الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلقة الثانية والثلاثون من كتاب ذاكرة الترف النرجسي بقلم:د.حنان عواد

تاريخ النشر : 2018-03-04
الحلقة الثانية والثلاثون من كتاب ذاكرة الترف النرجسي بقلم:د.حنان عواد
ايقاعات الهجير المر
كيف أكون بلا عينيك..كيف أكون؟؟!.
كان ايقاع الفراق حارقا...
نار الروح تلتهب،والكون يضحي صورة مغادرة،والقلب النابض بالحب،تعبر اليه أمواج الحنين والألم المعذب،يتوقف الزمن،وتراني صورة هلامية معلقة ما بين الأرض والسماء،تطوف على أنغام الرجوع،وتنهمر الدموع..
وتعبر الساعات المفارقةتدق زمن الغياب الموحش..
أتلفت حولي،السواد منسدل على أركان البيت،والصمت الموجع ينثر أمواجه في كل مكان ..ذاك الوجه النوراني،والقلب المسكون حبا،والعقل بموازين الارتقاء،أين هو؟؟؟
أين أنت يا والدي يا سيد الرجال؟؟!
وكيف تغيب قبل أوان الياسمين؟؟!.
كانت تلك لحظات فقد والدي..
تمنحنا الحياة أفراحا كثيرة،ولكنها تأخذ منا جمالية التكوين،وروح الانسان والأمان.
كانت فرحة الحصول على عضوية فلسطين تقفز معي،وتطل بالبشرى على كل من عشق الحب الطفولي والبطولي الذي يربطني في وطني،بكبرياء منحوت من نسج روحي وكبريائي،والذي حملته من والدي الذي كان نور قلبي وضميري،ورحلتي في أجنحة الكون مع ايقاع الحب المورد بالتضحية والصفاء...
بعد أن حصلت على الاعتراف بفلسطين عضوا كاملا،اتصلت بوالدي مبشرة،ردت علي شقيقتي، وأعلمتني أنه غير موجود حاليا،قلت لها:"سأتصل في المساء".تابعت بعض المهمات،واتصلت ثانية،فكان الجواب أنه خرج لزيارة صديق..شيء من الضيق أصابني،وتساؤلات؟؟.أعددت العدة للسفر بسرعة،وأعلمت الأهل بموعد الوصول..حضر أخي رياض الى المطار،وسرنا حتى وصلنا القدس،لم تتجه السيارة الى البيت،بل سارت مباشرة الى مستشفى المقاصد..وما أصعبها من لحظات!
أصابني دهشة وانهيار تام،وأخذت أركض بين أروقة المستشفى،لأصل الى مقصورة والدي..ارتميت في أحضانه،وعانقته طويلا،وانفجر القلب بالبكاء..لم أتصور يوما أن أواجه هذا الموقف.
وكيف جرى كل هذا بغيابي أياما معدودة،فقد كان بخير حينما تركته.
نظرت اليه طويلا،فوجدت التعب باديا عليه،أخذت أحدثه بما تم انجازه برعايته ودعائه،وبدت على وجهه ملامح الفرح،وخاطبني بهدوء وصعوبة:"هل اعتمدت التعليمات التي اقترحتها عليك؟"،فأجبته:"هي تعليماتك التي ارتقت بي الى المجد"..وكان والدي طيب الله ثراه،قد وجهني قبل الرحيل،وأوصاني بأن أبتعد عن الاعلام والظهورفي تجليات العمل الوطني،احترازا أمنيا،وحتى لا يزيد حنق الحاقدين"..وأودع في روحي الارادة والشموخ،والاطلال على العالم بروح الوعي المعمق،والكلام المنمق المناسب للمقال، بكبرياء وطني،كانت ارشاداته مناراتي،وقوتي وطموحي..
سارعت الى الأطباء للاطمئنان،وانبعث الألم في أعماقي،وأخذت أطوف في باحات المستشفى..يعبر المساء حزينا،أجلس قرب النافذة،لأرى القمر يطل بدرا،أنظر الى وجه والدي وعينيه الذابلتين،
وأمتطي مواكب الروح في الأمل والدعاء،انتحي جانبا،أحمل قلمي مرتجفة لأخط هذه المقطوعة"في التجربة الأصعب".
قلقة روحي عليك،مهداة اليك..
 هل غار القدر من وجنتيك الوردية،وأراد بها افتراسا؟؟
    أتيتك فوق سحاب الغار والانتصار،
أتيتك أنت،لأجلك،وحدك،أنت أنت،الروح،الوجدان والضمير..
أنت الماضي والحاضر والمستقبل،
أنت نوري وحنيني وحناني..
أنت صبري وكلماتي..
لا زلت بين ذراعيك طفلة مدللة،موله العشق.
أتغادرني؟؟وتغادرني الي في الظلمة وفي وضح النهار؟
أقاتل باسمك الاعصار والانهار....
أحمل كلماتي كليمة عبر حنين الكون،
عيونك تلاحقني وتتبعني،ودعواتك المقدسة ترسم هالاتها فوق جبيني..
وأتيتك بالنصر،وتراتيل الفجر،
أتيتك بشهادات الكون،واشعاعات الفجر،
وفلسطين عروس عيوني تتألق فوق وشاحي وجبيني..
تذوب أمام قدميك كل صعوبات التاريخ،
وتتوارى أمام حضورك كل الهامات الكبرى.
أتيتك برجال سمر القامات،يقفون معي اليك،
يرشون ثرى الوطن شقائق نعمان...

هل غابت عصافير الزمان شادية على دالية غرستها بيديك؟
أم فرت عنادلنا من لحن عجزت أن تردد ذبذبات شدوه؟
أم فجرت صرخات ينابيع الكرة الأرضية مكنونات التخفي والتواري للرجوع؟

أتغفو عني ولا تراني،أم تغفو لكي تظل تراني؟؟؟
فأنا ظل اليك لن يتوارى،وقلب لن يذوب...
هي مقطوعة مطولة أقتبس منها بعض الفقرات...وقد اختتمتها كما يلي:
"ان غفت عيناك في،وغطى رمشك الرطب أحلامي كي لا تضيع،ستحدثك عيون السماء عن ابنة أشعلتها وهجا،وستبقى تضيء بنورك طالما كلماتها تنبض،وعقلها يفيض عطاء،وقلبها يعيش لأجلك،حتى لا تغيب الشمس منك عنك...
أيها الحبيب القريب!لن تغيب أبدا لن تغيب..
أفتقدك يا والدي،بل نفتقدك..
كل عروق الليمون في بيتنا تفتقدك..
وعصافير الشدو الصباحية تفتقدك..
والورود التي تنفست الحياة برعايتك..
يفتقدك كل محبيك وأصدقائك..أهلك وربعك..
والأحباب والجيران وكل الرجال العظماء في هذا الوطن..
لن تغيب،وستبقى ملء الفؤاد..
وعهدا منا أن نكون على صورتك،في حمل الأمانة واتمام المسيرة..

عاشت الكلمات معي،وانفجرت آلام الروح وأنا أجلس قربك أحاول أن أفعل شيئا يغيب الألم،القمر يطل معاتبا،والذهن يغيب محتسبا هول الفاجعة..كان معي في المستشفى اخوة لم تلدهم أمي،ظلوا حول والدي في معظم اللحظات القاسية..الاخ معروف الرفاعي والأخ محمد عياد،الذين كانوا أعمدة العمل السياسي معي،ومثالا رائعا للالتزام والعطاء،كان والدي يعتبرهم أبناءه،وحمل لهم كل الحب والتقدير..
اشتد الألم على والدي،وأصر أن يغادر المستشفى وأن يعود الى البيت،فطلبنا من الأطباءذلك،وجاء أخي رياض ونقلناه الى البيت وظل طبيبه الخاص مناوبا ذاك المساء لأجله.. أصابنا شيء من التفاؤل بأن الأمور تتحسن..ارتسمت ملامح السعادة على، وأخذت أدور في البيت أتوجه الى الله بالدعاء..وكم كان والدي سعيدا حينما دخل البيت..اللحظات الموجعة تمر بدمي،تصارعني فلا أدري ماذا أفعل..
ذهبت الى دكان للفواكه،اشتريت له كل أنواع الفواكه وحتى النادرة منها،جهزتها ووضعتها أمامه،نظر الي مبتسما،ولم يتناول أي شيء.
تجمعنا حوله بكل الحب والخوف،ثم تركناه لعدة دقائق ليستريح...
عدنا اليه،فوجدنا حالته قد تفاقمت،طلبنا سيارة الاسعاف،وعدنا ثانية الى المستشفى..بذل الأطباء كل جهد لاعادة النفس اليه،وقفت وأخي رياض منتظرين لحظة الأمل، الى أن جاء الخبر..ولا يمكن لقلمي أن يصف مرارة تلك اللحظات..عمل الأطباء اللازم،عدنا الى البيت،كان البيت ساكنا وكأنه فقد النور..كيف سننقل هذا لخبر الى الأهل؟وكيف نعد ما يليق به؟أسئلة نطرحها في الذهن..القلق يعبر الينا،الدموع أنهارا،والحزن يشتعل في بيتنا وفي القدس..قمنا بالاتصال بالأهل للاستعداد في اليوم التالي لحضور مراسم الدفن...
احضرنا جثمان والدي في اليوم التالي،وجاء المختص لغسله واعداده..انتشر في البيت عبق جميل وهو ملقى أمامنا ملاكا..كان وجهه مضاء كأنه يمتلك الحياة...حضر الأهل من مختلف المدن الفلسطينية..وفي حفل وداع اللحظة الأخيرة،والأهل والأصحاب يقبلونه،اقتربت منه،عانقنه وقبلته وانتشر حولي عبق جميل،استوقفني العبق وحلق بي الى ما وراء الكون،وصفاء لحظة اللقاء،والوجه الصامت ينشر عبق الحضور الالهي والانساني في اعجاز كوني .
أحضر الشباب عددا من الخراف لذبحها لروحه الطاهرة....حضرت سيارة الأوقاف،مغطاة بالعلم الفلسطيني.
أكاليل الورد تتوسد السيارات بحزن،القرآن الكريم يلف ضواحي البيت....وأنا أحدق بما يجري..توقفت عن البكاء للوقوف بعزة لوالدي وتكريمه بما يليق....لحظات بوهج الحنين والأحزان تلف حضورنا المعذب بالألم..تحركت السيارات في الجنازة الى المسجد الأقصى،صوت المؤذن يدق في أذني..كانت جنازة تليق به،ضجت القدس وسار الأحبة معه...وتم تجهيز البيت بكل ما يلزم...
وسارت طقوس الوداع بأناقة لا متناهية،لم يبق أحد الا حضر للعزاء،وامتدت الموائد اللائقة،وسارت مراسم العزاء بذاك العبق الذي غمر البيت،بمستوى ارتقاء عال..واشتدت القراءات القرآنية والتي تحمل معها الحكم وشيئا من الصبر...ولما انتهت أيام العزاء،عدت الى ذاتي لأراني بلا بوصلة،أين والدي؟
جلست في غرفة صالون الاستقبال، والذي لم يتوقف عن استقبال المعزين،لمدة طويلة،أرنو الى صورته،أغوص بالذكريات،فأصابني انهيار حاد،وبدون أن أدري أخذت بالصراخ الذي منعت نفسي عنه طوال فترة العزاء..ثم أصابني وجوم وشرود،أطلق الفكر في ماهية الحياة،وأعرج على مباديء التصوف،أقرأ القرآن،فيأخذني الى ملامح الوجود،وصورة الرحيل،ونقش توصيفات الآخرة..أعبر مرحلة التحير،تزداد الأسئلة،وينتحي الجواب بعيدا،وأعيد السؤال:
"أين أنت؟ولماذا أنت؟وكيف تعبر هالات السماء وأنا ظلك المفترش برعايتك،وأين صوتك الذي كان لي لحنا عذبا وأمرا لا يناقش؟ووجهك الذي قرأت كل تعابيره المثلى،وأحسنت قراءته باتباع تعليماته..آه آه يا والدي يا أحمد،يا صوت الآنا الأعلى في تشكل الوعي لدي،وفيض الأحاسيس المعتقة في الروح..
اتصل بي الرئيس أبو عمار وعزاني وحاول تصبيري،ثم أرسل برقية الى الأهل من خلال الأخ الدكتور زهير الوزير سفير دولة فلسطين في فنلندا وهذا نصها:"الى عائلة المرحوم أبو رياض..الى الأخت حنان عواد حفظهم وحفظها الله..
كلفني الأخ الرئيس أبو عمار..رئيس دولة فلسطين..رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،أن أقدم اليكم التعازي القلبية الحارة،بوفاة المغفور له أبو رياض،له الرحمة،ولكم من بعده طول العمر والبقاء..وكذلك أتقدم باسم جميع الأخوة في منظمة التحرير الفلسطينية ونيابة عنهم،بأحر التعازي،راجين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته،وأن يسكنه فسيح جنانه،ولكم بعده طول العمر والبقاء".....د.زهير الوزير سفير دولة فلسطين في فنلندا،وممثل منظم التحرير.
كما تلقيت برقية من الأخت انتصار الوزير،ومن الاتحاد العام للكتاب والصحفيين في تونس، ومن الشخصيات الاعتبارية الفلسطينيةوالعربية،السفراء ،وممثلي المنظمات الدولية.
كما وردت برقية من سفيرنا في البرتغال الأخ عصام بسيسو وهذا نصها:"بمزيد من الحزن والأسى بلغني صباح اليوم نبأ وفاة والدكم..
لقد هزني هذا النبأ،ولكنها سنة الحياة،ويكفي من مآثر الفقيد أنه والد شابة مناضلة ومثابرة وعنيدة في الحق.
باسمي وباسم الأخ صلاح وجميع العاملين معي،نقدم لكم خاص العزاء..للفقيد الرحمة،ولكم الصبر والسلوان..عصام بسيسو-سفير دولة فلسطين في البرتغال.
وبعد انتهاء العزاء،اتصل بي الأخ عصام وقدم لي دعوة خاصة للحضور الى البرتغال، في محاولة منه لتخفيف الصدمة عني.
جلست مع نفسي طويلا،وأنا أرى دموع والدتي واخوتي وأخواتي،وقلبي الذي يتطفر حزنا،ماذا بعد؟!،وماذا علي أن أفعل؟وكيف أجابه الحياة بغياب ركيزتها،وكيف نتابع الأعمال والمهام
وما ترك والدي من ثروة تتطلب المسؤولية والمتابعة؟!
قام أخي العزيز رياض بمتابعة العديد من القضايا التجارية،ولم ندرك قيمة وعظمة الدور والمسؤولية التي يحملها والدي ويؤديها بكل نجاح، الا بعد أن عشنا التجربة..انها مسؤولية لا يستهان بها،مربوطة بعلاقات جادة مع الكثير من رجال الأعمال..اضافة الى عملي السياسي والثقافي ومتطلبات القيام به على أكمل وجه ومتابعته بكل قوة.
وكلما اشتد الألم،كان هنالك نداء داخلي يدعوني الى حمل أمانة الرسالة،والتي قد تكون هدية هامة تقدم لروح والدي.
فبعد ستة أشهر من الوجوم والأحزان والحيرة،أخذت القرار الملزم بايفاء والدي حقه، بأن أكون على صورته في الارادة والتحدي..شيئا فشيئا أخذت بمواصلة العمل.
والحقيقة انني بغياب والدي فقدت نبضي الطفولي الذي كنت أعيش بوجوده ،فقد كان يدللني كثيرا،ويشعرني دائما بأنني طفلة.
أخذت أتابع متطلبات الحياة، وواجباتي العائلية والوطنية،ولكن بلا روح..
ان فقد الوالد،الركن الأساس في البيت، فقد كارثي،يترك آثاره على كل معالم الحياة.
اشتاقه دوما كلما خطوت خطوة للمستقبل،وكلما طاف نظري في أركان البيت،وكلما استلزم موقف في موضوع ما..أفتقده عند كل صباح،وعند كل خطوة،الكل يفتقده،حتى الأشجار المصطفة في حديقة بيتنا،والورود المنتشرة في المعابر..تفتقده العصافير والعنادل،ودالية تنشر فروعها التي امتدت برعايته،
أفتقده كلما حملت قلمي وأبدعت،لأبحث عنه وهو يشجعني،ويتابع كتاباتي..انه الزمن الأصعب الذي أعيش به دون والدي،فكرتي الأزلية وكبرياء الأشم.
ومرت الأيام وعادت الذكرى من جديد لتحملني اليك..ففي كلمة وفاء كتبتها له:"فارس فلسطين يتوارى،أنقى أنقياء العصر يمضي،أجمل الشبان يستعجل عرس القضاء.
يا والدي!أين تمضي،وكيف تتركنا وتمضي؟
هذي ملامحك الجميلة الأصيلة تظهر رغم حواشي الليل،ويطل وجهك مشفوعا بقسم المحبة من بابك الرحب..والزهور مصطفة باختيال في الاستراحة المركزية للعمل جاثية اليك،مغطاة بأشواك الحماية والرعاية واحترام نيران التوجه في الروح..والفراشات افترشت ألوانها الربيعية على المداخل في قناديل التفرد في نافذة عمر المجد،والشجيرة المغردة للصبا تختال تيها،وهمسات النهر المركزي في قاربه الدائم.
أنت حلمنا،وحلمنا لا زال باقيا..لن تغادر..
وأنت الذي أيقظتني وفتحت عيوني على مباديء سامية خالدة،افترشها عزك المنقوش في روحي ووجداني..وأنت الذي غمرتني
بعصافير الأشواق.
.بكلماتك المعطرة التي حملت دائما الأمل في مستقبل فلسطين.
سأشعل اليك كل القناديل على نافذة تعبر الى روحك المقدسة،وأحمل النور الخالد في اكليل الغار..
وسأسارع الخطى والايقاع لارتقاء السماء اليك.
أرفع ذراعي الى السماء في الدعاء اليك..
أتلمس شعيرات وجهك البيضاء،تروي لنا ايقاعات الرحلة المنقوشة في تراتيل التوجه الى الله..
أفتح ستائر النور لأرى وجهك وضيئا يفيض بالمحبة،ويقضي بأن الوطن هو الأبقى،وأن الخلق هو الأجمل،وأن التضحية والفداء طريق الخالدين.
ها أنت تفيض على روحي،وأراك أمامي في كل لحظة..                   
أنضحك بروحي،بقلبي،بحبي،
أنضحك بكل معايير الوفاء وتراتيل السماء وقراءات القديسين..
أنضحك بالكلمة الصادقة،بالحب الفلسطيني،بالنور،بالظلال وقطيرات الندى المجدولة بالصفاء وشذور الشمس والحنين..
أنضحك بمشاعل الحرية التي ابتدأت تشتعل في أركان وطني..
أنضحك بأشعة النور وفيض الحب،وأمواج التجلي في الروح سالكة اليك..
أنضحك بكل الكلمات المبدعة التي نقشت حروفها،وبكل كتاب قرأته،وبكل معنى ساميا حملته في رحلتك الينا والى البشرية..
وبالحلم المستمر.
أنضحك بدرب الهدى والعهد بمتابعة المسير..
أنضحك في اسراء المباديء من عليائك الى روح أبنائك جميعا..
فنم قرير العين في سكون الايمان،والدا مولودا في قلوبنا مع كل نبض وكل فجر،ومع ايقاع لحن الخلود.
أي بدء اليك سوى بدئك والعناق الأبوي الدائم ..
 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف