صناعة الاستزلام للقيادة الوارثة
بقلم خالد غنام أبو عدنان
يبيتُ مَعَ الأَزْلامِ فِي رأْس حالقٍ ... ويَرْتادُ مَا لَمْ تَحْتَرِزْه المَخاوِفُ
يروي لنا التاريخ أن العرب كانوا يكتبون على بعض أنصال السهام أفعل وبعضها الآخر لا تفعل ويضعونها في وعاء يخفي أنصالها، وعندما لا تسعفهم بصيرتهم بترجيح القرار الصائب، يسحبوا من الوعاء سهم ويتبعون حظهم حتى لو كان فيه مقتلهم وكانوا يسمون هذه السهام الأزلام.
أما نظرية الخيال فهي مقامرة بأكثر من مجرد قرار واحد كما كان يفعل أو لا يفعل العرب في مقامرة الحظ مع سهم الأزلام. فهنا الحديث عن معايشة طويلة بين التابع والمتبوع قد تستمر عقود من الزمن. وهي نظرية الظل المصاحب للإنسان حيث ينعدم الظل بوقوف الإنسان في أمكنة ذات ضوء ساطع، ولكن الظل يتساوى مع طول جسم الانسان في زمن الاعتدال الضوئي، وقبل هذا الزمن وبعده لا يكون طول الظل يساوي طول جسم الإنسان، والمقصود بالزمن أي زمن سطوع الشمس على سطح الأرض في مكان ما على إنسان ما. لذا تصبح جملة تبعته مثل ظله محل استفهام يعجز عنه علم البلاغة اللغوية لدخول الجملة في مساق الفيزياء الضوئية أكثر من علم الرصد المخابراتي! إلا أنه قد يكون مقبولة في صناعة القيادة الوارثة.
عندما يطلب قائد ما معاون له بشرط أن يؤمن بنظرية السلامة البليدة في التاريخ الصيني السحيق، وهي أقدم نظرية تربط الإنسان بالقرد وتعطي القرد صفات بشرية؛ ونظرية الآن أصبحت ذات شهرة عالمية وهي مختصر بصورة ثلاث قرود وجملة لا أسمع لا أرى لا أتكلم، ويضيف إليها المولى عز وجل صفة فقدان العقل والقدرة على اتخاذ القرار في سورة البقرة -١٧١- بسم الله الرحمن الرحيم؛(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) صدق الله العظيم.
المعاون بالنسبة للقائد الذي يؤمن بضرورة توريث القيادة لا بد أن يكون مخلصاً لدرجة لاستعباد الطوعي فلا يناقش ولا يستوضح ولا يعترض، إنه أكثر من أداة تنفيذية لقرار القائد، فهذه مسألة أخرى ولها آليات عمل تختلف كليا عن مفهوم الاستزلام. إنها عملية تدريب صعبة لجعل المعاون يفكر بنفس الطريقة التي يفكر بها القائد، وكأنه يعيد برمجة عقله ليتناسب مع رغبات القائد الذي يستعير عقل للمعاون ليصبح قائد ذو سعة أوسع لامتلاكه عقلين وربما عشرة عقول.
عندما يتملك القائد الموقف ولا يكون بحاجة للمعاون، يصبح حضور المعاون غير ظاهر بل أنه أقل من الظل أو أنه ظل تحت حذاء القائد، وفي ظروف النكبات يقوم القائد بتكبير المعاون ومنحه صلاحيات كبرى حتى يخال البعض أن المعاون هو القائد بتلك المرحلة، فيسقط اللوم عن القائد لينال المعاون السباب والشتم وأحيانا الضرب الذي قد يصل إلى القتل دفاعا عن فكر القائد رغم هروب القائد نفسه عن الدفاع عن هذاك الفكر الذي أدى إلى النكبات. بالتأكيد هذه الحدود القصوى في العلاقة بين القائد ومعاونه، إلا أن أغلب الأوقات يكون القائد مشعا بالنور ومعاونه ضلا يتبعه، والناس بالتأكيد تهاب القائد الذي يملك الظلال الكثيرة فهو قوي وقادر على تحقيق رغباته وتنفيذ قرارته، وأيضا الناس تخاف من معاون القائد فهو مسنود محروس من ذو المهابة القائد المبجل.
وحتى يستمر فكر القائد بعد موته لا بد أن يستخدم معاونه الذي تراكمت في عقله أفكار القائد، لكنها تجمدت بعد موته، فهو رجعي عنيف جدا ضد التجديد ويحارب تحديث الأفكار ويصهر عقول كل من حوله ليبقى هو صاحب الفكر، فلا داعي لأحد أن يفكر ولا أن يشاركه التفكير، أي أن المعاون لا يمتلك القدرة على صناعة معاون له، بل أنه يحاول أن يختصر القيادة كلها بشخصه، ولا يفكر بوضع القيادة بعد مماته، لأنه هو انتهى لا بد أن ينتهي كل شيء ويبدأ العالم من جديد!
المعلم ينقل علمه للتلاميذ ويتمنى المعلم من كل قلبه أن يتقدم التلاميذ عليه ويقوموا بتطوير علومه وتحديثها وهو يؤمن بضرورة ضخ الدماء الجديدة لمؤسسة القيادة. هذان النوعان من القيادة لا يمكن أن يختصرا صناعة الأزلام وفقا للمفهوم العربي، استزلام القائد الذي يؤمن بالوراثة تستمر عقدين بعده وتسقط بعدها القيادة في ظلمة قاحلة، أما أزلام المعلم فهم كأزلام الحضارة الكنعانية كلهم يحمون الديار بطرق مختلفة وهم وحدهم من يصنعوا استمرار لا ينتهي لحب الأرض وقيادة الأمة نحو الخلاص، زلمة كنعان هو ذاك العامود الحارس لحدودها من الأعداء وهو موج البحر الدافع للحيات أن تهبط على سفن الصيادين، وهو دموع الحوريات اللاتي تروي عطشى النقب، هو شجر الزيتون المزورع ليروي الأرض روح فلسطينية ولتسمتر بأزلام الوطن أسطورة الثورة.
بقلم خالد غنام أبو عدنان
يبيتُ مَعَ الأَزْلامِ فِي رأْس حالقٍ ... ويَرْتادُ مَا لَمْ تَحْتَرِزْه المَخاوِفُ
يروي لنا التاريخ أن العرب كانوا يكتبون على بعض أنصال السهام أفعل وبعضها الآخر لا تفعل ويضعونها في وعاء يخفي أنصالها، وعندما لا تسعفهم بصيرتهم بترجيح القرار الصائب، يسحبوا من الوعاء سهم ويتبعون حظهم حتى لو كان فيه مقتلهم وكانوا يسمون هذه السهام الأزلام.
أما نظرية الخيال فهي مقامرة بأكثر من مجرد قرار واحد كما كان يفعل أو لا يفعل العرب في مقامرة الحظ مع سهم الأزلام. فهنا الحديث عن معايشة طويلة بين التابع والمتبوع قد تستمر عقود من الزمن. وهي نظرية الظل المصاحب للإنسان حيث ينعدم الظل بوقوف الإنسان في أمكنة ذات ضوء ساطع، ولكن الظل يتساوى مع طول جسم الانسان في زمن الاعتدال الضوئي، وقبل هذا الزمن وبعده لا يكون طول الظل يساوي طول جسم الإنسان، والمقصود بالزمن أي زمن سطوع الشمس على سطح الأرض في مكان ما على إنسان ما. لذا تصبح جملة تبعته مثل ظله محل استفهام يعجز عنه علم البلاغة اللغوية لدخول الجملة في مساق الفيزياء الضوئية أكثر من علم الرصد المخابراتي! إلا أنه قد يكون مقبولة في صناعة القيادة الوارثة.
عندما يطلب قائد ما معاون له بشرط أن يؤمن بنظرية السلامة البليدة في التاريخ الصيني السحيق، وهي أقدم نظرية تربط الإنسان بالقرد وتعطي القرد صفات بشرية؛ ونظرية الآن أصبحت ذات شهرة عالمية وهي مختصر بصورة ثلاث قرود وجملة لا أسمع لا أرى لا أتكلم، ويضيف إليها المولى عز وجل صفة فقدان العقل والقدرة على اتخاذ القرار في سورة البقرة -١٧١- بسم الله الرحمن الرحيم؛(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) صدق الله العظيم.
المعاون بالنسبة للقائد الذي يؤمن بضرورة توريث القيادة لا بد أن يكون مخلصاً لدرجة لاستعباد الطوعي فلا يناقش ولا يستوضح ولا يعترض، إنه أكثر من أداة تنفيذية لقرار القائد، فهذه مسألة أخرى ولها آليات عمل تختلف كليا عن مفهوم الاستزلام. إنها عملية تدريب صعبة لجعل المعاون يفكر بنفس الطريقة التي يفكر بها القائد، وكأنه يعيد برمجة عقله ليتناسب مع رغبات القائد الذي يستعير عقل للمعاون ليصبح قائد ذو سعة أوسع لامتلاكه عقلين وربما عشرة عقول.
عندما يتملك القائد الموقف ولا يكون بحاجة للمعاون، يصبح حضور المعاون غير ظاهر بل أنه أقل من الظل أو أنه ظل تحت حذاء القائد، وفي ظروف النكبات يقوم القائد بتكبير المعاون ومنحه صلاحيات كبرى حتى يخال البعض أن المعاون هو القائد بتلك المرحلة، فيسقط اللوم عن القائد لينال المعاون السباب والشتم وأحيانا الضرب الذي قد يصل إلى القتل دفاعا عن فكر القائد رغم هروب القائد نفسه عن الدفاع عن هذاك الفكر الذي أدى إلى النكبات. بالتأكيد هذه الحدود القصوى في العلاقة بين القائد ومعاونه، إلا أن أغلب الأوقات يكون القائد مشعا بالنور ومعاونه ضلا يتبعه، والناس بالتأكيد تهاب القائد الذي يملك الظلال الكثيرة فهو قوي وقادر على تحقيق رغباته وتنفيذ قرارته، وأيضا الناس تخاف من معاون القائد فهو مسنود محروس من ذو المهابة القائد المبجل.
وحتى يستمر فكر القائد بعد موته لا بد أن يستخدم معاونه الذي تراكمت في عقله أفكار القائد، لكنها تجمدت بعد موته، فهو رجعي عنيف جدا ضد التجديد ويحارب تحديث الأفكار ويصهر عقول كل من حوله ليبقى هو صاحب الفكر، فلا داعي لأحد أن يفكر ولا أن يشاركه التفكير، أي أن المعاون لا يمتلك القدرة على صناعة معاون له، بل أنه يحاول أن يختصر القيادة كلها بشخصه، ولا يفكر بوضع القيادة بعد مماته، لأنه هو انتهى لا بد أن ينتهي كل شيء ويبدأ العالم من جديد!
المعلم ينقل علمه للتلاميذ ويتمنى المعلم من كل قلبه أن يتقدم التلاميذ عليه ويقوموا بتطوير علومه وتحديثها وهو يؤمن بضرورة ضخ الدماء الجديدة لمؤسسة القيادة. هذان النوعان من القيادة لا يمكن أن يختصرا صناعة الأزلام وفقا للمفهوم العربي، استزلام القائد الذي يؤمن بالوراثة تستمر عقدين بعده وتسقط بعدها القيادة في ظلمة قاحلة، أما أزلام المعلم فهم كأزلام الحضارة الكنعانية كلهم يحمون الديار بطرق مختلفة وهم وحدهم من يصنعوا استمرار لا ينتهي لحب الأرض وقيادة الأمة نحو الخلاص، زلمة كنعان هو ذاك العامود الحارس لحدودها من الأعداء وهو موج البحر الدافع للحيات أن تهبط على سفن الصيادين، وهو دموع الحوريات اللاتي تروي عطشى النقب، هو شجر الزيتون المزورع ليروي الأرض روح فلسطينية ولتسمتر بأزلام الوطن أسطورة الثورة.