الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ليست صرافاً آلي

تاريخ النشر : 2018-03-20
ليست صرافاً آلي
ليست صرافاً آلي
بقلم:ناريمان شقورة

جلستُ مع صديقةٍ لم أرها منذ سنوات طوال، وتحدثنا عن أمورٍ عديدة في حياة كلٍ منا مثل العمل والدراسة والحياة والأهل، وطبعا لا تخلو جلسة من السياسة وتداعياتها وتأثيراتها على المجتمع، وبين مدٍ وجذرٍ واختلاف وجهات النظر التي تُجمعُ باختلافها أن الوضع الفلسطيني صعب في الوطن فقطاع غزة يعاني الحصار وإغلاق المعابر وانقطاع الكهرباء والبطالة العالية، أما الضفة الغربية فيأكلها الاستيطان والحواجز الإسرائيلية في مداخل ومخارج المدن الكبيرة، بالإضافة إلى سياسة الاحتلال اليومية في الاعتقال الذي وصل إلى الجامعات الفلسطينية، أما عن القدس فهي التحدي الحقيقي للقضية الفلسطينية لكل ما تحمله من ملفات صعبة ومعقدة جراء الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات فيها وبحق البشر والحجر والإجراءات التعسفية الدورية بحق المقدسيين والمدينة، خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الأمر الذي يعطي دولة الاحتلال ضوءا أخضرا لمزيد من الانتهاكات، وطبعا لم ننسى الداخل المحتل الذي تضيق الخناق عليه دولة الاحتلال وتتعامل بعنصرية مع العرب حتى وإن حملوا الجنسية الإسرائيلية.
أجمعنا أنا وصديقتي أن فلسطين أمام تحديات وصعاب جسام، وتركنا السياسة وانتقلنا للحديث عن الحياة المهنية والشخصية وما مررنا به في السنوات التي خلت من نجاحات واخفاقات ومحطات قوة وضعف وأفراح وأتراح، وفي سياق الحديث تناولنا موضوع الارتباط فلتزال كلٌ منا عزباء وقد تجاوزنا الثلاثين وهو السن الذي يعتبره مجتمعنا سن الخطر للفتاة والذي يحولها إلى عانس كما يحلو للبعض تسمية العزوبية المتأخرة بـ"العنوسة"، ومن بين الحكاوي التي نقلتها إليَ صديقتي، أن أحد أقربائها أخبرها عن رجل يريدُ الزواج فرشحها له، وتحمس العريس للأمر لأنها من طرف أصدقائه من ناحية، وحسنة الجمال ومتعلمة وموظفة من ناحية أخرى، خاصةً وأنها موظفة في مكان مرموق، ووافقت صديقتي التي ترفض زواج الصالونات من حيث المبدأ على إعطاء ذلك الشاب فرصة بعد إقناع قريبها له والالتقاء به للتعارف بنية الزواج لو حصل توافق أو على الأقل قبول أولي يمهد لمواصلة التعارف، وفعلا جرى اللقاء وكانت البداية جيدة من الطرفين كانطباع أولي، وتبادلا الحديث بنوع من الراحة، حول التعليم والأهل وطريقة قضاء الوقت و ما شابه، إلى أن تطرق العريس المرتقب إلى موضوع الراتب سائلا إياها: " كم دخلك الشهري؟ وماذا تفعلين به؟"، قالت صديقتي: "راتبي جيد وأسدد نصفه التزامات أُسرية"، نقلت لي صديقتي أن لونه تغير واحمراراً ظهر على أُذٌنَيْهِ، واستطرد بالسؤال التالي: " طبعا لأنك عندهم، بس أكيد لما تتزوجي راتبك لزوجك والبيت"، وردت قائلة:" لا بل التزامي بنكي لمدة 15 عاما"، وبعد هذه الجملة حاول إنهاء اللقاء على عجلة معتذرا حيث لديه موعد آخر، فهمت صديقتي بعد أن أبدى إعجابه بها قبل التطرق لموضوع الراتب أنه يريد التهرب، فسلمت عليه مودعةً بـ "فرصة سعيدة"، وفعلا ذهب ولم يعد.
وطبعا لأن صداقتنا تسمح لي بالسؤال سألتها، إذا ما كان جوابها له اختباراً لنواياه أو حقيقة، فأجابتني أنها كانت صادقة ولأن أحد أفراد أسرتها مر بظرف صحي مخطر ولم يكن لدى الأسرة المال، فاضطرت للاقتراض من البنك للعلاج وتوابعه، ولاحتياجٍ ما، وهي ملتزمة بكل حب بالسداد البنكي، واستكملت قائلة: " إن لأهلي علي فضلاً كبيرا لا مثيل له، فهم دائما إلى جانبي ومن خلال اهتمامهم بي وصلت إلى وضعي الحالي، وإن أمي باعت كل ما امتلكت من ذهب لتعلمني أنا وإخوتي، خاصةً بعد طردنا من الكويت من دون أي حقوق ومستحقات إبان حرب الخليج، وأنا لم ولن أتوانى عما بدأته تحت أي ظرف، وهل سيكون شريكي الذي سيدخل حياتي أعز من الذين عشتُ معهم ثلاثين عاما وأكثر، وهل يعقل أن يحتاج أحدٌ من عائلتي وبإمكاني مساعدته واتأخر عنه؟؟".
في الحقيقة ليس ما طرحته صديقتي قصةً غريبة للأسف بل هو فعلا يحدث ويتكرر بأن يكون راتب الفتاة سبباً من أسباب التقدم إلى خطبتها، وقد يعود ذلك إلى ارتفاع الأسعار وإلى الغلاء في المعيشة، ورغبة الرجل بالبحث عن شريك حياة وشريك مالي يعينه على إرهاقات الحياة المالية وتكون عوناً له، وأحيانا كنوع من تفسير حديث الرسول (ص) بأن المرأة تنكح لأربع مالها وجمالها وحسبها ودينها.
اعتقد أن الشابات العاملات والموظفات لا يمانعن من المساعدة في نفقات البيت أو معاونة الزوج على سداد الأقساط التي ترتبت على الزواج، وإعانته على مصاريف الحياة من إيجارات ورسوم حضانات ومدارس وفواتير كهرباء ومياه و..الخ، لكن ما نرفضه هو أن يكون الراتب ودخل الموظفة هو هدف الزواج، والأمر الأكثر سوءا هو رفض بعض الرجال أن تساعد زوجته أهلها من راتبها معتبراً أن دخلها الذي تتعب من أجل تقاضيه هو حقٌ له ولبيته متناسياً كل الفضل لأهلها في إيصالها للوضع الذي تزوجها عليه، كما أن ذلك يخلق نوعاً من الحساسية بين الأهل وابنتهم وصهرهم من جهة، ومن جهةٍ ثانية يربك العلاقة بين المرأة وزوجها، فكيف له أن يمنعها برد جزء من جميل أهلها عليها؟ وكيف له أن يعتبر جهدها وتعبها حق له؟؟؟ وكيف تتخلى من التزمت بأمر كهذا عن التزامها بعد الزواج؟ وكأنها تخلت عن أهلها؟
نعم الحياة شراكة ولسنا نحث النساء على المطالبة بحقوقهن كاملةً دون أن ينفذن واجباتهن، ورغم أن الانفاق المالي ليس فرضا عين ولا واجب مجتمعي على المرأة، لكننا نحثها على مساعدة الشريك طوعا وتخفيف عبئات الحياة وتقاسم ما يمكن تقاسمه معه، لكن دون أن يستحوذ على بطاقة الصراف الآلي الخاص بها ويسحب راتبها ويعطيها منه مصروفها وكأنه منةً منه وفضل بل هو أبسط حقوقها، ولا أن يصبح ذلك التزاماً مفروضاً بل أخلاقيا منها ل
ألم يحث الدين على تكريم المرأة والإنفاق عليها حتى لو كانت غنية وتمتلك المال؟ أم أن قوامة الرجال على النساء تظهر فقط في القرارات والتعليمات الخاصة بالحركة والعلاقات واللبس؟

إن أسوأ ما قد تمر به النساء هو أن يكن أدوات ترفيه بمعنى خداعهن من قبل من وثقن بهم، وأن تكُن صرافاً آليا لرجال تواكلوا عليهن فأصبحن هن المسؤولات عن الإنفاق والمصاريف ما يجعل الرجال في نظرهن ذكوراً وأدوات إنجاب لا أكثر، وهو ما يجعل العلاقات الزوجية والاجتماعية مجردة من الإنسانية التي بها نسمو.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف