الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نحن والاتراك في رواية "وردة أريحا" أسامة العيسة بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2017-12-16
نحن والاتراك في رواية
"وردة أريحا"
أسامة العيسة
من خلال هذه الراوية يمكننا التعرف على واقع الفلسطيني الاجتماعي والاقتصادي في العهد التركي والعهد الانجليزي، والطريقة التي تعامل بها الأتراك مع سكان فلسطين، فهم كانوا يعتبروننا وقود لحروبهم التي ليس لنا فيها ناقة ولا بعير، وفي ذات الوقت مصدر لإمداد جيشهم بالطعام والتموين، لهذا كان غالبية سكان فلسطين يعانون الفقر والجوع والقهر ونقص في عدد السكان.
كما أن عدم وجود تشريع مدني عصري يحفظ الحقوق المدنية للمواطنين جعلهم في حالة من التنقلات السكانية، بحيث نجد أكثر من قرية يتم تهجير سكانها بسبب الخلافات بين السكان أو بسبب الاضطهاد التركي لهم، مما جعلهم يضطرون إلى البحث عن أماكن جديدة ليقيموا فيها، وهذا يتطلب منهم مجهودًا إضافيًا، لأن عملية بناء البيوت وشق الطرق وتهيئة الأرض للزراعة وحفر الآبار كلها تستغرق وقتا وجهدًا يزيد من معاناتهم، هذا فضلاً عن الحالة النفسية القاسية التي تلازمهم في بدء التعمير من جديد.
إذاً الرواية تقدم واقع الفلسطيني الاجتماعي والاقتصادي في ظل الدولة العثمانية، ومن ضمن هذا الواقع يأخذنا "أسامة العيسة" إلى عالم التراث الشعبي الذي تعود جذوره إلى آلاف السنين، وسنجد أكثر من شاهد على هذا التواصل والترابط والتكامل بين الماضي والحاضر، وأيضًا نجد في هذا التراث تعبيرًا عن سخط الفلسطيني على الواقع فهو يعبر عن مشاعره وما يتعرض له من ظلم.
لكن الأكثر ظلمًا واضطهادًا كانت المرأة الفلسطينية التي تتعرض لاضطهادين، الأوَّل يتمثل في النظام والسلطة الحاكمة، والثاني من المجتمع والأسرة التي تفرض قراراتها عليها، ومحور الرواية يدور حول "فاطمة" التي يتم قتلها من قبل "شدرمة" لا لسبب سوى أنها لم تقبل أن تكون زوجة له، هذا بالنسبة له، أمَّا قتلها ـ من وجهة نظر المجتمع ـ فكان يعد قصاصًا عادلاً لأنها ضحوكة، والبسمة لا تفارقها، فاعتبروا ذلك فعلاً شاذًا منها يستوجب القتل.
بكل تأكيد أحداث الرواية قاسية وصعبة، لأنها تتناول واقع الفقر والظلم، لكن الراوي يخفف عنا وقع هذا الحدث من خلال استخدام التراث الشعبي إن كان من خلال الحكايات والقصص والمواويل والاهازيج الشعبية أو من خلال أخذنا إلى التاريخ والحديث عن جغرافية المكان، لهذا يمكننا القول بأن الأحداث قاسة ومؤلمة، لكن الأداة المستخدمة كانت ناعمة وسهلة، وهذا ما يحسب للراوي الذي أمتعنا بطريقة سرده للأحداث وعرفنا على واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الشعبي في العهد التركي.
الأتراك وخراب القرى
ردًا على كل من يحاول أن يجمل التاريخ ويتحدث عن مثالية الأتراك، وعن (الانجازات) التي حققناها في عهدهم، يرد عليهم الراوي بأكثر من حدث ومشهد وحقيقة ليوضح الكيفية التي تعاملوا بها معنا، فنحن لم نكن سوى (رعايا) لهم، ولهم أن يتصرفوا بنا كما يحلوا لهم، ألسنا رعايا؟.
نظام الضرائب الذي استخدمه الأتراك يعد من أسوأ الأنظمة، لأنها معتمدة على النظام الاقطاعي الجائر، "ستعرفون كيف كان قدوم الجندرمة يثير الهلع بينهم، لأن ذلك يعني هجوما جديدا من أجل جمع الضرائب، كثيرون يهربون إلى الحقول، والكهوف، والحراب القديمة، التي كانت في زمن ما تعج بالحياة ودمرتـ أو أحليت، لأسبابٍ لا نعرفها بالضبط، ولكن يمكن تحديدها بالاحتراب الداخلي بين ناسّ القرى، أو بانتقام قوات الدولة، أو احتلال خارجي يطرد الأهالي، ويوطن آخرين مكانهم، قرانا تموت بالظلم، والقسوة، والجهل، والعنتريات، والتحزب، وسطوة القوة، وشراهة لا حدود لها للمال" ص12و12، يقول علماء الاجتماع أن بداية تطور المجتمعات البشرية اعتمد في البادية على وجود مكان للسكن، الذي يمنح الاستقرار ويعطي الفرد والجماعة المقدرة على الانتاج الزراعي ومن ثم تطويره. لكننا نجد هذا الاستقرار غير متوفر في الحالة الفلسطينيّة، لوجود نظام حكم لا يعرف سوى تحصيل الضرائب وجر النَّاس إلى الحروب.
ومن المشاهد الأخرى على هذا التفريغ للمكان وتحويله من مركز للحياة الاجتماعية إلى خرائب، يحدثنا "شدرمة" فيقول: "قرى عديدة دمرت، تبخرت، هجرها من تبقى من أهلها، بعضها ما زلنا نعرف مكانها من بقاقا لمقابر" ص16، مثل هذه المشاهد السوداء كان لا بد من تلطيفها على المتلقين، لهذا يقتبس لنا الراوي شيء من الأهازيج التي رددها الأهالي:
"ما مقام إلا بمكة
مكة عليها السلام
يا سلام ويا سلام
ع اللي مظلل بالغمام
ع النبي سيد الأنام" ص16، إذا ما ربطنا هذه الأهزوجة بالواقع يتبين لنا طريقة التفكير التي دفعت بالأهالي للحديث عن مكان آمن هو مكة، بعيدًا عن متناول الباشا وجنوده، فهم وجدوا في مكة السلام المنشود.
النظام الاقطاعي
تعامل الأتراك مع المنطقة العربية بنظام الاقطاع، والذي يعني بأن الخليفة/السلطان لا يعنيه من هذه المنطقة سوى تحصيل المال أو المنتجات الزراعية أو الصناعية المفروضة، ولنبيل/الباشا أن يفعل بها ما يشاء ما دام يوصل المطلوب منه إلى خزينة السلطان، ولهذا سنجد هذه المناطق وسكانها مجرد (اقنان) يعاملون على أنهم ادوات في خدمة الباشا ممثل الخليفة.
(باشا الدورة) الذي يرسله الوالي التركي للقرى وقت المحصول لتحصيل الضرائب، ويكون مجيئه عادة نكبة على الفلاحين، لمصاريف ضيافته مع عساكره، ولتحصيله للضرائب من الفلاّحين،... يأكل ويشرب على حساب الفلاحين الفقراء" ص11و12، مثل هذا الواقع لا يمكن أن ينتج مجتمع سوي وسليم قادر على التقدم والازدهار ومواكبة العصر والحداثة فالظلم والفساد والتخلف والجهل والفقر كلها تحول دون التحوّل الايجابي.
لكن هل كان الظلم واقع على أهل القرى فقط، أم أنه يطال المدن أيضًا؟
"عندما يطل الباشا آتيا من دمشق، وينصب خيمته في محيط القدس، تموت المدينة وريفها، يصبح كل شيء مباحًا، أصلاً هي مدينة مباحة للحاكم المحلي الباشا وزمرته" ص14،فالأتراك لم يهتموا سوى بمصالحهم التي كانت على حساب الأهالي، فمدينة مثل القدس كانت تعد مصدر حيوي لجلب الضرائب والتموين للحكومة والجيش التركي، ومع كل هذا كانت المدينة تترك بهذا الوضع، " يغادر معه العديد من رجال الباشا حاكم القدس، لحراسته من الثائرين وقطّاع الطرق، وتظل المدينة مباحة، تعصف بمنازلها رياح فقدان الأمن، واللصوص، وهجمات البدو، المنتقمون ممن تبقى من مثلي سلطة الخليفة، خاقان البرين والبحرين" ص15، هذه الصورة العامة لواقع النَّاس، إن كانوا من سكان الريف أم من المدن، فالكل سوء، يتعرضون للسلب والنهب، ليس من قطاع الطرق وللصوص فحسب، بل من الحكومة، سلطة الباشا.
وكتعبير عن حالة الرفض لما يمارسه الباشا وجنوده من ظلم، نقل لنا "شدرمة" هذا المقطع:
"قوم ارحل يا أمير الشام
قوم أرحل وامشي لقدام
هون ما عاد لك مقام" ص13.

التجنيد/سفر برلك
لم يكتفِ الأتراك بسلب ما ننتجه وبالأموال التي يجنوها غصبًا، بل استخدمونا وقودا لحروبهم التي خاضوها دون أن يكون لنا أي مصلحة فيها، فهم من يقرروا وما علينا إلّا الخضوع لرغباتهم وقراراتهم، "فالخدمة في جيش السلطان شرف لا يدانيه شرف، ومن يتهرب منه لن يلحقه عار السلطان، لكن بطشه، ويا له من بطش" ص42، لكن ما هي الأسباب التي جعلت المواطن يهرب من خدمة دولة السلطان (حامية الإسلام والمسلمين)؟ هل هو قناعتهم "بأنهم لن يعودوا أبدًا" ص43؟، أم أن هناك أسباب أخرى؟ يجيبنا "شدرمة": "الذهاب إلى الجندية في عرف قريتنا، لم يكن يعني فقط ذهاب المجند إلى الموت، ولكن أيضًا موت عام وطام، يصيب من يتركهم خلفه، من أرضٍ، ونساءٍ، وأبناءٍ، ورجال كبار في السن، ومختلف أنواع الحلال، من أغنام وأبقار، والدواب، كالحميروالبغال، إنه خلل في عجلة الانتاج، ... فهم وأرضهم ونسائهم، وأولادهم، وحلالهم، ليسوا إلّا ملكا لولي الأمر، يتصرف بهم كما يشاء" ص46، مسألة الذهاب إلى الحرب لم تكن آثارها مقتصرة على الشخص فقط، بل هناك أهل له، أسرة، أبناء وزوجة وأب وأم، يحتاجون من يعيلهم ويحميهم، كما أن أدوات الانتاج، الحيوانات والأرض تحتاجه، فالأثر الذي يخلفه ذهاب "المجند" إلى حروب السلطان، يطال نواحي الحياة كافة، الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
هناك طرق استخدمها البعض للهروب من الذهاب إلى حروب السلطان: "مثل بتر أصبع، أو خلع الأسنان، لكن لا أحد يعرف من الذي اقترح على شدرمة، استخدام سم الفئران، لفقء إحدى عينيه" ص42، يمكننا التعاطف مع هؤلاء الذي يحاولون التملص من الخدمة العسكرية، فهم يفقدون شيء منهم وليس كل شيء فيهم ولهم.
حال الجنود
كتأكيد على عدم سوية ما تمارسه دولة الأتراك بحق المجندين لحروبها الخارجية، ولتأكيد على عدم تخطيطها السليم لهذه الحروب، يحدثنا "شدرمة" عن ظروف الحرب في اليمن، التي ذهب إليها مجبرًا ومكرهًا: "كان الواحد منا عندما يجوع يمسك حذاءه، ويضعه في فمه، ويجاول أن يلوك، متخيلاً أنه يقضم رغيف خبز" ص69، عدم توفير وتأمين تموين للجنود يعد أحد الجرائم التي يرتكبها القادة بحق الجنود، فهل يعقل أن يرسل جنود للحرب دون تأمين التموين والعتاد اللازم لهم؟، يحصل في الدولة العثمانية التي تعاملت باستهتار مع المواطن العربي تحديدا.
من المشاهد التي تؤكد عدم تخطيط السليم للحروب التي تخوضها الدولة العثمانية، وعدم توفيرها الطعام اللازم بصورة منتظمة للجنود، هذا المشهد: "أكلوا حتى انسطحوا، وهل تصدق يا عبد الخير أنهم لم يكملوا الطريق معنا، لقد فطسوا، معدهم لم تحتمل الشبع بعد الجوع" ص69.
التعليم ومعرفة
من مساوئ الأتراك على المجتمع الفلسطيني إهاملهم للتعليم وللعلم، فكما جاء في الرواية، هم تعاملوا معنا على أننا مجرد أرض خصبة تنتج الغذاء والرجال، ليخوضوا بنا الحروب، وما دون ذلك لم يكن من اهتمام (الدولة العلية) فكان الجهل سيد الموقف في مجتمع يعاني من الفقر والقهر معًا: " ... التي حكمتنا بضعة قرون، دون أن تبني مدرسة في بر القدس، أو تنور ناسنا" ص71، هذا هو واقعنا في العهد العثماني الذي يحاول البعض تجميله لنا، وعلى أنهم حماة الوطن ومن صانوا وحدته.
يقدم لنا الراوي مقتبس من زجل "يوسف الكردوش" والذي يلخص فيه حالنا في العهد التركي فيقول:
"شو قولك عن جبل قدس الشريف
حالهم بالذل صارت وأشنع
والقمح كن صار وجوده قليل
والسمن والزيت ما ينوجد في بيت
والعدس كن صار سعره مربع
ان شفتت اللحوم ما تقدر تسوم
وكرباج لتراك عقرب يلسع
قلعوا الأشجار أحرموهنا الثمار
وشغلوا المنشار في كل موضع
عسكر من أمزير أجونا كالحمير
مطلوبهم نجير (قطين) مرصع
أنور مع جمال يا روس البغال
ردتين نعال على لحاهم تتقطع" ص251و252، مثل هذه الأهازيج تؤكد حالة الشعب، والتي توكد على الظلم والقهر الواقع عليهم، فالأتراك عمليا هم من هيأونا للاحتلال الانجليزي، فما كان لهذا الاحتلال أن يكون لو كان الشعب متعلم حاصل على حقوقه، لكن الفقر والقمع والجهل كلها مهدت الطريق أمام الانجليز ومن ورائهم الحركة الصهيونيّة.
إذا ما تأملنا في كل ما جاء من مشاهد قاسة ومؤلمة، خاصة تلك التي تحدثت عن الأتراك وأعمالهم الشنيعة، نجد الراوي يضع مقتبس من الأهازيج العامية والتي تخفف من حدة هذه المشاهد القاسية، وكأنه بها يريد أن يريحنا قليلاً، مخففا عنا وطأة الأحداث وقسوتها، وهذا يحسب له، لان التراث الشعبي يبقى يحمل شيء من الهدوء والنعومة، رغم أنه جاء ليؤكد الأحداث القاسية، وهذا الشكل ـ باعتقادي ـ يمثل اسلوب جديد يمكن أن يتبع ويأخذ به من قبل كتاب القصة والرواية، فمن خلالها يمكنهم أن يبعدونا قليلاً عن قسوة الاحداث.
المرأة الفلسطينية
في أي مجتمع يعاني من الاحتلال تعاني المرأة فيه من اضطهادين معا، الأوَّل من الاحتلال، والثاني من المجتمع، فهي الأكثر تعرضا للقهر، لأن المجتمع المقهور يريد أن يفرغ الضغط الواقع عليه على من هم دونه، فلا يجد سوى النساء والأطفال، ليفرغ بهم ما علق به من ضغط وقهر.
الراوي يعطي المرأة أهمية استثنائية، بحيث نجدها حاضرة وبقوة في غالبية أحداث الرواية، فنجد أكثر من "فاطمة" في الرواية، لكن هناك "فاطمة الضاحكة" التي يقتلها "شدرمة" وقد جعل الراوي مشهد القتل يتحدث عنه أكثر من شخص، من خلال استحضار شخصية المحقق الانجليزي، الذي لا نسمع صوته بالمطلق، لكننا نجده حاضرًا عندما يتم استجواب الشخصيات الأخرى التي تتحدث عن فاطمة وعن حادث القتل، وكأنه من خلال هذه المشاهد يريدنا أن نركز على الظلم الواقع على المرأة، لكي نساعدها في إزالته ونحررها مما هي فيه.
مشهد مقتل "فاطمة" جاء بهذا الشكل: "رفع طبره لينزل، في ثانية حسبها دهرًا، بضربةٍ واحدة فقط، من يدٍ مدربةٍ، سقط الطبر على الجزء الأيمن من الرأس، فسقطت أرضا ينز دمها ساخنا على الماء" ص217، إذا ما توقفنا عند جريمة القتل نجد الراوي يجعل الرأس تسقط في الماء، كناية عن طهره، وجعل "فاطمة" تسقط بجانب قناة الماء، وكأنه أراد أن تكون القتيلة طاهرة، أو قريبة من المطهر ـ الماء ـ ، فهي ليست بحاجة إلى الغسيل كما هو حال الآخرين عند الموت.
وتحدثنا "مريومة" صديقة فاطمة عن مشهد القتل من زاوية أخرى فتقول عن الجريمة: "ـ يا مريومة يا حبيبتي، اليوم سأنهي الأمر مع هذا المجنون، هل يعتقد بأن بنات النَّاس جوار لديه؟.
بقية القصة أصبحتم تعرفونها يا سيدي، المجنون ضربها بطربه، لم أكن أصدق أنه سيفعلها، وإلا لما تركتها، .. لقد تبتعه بعد صنيعة القدر، كي أخبر الناس بما حدث، ولكن لدهشتي وجدتهم يعلمون وينتظرون، هل سمعت عن قرية تخرج في انظار قاتل، غاب لينهي مهمته للتو، دون أن تحاول منعه؟ وكأنه فعل ما فعله نيابة عنهم جميعا، بعضهم تأسى، وقال حرام، لماذا إذاً تركوه يقتلها؟، هل تأخرت قريتنا كثيرًا عن تقديم القرابين للآلهة، والأولياء، والمنجمين، فاحتاجت لقربان بحجم عنفوان الضاحكة؟" ص357، أكثر من ربع الرواية تتحدث عن مقتل "فاطمة" وهناك أكثر من راوي للحدث، وكلهم يتحدثون أمام المحقق الانجليزي، لماذا؟ وهناك أكثر من شاهد يتحدث في الجريمة، لكن ماذا أراد الراوي من وراء هذا الأمر؟ وهل الأسئلة السابقة التي طرحتها "مريومة" تشير إلى دلالة ما، يريدنا الراوي أن نتوقف عندها؟ هل "فاطمة" تحمل رمزية ما؟ وهل يمكننا ان نسقطها على فلسطين المحتلة؟ خاص ان تخاذل أهل القرية يتماثل مع تخاذل الزعماء العرب؟.
الراوي يحرص على طرح الظلم الواقع على النساء، فنجد هناك "روز" الجميلة، التي أجبرها أهلها على الزواج من ابن عمها صاحب البشر السوداء، "في بلادنا ليس مسموحا للبنت القول أحب، أو لا أحب، ضربتها أمها بالحبل وربطتها به، لم تقبل روز هدايا العريس الكثيرة، ولم تتناول ما جلبه من كنافة وحلويات شهية، متعللة بأنها صائمة، واستمر صيامها أياما أكثر من صيام المسلمين والمسيحيين مجتمعين" ص320، فالراوي يريدنا أن ننهي ما نقوم به من ظلم بحق المرأة، وأن نحررها لكي نتحرر نحن معها، فما دمنا نعاملها بطريقة الجارية/الضعيفة، ونحن الأسياد/الأوصياء علينا لن تقوم لنا قائمة أبدا.
وتأكيدا على مكانة المرأة في الرواية، يجعل الراوي شخصياته تحدثنا عن الأم، فهناك الكثير من المشاهد تستحضر فيها الأم، "وكانت أُمّي تقول بأنه يسكنها عبد" ص80، أراقب الفلاحات اللواتي يبعن منتجات أرضهن، وتساءلت: كم منهن من قريتنا؟ وهل أُمّي بينهن؟" ص108، "طالما قالت لي أُمّي، بأنه لن يحدث استقرار في هذه البلاد" ص119، "كانت أُمّي تقول بأن الوادي الشامي يدل على الذكاء وجهد فلاحي بيت لحم" ص155، "لدى أُمّي قاموس من الردود الجاهزة" ص221، وهنا العديد من الاستحضارات للأم ولكننا نكتفي بهذا المقدار لنؤكد حضور المرأة ومكانتها في الاحداث.
الاسطورة والتراث
قلنا في موضع غير هذا "أن أسامة العيسة متخصص في تناول التراث والتاريخ والجغرافيا الفلسطينية، فهو يستخدم أعماله الأدبية كمعرفة للتاريخ وللتراث وللمكان" بالتـأكيد لن تخرج رواية "وردة أريحا" عن هذا السياق، ورغم تناوله للعديد من الحكايات التراثية والشعبية، إلا أنه جعل من روايته هذه متخصصة عن "الخضر" فهو يتناوله في أكثر من وجه، وتكاد الرواية أن تكون جامعة لكل ما جاء في التراث الشعبي عن "الخضر" حتى أنه يقدم لنا قصته مع النبي موسى بشكل جديد، ونجده يحدثنا عن حكايته مع الفلاح الذي تحدث عن خطيئة آدم وعن الظلم الذي أوقعه بنا نحن أبناءه بعد أن خرج من اجنة، لمن هذا افلاح يقل في الخطأ ثلاث مرات.
سنحاول أن نقدم شيء مما جاء عن "الخضر" وعن الأسطورة التي تتماثل معه، فهو رديف للإله "البعل"، رمز الخصب والنماء، لهذا بقى "الخضر/البعل" عالقا في ثقافتنا الشعبية إلى غاية الآن، لكنه أكثر لصقا بالديانتين المسيحية أم إسلامية، فهو شخصية جامعة للديانتين، ومتفق عليه، "من يحبهم ألله يدبر لهم مكانا قرب الخضر، ... جالب الأمطار، عندما يركض حصانه في السماء، نسمع صوت الرعد، وكأنه يقول بأنه لم ينسنا، ويذكرنا بنفسه،... يركض على حصانه الأبيض، باحثا عن أي مكلوم ليغيثه، قديس الماء والخضرة، وهو من يسكب الماء على نبات الصبر، فأصبح دائم الخضرة، يصبر على العطش، ... يزور سيدنا الخضر الينابيع يومي الخميس والجمعة، نحس بطيفه على موائدنا، يأخذ حصته من خبزنا، ... يحمينا عندما نحتاج لمحايته، ويتدخل عندما يرى بأنه يجب أن يتدخل، إنه لا ينسانا مثلما لا ننساه" ص23و 24، إذا ما توقفنا عند صفات "الخضر" سنجدها تتجاوز صفة الأنبياء، وهو تلامس شيء من صفات الإله، فهو من ينزل الماء، "سيفرح البعل، سينزل المطر في حينه، سيرسل صوته رعدًا، ضياءه كالبرق" ص128، أنيس فريحة/ ملاحم واساطير، وهو من يعطي الخضرة للأرض، وهو من يحمينا عند الحاجة، " ترسل صوتك رعدا فترتجف الجبال، ترتعد فرائص الأعداء، تختبئ في المغاور عند سماع صوت الإله هدد" ص133، فريحة، فهو يتماثل مع الإله "البعل" راكب السحب، منزل المطر، مصدر الحياة والنماء على الأرض.
وهذا الخضر لا يموت، هو باق إلى الأبد: "سيعيش الخضر إلى الأبد، أبد الأبد، لذا فإن ديره ومقامه عندنا بدون قبر، كيف يكون له قبر وهو لم يمت؟" ص25، هذا القول يؤكد بأن هناك ارتباط وثيق بين "الخضر والبعل" فهما كائن واحد لكن بمسميين، يتماثلان في الصفات وفي القدرات وفي الأفعال، وهما محبوبان من كافة النَّاس، لأنهما لا يفعلان إلا الخير، "يومن ناس قريتنا بأن الخضر لم يخلق للقياصرة والأباطرة، وإنما لعلاج المهابيل، وجلب المطر المحبيه سكان الجبال، الذين يعيشون على رحمة السماء، وليحرس المسافرين على الطرقات، وفي الفيافي، وليغيث أبناء السبيل، وليمسح دموع أم مكلومة" ص27، .
إذا كان هناك تلاقي بين "الخضر" الإسلامي و"البعل" فهل هناك تلاقي بين "مار جريس" المسيحي و"البعل"؟
"ألله أرسلها مار جريس
قالها: صبية لبية لا تخافي
وكوني مطرحك قافي
أنا ما جريس النصراني
وعن قتل الحوت ماني عفياني
فقالت له:
يا شب أهرب أهرب
لا أنت بتحمي ولا بتضرب
وعندما اقترب التنين من الأميرة، لم يكن يعرف ماذا ينتظره من الفارس الأخضر المهيب، فطعنه بقوة الله طعنة قوية، أودت به إلى نا جهنم" ص30 و31، إذا عدنا إلى ملحمة "البعل" سنجد هناك صراع دام مع الإله "يم" وهما في صراع سرمدي،
"ضربه على هامة يم
حطم البعل رأس يم
هوى يم" ص132، فريحة،
"الآن وقد قتلت لوياثان
الآن وقد سحقت رأس التنين
الآن وقد قضيت على الحية الملتوية
الحية الملعونة ذات الرؤوس السبعة" ص136، فريحة ص136،
ونجد أيضًا الإلهة "عناة" تساعد البعل،
"بلغ النعي مسامع عناة
راحت تفتش الجبال
رفعت صوتها، نادت:
مات البعل، فمن لأهل ابن داجون؟
من للجماهير التي كانت تسير وراءه؟" ص142، فريحة،
إذاً شخصيات الملحمة والحكاية الشعبية متقاربة ومتماثلة، رغم تغير شيء من مجريات الأحداث، لكنها تعطي فكرة انتصار الحق والخير على الظلم والشر، فالراوي أراد بهذه الحكايات أن يقول بأن جذورنا تمتد عميقا في التاريخ، وأن جذورنا في هذه الارض أقدم من تاريخ الغزاة المحتلين، فإذا كانوا يعتمدون على التاريخ والنصوص الدينة، فحن بمعتقداتنا السابقة واللاحقة تؤكد تقدمنا ورسوخنا على هذه الأرض، فنحن في فلسطين مسيحيين كنانا أم مسلمين ما زالنا متأثرين بمعتقداتنا القديمة، لهذا نجدها حاضرة في تراثنا الشعبي.
تمتد جذور تقديم القرابين والنذور إلى عصور قديمة جدًا، وهي ما زالت حضارة فينا، "يأتونإلى ديره، مقامه، وكنيسته، في منزل أمه المندثر، يجرون خرافا، ليذبحوها، ويضحوا بها، فداءً لأولادهم ومحبيهم في ساحة الدير، ويأخذون عينات من دماء الحيوانات المطيعة إلى منازلهم، ويرسمون إشارات الصليب على الجداران، أو يغمسون أيديهم في الدماء، ليرسموا كفا بخمسة أصابع، خمسة في عيون الأعداء، والحاسدين والأشرار" ص31، فهل لهذه الطقوس علاقة بما كان يفعله أجدادنا قديما؟
إذا عدنا إلى ملحمة "البعل" سنجد أكثر من مشهد يتحدث عن تقديم القرابين، منها هذا المشهد:
" حملت عناة البعل على كتفها
صعدت به حبل صافون
بكته، ندبته، دفنته في حفرة آلهة الأرض
نحرت سبعين ثورا وسبعين خروفا
نحرت سبعين إلا وسبعين وعلا
نحرت سبعين حمارا وحشيا
ثم اغتسلت، تطيبت" ص143، فريحة، التراث الثقافي لأي مجتمع لا يمكن أن يمحى بالمطلق، فرغم وجود ديانات توحيدية مثل المسيحية والإسلام، إلا أن جذور قديمة ما زالت حاضرة فينا، بصرف النظر عما نحمله منت عقائد دينية جديدة، لهذا يمكننا القول بأن تراثنا الثقافي والاجتماعي يمتد إلى بداية تشكيلنا الاجتماعي، إل بداية وجودنا على هذه الأرض، وليس من خلال اعتناقنا لهذا الدين أو ذاك.
الصراع السرمدي والدائم بين الخير المتمثل في البعل/الخضر/ما جريس وبين الشر المتمثل في الموت/يم/الشيطان ما زال حاضرا في ثقافتنا وفي تراثنا، هذا الصراع يقدمه لنا الراوي بهذه الصيغة:
"تذكرت عين الفوار، التي أسبغ عليها ناسي صفات تتعلق بثنائية الخير والشر، وكانت أُمّي تقول بأنه سكنها عبد، وشخص حر، الأول أسود اللون، والثاني أبيض، كناية عن أن هذه العين تزورها روح خيرة وأخرى شريرة، تتقاتلان باستمرار، عندما ينتصر الحر ينساب الماء، ويسقي النَّاس، ويمد ذلك النهر الذي يخترق برية القدس إلى أريحا، ويصب في الشريعة، ولا يمضي وقت طويل حتى يستعيد العبد قواه، وتعود المعركة، عندما ينتصر، يغلق مجرى الماء، أنها بلادنا ثنائية الخير مقابل الشر، ..الضوء مقابل الظلام.. والاله مقابل إبليس... الطهارة والنجاسة" ص80، واهما كل ما يتعقد بأن ثقافة الأمم تنتهي بمجرد أن تحمل أفكارا جديدة، وواهما كل من يعتقد بأن الزمن قادر على محو هذه الثقافة، بل على العكس من ذلك، تحيا الحكاية/القصة وتتطور وتأخذ مزيدا من التجميل، لكنها تبقى محافظة على أصلها، وهذا ما تأكده ملحمة "البعل"، فبعد موت البعل الذي صرعه اليم، الذي جاء بهذا الشكل:
"فلقيت البعل هناك
جعلت منه حملا في فمي
جديا في شدقي، سحقته" ص146، فريحة، فهنا تم موت البعل الخير، لكن هل بموته ينتهي ولا يمكن أن يعود؟، بالتأكيد لا، لهذا نجد "عناة" تعمل جاهد على إعادته إلى الحياة من جديد، فتقدم القرابين للإلهة وتستجديها من خلال قولها:
" الحقول جفت، حقول إيل احترقت
اين البعل، سيد الأرض؟" ص148، بعد هذا التدخل من "عناة" يعود "البعل" إلى الحياة من جديد، ويخوض صراع مع "اليم" والذي جاء بهذا الشكل:
"صعد موت أعلاي صافون
انقض الواحد على الآخر كشهابين
موت قوي، بعل قوي
تناطحا كثوري بقر الوحش
ترافسا كجوادين
تعاضا كأفعوانين
خر موت، سقط إلى الأرض
ونادت الآلهة شفش موت قائلة:
اسمع يا موت، يا ابن الآلهة
كيف تجرؤ على قتال الظافر البعل؟
احذر، لو سمعك ثور ـ إيل أبوك
لأزال دعامة عرشك، هدم كرسي سلطانك
حكم عرش ملكك
كسر عصا قضائك
كرموا الظافر البعل، كرموا راكب السحب
انحنوا أمام سيد الأرض
أعدوا له وليمة: حملا مسنا
هيئوا شرابا: دم الدالية" 149و150 فريحة، ليس هناك ثقافة شعبية بدون جذور تاريخية، لهذا نجد حكاية البعل ما زالت حاضرة ونتعامل معها بذات المضمون والأفكار التي تحملها القصة/الملحمة، فالصراع بين الخير والشر، بين الليل والنهار، بين الربيع والخريف، صراع سرمدي لا يمكن أن ينتهي إلا بانتهاء الحياة على الأرض، إي إلا أن يرث الله الأرض وما عليها.
وكما قامت "عناة" ببكاء وندب "البعل" والتضرع إلى الآلهة لتعيده إلى الحياة ها هي نساءنا يقمن بعين الفعل، الندب والبكاء على الغياب: "خميس الأموات، تتفقد النساء، ومن غيرهن ما فقدن، يخرجن إلى القبور، ليستأنفن البكاء على الغياب، يضعن الكعك والمعمول، يوزعنه، ويتصدق الأحياء نيابة عن الموتى على الفقراء" ص349، تأكيد آخر على استمرارية الثقافة الكنعانية فينا، فغياب "البعل" وندب "عناة" تمارسه نساءنا رغم البعد الزمني.

الرواية
لغة الرواية مهمة جدًا، فهي تعد احد أهم أركان العمل الروائي، كما أن لا بد أن يكون للعنوان علاقة بالمضمون، أو يشير/يوحي إلى متن الرواية، "وردة أريحا" عنوان جذاب، الورد يعطي دلالة على الجمال والنعومة، وأريحا تدل على المكان الأقدم اجتماعيا، على أول مدينة، أقدم مدينة في التاريخ، يمكننا القول بأن هناك علاقة بين المدينة والتراث الثقافي والتراثي الذي قدمه لنا الراوي، فكما أسلفنا استطعنا أن نربط بين ما جاء في الرواية وما جاء في الملحمة الكنعانية، فهما من مصدر واحد، لكن أين هي الوراد، في ظل الأحداث الدامية التي جاءت في الرواية، فهناك ظلم وجور الأتراك، ومقتل "فاطمة الضحوكة"؟
يجيبنا الراوي على هذا السؤال بشكل غير مباشر، فالأهازيج والحكايات الشعبية تمثل الوردة، لأننا بها استمتعنا وتقدمنا من تراثنا الثقافي والملحمي، كما أن البعض منها جاء بطريقة ساخرة ولطيفة، ويجيبنا عليه أيضًا بشكل مباشر من خلال قوله: "وردة أريحا التي تتحول إلى كف العذراء بعد جفافها، تستخدم كرقية للمساعدة في الولادة" ص445، وهناك توضيح آخر يقول فيه: "لأنني لم افسح لها المجال لتروي القصة من وجهة نظرها، مثلما فعل الآخرون، وقالت: عندما يحين الحين، سيعلو صوتي أنا الضاحكة، الزهرة التي أبت الانغلاق، وردة أريحا، التي لا تموت أبدا، يكفي أنكم عرفتم بأنني لم أمت ولا أموت، تكفي قطرات تسقط من السماء التي تظللنا، لتدب في الحياة" ص448، هل هذا يكفي لنتأكد بأن هناك علاقة بين الورد ومتن الرواية، فالأمل الذي جاء في نهاية الرواية يكفينا ويزيد لنكون أمام فضاء أبيض وبهي. وكأن الموت/الجفاف لا بد أن يعقبه الحياة/الماء لتدب "الحياة من جديد"
الرواة
كافة الرواة تحدثوا بالتراث وبالحكاية الشعبية، الرجل والمرأة الفقير والغني، حتى أننا نجدهم كافة الشخصيات التي قابلت المحقق الانجليزي يتحدثون بلغة تؤكد معرفتهم وتمكنهم من الثقافة التراثية، فهل هذا كان مقصودا من الراوي؟ أم أنه غفل عن لغة الشخوص فجعلها بمجملها تتحدث بعين اللغة؟، اعتقد بأنه تعمد هذا الأمر، والدليل على ذلك تغيب صوت المحقق بشكل مطلق، فنحن لا نسمع له أي كلمة، وكأن الراوي أريد بهذا التغيب أن يجعل شخصياته الفلسطينية السلبية الإيجابية هي من يتحدث فقط، لتوكد بأنها موجودة على هذه الأرض، حتى أننا نجد شخصية "عبد الخير" السوداني الذي قدم مع جيش "إبراهيم باشا" يقول: "أنا عربي فلسطيني، ليس لي وطن غير فلسطين" ص68، فكل من يندمج مع التراث الثقافي ويشارك المجتمع في الحياة هو ابن هذه الارض، فأرضنا تقبل وتعيش على التعدد على التنوع، كما هو الحال بين الخضر ومار جريس، فالخلاف في الاسم فقط، في الشكل، لكن المضمون واحد، والفكرة واحدة، وإذا ما أخذنا الأمثال الشعبية التي جاءت على كافة الألسن يتأكد لنا بأن هناك فكرة مقصودة أرادنا الراوي الوصول إليها وتتمثل بأننا نحن الفلسطينيون موجودون على في أرضنا منذ فجر التاريخ، وما نحمله من تراث شعبي، يستمد من أفكار أجدادنا الذين عبدوا البعل/تموزي، أي قبل أن يكون هناك يهوه بمئات السنين.
الرواية من منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، الطبعة الأولى 2017
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف