الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلقة الرابعة والثلاثون من كتاب "ذاكلرة الترف النرجسي؟ بقلم:د.حنان عواد

تاريخ النشر : 2018-03-22
الحلقة الرابعة والثلاثون من كتاب "ذاكلرة الترف النرجسي؟ بقلم:د.حنان عواد
الحلقة الرابعة والثلاثون
ثورة الفعل المقاوم على أرض فلسطين.

حلم يهبط في مطارات وعينا،ويلتصق في أرضنا،تصفق الأجنحة،وتكتظ الأروقة،وينطلق الشباب بورود العشق للأرض،يتنسمون عبير الحرية...
المقر العائد يضاء بقناديل الأرواح الملتفة حول القائد،وقواتنا تسير في شوارع المدينة بهالات رسمها غسان كنفاني للفدائي ببذلته الخاكية،والضوء المطلق حوله..الأفراح تنتشر،وملامح من الحرية...
الناس يقتربون من المشهد الأسطوري،"هل حقا عاد القائد"؟؟تساؤلات وكأن الحقيقة حلم..المنظر المنسوج في مداخل أريحا يرسم اللوحة...
رجال يحملون أطفالهم على أكتافهم ويسيرون في الموكب،ليعيشوا التجربة بروح الطفولة المنتظرة...يقف الجنود،يعانقونهم،ثم ينظرون اليهم نظرات دهشة،يقترب القوم منهم،يتلمسون هاماتهم،واشاراتهم،يريدون الحديث، فلا تكاد تخرج الكلمات..كيف جاءت هذه اللحظات، واسترسلت بنا في أبواب المدينة....غزة-أريحا-فلسطين.
المشهد يقين،وعرس الفارس يقين،والجمع الغفور الغفير يقين..وعطش السنين.
على مداخل المدينة يتجمع القوم كل يوم،كثافات لم نعتدها سابقا..وفي المقاطعة هناك،و التي انسلخت منها آثار الاحتلال،تفد قواتنا وتبدأ في بناء صرحها،الأعلام الفلسطينية تحتضن السماء..والمشهد مرسوم بريشة فنان لم يتوقف حلمه.
وهكذا ،وعلى مدار اسبوعين أو أكثر،كانت الدهشة الكبرى في التواصل الانساني مع العائد..مواكب واجتماعات وفضاءات حرة مقيدة..ولبنات توضع على أرض الواقع لبناء الدولة.
لقاءات،وعناق العائدين مع الأرض،تواصلات عائلية بعد زمن التقية،
وأفراح تطل من كل صوب..
والوشم المنقوش بنا في أعماق القلب يطل علينا مذكرا،لتتحرك سواعدنا وتمضي في الأفق الوردي، بأجنحة التحليق في المكان المقدس....هذه الوجوه التي عرفناها في رحلة الاغتراب في تونس،في لبنان وفي دمشق وكل الأمكنة،هي الآن أمامنا حقيقة الحقائق،كيف نستقبلها؟وأي سجاد لازوردي نفرش لها،وكيف يكون هبوب الروح لأجلها،وكيف يصاغ نص قصيدة"العائد"؟.
تواردات ذهنية تطفو على ملامح وجودنا بنسج الفرح والأمل الحر...
ويظل المكان يعزف الحان التجلي في لقاء الأحبة، وترسيم صورة المناضلين العائدين..ووضع ظلال الروح نسمات صبا للوجوه العائدة مع الفجر..في رحلة السجود على الأرض التي تعبق بوهج فرح الأم بأولادها العائدين..تلك هي "أم سعد" تعود ثانية للميدان،و"رابعة العاشقة"،تتجلى في مسرى الروح،تعبر درب العبور المطلق،في اشراقات الكشف التواصلي مع الفارس..هو زفاف في أطياف الروح المعلقة بمشكاة النور المطلق في عهد الهوى العذري،وجموع تصفق
للحن أودع ايقاعه في مسيرة الحرية.
والألحان الألهية مفروشة بعقيق الوجد،والتكامل الملائكي في صعود لحن العودة،ووقع الخطى،ويقين الانتماء الى تلك البقعة المقدسة،التي شكلها التاريخ،وعرفها بروح شعبها ومناضليها..انها فلسطين.
وفي كل لحظة يرن الهاتف لأسمع صوتا أعرفه،سائلا عني..أخذت باستقبال الأسود بكل عذوبة لقاء،وأصبح منزلي في القدس مضاء بأنوار القادة والأصدقاء، وما أكثرهم،وما أجملهم وهم يحلون أهلا في بيتنا المفترش حبا وترحيبا بهم،عابرين أهلابأريج الفرح وفي مواكب التجلي.
تلك هي رحلة الفارس العائد في لقاء شعبه الصامد...لينتشر عبير الروح في اللقيا فضاءات للياسمين.
أخذت الأيام تعبر الرحلة،والمهام بدأت تبني جذورها في الأرض،ووميض السياسة في باحات الوطن،يضيء الأركان والربوع، ويتحرك في المواقع..
يجلس الفارس على كرسي عرشه المنسوج بالحب،وفيض العشق للشعب،حاملا روحه وقلمه ليخط على هذا المكان"فتح تعود الى هنا ولم تغادر".
أخذ الرئيس عرفات يرسم ملامح الحضور في ظلال الزيتون،بقيادة الوعي،وخطاب الشعب،وتتويجه بالأمان والطمأنينة،بعد عذابات السنين..طافت قلوب العاشقين اليه،واستأسد الشباب والتفوا حوله..
وتكاثفت اللقاءات والاجتماعات التنظيمية..وكان لا بد للاعلام الفلسطيني أن يبدأ خطاه،وأن يبث الأخبار من الأرض المحررة..
فجاءت وكالة الأنباء الفلسطينية التي كانت في تونس،لترسم دعائمها في غزة،وفلسطين الثورة التي كانت صوت الثورة الفلسطينية ،وصوت الوطن ،وتصدر في قبرص-حضر رجالاتها لصياغة رؤيا سياسية وفلسفية تتناسق مع هذا الحضور الآخذ في التصاعد البنيوي لملامح الدولة القادمة...واذاعات الثورة التي غطى صوتها الآفاق لا بد أن يتكلل حضورها في أرض فلسطين..
بذلت جهود حثيثة لبناء قواعد الاعلام الفلسطينيي بدءا باذاعة "صوت فلسطين"،وهي تجربة هامة تستحق الوقوف عندها،حيث ابتدأت ملامحها قبل العبور بسنة لوضع لبناتها هناك في أريحا..غرفة صغيرة،يتجمع بها عدد كبير من أصحاب الرأي والمذيعين..أدوات بسيطة تحاول نقل وقائع ما يجري،الوقت صيف،وصيف أريحا يتدفق حرارة لا تحتمل،ورغم ذلك،صمد الشباب بأمواج الفرح التي جعلت الحر سلاما على أرواحهم..وبدأ صوت فلسطين بالظهور،وسارت نبراته مع ايقاعات التجلي في أفراح اللحظات..تجربة فريدة أظهرت الوعي والطموح والاسترسال في العطاء في عباءة الترهب في محراب الوطن..الرئيس في المقاطعة يرسم عبارات حقائق الدولة والحرية،والاخوة الاعلاميون ينقشون هذا الحضور بتجليات الهية تهزم المستحيل..وأخذت وكالة الأنباء الفلسطينية"وفا"،طريقها الرسمي في اختزال الألم وتصويب الفكرة ونشر الخبر المتوازن،برجالاتها الذين عرفتهم في تونس،والتقيتهم عن قرب في غزة الحبيبة،الأخ سليمان وفا،رجل دمث هاديء رفيع الأخلاق،كان يراني اسطورة العطاء،وكان يحمل أنباء نشاطي السياسي والدولي برعاية خاصة،وكان دائما يردد"اذا كان هنالك جائزة كبرى لفلسطين في تقدير كفاءاتها،فأنت التي تستحقينها."
والأخ الكاتب زياد عبد الفتاح الذي كان رئيس مجلس الادارة وشخصية ثقافية معروفة.وكان تواصلي الدائم مع الأخ علي حسين،مدير عام الوكالة،كنا دائما نتحاور في سياسات الوطن،وكنت أستأنس برأيه عند كل مفصل سياسي ،وكان يجلني ويتابع نشاطي السياسي والثقافي الدولي، ويهتم بنشر منجزاتي الدولية،وخاصة أخبار الرئيس..ومنذ كان في تونس ،كان هذا التواصل..وكنت كلما زرت السيد الرئيس،أعرج على وكالة الأنباء الفلسطينية،وأقضي وقتا معهم ومع الكوادرالأخرى..وظلت تربطنا علاقة حميمية مميزة،وأحيانا كانت تحصل خلافات بين سليمان وفا والاخ زياد، وكنت أتدخل لتصفية الأجواء...كانت هذه الصداقات الفكرية،الانسانية والسياسية هي الأجمل،الى أن كان يوما علمت به بوفاة الأخ والصديق سليمان وفا،صدمت بشدة،وأحسست بعده حينما كنت أزور الوكالة،أن روحا حميمية قد فقدت، وأنه ترك فراغا كبيرا..هو في ذاكرتي ذاك الرجل الوادع الهاديء الجميل بمواقفة ورعايته.وكان المحرر الصحفي ابراهيم،يطل علي دائما بترحيبه المميز،ويتابع التصال بي من هناك،ودائما كان يقول:"حينما كنت تطلين علينا،كنت وكنا نشعر بالدفء الأخوي والانساني"،وظل خطابه مستمرا بعد أن أصبح حضوري الى غزة مستحيلا بعد الانقسام.رائعة هي أخوة الكلمة والالتزام،رائع بناء الصداقات المثلى التي تتصدى للهزائم..هؤلاء اخوة لي افتقدتهم ولم أنساهم.
وقد تم انشاء صحيفة الأقصى ومقرها في المقاطعة في أريحا،تسلم تحريرها في البداية، الأخ ابراهيم سليمان(أبو ابراهيم)، رئيس تحرير فلسطين الثورة سابقا،وصارت هذه الصحيفة بديلا مرحليا عن فلسطين الثورة،وأخذت كلماتي تحلق على صفحاتها...أكتب مقالا سياسيا يوميا،ودبت حركة اعلامية لا بأس بها..كنت أتحرك الى أريحا كل يوم،يحملني نبضي المشتعل باللقاء بالرئيس ،ثم التوجه الى مقر صحيفة الأقصى،وبعدها أعرج على مقر التيليفزيون المرحلي البسيط،وكانت شقيقتي ناريمان من اللجنة المؤسسة للاذاعة والتيليفزيون،كنت القاها والأخوة،ثم أعاود التوجه الى القدس وأعود ثانية وثالثة،وكأن الطريق مغطاة بالورود..ما أجملها من أيام!.
وكان نشاط رابطة القلم الفلسطيني، والتي تأسست برعاية الرئيس،كثيفا على الصعيد المحلي والدولي..ورأينا أن نستقبل الرئيس بما يليق به..ففي شهر سبتمبر لعام الف وتسعمائة وأربعة وتسعين..افتتحت رابطة القلم الفلسطيني مهرجان الشعر الدولي الأول على شرف الرئيس عرفات-بعنوان "الأدب والهوية"،بحضور لفيف من الكتاب من الدول الاسكندنافية،وكان هذا المهرجان أول مهرجان دولي يعقد في فلسطين.افتتح المهرجان في مدينة القدس بحضور لفيف من الشخصيات السياسية والفكرية،وقد مثل الرئيس الأخ الكاتب يحيى يخلف،الذي أشاد بدور الرابطة وفي هذا المهرجان،وكذلك تحدث الأخ جهاد قرشلي( أبو منهل)،وقدم كلمة اللجنة الوطنية ،تبعتها كلمة الاخ الدكتور سمير شحادة،والذي ألقى كلمة المؤسسات الوطنية..ثم قدم الأخ الروائي غريب عسقلاني كلمة غزة...وألقيت كلمة الرابطة،باستعراض تاريخية الفعل والموقف السياسي.أدار الاحتفال الأخ الدكتور أديب الخطيب.
وعلى أنغام الموسيقى الوطنية، والتي عزفها شقيقي المهندس رياض عواد،قرأ الشعراء قصائدهم..وحضر في تلك الأمسية رئيس بلدية بيت لحم السيد الياس فريج،وألقى رسالة تحية للضيوف.
كان احتفالا راقيا متحديا في مدينة القدس..غطى الاعلام فعالياته بكل اهتمام..وفي اليوم التالي،نظمنا أمسية في أريحا،في ساحة المطعم السياحي التي كانت تتسع لعدد كبير من الحضور..كان القمر بدرا،وأريحا تتناغم أمواجها مع الحضور المميز للضيوف الكرام..حضر الحفل محافظ أريحا،جبريل الرجوب ،والحاج اسماعيل ،فيصل أبو شرخ ،ورؤساء الأجهزة الأمنية الأخرى،وممثلون عن المؤسسات الثقافية..كانت الحان الموسقى تضيء الروح مع اضاءات القمر..قرأت القصائد بعذوبة الألحان،وتأثر الضيوف الدوليون كثيرا بالمشهد،وارتجلوا قصائد مبدعة .وفي اليوم التالي توجهنا الى غزة للقاء بالرئيس.نظم الأخ ابراهيم جادالله مدير عام وزارة السياحة الحافلات التي تقلنا،واستقبلنا أمن الرئاسة على المعبر وعدد  من كتاب غزة،وكان لقاء الكتاب رائعا،وخاصة كتاب غزة الذين يحملون ملامح الصبر والصمود والالتزام.
وصلنا الفندق،استرحنا قليلا،ثم توجهنا الى المنتدى للاجتماع بالرئيس عرفات..كان الرئيس سعيدا،استدعى الأخ مروان كنفاني لتسجيل وقائع الجلسة،وكذلك الأخ يحيى يخلف الذي كان وكيل وزارة الثقافة آنذاك،وكان معنا عدد من كتاب فلسطين التاريخية..رحب بنا الرئيس،وقدمت المشاركين،ثم قدمت كلمة هامة أطلعته على منجزتات المؤتمر والبيان السياسي الذي تضمن فكرتي في انشاء بيت الشعر الفلسطيني.قدمت له ميداليا المؤتمر، والتي وقعها وأصبحت ميدالية تكريمية متبعة في جميع مهرجانات الرابطة،تأخذ قيمتها المعنوية من اعتماد السيد الرئيس لها.أخذنا مع الرئيس عددا من الصور التذكارية التي حملت روح المحبة وتواصل كتابنا الأعزاء في غزة معنا بروح الصداقة والكلمة الجادة..
ودعنا الرئيس ،وظل عبير اللقاء يغمرنا.وكان الكتاب يشتعلون فرحا لأنهم التقوا قائد الثورة الفلسطينية،والذي أدهشهم في حديثه عن الابداع ومتابعاته الثقافية المتميزة.في الطريق خاطبتني رئيسة فرع فنلندا قائلة:"لم أكن أتخيل أن قائد الثورة يحمل هذا البعد الانساني والثقافي، وكل هذا التواضع.؟.
وكتب الشاعر النرويجي المعروف قصيدة بعنوان:"قمر أريحا"،صاغ فيها تجربته وحبه لفلسطين.
التجربة سارت بارتقاء الروح في كل الفعاليات،والتفاعل الاعلامي والدولي مع هذا الحدث الكبير..وقد غادر الشعراء بكل شوق وفرح،وتلقينا خلال اسبوع تقاريرا ملأت الصفحات الاسكندنافية،قمنا بترجمتها وارسالها الى السيد الرئيس..وقد حضر المهرجان السيد علي ماهر رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط في القاهرة،وكذلك الصحفي محمد أمين المصري رئيس القسم العربي في جريدة الأهرام.ذهل الأخ علي من الكيفية التي يسير فيها المهرجان،وكيفية اقرار البيان السياسي الداعم لفلسطين.وقد غطى أنباء المهرجان.
أيام كزهر اللوز الأبيض الذي يبشر بالعطاء.
تمضي بنا أساسا لوعينا،وتفجر طاقاتنا،وترسم حبنا لكل من وقف معنا..
كان السيد الرئيس مسرورا لهذا العمل الهام بحضوره ورعايته،وعلى اثرها كرمني،وأشاد بالعمل مع رجالاته وفي جولاته.
تلك الأيام العابقة بأمواج تتدفق مشاعر هي الأرقى،والتي لا زلنا نعيش بومضاتها التي لا تنتهي..الحضور المنثور من وحي لحظات عودة الفارس يضفي علامات أسطورية في رحلة النضال الوطني لأعدل قضية سياسية وانسانية..حملها المناضلون،وقادها زعيم الأمة،وتشكلت الأسرة الفلسطينية الواحدة بعد غياب الحدود.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف