بدون قراءة الفاتحة 23-2-2018
بقلم : حمدي فراج
بعد ظهور "شاهد ملك" في قضية فساد جديدة بحق بنيامين نتنياهو ، كتبت صحيفة هآرتس المعارضة له ان "صندوقه الاسود قد تصدع" ، وانه اليوم بمثابة "جثة سياسية" ، وهو كلام يلامس تلابيب تطلعاتنا كفلسطينيين اعياهم هذا الزعيم بممارساته الوحشية القمعية بحق شعبنا من جهة ، ومخططاته الناجحة التي تكاد تجهز على آخر ما تبقى وتشرذم من حقوقنا وما اعتدنا اطلاق تسمية "ثوابتنا" عليه خلال النصف قرن الاخيرة من مأساتنا ، آخرها القدس التي اعلنها ترامب عاصمة موحدة ابدية لاسرائيل ، سبقها بالطبع اجهاض حق عودة اللاجئين ، هذا الاجهاض الذي تم في ليل بدون قمر وعلى السكت كما يقال ، وما بينهما – القدس وحق عودة اللاجئين – الاستيطان الذي ظل يقضم ارض الضفة الغربية حتى كادت تصبح بدون ارض .
تصدع صندوق نتنياهو الاسود ، تعبير سلبي يعني تبعثر حقائق سقوط الطائرة ، الامر الذي يتطلب المحققين وقتا اطول وجهدا أعرض في معرفة الاسباب الحقيقية التي سبقت سقوطها ، فالرجل ، عدا عن انه سجل سبقا تاريخيا في رئاسة حكومة اسرائيل اللاتاريخية لاربع دورات ، نجح داخليا في تعزيز الفكر الصهيوني اليميني ممثلا في احزاب اقرب الى الفاشية منها الى الدينية التي تتغنى بها ، وحجّم "اليسار" تحجيما يكاد يبقيه مجرد ديكور في موزييك خارطة الديمقراطية والتنوع . أما خارجيا ، فإن نجاحه لم يقتصر على ابقاء علاقات ديبلوماسية كاملة مع دولتين عربيتين رغم "الربيع" الذي اجتاحهما ومعهما بقية العالم العربي ، بل انه اليوم يفاخر بانضمام دول وازنة اخرى والدخول معها في احلاف جديدة ضد الخطر الشيعي ، الذي كان اواسط القرن الماضي الخطر الشيوعي .
الجثة السياسية ، كما تحب هآرتس ان تطلق عليه ، جراء قضايا الفساد بحقه ، هي قضايا فارغة اذا ما قيست بقضايا الفساد المعهودة في عالمنا العربي ومن ضمنها الفلسطيني ، سيجار كوبي وكونياك فرنسي وساعة يد من بيرلسكوني لزوجته سارة ، أين تأتي هذه من فساد الاسمنت المصري الذي باعته مصر لنا بسعر مخفض لمساعدتنا في اعادة بناء منازلنا فبعناه لاسرائيل لبناء جدارها العنصري ، والبنزين الذي يغش بقرار ، اين تأتي من هدايا بحجم قلائد مرصعة وطائرات و يخوت بالملايين و صفقة الغاز المصري الى اسرائيل والغاز الاسرائيلي الى مصر و قصر لويس الثالث عشر الذي قيل ان ثمنه ناهز ثلاثمائة مليار . فإذا كان نتنياهو قد اصبح جثة سياسية من وجهة نظر خصومه السياسيين ، ويطالبون باستقالته وحل الكنيست واجراء انتخابات مبكرة ، فإن الامر عندنا يتطلب ما هو ابعد من دفن جثثنا التي انتشرت رائحتها وأفسدت علينا بهاء الحياة العربية ، الى حرقها ، دون ان تنعم بقراءة الفاتحة .
بقلم : حمدي فراج
بعد ظهور "شاهد ملك" في قضية فساد جديدة بحق بنيامين نتنياهو ، كتبت صحيفة هآرتس المعارضة له ان "صندوقه الاسود قد تصدع" ، وانه اليوم بمثابة "جثة سياسية" ، وهو كلام يلامس تلابيب تطلعاتنا كفلسطينيين اعياهم هذا الزعيم بممارساته الوحشية القمعية بحق شعبنا من جهة ، ومخططاته الناجحة التي تكاد تجهز على آخر ما تبقى وتشرذم من حقوقنا وما اعتدنا اطلاق تسمية "ثوابتنا" عليه خلال النصف قرن الاخيرة من مأساتنا ، آخرها القدس التي اعلنها ترامب عاصمة موحدة ابدية لاسرائيل ، سبقها بالطبع اجهاض حق عودة اللاجئين ، هذا الاجهاض الذي تم في ليل بدون قمر وعلى السكت كما يقال ، وما بينهما – القدس وحق عودة اللاجئين – الاستيطان الذي ظل يقضم ارض الضفة الغربية حتى كادت تصبح بدون ارض .
تصدع صندوق نتنياهو الاسود ، تعبير سلبي يعني تبعثر حقائق سقوط الطائرة ، الامر الذي يتطلب المحققين وقتا اطول وجهدا أعرض في معرفة الاسباب الحقيقية التي سبقت سقوطها ، فالرجل ، عدا عن انه سجل سبقا تاريخيا في رئاسة حكومة اسرائيل اللاتاريخية لاربع دورات ، نجح داخليا في تعزيز الفكر الصهيوني اليميني ممثلا في احزاب اقرب الى الفاشية منها الى الدينية التي تتغنى بها ، وحجّم "اليسار" تحجيما يكاد يبقيه مجرد ديكور في موزييك خارطة الديمقراطية والتنوع . أما خارجيا ، فإن نجاحه لم يقتصر على ابقاء علاقات ديبلوماسية كاملة مع دولتين عربيتين رغم "الربيع" الذي اجتاحهما ومعهما بقية العالم العربي ، بل انه اليوم يفاخر بانضمام دول وازنة اخرى والدخول معها في احلاف جديدة ضد الخطر الشيعي ، الذي كان اواسط القرن الماضي الخطر الشيوعي .
الجثة السياسية ، كما تحب هآرتس ان تطلق عليه ، جراء قضايا الفساد بحقه ، هي قضايا فارغة اذا ما قيست بقضايا الفساد المعهودة في عالمنا العربي ومن ضمنها الفلسطيني ، سيجار كوبي وكونياك فرنسي وساعة يد من بيرلسكوني لزوجته سارة ، أين تأتي هذه من فساد الاسمنت المصري الذي باعته مصر لنا بسعر مخفض لمساعدتنا في اعادة بناء منازلنا فبعناه لاسرائيل لبناء جدارها العنصري ، والبنزين الذي يغش بقرار ، اين تأتي من هدايا بحجم قلائد مرصعة وطائرات و يخوت بالملايين و صفقة الغاز المصري الى اسرائيل والغاز الاسرائيلي الى مصر و قصر لويس الثالث عشر الذي قيل ان ثمنه ناهز ثلاثمائة مليار . فإذا كان نتنياهو قد اصبح جثة سياسية من وجهة نظر خصومه السياسيين ، ويطالبون باستقالته وحل الكنيست واجراء انتخابات مبكرة ، فإن الامر عندنا يتطلب ما هو ابعد من دفن جثثنا التي انتشرت رائحتها وأفسدت علينا بهاء الحياة العربية ، الى حرقها ، دون ان تنعم بقراءة الفاتحة .