الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أمريكا وروسيا وتركيا ، والاشتباك السياسي بقلم:نسيم قبها

تاريخ النشر : 2018-02-20
أمريكا وروسيا وتركيا ، والاشتباك السياسي بقلم:نسيم قبها
أمريكا وروسيا وتركيا والاشتباك السياسي
نسيم قبها
أنهى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يوم 16/2/2018 زيارة مهمة جدًا إلى تركيا استمرت يومين، ضمن جولة زار فيها كلًا من مصر والكويت والأردن ولبنان. وتأتي أهمية هذه الجولة في أنها جاءت في وقت تمر به المنطقة بأحداث متسارعة وكبيرة. وإذا استثنينا مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي وقع في الكويت ومحاولة تهدئة الأوضاع بين إسرائيل ولبنان فيما يخص بناء الجدار الحدودي والتنقيب عن الغاز في منطقة البلوط (9)، فإن زيارة تيلرسون إلى أنقرة تمثل أهمية كبيرة في هذه الجولة.
وقد بدأ الوزير تيلرسون جولته يوم الأحد 11/2/2018م في مصر التي أكد فيها على دعم أميركا لمهزلة الانتخابات، وفي زيارته للأردن نحج تيلرسون في التوقيع على مذكرة تفاهم للشراكة الاستراتيجية بين أميركا والأردن من أجل تجديد الحضور العسكري الأميركي مقابل مبلغ مالي (مليار و275 مليون دولار كل سنة) يدفع للأردن على مدى خمس سنوات.
كما التقى تيلرسون في عمان بوفد من المعارضة السورية بدل أن يلتقيهم في تركيا التي زارها لاحقًا، حيث مقر سكنى أهم أعضاء المعارضة. لقد فضل تيلرسون لقاء وفد من المعارضة السورية في عمان حتى يوجه رسالة إلى تركيا مفادها أن أميركا يمكنها التعامل مباشرة مع المعارضة السورية دون وساطة تركية. كما مثل ذلك اللقاء رسالة إلى روسيا بأن أميركا تنوي أخذ زمام المبادرة السياسية مباشرة بنفسها، ولن تعوِّل فقط على المسارات السياسية الأخرى مثل جنيف أو سوتشي أو أستانة.
أما الزيارة الأكثر أهمية لوزير الخارجية الأميركي فهي التي تخص تركيا حيث المفاوضات الصعبة بسبب الخلاف العميق بين الحكومتين. فقيام تركيا بعملية غصن الزيتون قد أربك المخطط الأميركي في قيام كيان سياسي وعسكري كردي في شمال سوريا.
وأمام تصميم تركيا بذريعة حماية الأمن القومي لتركيا وبدعم روسي غير معلن على الاستمرار في الحرب على قوات الوحدات الكردية، فإن غاية تيلرسون من وراء هذه الزيارة هي محاولة وقف عملية عفرين والحيلولة دون تقدم القوات التركية نحو منبج، وذلك من خلال تقديم مقترحات قد تقبل بها القيادة التركية.
ورغم اللقاء الذي جمع الوزير تيلرسون بالرئيس أردوغان في اليوم الأول للزيارة واستمر ثلاث ساعات وربع، ثم اللقاء المشترك بين وزيري خارجية البلدين في اليوم الثاني، ثم المؤتمر الصحفي والبيان المشترك بينهما فإنه لم يتضح بشكل رسمي معالم الطرح الأميركي لتجاوز الأزمة العميقة بين تركيا وأميركا.
ومع ذلك فإن ما تم الإعلان عنه رسميًّا هو "إنشاء آلية مشتركة" بحدود منتصف آذار/مارس القادم لحل الخلافات بين واشنطن وأنقرة.
واذا استثنينا المقترح الأميركي في إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا وهو ما رفضته تركيا لأنه مجرد خدعة لإيقاف عملية عفرين، فإن المقترح الجديد المسرَّب هو أن تنسحب أميركا من منبج مقابل عدم دخول الجيش التركي إلى مركز مدينة عفرين، أو أن تنسحب الوحدات الكردية إلى شرق الفرات مقابل أن تتمركز قوات تركية وأميركية في منطقة منبج، بالإضافة طبعًا إلى تقديم أميركا لضمانات مقبولة تركيًّا حول تواجد وحدات الحماية الكردية في شرق سوريا.
من الواضح أن عملية غصن الزيتون قد ضربت مرحليًّا في مقتل خطة أميركا المتعلقة بإقامة كيان كردي في شمال سوريا. صحيح أن أميركا قد سيطرت على ثروات سوريا الزراعية والنفطية بعد سيطرتها على الرقة ودير الزور وشمال شرق سوريا. ولكن الوضع ليس مستتبًا لها بشكل نهائي، وبخاصة بعد ظهور خلاف حقيقي وعلني بينها وبين روسيا حول المسألة الكردية. فروسيا وإن كانت تحتضن سياسيًّا الأكراد وتتبنى الفدرالية في سوريا لكنها لا تريد تأسيس كيان كردي مستقل كما تسعى أميركا وراء ذلك. وقد عبر وزير الخارجية الروسي عن هذا الموقف واتهم أميركا مباشرة بتقسيم سوريا واستفزاز تركيا في أكثر من مناسبة.
وينبع هذا الموقف الروسي من إدراك روسيا لخطورة هذا المخطط ليس فقط على سوريا بل أيضًا على وحدة الأراضي الروسية في السنوات القادمة فضلًا عن إضعاف كلٍ من تركيا وإيران وهما بوابتا حماية متقدمة للاستقرار في روسيا.
ويبدو أن أميركا هي من يقف وراء إسقاط طائرة السوخوي الروسية، وقبل ذلك التفجير الذي حصل في قاعدة حميم بطائرة الدرون، وسبقه مقتل كبير المستشارين العسكريين الروس على أطراف دير الزور والذي يحمل رتبة فريق في أيلول من العام الماضي، وكذلك المعارك الجارية في الآونة الأخيرة حول حقل كونكو بدير الزور ومقتل العديد من المتعاقدين الروس (المرتزقة). وهذه كلها رسائل أميركية مباشرة إلى روسيا بوجوب مراعاة علاقاتها مع أميركا وترك تعاونها مع تركيا.
ولكن يبدو أن روسيا مصرة على التعاون مع تركيا ومحاولة منع أميركا من الاستفراد بتحديد مستقبل سوريا، وبخاصة بعد تجدد مخاوف الروس من عدم وفاء الأميركان بالتمسك بالتفاهمات السابقة معهم. وقد ظهر ذلك جليًّا في إسقاطها للمقاتلة الإسرائيلية عبر دفعها طائرة مسيرة إلى داخل الجولان ونسبة ذلك إلى إيران ودفاعات النظام السوري.
لقد أرادت روسيا من وراء إسقاط المقاتلة الإسرائيلية خلط قواعد الاشتباك وجر إسرائيل إلى حرب في سوريا، وهذا من شأنه أن يربك مخططات أميركا في ظل عزم تركي على محاربة المنظمات الكردية الموالية للبنتاغون. صحيح أن روسيا لا تملك القدرة على مواجهة أميركا مباشرة في سوريا أو غيرها، ولكنها تملك أدوات عرقلة مشاريع أميركا في سوريا وبخاصة بعد أن أصبح لها حضور عسكري في قاعدة حميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية.
وفي ظل هذا الوضع الجديد فمن المتوقع أن تحاول روسيا الاستفادة من زيادة حدة التوتر بين تركيا وأميركا من أجل ضرب وحدة حلف الناتو من الداخل. ولكن ذلك لا يعني أن أميركا سوف تتوقف عن الدفع بتنفيذ أجزاء من مشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة، رغم الارتباك الذي حصل لبعض خططها في سوريا بعد التدخل العسكري التركي وتشنج علاقتها مع روسيا.
لقد أثبت التدخل العسكري التركي في عفرين (عملية غصن الزيتون)، وقبل ذلك في عملية درع الفرات، أن التصدي لأميركا وإحباط مخططاتها أو بعضها هو أمر في متناول كل من يحاول امتلاك إرادته السياسية والعسكرية ومن هذه الأخيرة تصنيع سلاحه بيده.
ويبدو واضحًا من الإصرار التركي على عملية عفرين أن هذه العملية هي خطوة تكتيكية نحو هدفها الاستراتيجي المتمثل في السيطرة على منبج، وطرد وحدات الحماية الكردية نحو شرق نهر الفرات كمقدمة لازمة لرفع تركيا من سقف شروطها على أميركا في تلك المنطقة. وأهم تلك الشروط هو قطع الدعم الأميركي عن تنظيم الوحدات الكردية وسحب الأسلحة الثقيلة منها، ثم انسحاب الوحدات من المناطق العربية التي سيطرت عليها كمقدمة لعودة السوريين إلى أراضيهم وعلى رأسهم اللاجئين في تركيا.
ويبقى السؤال هو: هل سوف تقدم تركيا على الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع أميركا في حال رفض هذه الأخيرة خروج الوحدات الكردية من منبج؟ أم أن أميركا سوف تخذل عملاءها الأكراد في منبج كما فعلت ذلك في عفرين ومن قبلُ في كردستان العراق، من أجل المحافظة على علاقتها مع تركيا حليفتها في الناتو ومن أجل الحيلولة دون ازدياد العلاقة التركية الروسية عمقًا وتعاونًا؟ إن منبج هي اختبار حقيقي للقيادة التركية وللحكومة الأميركية ولمسار العلاقة بينهما. ولعل هذا ما قصده بوضوح وزير الخارجية التركي في المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية الأميركي تيلرسون عندما قال: "إنه سيكون بوسع أنقرة أن تتخذ خطوات مشتركة مع الولايات المتحدة في سوريا بمجرد أن تغادر وحدات حماية الشعب الكردية مدينة منبج السورية".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف