الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"تاريخ قنا في العصر الفاطمي" للدكتورة نورا عبدالعظيم

تاريخ النشر : 2018-02-18
"تاريخ قنا في العصر الفاطمي" للدكتورة نورا عبدالعظيم
"تاريخ قنا في العصر الفاطمي" للدكتورة نورا عبدالعظيم
عرض ودراسة / أبوالحسن الجمال
[email protected]

     صدر مؤخراً  عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب "تاريخ قنا في العصر الفاطمي" للدكتورة نورا عبدالعظيم الباحثة بمركز تحقيق التراث بدار الكتب والوثائق القومية، وقد سبق لها تقديم العديد من الأبحاث مثل: "التراث المعماري لحي الجمالية قديمًا وحديثًا (دراسة تاريخية آثرية)مجلة التراث والحضارة المؤتمر العلمي الدولي الثالث لدراسات التراث والحضارة (الثقافة العربية والعمران)2016م، و"إسهامات الأرمن الحضارية في العصر الفاطمي" مجلة مركز الدراسات الأرمنية، وغيرها...كما لها مشاركات علمية في العديد من المراكز البحثية والأكاديمية، فهي عضو بالجمعية المصرية للدراسات التاريخية، و عضو مؤسس لمنتدى الدكتور عبادة للدراسات التاريخية بيت السناري تابع لمكتبة الاسكندرية..وشاركت في المؤتمر العلمي الدولي الثالث لدراسات التراث والحضارة (الثقافة العربية والعمران) كلية الآداب جامعة قناة السويس في الفترة من8/3/2016إلي 9/3/2016ببحث عنوانه/التراث المعماري لحي الجمالية قديمًا وحديثًا(دراسة تاريخية آثرية)، وفي المؤتمر السنوي لمركز الدراسات الأرمنية "الدراسات الأرمنية في العالم العربي" كلية الآداب جامعة القاهرة في 18-19أكتوبر2016.
    وتُعدُّ دراسةَ الأحوالِ الحضاريةِ للمدنِ المِصْرِيةِ في العصرِ الإسلاميِ مِنَ الدراساتِ المشوقةِ والطريفةْ، وفي الوقتِ ذاتهِ هِيَ من الدراساتِ الشاقةْ، لنَدرةِ المعلوماتِ وتناثُرِها بین مُختَلَفِ المصادرِ التاريخيةِ، والدینیةِ، والجغرافيةِ، والأدبيةْ. وهيَ من الدراساتِ التي لم تَنَلْ قدرًا كَافيًا مِنَ اهتمامِ ورعايةِ الباحثينْ؛ نظرًا لاتجاهِ كثيرٍ مِنَ الباحثينَ إلى دراسةِ التاريخِ العامِ لمِصْرَ الإسلاميةْ، والتركيزِ على دراسةِ الأحداثِ السياسيةْ، وقلةِ العنايةِ بالجوانبِ الحضاريةْ، ومِنَ المعروفِ أَنَ دِرَاسةَ الجوانبِ الحضاريةِ للمدنِ المِصْرِيَةِ الكبرىْ وخاصةً القاهرةَ والإسكندريةَ قد استحوَذَتْ على اهتمامِ كثيرٍ مِنَ الباحثينْ؛ مما أَدَىْ إلى إهمالِ دِرَاسَةِ بَقِيةِ المُدُنِ المحليةِ دِراسةً أكاديميةً علميةً مُتخصصَةً إلا فيما نَدَر. لذا فإن دِراسةَ حضارَةِ هذه المُدنْ، والمُنشآتِ المِعماريةِ التي تخلفَتْ فيها مِنْ عصورٍ طويلةْ، قد تُؤدِى إلى استكمالِ صورةِ المجتمعِ المصريِ من كافةِ جوانبهْ، وموضوعُ هذه الدِرَاسَةِ "تاريخ قنا في العصر الفاطمي" من هذا الصِنفْ.

   وقد أبرزت المؤلفة في كتابها "تاريخ قنا فى العصر الفاطمى"، فأوضحت إن إقليم قنا كان أحد أقاليم مصر العليا الهامة طوال العصر الفاطمى فى مختلف النواحى السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فأوضحت المؤلفة أيضاً اشتقاق اسم "قنا" وموقعها بجنوب صعيد مصر على الضفة الشرقية للنيل، كذلك عرَّفت بالمدن التابعة لها والتى ذاعت شهرتها مثل: مدينة "دندرة" التى عرفت بمعبدها الشهير "بْربا دندرة".
 
     وذكرت المؤلفة أن تاريخ قنا حفل منذ الفتح الإسلامى، حتى نهاية العصر الفاطمى بالأحداث السياسية الهامة، فقد قامت عدة حركات سياسية مناهضة لمركز الحكم فى العاصمة ومن أهمها ثورة دحية بن مصعب الأموى الذى دعا لنفسه بالخلافة وملك عامة الصعيد عام 165هـ/781م. كذلك كانت من أهم الأحداث التى أثرت على إقليم قنا غارات البجة المتعددة من عام 231هـ/ 942م إلى عام 241هـ/ 952م والتى انتهت بهزيمة البجة وتوقف غاراتهم على الإقليم لمدة طويلة من الزمن.

 وذكرت أن من أخطر الثورات التى قامت بصعيد مصر ثورة ابن الصوفى العلوى ضد والى مصر أحمد بن طولون عام 253هـ/ 867م والتى قامت فيما بين الأشمونين وأخميم وامتدت إلى أقصى صعيد مصر وانضمت إليه معظم القبائل القاطنة بتلك المنطقة والمؤيدة لدعوته العلوية ، ودخل "إسنا" عام 255هـ/ 868م واستولى عليها ونهبها، فأرسل إليه ابن طولون جيشاً التقى به فى "هُو" فهزم وأسر قائده، فأرسل إليه ابن طولون جيشا آخر تمكن من هزيمة ابن الصوفى.

وبينت المؤلفة أن قنا تعرضت لحركة عبد الله العمرى عام 259هـ/ 872م الذى تولى حماية حدود مصر الجنوبية من غارات البجة التى عادت للظهور من جديد عام 259هـ/ 872م وهددت جنوب مصر فحاربهم العُمرى وانتصر عليهم الأمر الذى أقلق ابن طولون فخشى على نفسه من ازدياد نفوذ العمرى بصعيد مصر فأرسل إليه جيشا لمحاربته. كذلك كان لقنا موقف من الفتح الفاطمى لمصر عام 358هـ/ 968م تمثل هذا الموقف فى تأييد أهلها لقدوم الفاطميين وخاصة بنى هلال وربيعة التى كانت قد أسسست إمارة عربية لها ببلاد الصعيد الأعلى امتدت من "قوص" إلى "أسوان" فضلا عن منطقة "المريس" من بلاد النوبة. وظهر دور هذه الإمارة جليًا أثناء ثورة أبى ركوة عام 395-397هـ/1004-1006م تلك الثورة التى هددت حكم الحاكم بأمر الله وكادت أن تقضى على ملكه لولا مساعدة أمير ربيعة المدعو "أبو المكارم" والذى كان له الفضل فى القبض على أبى ركوة فكأفاه الحاكم بلقب "كنز الدولة" تقديرا لجهوده ، وهكذا تأثر تاريخ قنا طوال العصر الفاطمى بالأحداث السياسية التى دارت داخل الإقليم.

وقد بينت الدراسة النظام الإدارى لقنا فى العصر الفاطمى حيث إن الصعيد كان مقسمًا إلى قسمين "الصعيد الأدنى" و"الصعيد الأعلى" ولما استخلف المستنصر بالله أوجد تقسيمات إدارية جديدة فاستعملت كلمة "عمل" وجمعها "أعمال" وكان الهدف من هذا التغير إيجاد وحدات إدارية أكبر حجمًا من الكور الصغيرة لتركيز السلطة وإحكام قبضة الحكم. ظل هذا النظام الإدارى قائما إلى أن ولى أمير الجيوش بدر الجمالى الوزارة فعمل على إعادة تنظيم شئون البلاد الإدرية فقسم مصر إلى أربع ولايات كبرى وهى ولاية "قوص" و"الشرقية" و"الغربية" و"الإسكندرية" وكانت ولاية "قوص" أهم هذه الولايات وأعظمها، فكان متوليها يحكم بلاد الصعيد، وتلى رتبته رتبة الوزير فى الأهمية، ومن الطريف أن نذكر أن بعض وزراء الخلفاء فى أواخر الدولة الفاطمية كان معظمهم من ولاة "قوص" التى أصبحت تلى الوزارة فى الأهمية، وبالنسبة لتعيين الولاة فقد كان الخليفة هو المخول إليه تعيين الوالى على الولاية، ولكن عندما ضعفت سلطته أصبح تعيين الولاة من قبل الوزراء ، وكان للوالى الحق فى تعيين العمال على المدن والنواحى فى نطاق ولايته.
وأوضحت الدراسة أيضا القضاء وأشهر القضاة الذين تولوا القضاء فى الإقليم، والذين كانوا يعدون نواباً "لقاضى القضاة" فى العاصمة. كما بينت الدراسة الحسبة ومهام المحتسب التى كان من أهمها مراقبة أرباب الحرف وتنظيم الطرقات والإشراف على الآداب العامة ومراقبة المكاييل والموازين.
وقد خضع النظام الإدارى لقنا لعدة دواوين كانت بمثابة الجهاز الإدارى الذى يقوم بمباشرة المصالح العامة والخاصة وجميع أنشطة الدولة، ولعل من أهم هذه الدواوين ديوان الخراج وهو المكان الذى يحتفظ فيه بسجلات يدون فيها تقديرات الخراج على مناطق الدولة المختلفة ، وأنواع الأراضى بكل منطقة، ومنها أيضاً "ديوان الصعيد الأعلى والأدنى" والذى اختص بشئون الأقاليم الإدارية التى تقع فى زمام الصعيد بقسميه "الأدنى" و"الأعلى" وقد كان لقنا دور حضارى فى كافة مجالات الحياة وعلى الصعيد الاقتصادى برع أهالى الإقليم فى ميدان الزراعة وكل ما يختص بها من أساليب زراعة المحاصيل وجمعها . كما خلصت الدراسة إلى أن إقليم قنا اشتهر بكثير من الصناعات التى تميز بها دون غيره من أقاليم الصعيد ومنها صناعة السكر والعسل، وصناعة الصابون والخزف والزجاج والمنسوجات والأخشاب.
أما بالنسبة للتجارة فى إقليم قنا فقد نشطت نشاطا كبيرا، يرجع ذلك إلى الأمن والأمان المنتشرين بالبلاد نتيجة سيطرة الحكومة الفاطمية على طرق التجارة البرية والبحرية، كذلك من العوامل التى ساعدت على ازدهار التجارة تحول طريق الحاج من الطريق البرى إلى الطريق النهرى عبر "قوص" وكان السبب الرئيسى فى تحول طريق الحج اضطراب الأمن إبان الشدة المستنصرية، وصاحب تحول طريق الحج تحول طرق التجارة التى تركزت فى الطريق سواء تجارة الهند أو اليمن أو الحبشة، كذلك اهتمت الحكومة الفاطمية بإقامة المنشآت التجارية من وكلات وقياسر وفنادق وخانات لخدمة التجارة والتجار الأجانب حتى تستطيع الإشراف على هؤلاء التجار بسهولة ويسر.
وعلى الصعيد الاجتماعى أظهرت الدراسة الحياة الاجتماعية لقنا، فأوضحت عناصر السكان المختلفة التى قطنت الإقليم وكذلك هجرة القبائل العربية وأهمها قبائل بلى وجهينة وبنى هلال وربيعة، وبينت العلاقات بين القبائل العربية المهاجرة وبين سكان قنا الأصليين والتى اتسمت بالسماحة الأمر الذى ساعد على انتشار الإسلام واللغة العربية بسهولة ويسر.
وقد أوضحت الدراسة مظاهر احتفالات المسلمين بأعيادهم حيث يعم فيها الفرح والسرور، كما أوضحنا مظاهر احتفالات النصارى بأعيادهم الدينية فى جو من الحرية بل وكان المسلمون فى قنا يشاركونهم فى الاحتفالات بها من باب التسامح. كذلك أوضحنا العادات والتقاليد الاجتماعية وما هو متبع فى حفلات الزواج والختان والمآتم والأحزان وكذلك العادات المتبعة فى الطعام والشراب والملبس. كما أبرزت الدراسة مظاهر العمران سواء كانت عمائر مدنية أو دينية.
وعلى الصعيد الثقافى أوضحت الدراسة عوامل ازدهار الحياة الثقافية فى الإقليم، ودور المؤسسات العلمية فى النهضة الثقافية من مساجد جامعة وزوايا وكتاتيب ومدارس، كما بينت رواد النهضة العلمية فى مجالات العلوم المختلفة سواء كانت علوما شرعية أو لغوية، ولاشك أن الدراسة أوضحت أن قنا أثرت وتأثرت فى جميع النواحى المختلفة فى العصر الفاطمى.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف