الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية.. معين لن ينضب بقلم اللواء محمد إبراهيم

تاريخ النشر : 2018-01-21
 الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية.. معين لن ينضب

بقلم - اللواء محمد إبراهيم

من الطبيعى أن أكون متحيزاً عندما أتناول بالتحليل أو بالشرح أو بالسرد طبيعة دور مصر وجهودها المبذولة إزاء القضية الفلسطينية على مدار عقود طويلة، وسوف يزداد هذا التحيز إذا ما حاولت أن أعقد مقارنة بين الدور المصرى من جهة والأدوار الإقليمية والدولية تجاه هذه القضية من جهة أخرى، ولكن سرعان ما ينتهى هذا التحيز ويتحول إلى إقرار بالواقع عندما أصل إلى تحديد واضح لحجم التضحيات والجهود المضنية التى قدمتها مصر للقضية ومدى منطقية وشفافية وجدية طبيعة هذا الدور الذى تقوم به عن قناعة ودعماً لقضية عادلة وبحسابات دقيقة لأمنها القومى.

ومن المؤكد أننى عندما أتحدث عن الدور المصرى تجاه هذه القضية العربية المحورية فإنى أتحدث عن دولة تمتلك كافة المقومات المطلوبة للقيام بدور مميز قادر على التأثير فى الأحداث بل وتوجيهها لصالح استقرار المنطقة، ويظل هذا الدور فاعلاً ومطلوباً بصورة دائمة حتى فى أصعب الظروف الداخلية والإقليمية والدولية، ولن يمل قلمى من التأكيد على أن مصر لم ولن تبحث عن دور تلعبه فى القضايا الإقليمية ولاسيما القضية الفلسطينية بل أن الدور هو الذى يبحث حثيثاً عن مصر حتى يزداد قوة وتأثيراً.

هناك مجموعة من الحقائق الجلية التى تمنح الدور المصرى عناصر قوته ومقومات نجاحه وهى فى مجملها حقائق تتكامل وتتفاعل مع بعضها البعض لتجعل من هذا الدور ضرورة لا غنى عنها، وبالتالى سوف أبدأ المقال بتحديد عشر حقائق رئيسية تمثل فى مجموعها إطار وجوهر مقومات الدور المصرى فى القضية الفلسطينية ثم أنتقل إلى ثوابت الموقف المصرى ومجالات حركته وبعد ذلك توضيح لطبيعة الموقفين الإقليمى والدولى وأختتم المقال بخلاصة أوضح فيها باختصار ما يجب أن يتم من تحرك فى المرحلة المقبلة.

أولاً: الحقائق الرئيسية

الحقيقة الأولى: أن القضية الفلسطينية بكل مكوناتها تعتبر قضية أمن قومى مصرى ونحن نتعامل معها من هذا المنطلق حتى لا نكون مقصرين فى حق التعامل الصحيح مع قضايا أمننا القومى نظراً لأن الجبهة الشرقية هى أحد دوائر الأمن المباشر لمصر.

الحقيقة الثانية: أن مصر تعاملت مع هذه القضية منذ بدايتها وحتى الآن بكل شفافية وجدية ومصداقية وتفانى وجهد لا حدود له وقدمت كل التضحيات البشرية والمادية والدعم السياسي، وفى هذا المجال أسوق مثالاً واحداً لم ينال حتى الآن حظه من المعالجة وأعنى بذلك الدور المصرى الحيوى لإتمام الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة فى سبتمبر عام ٢٠٠٥ وفتح معبر رفح فى نوفمبر من نفس العام.

الحقيقة الثالثة: أن مصر لم تتوان فى يوم من الأيام عن تقديم كل المساعدة والمشورة فى مراحل التفاوض السياسى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وخاصة فى فترة ما بعد اتفاقيات أوسلو نظراً لما تمتلكه من خبراء وخبرات واعية متفهمة مهنية حرفية وطنية قادرة على أن تقوم بهذا الدور إذا ما طلب منها.

الحقيقة الرابعة: أن القضية الفلسطينية تعد أحد أهم أولويات السياسة الخارجية المصرية مهما تعددت وتشابكت القضايا الأخرى وصعد بعضها إلى السطح لفترة، ولا شك أن هذا البعد هو الذى يعطى الزخم المطلوب لهذه القضية التى تحاول إسرائيل وبعض القوى الدولية إبعادها عن دائرة الإهتمام الدولى.

الحقيقة الخامسة: أن مصر التى دخلت فى مرحلة السلام مع إسرائيل منذ حوالى ٣٩ عاماً حرصت منذ الخطوة الأولى وقبل التوقيع على معاهدة السلام أن تكون القضية الفلسطينية وآليات حلها جزء لا يتجزأ من منظومة التحرك السياسى والدبلوماسى المصرى ولكن الظروف الإقليمية فى هذا الوقت أثرت بشكل واضح على القرار الفلسطينى الذى لم يتعامل مع هذا المتغير الإستراتيجى بالشكل المطلوب.

الحقيقة السادسة: أن مصر ترتبط بعلاقات مميزة مع كافة الأطراف المباشرة والمعنية بهذه القضية إقليمياً ودولياً إستناداً على ثقة هذه الأطراف المطلقة فى قدرات الدور المصرى ومدى تأثيره على معطيات القضية.

الحقيقة السابعة: أن مصر لديها علاقات وثيقة مع كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية على مختلف توجهاتهم السياسية وتقف بكل موضوعية على مسافة واحدة من الجميع، بل أن مصر نجحت فى إقامة علاقات وطيدة مع كل فصائل المقاومة ممن لا يملكون أية أجندات سياسية ونجحت فى إستثمار هذه العلاقة بالصورة التى تعود بالإيجاب على الموقف الفلسطينى ككل.

الحقيقة الثامنة: أن مصر حريصة دائماً على أن تكون تحركاتها معلنة وأن تتم من خلال منظومة تنسيق جيدة مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة حتى لا يتم التحرك المصرى بمعزل عن أية تحركات أخرى أو يتعارض معها مما قد يعرضه للفشل، فمصر تتحرك دائماً فى هذه القضية من منطلق وطنى وعربى وبوعى وفهم ورؤية وتكامل وليس من أجل السبق أو تحقيق إنجاز وهمى وفى هذا الشأن أشير إلى مثال واحد وهو تفويض الجامعة العربية لمصر بتولى مسئولية ملف المصالحة الفلسطينية.

الحقيقة التاسعة: أن مصر تتعامل بمصداقية وقناعة مع القيادة الفلسطينية الشرعية ممثلة فى الرئيس أبو مازن ولكنها فى نفس الوقت حريصة على أن يكون لديها قنوات الإتصال مع القوى الفلسطينية الأخرى مادام الأمر سوف يصب فى النهاية لصالح الشعب الفلسطينى.

الحقيقة العاشرة: أن مصر يقع على أرضها المعبر الوحيد الذى يربط قطاع غزة بالعالم الخارجى وهو معبر رفح وهو ما يعنى أن مصر تمثل بحق العمق العربى لفلسطين، وإذا كنا متفقين على أهمية فتح المعبر لإعتبارات إنسانية على فترات متقاربة تخفيفاً على سكان القطاع ودون الإخلال بمتطلبات أمننا إلا أننا نرفض تماماً إختصار القضية الفلسطينية فى قضية معبر رفح فقط فهناك قضايا أهم وأجدر وأعمق ينبغى التركيز عليها مثل قضايا القدس واللاجئين.

ثانياً: الثوابت الأساسية

وإذا إنتقلنا من إطار تحديد تلك الحقائق التى بلورت الموقف المصرى إلى إطار شرح الثوابت الأساسية فإننا نجد أن المبدأ الذى يحكم الإلتزام المصرى يشير إلى أن مصر لا يمكن لها أن تقبل بأقل مما يمكن أن يقبله الجانب الفلسطينى كما أنه من الضرورى الإشارة إلى أن هناك إلتزاماً مصرياً راسخاً بمجموعة ثوابت أهمها الثوابت الثلاثة التالية: -

ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة ومتواصلة الأطراف على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية على أن تعيش هذه الدولة فى أمن وسلام بجوار دولة إسرائيل وهو ما يعد تطبيقاً لمبدأ حل الدولتين الذى نتمسك بضرورة تنفيذه على الأرض.

أن حل القضية الفلسطينية يعد الأساس للقضاء على الإرهاب فى المنطقة وأن التسوية السياسية تعتبر الطريق الوحيد نحو تحقيق الإستقرار والأمن لجميع دول المنطقة.

أن التوصل إلى حل القضية يتم من خلال المفاوضات السياسية بين الأطراف المباشرة مع إستعداد مصر للقيام بأية أدوار لتسهيل عملية التفاوض.

ثالثاً: التحركات السياسية

حرصت مصر فى كافة المراحل على أن تظل القضية الفلسطينية فى دائرة الضوء وألا تغيب عن مجال الإهتمام الإقليمى والدولى مهما كانت طبيعة المشكلات التى تواجه العالم وحتى عندما كانت مصر تعانى من مشكلات داخلية لم يغب عنها مطلقاً الهم الفلسطينى، وقد كان لعضوية مصر فى مجلس الأمن دوراً هاماً فى دعم القضية الفلسطينية فى أهم المحافل الدولية ولعل التحرك المصرى الأخير فى مجلس الأمن من أجل مواجهة القرار المجحف الذى إتخذه الرئيس الأمريكى ترمب بإعتبار القدس عاصمة لإسرائيل يعد خير مثال على قوة وحيوية التحرك المصرى فى هذا المجال.

وفى نفس الوقت كانت مصر حاضرة ومبادرة وهى تواجه أخطر القضايا الفلسطينية الداخلية وأعنى بها مسألة الإنقسام الفلسطينى فقد بذلت مصر جهداً خارقاً منذ عام ٢٠٠٧ لا تستطيع أية دولة فى العالم أن تبذله حتى وصلت إلى بلورة وثيقة مصالحة فلسطينية متكاملة وشاملة عالجت كافة قضايا الإنقسام تم التوقيع عليها فى القاهرة فى الرابع من مايو ٢٠١١ وللأسف لم يتم تنفيذ هذه الوثيقة فى أعقاب نشوب ثورات الربيع العربى، ثم إتجهت مصر إلى إستئناف جهودها الناجحة مرة أخرى فى نهاية عام ٢١٠٧ وتوصلت إلى توافق مع كافة الفصائل الفلسطينية من أجل إقرار المصالحة وإنهاء أكثر من عقد من الزمن عاش فيه الفلسطينيون فى ظل إنقسام لعين، ولا زالت الجهود المصرية مبذولة ومتواصلة من أجل تطبيق إتفاقات المصالحة.

رابعاً: الأدوار الإقليمية والدولية

ومن ناحية أخرى فإننا يمكن أن نوصف طبيعة الأدوار الإقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية فى إطار أربع مجموعات رئيسية على النحو التالى:

المجموعة الأولى وهى دول حاولت بذل جهود مخلصة لإنجاز إتفاق سلام إسرائيلى / فلسطينى بل سلام عربى / إسرائيلى شامل ويأتى فى مقدمة ذلك المبادرة العربية للسلام المطروحة فى قمة بيروت عام ٢٠٠٢ والتى لازالت صالحة للتطبيق ويجب التمسك بها، وكذا بعض المواقف الإيجابية من دول كبرى مثل روسيا والصين وفرنسا.

المجموعة الثانية وهى دول حاولت إستثمار القضية من أجل دعم وضعيتها فى المنطقة والمزايدة بالقضية دون أن تسعى إلى أية حلول حقيقية ( تركيا وقطر وإيران ).

المجموعة الثالثة وهى دول أبدت مواقف متحيزة للموقف الإسرائيلى ويأتى فى مقدمتها الولايات المتحدة والتى كان لقرار رئيسها الحالى ترمب تجاه القدس والإعتراف بكونها عاصمة لإسرائيل أكبر الأثر فى تأكيد هذا التحيز والإنتقال من إطار الوسيط النزيه والشريك الكامل إلى إطار الوسيط المتحيز أو الخروج من مرحلة الوساطة تماماً ما لم يغير مواقفه.

المجموعة الرابعة وهى منظمات دولية إتخذت مواقف وقرارات تاريخية بهدف دعم الحقوق الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة ولكن للأسف دون إمتلاك أية قدرة حقيقية على تنفيذ هذه القرارت ( قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ).

خامساً: الخلاصة

وفى ضوء ما سبق فلاشك أن مصر بما قدمته للقضية الفلسطينية لازالت هى الأكثر قدرة على إعطاء الزخم الحقيقى لهذه القضية المركزية التى نسعى بالفعل إلى تنشيطها دون كلل أو ملل وإعطائها الأولوية التى تستحقها فى سياستنا الخارجية وبلورة رؤية واقعية ومتكاملة لهذا التحرك السياسى وصولاً للهدف الأسمى وهو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وهو المبدأ الذى توافق المجتمع الدولى عليه ولاسيما فى المبادرة العربية للسلام أو خريطة الطريق التى طرحتها الرباعية الدولية فى إبريل ٢٠٠٣.

وفى نفس الوقت فإننا لا نتحرك منفردين فى هذه القضية بل نتحرك وننسق مع القوى العربية والدولية حتى يكون هذا التحرك مدعوماً من كافة الأطراف المباشرة والمعنية، وبالتالى فإن هذه الجهود المصرية تؤكد أننا نتحرك فى هذه القضية ليس من قبيل الترف أو إستهلاك الوقت ولكن من قبيل أنها قضية أمن قومى مصرى نمتلك بحق مقومات النجاح فى الدور الذى نقوم به لصالح شعب مناضل صامد أن الأوان أن يحيا فى دولته المستقلة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف