أزمة السكن والأفكار
بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي
حل البرد فجأة على بغداد في منتصف كانون الثاني فلا يجد البغداديون خيرا منالمقاهي للاحتماء من البرد فالشاي الساخن يبدد الجليد, فقررت أن أسرع نحو مقهى أبوعلي, لجلوس في مكاننا الأثير منه, في زاويته البعيدة عن ضوضاء مشجعي الكرة وهواةالسياسة, وشاهدت أبو نجم وسيد راضي وحسن الرصافي وجمع من الأصدقاء, فسلمت عليهموجلست ودار الحديث عن صديقنا أبو فاطمة المتعب ماديا, فقال أو نجم:
- الحقيقة اتصلت بكل من نعرف,فنحن نريد أن نساعد صديقنا أبو فاطمة فهو بالكاد يعيش براتبه الحكومي, وهو يسكنمثل اغلب الموظفين الشرفاء في بيت مؤجر, وهذا الشهر ارتفعت الاستقطاعات الحكوميةمن راتبه, حيث جاءت فاتورة الكهرباء كبيرة! مع انه لا يملك أجهزة كهربائية كثيرة, وقد تمرضت ابنته الصغيرة فاضطرأن يصرف على علاجها مائة إلف دينار, مما جعله يتعسر في تسديد الإيجار, وهنا جمعتكمكي نساعد صديقنا.
صمت أبو نجم ثم التفت ألينا ليقول:
- أنا لا أجبركم على شيء أريدالمساعدة برضاكم.
فقمنا بجمع المبلغ كلا حسب قدرته وبرضا الكل, وجلسنا نتناقش حول أزمةالسكن, فقال أبو نجم ليفكر كل واحد بفكرة لحل أزمة السكن, فهل يا ترى سنحصل على أفكارتفوق فكر أحزاب السلطة؟
●توزيع قطع أراضي
كان أول المتحدثين سيد راضي فقال:
- اعتقد يمكن حل أزمة السكن وبوقتقياسي لو تقوم الحكومة بتوزيع قطع أراضي على الموظفين والعسكريين, فعندها تهبطأسعار العقارات,وتحصل حركة بناء, نعم يجب توفير شركات بناء حكومية تتولى البناءوفق تصاميم مناسبة مع دفع مبالغ البناء بالإقساط المناسبة, وبهذا يحصل المواطن علىبيت مناسب وأيضا تجعل أسعار العقارات مناسبة بدل ارتفاعها الجنوني الحالي, وأيضاستتحرك الأيدي العاملة بسبب ثورة البناء التي ستحصل, فالفكرة مفيدة من أكثر من جانب.
باركنا للسيد راضي فكرته والتي نتعجب أن تغيب عن قادة الكتل وكبارالساسة! أما سيد راضي الإنسان البسيط الذييسترزق من بيع الفلافل, فتحضر عنده الأفكار الكبيرة!
●أبراج سكنية
ثم تحدث حجي جبر عن فكرته, فقال:
- أنا اعتقد يمكن حل أزمة السكنعبر التزام الحكومة ببناء أبراج سكنية في مختلف مناطق بغداد, أي تبني برج سكني فيكل فراغ ارضي متوفر, مثلا برج سكني في حي أور وأخر في الحبيبية وثالث في شارعفلسطين ورابع قرب حي ألعبيدي وخامس في المنصور, وهكذا تحصل ثورة في البناء والعمل, ويتم اشتراط أن تكون الشقق مرفهة ولا تختلف في مستوى التصميم والحجم وتكون بكاملالخدمات, وتوزع على الموظفين بالإقساط, وهكذا يحل جزء كبير من الأزمة, ويمكنتنفيذها في المحافظات فيكون لكل محافظة أبراجها السكنية.
أعجب الحضور بفكرة حجي جبر ووجدوها مناسبة وممكنة, بشرط تواجد حكومة شريفةوهذا ما لم نملكه لحد ألان.
●الوزارات وبناء مجمعات سكنية
ثم طلب الأستاذ كرم من الحضور الإنصات لفكرته فقال:
- فكرتي تتمحور في جانب مهم,وهو أنتقوم كل وزارة ببناء مجمعات سكنية للموظفين, كل وزارة تتعاقد مع شركة بإشرافالبرلمان لبناء مجمعات سكنية, بحيث تكون الشقق مرفهة وبمواصفات عالية وبخدماتمتكاملة, لتوزع على الموظفين, حيث يحصل كل موظف على شقة من الوزارة, مقابل استقطاعشهري بسيط من راتبه, وهكذا تضمحل أزمة السكن وتنتهي محنة الحاضر ويستشعر المواطن أنالدولة في خدمته.
أعجب الحضور بفكرة الأستاذ, وهي لو تم تطبيقها منذ سنوات لكانت الأزمةبحدود اقل, لكن يبدوان وزرائنا والطبقة السياسية نائمة في العسل ولا تفكر بالشعبومحنته.
●أذن لماذا يغيب الحل عن الساسة
تساءل الحضور من اتساع الأزمة وغياب الحلول مع أننا في جلسة بمقهى أبو عليخرجنا بأفكار يسيرة وممكنة وناجحة جدا فقال أبو نجم:
- يا أخوتي لقد ابتلى العراق بأحزابلا تفكر بمشاكل الشعب, بل همها مكاسبها الخاصة, فالمصيبة العظيمة هي هذه الطبقةالسياسية النتنة التي تحكم العراق وتتصارع على المكاسب, فالحلول لكل مشاكل العراقممكنة وكانت لتنجز لو تواجد الشرفاء في الحكم, لكن الحكم بيد الدواعر واللصوص منعهد حكم الطاغية صدام والى ألان والبلد يسير بنفس النهج ألظلامي, حيث عملية سحق مستمرةللفقراء ومحدودي الدخل,واعتبارهم مجرد يد عاملة عليها أن تعمل وترضى بالمقسوم ولاتجادل ولا تفكر ولا تفهم, مع تعظيم أملاك الطبقة البرجوازية.
شعر الحضور بحزن كبير ويأس مخيف وقد ارتسم على الوجوه, فلا مستقبل ينتظرهممع بقاء حلف الأحزاب بالسلطة, فقط قد فرح الأصدقاء بتجميع المبلغ المطلوب لصديقهمالمسكين أبو فاطمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وإعلامي عراقي
بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي
حل البرد فجأة على بغداد في منتصف كانون الثاني فلا يجد البغداديون خيرا منالمقاهي للاحتماء من البرد فالشاي الساخن يبدد الجليد, فقررت أن أسرع نحو مقهى أبوعلي, لجلوس في مكاننا الأثير منه, في زاويته البعيدة عن ضوضاء مشجعي الكرة وهواةالسياسة, وشاهدت أبو نجم وسيد راضي وحسن الرصافي وجمع من الأصدقاء, فسلمت عليهموجلست ودار الحديث عن صديقنا أبو فاطمة المتعب ماديا, فقال أو نجم:
- الحقيقة اتصلت بكل من نعرف,فنحن نريد أن نساعد صديقنا أبو فاطمة فهو بالكاد يعيش براتبه الحكومي, وهو يسكنمثل اغلب الموظفين الشرفاء في بيت مؤجر, وهذا الشهر ارتفعت الاستقطاعات الحكوميةمن راتبه, حيث جاءت فاتورة الكهرباء كبيرة! مع انه لا يملك أجهزة كهربائية كثيرة, وقد تمرضت ابنته الصغيرة فاضطرأن يصرف على علاجها مائة إلف دينار, مما جعله يتعسر في تسديد الإيجار, وهنا جمعتكمكي نساعد صديقنا.
صمت أبو نجم ثم التفت ألينا ليقول:
- أنا لا أجبركم على شيء أريدالمساعدة برضاكم.
فقمنا بجمع المبلغ كلا حسب قدرته وبرضا الكل, وجلسنا نتناقش حول أزمةالسكن, فقال أبو نجم ليفكر كل واحد بفكرة لحل أزمة السكن, فهل يا ترى سنحصل على أفكارتفوق فكر أحزاب السلطة؟
●توزيع قطع أراضي
كان أول المتحدثين سيد راضي فقال:
- اعتقد يمكن حل أزمة السكن وبوقتقياسي لو تقوم الحكومة بتوزيع قطع أراضي على الموظفين والعسكريين, فعندها تهبطأسعار العقارات,وتحصل حركة بناء, نعم يجب توفير شركات بناء حكومية تتولى البناءوفق تصاميم مناسبة مع دفع مبالغ البناء بالإقساط المناسبة, وبهذا يحصل المواطن علىبيت مناسب وأيضا تجعل أسعار العقارات مناسبة بدل ارتفاعها الجنوني الحالي, وأيضاستتحرك الأيدي العاملة بسبب ثورة البناء التي ستحصل, فالفكرة مفيدة من أكثر من جانب.
باركنا للسيد راضي فكرته والتي نتعجب أن تغيب عن قادة الكتل وكبارالساسة! أما سيد راضي الإنسان البسيط الذييسترزق من بيع الفلافل, فتحضر عنده الأفكار الكبيرة!
●أبراج سكنية
ثم تحدث حجي جبر عن فكرته, فقال:
- أنا اعتقد يمكن حل أزمة السكنعبر التزام الحكومة ببناء أبراج سكنية في مختلف مناطق بغداد, أي تبني برج سكني فيكل فراغ ارضي متوفر, مثلا برج سكني في حي أور وأخر في الحبيبية وثالث في شارعفلسطين ورابع قرب حي ألعبيدي وخامس في المنصور, وهكذا تحصل ثورة في البناء والعمل, ويتم اشتراط أن تكون الشقق مرفهة ولا تختلف في مستوى التصميم والحجم وتكون بكاملالخدمات, وتوزع على الموظفين بالإقساط, وهكذا يحل جزء كبير من الأزمة, ويمكنتنفيذها في المحافظات فيكون لكل محافظة أبراجها السكنية.
أعجب الحضور بفكرة حجي جبر ووجدوها مناسبة وممكنة, بشرط تواجد حكومة شريفةوهذا ما لم نملكه لحد ألان.
●الوزارات وبناء مجمعات سكنية
ثم طلب الأستاذ كرم من الحضور الإنصات لفكرته فقال:
- فكرتي تتمحور في جانب مهم,وهو أنتقوم كل وزارة ببناء مجمعات سكنية للموظفين, كل وزارة تتعاقد مع شركة بإشرافالبرلمان لبناء مجمعات سكنية, بحيث تكون الشقق مرفهة وبمواصفات عالية وبخدماتمتكاملة, لتوزع على الموظفين, حيث يحصل كل موظف على شقة من الوزارة, مقابل استقطاعشهري بسيط من راتبه, وهكذا تضمحل أزمة السكن وتنتهي محنة الحاضر ويستشعر المواطن أنالدولة في خدمته.
أعجب الحضور بفكرة الأستاذ, وهي لو تم تطبيقها منذ سنوات لكانت الأزمةبحدود اقل, لكن يبدوان وزرائنا والطبقة السياسية نائمة في العسل ولا تفكر بالشعبومحنته.
●أذن لماذا يغيب الحل عن الساسة
تساءل الحضور من اتساع الأزمة وغياب الحلول مع أننا في جلسة بمقهى أبو عليخرجنا بأفكار يسيرة وممكنة وناجحة جدا فقال أبو نجم:
- يا أخوتي لقد ابتلى العراق بأحزابلا تفكر بمشاكل الشعب, بل همها مكاسبها الخاصة, فالمصيبة العظيمة هي هذه الطبقةالسياسية النتنة التي تحكم العراق وتتصارع على المكاسب, فالحلول لكل مشاكل العراقممكنة وكانت لتنجز لو تواجد الشرفاء في الحكم, لكن الحكم بيد الدواعر واللصوص منعهد حكم الطاغية صدام والى ألان والبلد يسير بنفس النهج ألظلامي, حيث عملية سحق مستمرةللفقراء ومحدودي الدخل,واعتبارهم مجرد يد عاملة عليها أن تعمل وترضى بالمقسوم ولاتجادل ولا تفكر ولا تفهم, مع تعظيم أملاك الطبقة البرجوازية.
شعر الحضور بحزن كبير ويأس مخيف وقد ارتسم على الوجوه, فلا مستقبل ينتظرهممع بقاء حلف الأحزاب بالسلطة, فقط قد فرح الأصدقاء بتجميع المبلغ المطلوب لصديقهمالمسكين أبو فاطمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وإعلامي عراقي