الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أين من هنا؟ بقلم:عريب الرنتاوي

تاريخ النشر : 2018-01-22
أين من هنا؟ بقلم:عريب الرنتاوي
لم تبق دولة أو منظمة في العواصم الدولية والإقليمية ذات الصلة، من قريب أو بعيد، إلا وأدلت بدولها في مسألة القدس، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها ... خريطة المواقف ارتسمت، وحدودها اتضحت، والآن يقفز السؤال الأهم والأخطر: أين من هنا؟

ليس من بين جميع الأفرقاء من لديه ذرة أمل في احتمال تراجع واشنطن عن قرارها ... حتى التقييم الشامل الذي رفعه السيد صائب عريقات للرئيس الفلسطيني والمجلس المركزي للمنظمة، استبعد احتمالاً كهذا، وقد تقديراً قاتماً لما بات يعرف بـ "صفقة/صفعة العصر"، فهي بكليتها، تتنكر لحقوق الفلسطينيين، وتستلهم الأطماع التوسعية والاستعمارية الصهيونية.

خريطة المواقف الفعلية لمختلف الأطراف، باتت تتضح وتنجلي خطوطها ومعالمها، ويمكن تلخيصها على النحو التالي، بدءاً بالموقف الأمريكي الذي تقول التقارير أن واشنطن وإن كانت مستمسكة بقرار ترامب، إلا أنها منفتحة على "تسويات" من شأنها "تدوير الزوايا الجارحة" في الموقف الأمريكي المناهض للمصالح الفلسطينية والعربية والإسلامية، بما في ذلك احتمال إقامة السفارة في القدس الغربية، وفتح الباب لتفاوض حول مصير الأحياء العربية، من دون المس بجوهر المصالح والأطماع الإسرائيلية في المدينة، والتي تستند إليها الأساطير المؤسسة للمشروع الصهيوني في فلسطين.

الاتحاد الأوروبي، ومعه بريطانيا، رفضت القرار الأمريكي، وأيدت المسعى الفلسطيني في المنتظم الدولي، بيد أنها تتردد وتستنكف عن الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس "تحت الاحتلال"، وهي تنصح الجانب الفلسطيني، حتى لا نقول، تضغط عليه، من أجل تفادي "التصعيد" والتريث حتى يكشف ترامب وإدارته، عن أوراقه المسماة خطة العصر ... هنا يجدر القول، أن دول الاتحاد الأوروبي، لا تمانع من حيث الأساس، أسس الحل الذي تستبطنه المبادرة الأمريكية، والتي كشف عنها عريقات، بيد أنها تريد لهذا الحل أن يتوج مساراً تفاوضياً، وألا يأتي على شكل إملاءات مفروضة على الفلسطينيين، ومقرونة بسلسلة من العقوبات.

الموقف الروسي، ومن ورائه الموقف الصيني، تميز في "معركة القدس الأخيرة"، باعتماده خطاباً "خفيض النبرة"، فهو من حيث المبدأ، يناصر المطلب الفلسطيني بدولة في حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وموسكو كانت سبّاقة للاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل ومن دون ضجيج، وهي وإن صوتت إلى جانب المشروع الفلسطيني – العربي – الإسلامي في مجلس الأمن والجمعية العامة، إلا أنها تمتنع عن وضع المسألة الفلسطينية برمتها، في صدارة أولوياتها، فلديها في هذه المنطقة، أولويات أخرى تشغلها، ولديها علاقات متطورة ونامية مع إسرائيل، لا ترغب في تعكير صفوها... أما الموقف الصيني، فلا يبتعد كثيراً عن المواقف الروسية.

"عرب الاعتدال" على تبايناتهم واختلاف أولوياتها، انتقلوا من شعار "إسقاط القرار الأمريكي" إلى "احتواء تداعياته" ... بعض العواصم العربية الوازنة، لم تكن متحمسة أبداً لمواجهة مع ترامب وإدارته، بل أنها كانت سعت في الترويج لها وتسويقها، ويقال إن بعضها تواطأ مع المبادرة وهي قيد الإعداد، وكانت شريكاً في إعدادها، ومتعهداً الضغط من أجل تمريرها.
أما "عرب المقاومة والممانعة"، ومن يناصرهم من دول الإقليم، فثمة الكثير مما يقال في الصحافة والإعلام والمؤتمرات التي تعقد على عجل، لكن ما تقترحه عواصم هذا المحور على المنظمة والسلطة، هو وصفة للانتحار والعزلة، وليس طريقاً للفرج والانفراج، كما ترى مصادر رام الله على أقل تقدير، وتنطوي مواقف هذه الأطراف، على محاولة لحشد التأييد لها في ساحات أخرى، وتجيير المشاعر العربية والإسلامية الجيّاشة حول القدس، لتفكيك أطواق العزلة عن بعض أركان هذا المحور، ومن شأن مواقفه كما تخشى المنظمة والسلطة، أن تسهم في تعزيز مواقف فريق من الفلسطينيين على حساب فريق آخر، ما يعني إطالة أمد الانقسام، وزرع طريق المصالحة بالمزيد من الألغام والعقبات.

خلاصة القول، ومع شروع نائب الرئيس الأمريكي جولته الأولى في المنطقة، ترويجاً للمبادرة وتمهيداً لها وفي مسعى لاحتواء تداعيات قرار ترامب حول القدس، فإن كافة الدلائل تشير إلى أن الوجهة الرئيسة للدبلوماسية الدولية والإقليمية، بدأت تنتقل من الانقسام حول القرار الأمريكي، إلى التوحد في السعي لاحتواء تداعياته، وتقليص آثاره السلبية، والأرجح أن "بوصلة" تطور مواقف العواصم العربية والإقليمية والدولية، تشير إلى هذا الهدف، وإلى هذا الهدف وحده.

في مناخات كهذه، يبدو الموقف الفلسطيني في وضع شديد الحرج، ومن المشكوك فيه أن تبقي القيادة الفلسطينية على موقفها الداعي لإسقاط مشروع ترامب وقراره حتى النهاية، والإبقاء على قرارها برفض الدور الأمريكي الوسيط والراعي، ووقف الاتصالات مع واشنطن... وستتعرض هذه القيادة، وهي تعرضت من قبل، لموجة عاتية من "النصائح" والضغوط والتهديدات، التي تسعى في إرغامها على التراجع والعودة للتساوق مجدداً مع المواقف العربية والدولية.

لن نكون أمام انقلاب مفاجئ وحاد في الموقف الفلسطيني، ولن تقتصر المساوات والتسويات على نقطة واحدة بعينها: قرارات ترامب ومشروعه، فالمؤكد أن الأطراف الفاعلة تعمل على تجهيز "رزمة شاملة"، سياسية ومالية، تعتمد أسلوب "العصا والجزرة، كافية لإنزال القيادة الفلسطينية على نحو آمن ومتدرج عن قمة الشجرة التي صعدت إليها، وستعتمد "الرزمة" إجراءات من شأنها التأثير على الرأي العام الفلسطيني، وتهيئته (ترويضه) لتقبل الخيارات الأسوأ.

ليس بالضرورة أن يكون مطلوباً من الفلسطينيين إعلان القبول بالمبادرة الأمريكية أو الترحيب بها، بل وقد لا يصبح بحث المبادرة والتفاوض بشأنها أمراً جوهرياً، فالمهم ألا يغرد الفلسطينيون بعيداً خارج سرب المواقف الإقليمية والدولية السائدة، وألا يذهبوا بعيداً في ترجمة القرارات والتوجهات التي تكشفت عنها قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، نظير مبادرات معلنة أو مضمرة،  تشتمل التعاطي مع مخرجات هذا المشروع وخطواته التمهيدية، بدءاً بإدامة التنسيق الأمني مع إسرائيل، وربما توثيقه، مروراً بتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين بخطوات ملموسة، وانتهاء بالقبول بأمر واقع، وربما أحادي الجانب، قد تفرضه إسرائيل في الضفة الغربية، من دول اتفاق سلام نهائي، ومن دون حاجة لتنظيم مراسيم احتفالية للتوقيع على صفقة السلام النهائي، في إعادة منقحة ومزيدة، لخطة الانسحاب الأحادي الجانب من غزة التي أطلقها وترجمها رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، أريئيل شارون في العام 2005.

وباختصار شديد، يبدو أن السيناريو الأكثر ترجيحاً لساحة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، هو عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل صدور قرارات ترامب بشأن القدس، وبعد أن تكون إسرائيل قد ظفرت باعتراف أكبر دولة في العالم بـ "عاصمتها الأبدية الموحدة"، ما لم يتدخل الشعب الفلسطيني على نحو مفاجئ وغير منتظر، كما عوّدنا، بتحرك يقلب الطاولة على رؤوس اللاعبين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف