زجاج النافذة في غرفتي يلمع وضوء البرق ينعكس عليه وانا لوحدي أشعر بدفء الماضي واستدعاء التاريخ ، الجو يكفهر والظلام يزداد كثافة والسحب تتكدس ونقاط المطر الكبيرة أخذت تتساقط بغزارة وأقول بيني وبين نفسي : افعلي ما تشائين أيتها الأمطار ولكن عليك أن تطرقي البيوت الصفيحية وبقايا الجدران والاسطح الايلة للسقوط برفق وحنان فهذه البيوت الفقيرة المغلقة بابواب حزينة المنكوبة من جراء القصف الوحشي الإسرائيلي تحبك وا صحابها وساكنوها هم من الناس البسطاء الطيبين الذين ينتظرون قدومك بشغف لعلك تخففين عنهم المعاناة من سطوة غول الغلاء الفاحش المتوحش الذي ينتصب في الأسواق والطرقات وعلى الأرصفة الضيقة المليئة بالملابس التركية والمصرية ومن كل ما يخطر على البال من أدوات منزلية وكهربائية رغم ما يشاع في الأخبار المحلية والعالمية ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية عن قسوة الحصار لجلب أموال قطر وسمك العريش القادم عبر إنفاق الموت وسيارات الجيب الكورية ؛؛؛ ... ..كنت مستيقظا ولا ريب وانا اسمع هدير الرعد البعيد وهو يقترب شيئاً فشيئاً كقطع الثلج المتدحرجة ...في تلك اللحظة من هياج الطبيعة فاجأني المذياع الصغير الذي لا يفارقني في آخر الليل حيث اعتدت أن أسمع منه في مثل هذه الأجواء الباردة صوت فيروز الملائكي الجميل وهي تشدو للشتاء والثلج والبحر الكبير وشادي الصغير ..فاجأني ذلك المذياع يعلن بدقات محطة إذاعة صوت العرب الأثيرة إلى نفسي لأنها تفتتح كل صباح بنشيد أمجاد ياعرب أمجاد ..يعلن الساعة الثانية بعد منتصف الليل .. عندها تنهدت بعمق وقلت في نفسي لقد تذكرت هذه الليلة أكثر مما ينبغي فأخليت مكاني في الغرفة فاحسست على الفور عند ذلك بالبرودة تزحف بشدة إلى أوصالي أغمضت بصري للحظة في أعياء وخطوت خطوتين متعثرا وسمعت صوتا يهمس بالقرب مني :ماذا بك ؟؛ فقلت وانا ارتعش :أحس ببوادر النوبة القلبية تقترب من جراء ما تذكرت. .لقد لفظت هذه الكلمات وانا اسمع الصوت القريب يعلو وصاحبه يبتسم ويقول :خذ هذه الكبسولة. .اشرب الدواء ...من الخير أن تشربه في الوقت المناسب فأهز راسي موافقا ثم إبتسم وأقول :نعم هذا هو الوقت المناسب واشدد على كلمات هذه العبارة الأخيرة لقد أحسست بالفعل وانا الفظ صوتي بأني لم أشعر يوما بما هو أصدق من تلك اللحظة ...