الأجهزة التي دمرت حياة البعض
اضطررت أثناء دراستي مرحلة الدكتوراة في جمهوربة مصر العربية إلى مقاطعة الشبكات الاجتماعية نحو ستة أشهر إلا في حدود ضيقة جداً لم يكن خياراً، بل كان ضرورة .
كنت أمام موعد محدد لتسليم أبحاث علمية وفترة امتحانات دبلوم الدكتوارة ، وأي تأخير قد يودي بحياتي الدراسية، وقتئذ.
أعطيت جهازي الذكي، الذي أدخل من خلاله إلى صفحات الإنترنت، أحد زملائي الذي يدرس في منطقة أخرى في مصر ، واقتنيت جهازاً آخر لا يوفر خاصية دخول الإنترنت حتى لا أتراجع وأستسلم بسهولة.!
شعرت في أول يوم بالشعور نفسه الذي كنت أراه في المشاهد التمثيلية للمدمن، كنت أشعر بمزاج سئ، ورغبة جامحة لتصفح الإنترنت، تتعاظم وتكبر وتقودني.!
أكتب ابحاثي وادرس بلا تركيز، وأنا أفكر في حسابي في
"فيس بوك " او " تويتر" أو " إنستجرام " ، أفكر في التعليقات والرسائل التي تركتها خلف ظهرى ، أفكر في ماذا يدور في غيابي في العالم السايبري.!
لم أصمد طويلاً ، نكثت العهد الذي قطعته على نفسى خذلتني.!
وفتحت الإنترنت عن طريق جهاز اللابتوب الخاص بي، لكن شعرت بالذنب ذنب كبير.!
كيف لم أستطع مقاومة شهوة الإنترنت ؟ كيف سأنجز دراستي وأبحاثي ؟ هل أعود إلى وطني جاراً أذيال الخيبة لأني لم أستطع مقاومة تغريدة تراودني أو تعليق أضعه أو رسالة خاصة أقرأها ؟!!
وضعت حواجز نفسية أكثر أمام نفسي بعد فشلي الأول في مقاطعة الإنترنت حتى أنهي ابحاثي ودراستي العلمية بسلام.
قررت ألا أكتب ابحاث او ادرس في المنزل أو المقهى، عندما أقوم بذلك سأتسلل خلسة لدهاليز "تويتر او فيس بوك او ماسنجر أو إنستجرام " حرصت أن أنقل ورشة عملي في منتصف مكتبة الإسكندرية ؛ حتى لا أتجرأ على تصفُّح المواقع الاجتماعية في الإنترنت والطلاب أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي منهمكون في القراءة والكتابة البحثية والعمل، بينما أتنزه إنترنتياً .!
سأزدرى نفسي لو سمحت لها بأن تقترف خطيئة دخول الإنترنت في هذه الفترة.
نجحت الخطة تماماً ، كنت أذهب إلى المكتبة الساعة التاسعة صباحاً، ولا أعود إلى شقتي إلا الخامسة مساء يومياً تقريباً، كنت أصل منهكا غير قادر سوى على النوم.
كان طعامي وصلاتي وكل حياتي في تلك الشهور الستة في الجامعة ، أزعم أنني أنجزت فيها كمّاً ونوعاً ما لم أنجزه في حياتي.!
وعندما سلمت ابحاثي وتقدمت الإمتحانات النهائية وإنجزت فيها مرحلة الدبلوم بتقدير إمتياز وسجلت عنوان رسالتي على خير عدت إلى الإنترنت والشبكات الاجتماعية لألحق بما فاتنى، الحقيقة الصادمة .
أنه لم يفتنى شئ .!
ما زلنا نتراشق باحتراف ونتصارع بيننا باحتراف ، جربوا الابتعاد عنه قليلاً ، وستكتشفون أنه لم يفتكم شئ داخله ، لكن فاتكم كثير خارجه !!
كبرت أمهاتكم دون أن تشعروا، غادر أحبتكم دون أن تنتبهوا،
ضاعت فرص كثيرة،وأوقات ثمينة عليكم وأنتم لا تعلمون.!
ولد أناس ومات غيرهم وتبدلت حياة بعضهم .!
د / ساري النشوي
يحتاج المقال وقفة تقييم لتعلقنا الوهمي بهذه الأجهزة التي دمرت حياة البعض .
كلمةحق .
اضطررت أثناء دراستي مرحلة الدكتوراة في جمهوربة مصر العربية إلى مقاطعة الشبكات الاجتماعية نحو ستة أشهر إلا في حدود ضيقة جداً لم يكن خياراً، بل كان ضرورة .
كنت أمام موعد محدد لتسليم أبحاث علمية وفترة امتحانات دبلوم الدكتوارة ، وأي تأخير قد يودي بحياتي الدراسية، وقتئذ.
أعطيت جهازي الذكي، الذي أدخل من خلاله إلى صفحات الإنترنت، أحد زملائي الذي يدرس في منطقة أخرى في مصر ، واقتنيت جهازاً آخر لا يوفر خاصية دخول الإنترنت حتى لا أتراجع وأستسلم بسهولة.!
شعرت في أول يوم بالشعور نفسه الذي كنت أراه في المشاهد التمثيلية للمدمن، كنت أشعر بمزاج سئ، ورغبة جامحة لتصفح الإنترنت، تتعاظم وتكبر وتقودني.!
أكتب ابحاثي وادرس بلا تركيز، وأنا أفكر في حسابي في
"فيس بوك " او " تويتر" أو " إنستجرام " ، أفكر في التعليقات والرسائل التي تركتها خلف ظهرى ، أفكر في ماذا يدور في غيابي في العالم السايبري.!
لم أصمد طويلاً ، نكثت العهد الذي قطعته على نفسى خذلتني.!
وفتحت الإنترنت عن طريق جهاز اللابتوب الخاص بي، لكن شعرت بالذنب ذنب كبير.!
كيف لم أستطع مقاومة شهوة الإنترنت ؟ كيف سأنجز دراستي وأبحاثي ؟ هل أعود إلى وطني جاراً أذيال الخيبة لأني لم أستطع مقاومة تغريدة تراودني أو تعليق أضعه أو رسالة خاصة أقرأها ؟!!
وضعت حواجز نفسية أكثر أمام نفسي بعد فشلي الأول في مقاطعة الإنترنت حتى أنهي ابحاثي ودراستي العلمية بسلام.
قررت ألا أكتب ابحاث او ادرس في المنزل أو المقهى، عندما أقوم بذلك سأتسلل خلسة لدهاليز "تويتر او فيس بوك او ماسنجر أو إنستجرام " حرصت أن أنقل ورشة عملي في منتصف مكتبة الإسكندرية ؛ حتى لا أتجرأ على تصفُّح المواقع الاجتماعية في الإنترنت والطلاب أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي منهمكون في القراءة والكتابة البحثية والعمل، بينما أتنزه إنترنتياً .!
سأزدرى نفسي لو سمحت لها بأن تقترف خطيئة دخول الإنترنت في هذه الفترة.
نجحت الخطة تماماً ، كنت أذهب إلى المكتبة الساعة التاسعة صباحاً، ولا أعود إلى شقتي إلا الخامسة مساء يومياً تقريباً، كنت أصل منهكا غير قادر سوى على النوم.
كان طعامي وصلاتي وكل حياتي في تلك الشهور الستة في الجامعة ، أزعم أنني أنجزت فيها كمّاً ونوعاً ما لم أنجزه في حياتي.!
وعندما سلمت ابحاثي وتقدمت الإمتحانات النهائية وإنجزت فيها مرحلة الدبلوم بتقدير إمتياز وسجلت عنوان رسالتي على خير عدت إلى الإنترنت والشبكات الاجتماعية لألحق بما فاتنى، الحقيقة الصادمة .
أنه لم يفتنى شئ .!
ما زلنا نتراشق باحتراف ونتصارع بيننا باحتراف ، جربوا الابتعاد عنه قليلاً ، وستكتشفون أنه لم يفتكم شئ داخله ، لكن فاتكم كثير خارجه !!
كبرت أمهاتكم دون أن تشعروا، غادر أحبتكم دون أن تنتبهوا،
ضاعت فرص كثيرة،وأوقات ثمينة عليكم وأنتم لا تعلمون.!
ولد أناس ومات غيرهم وتبدلت حياة بعضهم .!
د / ساري النشوي
يحتاج المقال وقفة تقييم لتعلقنا الوهمي بهذه الأجهزة التي دمرت حياة البعض .
كلمةحق .