الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأستاذ ذو النون الشهاب 1920- 1990 شاعراً ومربياً وانساناً بقلم:أ.د. إبراهيم خليل العلاف

تاريخ النشر : 2018-02-22
الأستاذ ذو النون الشهاب 1920- 1990 شاعراً ومربياً وانساناً بقلم:أ.د. إبراهيم خليل العلاف
الاستاذ ذو النون الشهاب 1920- 1990 شاعرا ومربيا وانسانا
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
ذو النون يونس الشهاب ، المربي ، والشاعر ، والكاتب ، والصحفي ، والانسان . ملأ الدنيا ، وشغل الناس، خلال سنوات الاربعينات من القرن الماضي ، وما بعدها .
كان واحدا ممن أثروا المشهد الثقافي المعاصر في العراق . وفي الموصل ...وقد لايعرف الكثيرون ان هناك رسالة ماجستير أُنجزت عنه في قسم اللغة العربية بكلية الاداب -جامعة الموصل سنة 1997 ، قدمتها الاخت الاستاذة هناء ذنون محمد علي الطائي بعنوان :" ذو النون الشهاب :حياته وشعره " ...الرجل يستحق اكثر من رسالة ماجستير، نظرا لتعدد اهتماماته وابداعاته الادبية والثقافية ،وفي دوره الفاعل في تنشيط الحركة الثقافية الموصلية ..نشاطه الصحفي فقط يحتاج الى اطروحة دكتوراه .
حاوره كثيرون على صفحات الجرائد والمجلات ، ووقفوا على آراءه وافكاره وشعره .. وكتب عنه الاستاذ حميد المطبعي في (موسوعة اعلام وعلماء العراق ) كما كتب عنه الاستاذ الدكتور عمر الطالب في (موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ) زكتب عنه البعض من خلال الكتابة عن (مجلة الجزيرة ) التي تولى رئاسة تحريرها وهي مجلة ثقافية موصلية معروفة .
تعرفتُ عليه (رحمه الله ) في مكتب جريدة (الحدباء ) الموصلية في الثمانينات وقبيل وفاته ، حيث انتهى به الامر مصححا للغة العربية في الجريدة .. وكنت قد قرأت عنه واطلعتُ على شعره ، وعلى جهوده في تشجيع الطلاب على اصدار صحف ومجلات ونشرات مدرسية .كما وقفتُ على اعداد كثيرة من مجلة ( الجزيرة ) التي ترأس تحريرها وأشرف عليها وظلت تصدر منذ سنة 1946 الى سنة 1949 . وفي مكتبتي الشخصية مجموعة طيبة من أعداد (مجلة الجزيرة ) وهي كما جاء في ترويستها انها : (مجلة شهرية تبحث في العلم والادب والفن مديرها المسؤول ضياء الدين المحامي ويشرف عليها الاستاذ ذو النون الشهاب وتصدر عن نادي الجزيرة في الموصل ) .
وكما هو معروف فإن الموصل – يقول الدكتور محمد نايف الدليمي في حوار له مع الاستاذ ذو النون الشهاب نشر في مجلة ( الجامعة )– كانت قد شهدت في فترة الاربعينات من القرن الماضي حركة أدبية نشطة كان لها أثرها في تنشئة جيل يكاد يكون له طابعه المميز ، وسماته الخاصة في رفد الثقافة العراقية المعاصرة بعطاء ثر .وقد امتد هذا الرافد ليشمل فترة الخمسينات وما بعدها وإذا كان لنا أن نذكر تلك الفترة ذكرنا كثيرا من الشعراء يقف بينهم الشاعر ذو النون الشهاب ، فهو "شاعر الشباب" و"شاعر الحب " في تلك الفترة كما كانوا يسمونه، و"شاعر الحدباء " كما سماه فريق ممن واكب نشاطه الأدبي.
ولد ذو النون الشهاب في الموصل سنة 1920 ،ودرس في إحدى الكتاتيب على الشيخ عبد الغني الحبار ، فختم القران الكريم ، ومبادئ الكتابة والتجويد ليدخل بعدها مدرسة الميدان .ثم أنهى دراسته في ثانوية الموصل بتفوق سنة 1939 . ونظرا لتفوقه فقد ارسل في بعثة علمية عراقية الى القاهرة حيث التحق بقسم اللغة العربية بكلية الاداب –جامعة القاهرى وتخرج فيها حاملا شهادة الليسانس في الاداب سنة 1944 .
عمل مدرسا للغة العربية في عدد من المدارس المتوسطة والثانوية حتى سنة 1982 حين طلب احالته على التقاعد لاسباب صحية ثم عكف كما يقول الاستاذ حميد المطبعي في (موسوعة اعلام وعلماء العراق ) على اهتماماته الادبية حتى تاريخ وفاته سنة 1990 .
بدأ ذو النون الشهاب ينشر نتاجه الأدبي ،وهو في الصف الرابع الإعدادي . وكان نتاجه غزيرا منذ سنة 1938 ، وقد نشره في صحف ومجلات عديدة عراقية ومصرية ، واغلب كتاباته في موضوعات وجدانية ووطنية عامة ، وله ديوان مخطوط وفي أخريات أيامه كرس نشر قصائده في جريدة الحدباء الموصلية 1979-2003 ، وتتخلل شعره نظرات قاتمة ولاسيما المنشور منه في الخمسينات .
ومن الصحف التي نشر فيها "جريدة فتى العرب" و"فتى العراق" و"العمال" و"نصير الحق "الموصلية و"الزمان "و"الحوادث" و"البلاد" و"الاستقلال" البغدادية وجريدة "الهاتف" النجفية. له ايضا (محاضرات الموسم الثقافي لجمعية المعلمين في الموصل ) اصدره سنة 1956 .ولدي نسخة منه في مكتبتي .
وفي مصر تطورت قابلية ذو النون الشهاب الشعرية مصر ، والتي كانت قد نمت في الموصل.وقد كانت الفترة التي قضاها في مصر طالبا في قسم اللغة العربية بكلية الاداب جامعة فؤاد الاول التي اصبحت فيما بعد جامعة القاهرة تتسم بالنشاط الأدبي الذي ظهر جليا على ظهور الصحف والمجلات المصرية من قبل كتاب بارزين يقف على رأسهم الدكتور طه حسين ، وعبد الوهاب عزام وحسن ابراهيم حسن ومصطفى السقا واحمد امين وعبد الوهاب حمودة وامين الخولي وابراهيم بيومي مدكور ومصطفى صادق الرافعي وعباس محمود العقاد ومحمد مصطفى حلمي وكان صديقا للكاتبة الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بيت الشاطئ ) الذي رأى فيها إنموذج المرأة العربية المسلمة وقد شغف بالحياة الادبية والشعرية في مصر وانغمس فيها وكثيرا ما حضر مجلس الكاتب الكبير عباس محمود العقاد وانتفع بأدب مصطفى صادق الرافعي .
كان في كلية الآداب – جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الان )جماعة ادبية ثقافية بإسم (أُسرة شعر ) وكانت تعقد الأمسيات الشعرية كل أسبوع ويلقي فيها اعضاؤها ،وزوارها من شعراء مصر قصائد تدور حول أغراض شتى ثم تدور المساجلات .فضلا عن أن الإذاعة المصرية كانت تذيع وقائع المهرجان الشعري السنوي .وكان رئيس ( أسرة شعر ) آنذاك الدكتور عبد الوهاب عزام وهو من تولى منصب اول امين عام لجامعة الدول العربية سنة 1945 ثم خلفه الدكتور شوقي ضيف .وقد شارك الأستاذ ذو النون الشهاب في نشاط ( أسرة شعر ) والقى قصيدة رائعة جدا نالت استحسان الحاضرين بعنوان : ( أوطار ) قال فيها :

لاتدفنوني في الزهور فأنني
أخشى عليها الشوكَ من جثماني
هي حرةٌ ، نسج الربيع رداءها
أصفى وأنبل من بني الإنسان ِ

كما انضم الاستاذ ذو النون الشهاب الى جمعية (الامناء ) التي أسسها امين الخولي وكان من اعضاءها بنت الشاطئ وعبد القادر القط ومحمد احمد خلف الله ويوسف خليف وكان هدفها النهوض بواقع اللغة العربية .
كان الأستاذ ذو النون الشهاب ،طيلة السنوات الأربع ، التي قضاها في مصر دؤوبا يتابع ،بكل شغف ومحبة ، ويتسقط كل خبر جديد ، وأنشد للحب والجمال في فترة كانت من أنشط الفترات في مجال الأدب والدراسات النقدية التي ظهرت على ظهور صحف " السياسة " و" الجهاد " وغيرهما من المجلات لكبار كتاب مصر .وكان لتلك الثورة الأدبية صداها البعيد إذ أنشأت جيلاً من الشباب آمن ببعث تراث أمته الخالد .
كان ذوالنون الشهاب – كما قال تلميذه الاستاذ خالص عزمي سنة 1949 ، أشهر من نار على علم، فقد تتلمذ على يديه الآلاف من الطلبة وكان أستاذا متميزا في اللغة العربية، نظم الشعر وكتب في الصحافة والأدب .فإلتف حوله الطلاب وعاونه في مساعيه في تأليف لجان الخطابة والفنون أساتذة أجلاء وطلاب نابهون ومن بين هؤلاء الأساتذة المتميزين عبد المجيد شوقي البكري، وشريف صالح، وعبد الخالق الدباغ، وخليل عسكر، وهشام الحاج طالب .. ومن الطلاب احمد سامي ألجلبي، وسعد علي الجميل، وصدقي العريبي، ومحمود المحروق، وحازم العمري ونجيب يونس وغيرهم .

لم يكن ذو النون الشهاب مدرسا اعتياديا، بل كان صحفيا وشاعرا وأديبا وخطيبا رأس تحرير مجلة الجزيرة وهي من ارصن المجلات الأدبية التي صدرت آنذاك لغة وأدبا ودراسات .. وقد أسهم في تحريرها كبار أدباء العربية كعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) وروكس بن زائد العزيزي، وعبد الرحمن عزام، وعلي احمد باكثير، وعبد الحميد جودة السحار وصديق الدملوجي ومحمد روزنامجي، وصالح جواد الطعمة، وداؤد ألجلبي، وغانم الدباغ وحازم سعيد واكرم فاضل ويوسف يعقوب حداد وابراهيم الواعظ ومحمود العبطة ومحمود الملاح وخيري أمين العمري وأنور خليل .. وقد أصدرت المجلة أعدادا خاصة عن (معروف الرصافي) الشاعر المعروف وعن الكاتب والشاعر المعروف (إسماعيل حقي فرج).. كما أصدرت عددا خاصا عن القصة
كما اشرف ذوالنون الشهاب على نشرة مدرسية أصدرها طلاب ثانوية الموصل بإسم ( الإلهام ) واستهدفت تنمية مواهب الطلاب الأدبية والثقافية .. كما اشرف على تطوير مكتبة المدرسة واغنائها بالجديد من الاصدارات.
وعن مجلة الجزيرة قال الاستاذ ذو النون الشهاب : انه كان المشرف عليها وعلى طبعها ، وتحرير أبوابها طيلة الثلاث سنوات التي صدرت فيها ، كان هو سكرتير تحرير لها واليه تصل المراسلات وهو من يختار النافع منها اذ لم تكن هذه المجلة لتكتفي بنشر نتاجات الموصليين بل تعدت ذلك إلى خارج الموصل بل خارج العراق ، فكان لها مراسلون في مصر وسوريا ولبنان ولندن وباريس والأستاذ محمود العبطة كان من انشط مراسليها في بغداد ناهيك عن الأعداد الخاصة التي كانت تصدرها بالمناسبات فقد أصدرت أعدادا خاصة عن ( الهجرة النبوية الشريفة) ، وعن (الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي) ،وعن ( المحاكم ) وعددين عن القصة .
لقد حمل رسالة نبيلة وهي ان يخدم الادب ويقدم لابناء بلده نتاجات كبار العلماء سهلا ميسورا ولم تخل صفحات المجلة من نتاجات مجموعة من كبار الشعراء نذكر منهم الشعراء الاساتذة حازم سعيد ، ويوسف امين قصير ، واسماعيل حقي شرف ، وعبد الخالق طه, وشاذل طاقة ، ومحمد مهدي الجواهري ، وذو النون الشهاب نفسه.
في احد اعداد الجريدة -يقول الاستاذ عبد الحاج حمود الكناني في مقال له في جريدة (التآخي ) يوم 5-5-2014 عن مجلة الجزيرة : كتب الاستاذ ذو النون الشهاب صورة قلمية عن استاذه في مصر امين الخولي، وقال انه الاديب المتمكن من طائفة كبيرة من علوم اللغة العربية كان بارع الاسلوب في كتابته وحديثه .
كما كان الأستاذ ذو النون الشهاب عضوا في (الندوة العمرية ) اي المجلس الذي كان ينعقد في دار الوجيه والمثقف ناظم العمري وقد كتبت عن هذه الندوة وهي ندوة أدبية كبيرة انبثقت عن مجلة الجزيرة . وكان الأستاذ إبراهيم الواعظ رئيس المحاكم في الاربعينيات من القرن الماضي الفضل الكبير في وجودها ، فهو الذي سماها( الندوة العمرية) اذ كان اجتماع أعضاءها يتم في دار الأستاذ ناظم العمري وكان من محبي الأدب ومشجعيه مقتديا بجده الشاعر الكبير عبد الباقي العمري ، وكان الشهاب سكرتيرا للندوة يحرر فيها المساجلات والمناظرات التي تدور في تلك الأماسي وما سجله ظهر مطبوعا في كتاب بعنوان (المساجلات الموصلية في الندوة العمرية ) . وقد قا ايضا بجمع محاضرات الموسم الثقافي لما كان يسمى في الموصل (جمعية المعلمين ) واصدرها في كتاب
وكان من أعضائها نعمة الله النعمة ، ومحمد سعيد الجليلي ، والشعراء بشير مصطفى ، وعبد الخالق طه ، وإسماعيل حقي فرج . وقد نشطت هذه الندوة نشاطا ملحوظا ظهر فيما أصدرته من كتب فكان من ثمارها فضلا عن كتاب ( المساجلات الموصلية في الندوة العمرية ) كتابي
الروض الأزهر في تراجم آل جعفر.بتحقيق إبراهيم الواعظ
والقضاء الإسلامي وتأريخه لإسماعيل حقي فرج .
عرف الأستاذ الشهاب ب(شاعر الحب ) وقد كانت له نظرات في الحب والجمال .يقول في إحدى قصائده الجميلة :
فاتنات اللحاظ فيكن غاده
أقسمَ القلبُ أن تكون مراده
سحرت بالفتون قلبا ولوعا
يتنزى الى ارتشاف الرغاده
تخذتني مرمى العيون فواها
لضعيف قد صار رمز السياده
قلت والبدر سامري يامرادي
جرت والجور في المليحات عاده
فرنت بالعتاب ثم استطارت
غضبا يفقد الحليم رشاده
ثم قالت وبان مبسمها العذ
ب رويدا لقد مللت الزهاده
أنت علمتني هيام المجيد
من وأصميتني بهجر اباده
قدي الحسن انه الكون القا
ه رحيبا ولست أخشى ارباده
ليت اني والمأمل الحلو دانِ
أتملى من الحياة السعاده
وطر قد هجرته مذ تبدى
وقديما عاف الهوى ما أفاده
كان ظني ان يحلو الوصل لكن
قتل الظبي عامدا ما أراده
وقد يكون من المناسب ان نشير إلى ان الأستاذ الشهاب عد نفسه واحدا من المدافعين عن المرأة وحقوقها الانسانية عندما هاجمها بعض الشعراء وطالب بالتضييق عليها قال :
أمن العدالة ان يكنه
مرمى السهام يجمعهن
وتروح اقلام الاديب
تنال من أوصافهن
والشعر وهو سناؤهنه
قد عاث في جور بهنه
كلا وحق المبدع الخلاق
من رزق الاجنه
ان الحياة بدونهن
جدب وتزهو عندهنه
كان الشهاب فضلا عن كونه شاعرا للحب ، شاعرا للوطن ..تغنى به ..كان يقول انه يرتاح للوطن الذي يتحرر من الاستعمار وأعوانه ، ويرتاح للوطن عندما ترفرف عليه السعادة ويفرح غاية الفرح لما يرى أو يسمع عن سعادة الإنسان في أية بقعة من بقاع الأرض .كان موصليا ، عراقيا ، وطنيا ، وقوميا ، وإنسانيا .كان يبحث عن العدالة والحرية ويقارع الظلم والاستبداد .
لذلك واجه الشاعر الشهاب العنت والتعسف من الحكام في العهد الملكي لما انتصر لوثبة كانون الثاني سنة 1948 احتجاجا على تكبيل العراق بقيود معاهدة بورتسموث مع بريطانيا وقد رفضها الشعب العراقي فماتت في مهدها .في قصيدته التي نشرها في مجلة الجزيرة أيام الوثبة 1948 التي أزعجت الحكومة قال :
اغلبا تطوف في الافاق شرقا ومغربا
وتسمع صم القوم مولولا
وتنزع ما شاء الجهاد لتُدابا
وتحيي رميم الناس عزما ووثبة
فأن صريح العزم ان كان أصلبا
الام الونى يدني الجموع من الاذى
ويصمي مرادا كاد أن يتذبذبا
وحتى متى نبقى أسارى معرة
تطاول حتى قد غدت بيننا الوبا
الى ان يقول مخاطبا الثوار العراقيون
تعز على المستضعفين وتغتدي
منار هناء يجعل الذل مشجبا
تساوم بالأرواح وهي عزيزة
ولاتعرف الأزمان أما ولا أبا
اقام لها الاحرار تمثال نهضة
فحق لها دوما بأن تتغلبا .

وكان لفسطين نصيب في شعره ؛ ففلسطين ، هي النياط من قلب الأمة والوحدة لاتكون الا بتحريرها .في العدد الأول من مجلة الجزيرة نشر قصيدته عن فلسطين وفيها يخاطب الغاصبين بقوله :
لاتظن انا نتوانى
فمن السهل نذل جبانا
انما نتقي ازدهاء نفوس
لم يفدنا لكن يفيد عدانا
انا نحكم الامور برأي
ألمعي يرى الخفي علانا
يقظة يعربية قد ورثنا
ها زمانا تبقي وتغني الزمانا
كان الشهاب مثلما هو شاعر للحب ، وشاعر للوطن ، شاعر للطبيعة، فالطبيعة لها حظوة في شعره .يقول في قصيدة نشرتها مجلة "القبس " التي كانت تصدر في القاهرة :
إن الفؤاد مع الطيور بقربها
في سكرة الالحان مصطحبان
غنيتها لحني وكنت معذبا
فتنفس الوجد المطيف الفاني
وسعدت اذ حدثتها ما اشتكى
فرأيت منها العطف ما اشجاني
كيف استواني والزهور بواحة
في هذه لايستوي الضدان
فالطين يقهرني إلى أصل الثرى
والنور يرفعها على الحدثان
لاتدفنوني في الزهور فربما
انبتتٌ زهرا دائم التّحنان
مما يؤسف له أن شعر الأستاذ ذو النون الشهاب ، لم يجمع في ديوان وإنما لايزال حبيس الأدراج، ومبعثرا هنا وهناك . وقمين بنا ، وبمن يرى أهمية هذا الشاعر وموقعه ،وما قدمه للشعر العربي الحديث أن يعمل على جمع شعره من الصحف ، والمجلات ، والنشرات الأدبية ، وما كتبه عنه بعض من عرفهم أو زاملهم أو درسهم .وقد علمت من ولده الاخ الاستاذ منتظر ذو النون الشهاب قبل ايام ان الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق –فرع الموصل قد تعهد بإصدار الديوان وبتحقيق الاخ الدكتور جاسم محمد جاسم الذي اخذ على عاتقه اختيار القصائد وكتابة دراسة عنها وعن الشاعر الكبير .
أن الشاعر ، والاديب ، والكاتب والصحفي الاستاذ ذو النون الشهاب ظاهرة أدبية لايمكن أن تتكرر . كان إنسانا فاضلا .وكنا نتحلق حوله ، ونسمع أحاديثه وذكرياته الشعرية والأدبية بكل محبة وشغف .رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف