الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حكاية "أبو دشداشة الهندي" والناس الطيبين بقلم:د. إيهاب عمرو

تاريخ النشر : 2018-01-17
حكاية "أبو دشداشة الهندي" والناس الطيبين بقلم:د. إيهاب عمرو
حكاية "أبو دشداشة الهندي" والناس الطيبين
عندما كنت صغيراً كان يقيم في الحي الذي كنت أسكن فيه شخص يلبس ثوب، أو ما يطلق عليه في العامية "دشداشة"، على الدوام. وكان لدى هذا الرجل محل لبيع المواد الغذائية "ميني ماركت".         
وكان أقراني من الأطفال يطلقون على ذلك الشخص لقب "أبو دشداشة الهندي" كون أن تلك الدشداشة كانت مختلفة الشكل عما ألفناه وعما كان يلبسه أجدادنا في فلسطين أو غيرهم من العرب المعاصرين خصوصاً في الأردن وفي دول منطقة الخليج العربي كالسعودية والكويت والبحرين والإمارات وقطر.  إضافة إلى أنه لم يقوم بتغيير ذات الدشداشة التي يلبسها لفترة طويلة ما جعله يكنى بهذا الإسم. وسرت مقولة آنذاك أن أصوله العائلية القديمة هندية، مع الاحترام، وليست عربية صرفة ما جعلهم يكنونه بتلك الكنية. وكان الناس يتندرون عليه ويطلقون النكات حوله دون أن يدري. وكان المحيطون به يهمسون بذلك فيما بينهم دون أن يدري.   

وكان أبو دشداشة الهندي يمشي بطريقة غريبة تثير الضحك والسخرية في آن، كما كان يتحدث بطريقة غريبة أيضاً وبصوت جهوري يسمعه حتى من كان يمشي خارج محله، وقد يكون ذلك عائداً لخدمته العسكرية السابقة. وكان عندما يتحدث يستخدم أسلوباً دبلوماسياً محترفاً ويبتسم في وجه محدثه ما يجعله، أي المتحدث الآخر، يطمئن لحديث أبو دشداشة الهندي. 
ورغم صغر سني راقبت سلوكيات أبو دشداشة الهندي من طرف خفي، وعرفت من أسلوبه الميلودرامي أنني أقف أمام  شخص أقل ما يقال عنه أنه داهية، وممثل محترف، ومناور من الطراز الأول. وتوصلت إلى إستنتاجات بشأنه، منها ترحيبه الحار بالوافدين "الزبائن" الذين كانوا يرتادون محله، وإستخدامه طريقة معسولة في الكلام لها وقع السحر على أذن السامع، إضافة إلى إبداء رغبته في التعرف على الآخرين أكثر من باب الفضول الإيجابي كما كان يوحي للجميع بذلك. ناهيك عن قيامه بالتدخل بكافة التفاصيل لساكني الحي رغبة في حل مشاكلهم كما كان يدعي.        
وذات مرة، جاءه شخص بسيط كان أبو دشداشة الهندي قد قام بإعطاءه بضاعة وتسجيلها كدين في الدفتر التجاري القديم الذي كان يستخدمه، ويكنى ذلك الشخص "أبو حسن". وبدأ أبو دشداشة الهندي بالصراخ بشكل مرتفع في وجه أبو حسن طالباً منه، أي أبو دشداشة الهندي، دفع المبلغ كاملاً وإلا فإنه سوف يضطر لعدم إعطائه ما يحتاج من مؤونة له ولأسرته رغم حاجة ذلك الشخص البسيط أبو حسن لها. وعندما أبلغه أبو حسن أنه لا يمكنه سداد المبلغ كاملاً وأنه كان قد إتفق معه سابقاً على سداد المبلغ على دفعات علا صوت أبو دشداشة الهندي أكثر وظهر وكأنه يعلن النفير. وبعد أن ذهبت توسلات أبو حسن سدى دمعت عينيه قليلاً، وقد هزني ذلك المشهد، مشهد الرجال عندما يبكون. وعندها أيقنت أن أبو دشداشة الهندي ليس بصاحب مبدأ وأنه يتلون حسب الواقع، وأنه لا يحكمه إلا المصلحة.                                         
ولم يثني تأثر أبو حسن الصادق أبو دشداشة عن المطالبة بسداد المبلغ كاملاً، فما كان من أبو حسن إلا أن ذهب وإستدان مبلغ من أحد جيرانه الأوفياء من أجل سداد ما عليه من دين لأبو دشداشة الهندي.          
وبعد فترة وجيزة إحتاج أبو دشداشة الهندي شخص لمعاونته في العمل فجاء أحد الأِشخاص من أجل مقابلته، وأثناء سؤاله عن مكان المحل إلتقى صدفة بأبو حسن. وعند قيام ذلك الشخص من باب الفضول بسؤال أبو حسن عن أبو دشداشة الهندي وصفاته وطريقة معاملته للعاملين لديه قال له: "أبو دشداشة الهندي لا تشتغل عنده". وإستغرب ذلك الشخص حديث أبو حسن بتلك الحدة، فكرر أبو حسن القول: يا أخي أقول لك: أبو دشداشة الهندي لا تشتغل عنده.      
وعندما إستفسر ذلك الشخص عن سبب ذلك، قال له أبو حسن: أبو دشداشة الهندي لا يوقر صغيراً ولا كبيراً، ويخفي وراء إبتسامته الكثير من الحقد، وسوف يعاملك معاملة العبيد ما دام يعطيك المال "الراتب"، وسوف لن يسمح لك بإبداء أي رأي مخالف ولو كان صواباً، وختم أبو حسن بالقول بلغة عامية: وما بخاف ربنا، ويمكن أن يعزلك من العمل بلمحة بصر دون إبداء أسباب وجيهة.     

إن حكاية أبو دشداشة الهندي تظهر ذلك الوجه المزيف لبعض الأشخاص الذين يخفون الكثير وراء إبتساماتهم وتظاهرهم بحسن معاملة الآخرين، وتظهر طريقة تعاطيهم مع الآخرين وكأنهم عبيد عندهم وأنهم، أي أبو دشداشة الهندي وأمثاله، أسياد ينبغي تنفيذ أوامرهم وإلا فإن مصيرهم سيكون كمصير أبو حسن ذلك الشخص الطيب والمبدئي والبسيط متناسين أن قانون الرزق بيد الله وحده الذي قدر أقوات عباده منذ بدء الخليقة.  
ولا أملك نهاية إلا القول لك حسبك الله يا عم أبو حسن ولأمثالك من الطيبين أصحاب المبادئ، ولأبو دشداشة الهندي وأمثاله من عديمي الضمير والمبادئ أقول خاف الله في معاملاتك مع الآخرين واعلم أنك سوف تسأل وتحاسب يوماً ما من قبل رب العالمين.
            
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف