سيجعل المجلس الوطني مجلسًا ممثلًا للضفة ومن يستطيع الوصول إليها، وهذا يضرب في الصميم شرعيته التمثيلية بوصف المنظمة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
•    توجيه دعوة لحركتي حماس والجهاد لحضور دورة المجلس بصفة مراقب، وتمكينهما من إلقاء كلمة.
•    اعتبار الدورة الحالية آخر دورة يعقدها المجلس بتركيبته القديمة، وإقرار ما توصلت إليه الاجتماعات التحضيرية السابقة حول أسس ومعايير تشكيل مجلس وطني جديد رشيق لا تزيد عضويته عن 350 عضوًا.
•    أهمية التحضير والتوافق الوطني لدورة المجلس التي ستعقد في 30 نيسان الجاري، من خلال توظيف الوقت المتبقي لتشكيل لجنة تحضيرية يشارك فيها مختلف الفصائل والمستقلون، للاتفاق على كل الخطوات بدءًا بالبرنامج السياسي، وصفقة ترامب والمخططات الإسرائيلية، ومراجعة التجربة السابقة، وشروط ومتطلبات إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، والبرنامج الداخلي، والتقرير المالي، وتشكيلة اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ورئاسة المجلس الوطني، والاتفاق على المخرجات التي يمكن أن ينتهي إليها المجلس، والدعوات للأعضاء والضيوف والمراقبين.
يجب أن يكون عقد المجلس الذروة، وليس بدء الحوار حول القضايا المهمة والمصيرية المدرجة على جدول أعماله.
•    الاتفاق مسبقًا بأن دورة المجلس الوطني المقبلة ستصدر قرارًا بتشكيل لجنة للشروع في حوار وطني شامل على أسس يتفق عليها في المجلس، تمهيدًا لتشكيل لجنة تحضيرية لعقد مجلس وطني توحيدي خلال مدة قصيرة متوافق عليها. ويمكن أن تكون اللجنة التحضيرية هي نفس لجنة تحضيرية بيروت من حيث مشاركة الفصائل، على أن يضم لها عدد مناسب لتمثيل الشباب والمرأة والشتات.

الدعوة لعقد اجتماع غير عادي
يتطلب عقد الاجتماع غير العادي، أو الجلسة الخاصة، وجود شواغر في عضوية اللجنة التنفيذية تصل إلى ثلث الأعضاء فما فوق، وهو ما يستدعي استقالة الحد الأدنى اللازم من ممثلي الفصائل والمستقلين، على غرار ما حدث باستقالة 11 عضوًا في آب 2015 عند محاولة عقد اجتماع للمجلس الوطني حينذاك.
ويشمل جدول أعمال هذا الاجتماع بندًا واحدًا، وهو ملء الشواغر بانتخاب أعضاء جدد في اللجنة التنفيذية، ويقرر الشروع فورًا في التحضير لعقد مجلس وطني توحيدي خلال مدة قصيرة متوافق عليها.
لتجنب عقد دورة عادية للمجلس الوطني في ظل حالة الانقسام، يمكن اللجوء إلى الفقرة "ج" من المادة "14" معدلة من النظام الأساسي لمنظمة التحرير، عند فقدان النصاب في اللجنة التنفيذية (عدد الشواغر 6 فما فوق)، التي تتيح استخدام "حالة القوة القاهرة" بدعوة المجلس الوطني لاجتماع غير عادي، وليس دورة بالنصاب العادي، وهو الثلثان، حيث يُكتفى بحضور أعضاء اللجنة التنفيذية المتبقين (12 أو أقل) ورئاسة المجلس الوطني، ومن يستطيع الحضور من الأعضاء، على أن يتحدد جدول الأعمال بموضوع وحيد هو استكمال عضوية اللجنة التنفيذية بأغلبية أصوات الحضور. ويسبق ذلك تقديم تقرير عن الوضع السياسي والتنظيمي يقدمه رئيس اللجنة التنفيذية.
إن عقد الاجتماع غير العادي عند فقدان نصاب اللجنة التنفيذية ملزم خلال فترة لا تزيد عن 30 يومًا من فقدان النصاب. ويمكن الأخذ بهذا السيناريو كونه يجعل كل الأطراف تنزل عن الشجرة العالية التي صعدت إليها. فمن الناحية القانونية يتيح النظام الأساسي عقد مثل هذا الاجتماع كما حصل في العام 2009 الذي تم فيه استكمال الشواغر في اللجنة التنفيذية.
وهذا السيناريو بحاجة إلى توافق وطني لتنفيذه كونه يحتاج إلى استقالة الثلث أو أكثر من أعضاء اللجنة التنفيذية، علمًا أن هناك شاغرًا حاليًا بسبب وفاة عضو اللجنة غسان الشكعة، كما أن هناك فصائل ترغب أصلًا باستبدال ممثليها، إضافة إلى مستقلين مستعدين لترك المنصب لأسباب تتعلق بالعمر والحالة الصحية. ويمكن انتخاب لجنة تنفيذية جديدة بالكامل، في حالة استقالة جميع أعضائها فقط.
وإذا كان هناك ما يحول قانونيًا دون ذلك، وبخاصة توفر النصاب لعقد دورة عادية، بحيث يشمل جدول أعمالها انتخاب أعضاء المجلس المركزي أيضًا، وتشكيل اللجان الدائمة للمجلس الوطني، يستطيع المجلس بعد التأكد من النصاب أن يناقش إدخال تعديلات على النظام الأساسي بما يسمح بجعل جدول أعمال هذه الدورة قريبًا من الجلسة الخاصة، والاقتصار على انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ومناقشة سبل التصدي للمخاطر، واتخاذ ما يلزم من قرارات لإنهاء الانقسام والتحضير لعقد مجلس وطني توحيدي.
ويمكن دراسة هذا السيناريو وتحقيق التوافق عليه في ضوء ما تتطلبه ضرورات العمل من أجل الوحدة الوطنية التي هي ضرورة وليست خيارًا من الخيارات، مع الإدراك بأن عملية تعديل النظام الأساسي معقدة وتحتاج بعض الوقت كما تنص اللائحة الداخلية للمجلس الوطني في الباب الرابع الخاص بتنقيح النظام الأساسي، ولكن الأمر ضروري للغاية ويستحق هذا العناء.
وسواء عقد اجتماع غير عادي، أم دورة عادية بجدول أعمال مقلص وفق الوارد أعلاه، يمكن أيضًا دعوة "حماس" و"الجهاد" كمراقبين، ومراعاة مجمل النقاط الواردة أعلاه التي تناولناها عند الحديث عن تقليل أضرار عقد مجلس انفرادي.
إن تحقق أحد هذين السيناريوهين من شأنه أن يحظى برضا كافة الأطراف، لأنه سيحقق جزءًا من مطالبها. فالرئيس و"فتح" يحصلون على تجديد القيادة والشرعية في مواجهة المخاطر المتعاظمة، خصوصًا في ضوء خطة ترامب، والفصائل الراغبة باستبدال ممثليها في اللجنة التنفيذية تستطيع ذلك. أما "حماس" فستكون حاضرة كمراقب ومن خلال أعضاء كتلة التغيير والإصلاح. كما أن المستقلين والفصائل الأخرى المحتارة بين المقاطعة والمشاركة ستجد نفسها قادرة على المشاركة التي ستسمح لاحقًا بتحقيق ما تطالب به.
ما سبق ليس الأفضل، ولكنه بالتأكيد ليس الأسوأ، الذي يتمثل بعقد مجلس يقاطعه على الأقل حوالي ثلث أعضائه، ما يكرس الانقسام، ويمكن أن يدفع لتحوله إلى انفصال، في ظل تفاقم الوضع الداخلي مع فرض، والتهديد بفرض، المزيد من العقوبات على قطاع غزة لدفع "حماس" للموافقة على تمكين الحكومة من الألف إلى الياء. وهذا يطرح مسألة وقف هذه الإجراءات بالتوازي مع البحث بمبادرات سبق تقديمها للتوصل إلى إنهاء الانقسام، مثل "وثيقة الوحدة الوطنية" التي تم تبنيها في مؤتمر نظمه مركز مسارات في آب 2016 بحضور أكثر من 700 شخصية فلسطينية من داخل الوطن وخارجه.

السيناريو الأسوأ
إن السيناريو الأسوأ كما أوضحنا يتمثل في عقد مجلس وطني انفرادي يكرس الانقسام ويغلق الطريق أمام الجهود لاستئناف الجهود لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وهو قد يقود إلى عقد مؤتمر مضاد من القوى والشخصيات والمؤسسات المقاطِعة والتي استبعدت من المشاركة، بهدف تشكيل منظمة بديلة أو موازية، وبما قد يكون بداية جديدة للصراع حول التمثيل الذي سيساهم في إنجاح المخططات المعادية.
وما يفاقم الوضع ويزيد من احتمال حصول السيناريو الأسوأ الشروع في تطبيق الخطة الأميركية الإسرائيلية في ظل موقف عربي ضعيف وتواطؤ من قبل بعض الأطراف العربية. فخطة ترامب تريد أن يكون قطاع غزة مركز الحكم الذاتي الذي يمكن أن يسمى "دولة" وما هو بدولة، وترتبط بالمعازل الآهلة بالسكان ومقطعة الأوصال والمقامة على 40% من مساحة الضفة، التي لا تشمل القدس، بما يشكل إن تحقق (وهو صعب تحقيقه لأن الشعب الفلسطيني يقف له بالمرصاد) حلًا تصفويًا للقضية الفلسطينية من مختلف أبعادها.
إن المخاطر والتهديدات التي تهدد القضية والشعب والأرض لا تفرق بين فصيل وآخر، ولا بين فلسطيني وآخر، سواء كان زعيمًا أو شخصًا عاديًا، معتدلًا أو متطرفًا، بالإضافة إلى معارضة الكل الفلسطيني لصفقة ترامب، والموقف الشجاع التي اتخذه الرئيس والقيادة ضدها، وما جسدته مسيرة الشعب العظيم الكفاحية والخلاقة منذ بدء ما عرف بالقضية الفلسطينية وحتى الآن، وآخرها هبة القدس ومسيرة العودة في غزة من نماذج خلاقة وإبداعية يمكن تعميمها، وتشكل رافعة للنهوض الوطني، بما يساعد على بلورة رؤية وطنية وإستراتيجية قادرة على تحقيقها.
كل ما سبق وغيره كثير يوفر الأساس الذي يمكن البناء عليه ويجعل باب الأمل مفتوحًا رغم كل عوامل اليأس والإحباط.

خاتمة
في كل الأحوال، إذا لم تتحقق متطلبات تقليل أضرار عقد مجلس وطني انفرادي، ولا متطلبات عقد اجتماع غير عادي، لا بديل عن استمرار العمل لبلورة تيار شعبي ثالث يضغط بشكل متراكم إلى حين الاستجابة لمصالح الشعب الفلسطيني العليا على حساب المصالح الفردية والفصائلية والفئوية، وما يتطلبه ذلك من تقديم التنازلات المتبادلة الكفيلة بشق الطريق لإنجاز الوحدة التي من دونها سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تحقيق الانتصار لشعب يستحق ذلك.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف