الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حوار مع الشاعر الفلسطيني عبدالسلام فايز

حوار مع الشاعر الفلسطيني عبدالسلام فايز
تاريخ النشر : 2018-03-24
نرحب بك ( عبدالسلام فايز ) في موقعنا و بدايةً لو تقدم لنا و للسادة القّراء نبذة مختصرة عن سيرتك الذاتية ..

تحية طيبة لكم و للسادة القرّاء و جميع متابعي هذا الموقع الكريم الذي أسعد بالكتابة بين سطوره ..
و كنبذة سريعة عن سيرتي الشخصية :
الاسم عبدالسلام فتحي فايز .
كاتب و شاعر فلسطيني مقيم في هولندا .
تولّد مخيم درعا جنوب سورية 1985 م  .
حاصل على إجازة في اللغة العربية و دبلوم تأهيل تربوي من جامعة دمشق / فرع درعا .
مدرّس سابق لمادة اللغة العربية مدة عشر سنوات ..

 بدايةً ، و بما أنك فلسطيني سوري تعيش في هولندا ، ماذا تشكل كل من فلسطين و سورية و هولندا بالنسبة لك ؟

بوضوح تام ، هولندا لاتشكل شيء بالنسبة لي على الإطلاق ، أشعر فيها أنني عابر سبيل فقط ، ولا أتمنى أن أموت هنا ، و لم أكن أعرف موقع هولندا على الخارطة لولا الحرب السورية ، و إذا دخلت منزلي الكبير فيها عند المساء لا أشعر أبداً بأنني في مأمنٍ و سكينة  ، لا تَسَلْني عن السبب لأنّ الجواب لم يكتمل بعد رغم مرور سنتين و نصف على إقامتي فيها ..
أما سورية فلن يتّسع هذا المقام لإنصافها ، و كيف السبيل الى ذلك و لي فيها مرتع الصبا و مدرسة طبريا و ثانوية الفالوجي و معهد إعداد المدرسين ، وصولاً إلى جامعة دمشق التي وهبتني وثيقةً طريّةَ المعالم من بين رفوفها ، ثم رحت أزاول مهنتي  في مدارس محافظة درعا ..
لي هناك الكثير الطيب .. زملاء و أصدقاء و طلبة أصبحوا اليوم شباباً أشدّاء ، أعتز بهم و بصداقتهم ، و اسمح لي في هذا المقام أن أحيّي سورية بِشِيبها و شبابها ورجالها و نسائها و كل شيء فيها ، لأنها تستحق كلمة ( وطن ) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ..
أما فلسطين ، فكم تتوق نفسي إلى رؤيتها ، و رؤية عروس ساحلها الطهور ، حيفا ، حيث مسقط رأس جدي عبد القادر فايز ، في قرية ( إجزم ) ..
لعل فلسطين تشكل نكبة كبيرة بالنسبة لي لاسيما أنني ابن النكبتين ، نكبة فلسطين و نكبة دمشق ، لم أرَ في يومٍ فرقاً بين حيفا و درعا ، أو بين القدس و دمشق أو بين يافا و حلب ، تلك هي سنّة الأوطان ، فكيف هو الحال إذن بمن تنحدر أصوله من فلسطين و سورية ، و هما ( الوطنان ) كما هو الحال عندما نقول : الأسودان و الأبيضان و الثقلان و ... و ... .


سؤال آخر : بما أنك عشت ما يقارب ثلاثة عقود في سورية ، كيف تقيّم وضع اللاجئ الفلسطيني في سورية قبل و بعد الأزمة ؟

لم يختلف الحال كثيراً سواء قبل أو أثناء الأزمة السورية ، فاللاجئون الفلسطينيون انخرطوا تماماً في المجتمع السوري على كافة المستويات ، شاطرناهم مقاعد الدراسة و الجامعات ، و فرص العمل و لقمة العيش ، ولم يكن ذلك ليحصل لولا عراقة الشعب السوري الذي كان مضيافاً إلى حدّ بعيد ، لم يكن هناك فرق بيننا و بين الأشقاء السوريين ولم نُعامَل على أننا لاجئون بقدر ما عوملنا على أننا أصحاب وطن ، و بعد الأزمة حلّ بالفلسطينيين ماحلّ بالأشقاء السوريين في مُصَابهم الجَلل ، فهناك شهداء من الفلسطينيين قضوا في سورية و هناك جرحى و هناك مهجّرون ، و هذا أمر طبيعي طالما أنّ النسيج واحد و مايزال كذلك ..
و أزيدك من الشعر بيتاً أنّ الانخراط الفلسطيني في المجتمع السوري زاد بعد عام 2011 ، لأنه قبل هذا العام كان التواجد الفلسطيني محصوراً في المخيمات و بعض المناطق المتفرقة هنا و هناك ، أما الآن و بعد أن تحولت معظم المخيمات هناك إلى مناطق منكوبة بفعل الحرب ، انتقل الفلسطينيون للعيش في أماكن تماس مباشر مع السوريين ، و زالت كل الفوارق و الفواصل و الاختلافات ،  و لذلك يمكنني القول أنّ الفلسطينيين الذين ما يزالون يعيشون في سورية حتى اليوم ، يقع عليهم ما يقع على السوريين من سرّاء و ضرّاء ..


سؤال حول هجرتكم : من خلال هجرتك التي بدأت من درعا جنوب سورية ، وصولاً إلى هولندا ، ما هي أهم جوانب المعاناة التي واجهتكم في الطريق ؟؟

نعم .. الطريق كان شاقاً جداً ، و هذه المشقة أصبحت واضحة للجميع و قد تحدث عنها الكثيرون ، فأنْ تمتطي زورقاً من المطاط و تخوض به بحراً خضمّاً برفقة أطفالك الصغار ليس بالأمر اليسير ، كذلك الزحف البري الذي أنهكنا جميعاً و مفاوضات المهربين التي تُشعِرُكَ أنّك أصبحت لحماً رخيصاً تُبَاع حسب عمرك و وزنك ، و هل سيتم اعتبارك شخصاً كاملا أم نصف شخص ، ذلك يعتمد على الوزن ، تماماً كما تُبَاع الشياه ..
 أضف إلى ذلك المعاناة التي تكبدناها أثناء العبور من سورية إلى تركيا ، حيث وقعنا عن طريق الخطأ في قبضة تنظيم داعش الإرهابي الذي ساقنا إلى غرف التحقيق ..
الجميع كان يرتعد خوفاً ، لكنني لا أعلم كيف أعطاني الله تعالى الجرأة و الشجاعة آنذاك ، رغم أنني كنت أكثرهم خوفاً في طليعة الأمر ، إلّا أنّ شيئاً ما حالَ بيني و بين الخوف وقتها ، لدرجة أنّ جرأتي لفتت أنظار عناصرهم و قادتهم ، لأنهم اعتادوا أنْ تهابهم البشر ، و يصمت الجميع عندما يتكلمون ، فأنْ تناقشهم و لو بجمل يسيرة غير مسموح على الإطلاق ، و لذلك بدؤوا يُكثِرون من المضايقات عليّ ، و كلما ازدادوا في الشتائم و التهديد و الوعيد لي ، زادني الله شجاعةً في مواجهتهم بالكلمة ، و لكنّ الأمر بلغ ذروته عندما تعرّف أحدهم على جنسيّتي الفلسطينية و بدأ يسخر و يشتم المقاومة الفلسطينية ، مُتّهِمَها بالكفر و الردّة ، و بأنها ستكون هدفهم المقبل ، عندها قلت له بلسانٍ طَلِقٍ بلا خوفٍ ولا فزَع : كتائب القسام التي تشتمها و تتوعدها ياهذا ، تحارب إسرائيل ، و طالما أجبرتهم على النزول إلى الخنادق .. ماذا فعلت أنت ؟! أتحدّاك و أنا في عقر دارك الآن أن تحارب إسرائيل  !!! و كن على ثقة أنّ كتائب القسام و جميع الفصائل الفلسطينية التي لم ترعبها إسرائيل ، لن ترعبها أنت ..
قلت هذه الكلمات وسط ذهول زملائي في الأسْر ، و العناصر الملتحية التي تحيط بنا .
جُنّ جنونه و حمل ساطوره في مشهد مرعب كدتُ أدفع فيه حياتي ثمناً لكلماتٍ معدودات لولا رحمة الله التي أنقذتني ، و ذلك بعدما حاول أحد زملائه دفعه عني و تهدئته و عدم انفعاله ، و توجيه أمرٍ أخير لي بضرورة السكوت و إلّا سألاقي حتفي الآن في حال تفوّهت بكلمة .. و بالفعل التزمت الصمت حتى خرجنا من قبضتهم ، و بدأ جميع من رافقني في الجولة تلك بتوجيه اللوم لي على هذا التصرف اللامسؤول الذي كاد أن ينهي حياتي لولا رحمة الله ..

في سورية و قبل هجرتك ، كنت مدرّساً لمادة اللغة العربية ، و اليوم تدخل مجال الشعر و الإعلام ، كيف حصل هذا الأمر الطارئ ، و ماالذي دفعك إلى هذا التغيير ؟؟

لم يخطر لي سابقاً أن أكتب الشعر البتّة ، بل إنني كنت أسخر من شعراء المهجر عندما درسنا عنهم ، و لطالما اتّهمتُهم بأنهم باعةُ الأوطان و تُجّار العواطف ، لذلك لم أنظم قافية واحدة فيما مضى لي في سورية ..
محاولاتي الأولى كانت بعد شهور من وصولي هولندا عندما داهمني الحنين إلى مدينة درعا جنوب سورية ، فلم أجد سوى القلم أنيساً لي ..
راجعت بعض ضوابط الشعر و العروض لأخوض تجربتي الأولى التي كنت مليئة بالعيوب ، و لكنها كانت بالنسبة لي ثمرة النجاح الأولى ، لأنني رأيت فيها فسحة جميلة للترويح عن النفس ..
ثم حدّثتني نفسي أن أدخل عالم السياسة ، و بالفعل ، كتبت مقالي الأول في مجلة رأي اليوم قبل عام بالضبط ،  بمناسبة الذكرى 13 لاستشهاد مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين رحمه الله ، و لكنني تفاجأت آنذاك أن سبعة مواقع تداولت المقال ، و هو ما دفعني نحو المزيد ، و شجعني على مراسلة الصحف و المجلات للتدوين و الكتابة فيها بلغة الأدب و الشعر تارةً ، و بلغة السياسة تارةً أخرى ، مقتدياً بنصيحة مهمة في هذا الصدد ، و هي أنّ أبلغ الشعراء هم الشعراء الصحفيون ، و أنجح الصحفيين هم الصحفيون الشعراء ، الذين يروّضون اللغة و يجعلونها أدبية تروق للعشّاق و أصحاب الذوق الرفيع ، و سياسية يستلذ بها أبناء السياسة الذين هم مؤمنون بأنّ السياسة لادين لها ..

كيف تقيّم وضع الجالية الفلسطينية في هولندا سواء على مستوى المسؤولين أم على مستوى المواطنين ؟ و ماهي المآخذ التي يمكن أن تؤخَذ عليهم ؟

سؤال غاية في الأهمية ..
كثيرة هي الأنشطة و الفعاليات التي تنظمها الجالية الفلسطينية لدعم قضيّتنا ، بالإضافة إلى الحراك السياسي من أجل جذب مزيد من الأصوات المتضامنة مع فلسطين .. نعم هذه الجهود غير كافية و لا تليق بحجم فلسطين و تضحيات شعبنا الفلسطيني في الداخل ، لكنها أوصلت الصوت و لفتت أنظار المجتمع المدني الهولندي إلى القضية الفلسطينية ، و ممارسات إسرائيل العدوانية ضد حقوق شعبنا و في مقدمتها حق العودة الذي تحاول إسرائيل شطبه من أيّ مفاوضات ..
لكن المأخذ الأبرز الذي يمكن أن يؤخذ على جاليتنا في هولندا هو الانقسام المزعج ، فالانقسام الفلسطيني لم يكن حكراً على الداخل فحسب ، بل كان له تَبِعات في الخارج ، و الجالية الفلسطينية في هولندا منقسمة إلى جاليتين للأسف ، و بالرغم من محاولة بعض الشباب الفلسطيني لاحتواء الخلاف ، إلّا أنّ هناك معوقات حالت دون ذلك ..
من حق المواطن الفلسطيني أن تكون له جالية واحدة براية واحدة و بوصلة واحدة هي فلسطين ، لاسيما أنّ كلتا الجالتين لها مالها من العلاقات الراقية مع المسؤولين و الساسة الهولنديين ، و كلتاهما تعملان لدعم فلسطين ، فإذا توحّدتا فسوف تكون النتائج مثمرة أكثر ، و هذا التوحد أصبح مطلباً فلسطينياً ملحّاً ، من أجل توحيد الجهود في القارة الأوروبية لإيصال صوت فلسطين بما يليق بحجمها و حجم شعبها ..

سؤال أخير : ماهي أمنياتك ؟! و ماهي احتمالات عودتكم في حال تحسنت الأوضاع في سورية ؟

أمنيتي الأولى هي أن تزول معاناة أهلنا في سورية و أن يتوقف شلال الدم هناك لأنني لا يمكن أن أرى فلسطين إلّا من البوابة السورية ، و لا يمكن أن تحلّ القضية الفلسطينية مازال هناك حرب مستعرة في سورية ، فالدم واحد ، و الهَمّ واحد و الشعب كذلك هو شعب واحد ..

و بالنسبة لاحتمالات العودة لا يمكنني أن أتحدث هنا باسم الجميع ، و لكنْ على العموم يمكن القول بأنّ بعض الفلسطينيين راقت لهم هذه البلاد و قد يستقر فيها بعد منحه الجنسية الهولندية ، و اندماجه في سوق العمل الهولندي ، و البعض الآخر مصرّ على العودة في حال تحسنت الأوضاع هناك ، لأنه لم يجد في هذه البلاد مستقبلاً مُرِيحاً .. هذا الأمر هو شخصي بامتياز ، يتعلق في كل شخص حسب ظروفه و حسب نظرته المستقبلية ..
كل التحية للفريق العام  لإتاحة هذه الفرصة لي ..
دمتم و دام منبركم ..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف