الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القدس؛ عاصمة التفاؤل والأمل بقلم مهند طلال الاخرس

تاريخ النشر : 2017-12-12
*القدس؛ عاصمة التفاؤل والأمل
كيف الحال؟
الحمدلله، بخير.
لا، لسنا بخير
لماذا هذا التشاؤم.
لا، ليس تشائما، بل هذا هو الواقع، وهذه هي اللغة الصالحة لوصفه.
لا، ليس هذا هو الواقع ولا تلك لغتنا، فحتى في اللغة يمكنك إستخدام المحسنات اللغوية واللفظية في الاجابة، كأن تقول مثلا؛ حالنا جيد، لكن ليس كما نريد، لكني أرى أننا نسير نحو الافضل في لملمة شتتات أنقاضنا أو ما تبقى منها، لكننا حتما سننهض، فنحن أمة لا تنكسر، نموت أو ننتصر.

نقول اننا بخير حتى لو كنا نحتضر، هذا ما نقوله عندما لا نريد لعب دور الميت أو المهزوم، وهذا متعارف عليه بأنه إستجماع للشجاعة، وهي ظاهرة لم تعرف إلا لدى البشر، ربما هذا ما نحاول فعله الان ..

يبتسم محاوري، يشتد أزره، تعلوا حاجبيه عقدة شديدة، تستفيق فيه كل معاني المروءة والكبرياء، يغادر نفسه اللوامة، يتوقف عن جلد الذات ....
أصبح يحدثني عن الأمل...

حدثني عن الامل والارادة والتصميم، وأخبرني بقصة أديسون صاحب الالف اختراع ومخترع المصباح الكهربائي، وكيف كان مرض أمه سبب إختراعه، وعن حجم التجارب الفاشلة التي خاضها قبل أن ينجح في إختراعه؛ لدرجة أنه خاض أكثر من 99 تجربة فاشلة وفي كل مرة عندما تفشل تجربة كان يقول “هذا عظيم .. لقد أثبتنا أن هذه أيضاً وسيلة غير ناجحة للوصول للاختراع الذي أحلم به”، فكان لا يطلق عليها تجارب فاشلة بل تجارب لم تنجح!، وعلى الرغم من عدم نجاحه في عدد كبير جداً من المرات إلا أن ذلك لم يدفعه لليأس بل استمر في المحاولة، وفعلاً في عام 1879 أنار مصباح إديسون لتشع الوجوه بهجةً بهذا الاختراع العظيم.

حدثني عن الثورة الفلسطينية وكيف نهضت من رماد النكبة الى جمرة المقاومة، حدثني عن ياسر عرفات وكيف تسلح بالارادة والامل بعد النكسة مباشرة، وكيف جاء الى اجتماع القيادة في دمشق في بدلته العسكرية وببندقيته القديمة وفي سيارة "الفوكس فايجن" المموهة بالطين، وكيف إستنكر رفاقه عليه هذه الهمة بعد الهزيمة الساحقة الماحقة في حرب 1967؛ وكيف فاجأهم ياسر عرفات برده؛ نحن لم نهزم،! بل هم الذين هزموا، وكيف خرج من إجتماعهم مباشرة في دورية الى الارض المحتلة بعد النكسة مباشرة، وعلى إثرها كانت الانطلاقة الثانية لفتح والثورة الفلسطينية.

حدثني عن ياسر عرفات وموقفه بعد الخروج من بيروت حين سأله الصحفي يوري أفنيري، الى أين أنت ذاهب الآن؟ وكيف أجاب ياسر عرفات وبدون تردد ، الى فلسطين....

حدثني عن الثورة الفلسطينية في حلها وترحالها، حدثني عن ايلول والاحراش، وعن بيروت وايار، وعن طرابلس والحصار، وعن المجازر وعن العواصم اللقيطة كيف اصبحت بدمنا "هوشي منه"، وكيف أصبحت بدولاراتهم وعاهراتهم "سايغون".

حدثني عن الانكسار والخنوع وأن لا شيء يكسرنا، حدثني كيف تنتقل البندقية من كتف الى كتف كما تنتقل من جيل الى جيل، حدثني عن الاسراء والمعراج وكيف أصبحت القدس عاصمة السماء ومدينة الانبياء.
حدثني وأفهمني ان الثائر هو المتفائل وهو قرين الامل.
حدثني وأفهمني عن أعظم الاسلحة التي تصيبنا في مقتل؛ حدثني عن داء اليأس والقنوط والاحباط.

داء اليأس والقنوط والإحباط النفسي، أو خلخلة النفسيّة، وإشعارها بالعجز المتناهي عن الصمود والثبات، وعدم قدرتها على تهديد أو مجابهة مصالح الأعداء؛ هو أكبر هدف ظلّ أعداء الامة يعملون على تحقيقه، حتى يجعلوا الأمّة لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بكل سهولة . وذلك لأنّ الأمة مهما أُصِيبَت بالانكسار على المستوى العسكري الماديّ، فإنّها تظل قادرة على مقاومة الأعداء ومواجهتهم وإعمال الكرّ والفرّ في مقاومتهم، ما لم تُمْنَ بالإحباط النفسي واليأس الفكري والهزيمة المعنوية التي هي أشنع الهزائم التي يُصَاب بها فردٌ أو جماعة. إنّ هذه الهزيمة إذا أصابت أمة، أهلكتها ؛ وتصبح صالحة للتعرض لكل نوع من انواع المهانة والذل.

ولذلك بقيت هذه الامة دائما وبشكل يومي ومستمر وعلى مدار الساعة تحت مجهر الاعداء يرقبون معنوياتها وسلوكها وتطورها والذي ما يلبث أن ينهض حتى ينقضوا عليه رغبة في ثنيه وتثبيطه أو كسره في الصميم.

لقد ظلّ الأعداء يستهدفون الأمةَ في كل عصر في معنويتها؛ ذلك لأنهم يدركون تمام الادراك أن المعنويات هي أساس البنيان والعلوم والتقدم والنهضة وأساس سائر أنواع المعرفة التي توفر سبل المواجهة والصمود والانتصار، لذلك يسعون لخلخلة النفسيّة وتعريضها للقنوط والإحباط بل وأكثر من ذلك فهم يرغبون في إيصالنا لمرحلة الانكسار والتشظي .

فهم لم ولن يكتفوا بإنزال الهزيمة العسكرية والانكسار المادي على الأمة، وإنما ركّزوا عنايتَهم على إصابتها بالهزيمة الداخليّة التي تمسّ أعماقَ الضمير، و تجعله يشعر بالصدمة القاسية الأليمة؛ فإن نجحوا في تحقيق الانتصار العسكري، ولم ينجحوا في تحقيق الانتصار المعنوي، تأكّدوا أن انتصارهم قرين الانكسار في اي فرصة تسنح للأمة، وأنه انتصار مُوَقَّت سرعان ما يتحوّل انكسارًا. وهكذا كان ؛ وقد حدث أن مُنِيَت الأمة بالهزيمة العسكرية لنقص في الاستعداد والتعبئة، أو لحكمة ربانية؛ ولكنها عما قليل عادت فأحسنت الكرَّ، وكسبت المعركة في الجولة اللاحقة، فتلك سنة الحياة وسنة الله في خلقه "وتلك الايام نداولها بين الناس".

من الطبيعي أن تمر النفس الإنسانية بحالات شديدة التباين خلال مسيرتها في الحياة فبينما تشرق أحيانًا، ويملؤها الطموح، ويدفعها الأمل لتحقيق المعجزات، تداهمها أمواج اليأس والاحباط في أحيان أخرى، فتنهزم أمام المصائب والصعوبات والمخاوف .

ولعل الاحباط واليأس والقنوط من أخطر ما يهدد سلام النفس الإنسانية، ويقضي على مقدراتها ويشل إمكانياتها استسلامها للإحباط والهزيمة الداخلية واستشعارها ألا فائدة، وأن لا شيئًا مما فسد يمكن إصلاحه، وأن الأجدى وقد انسكب اللبن أن نعكف عليه باكين نادمين بدلاً من القيام والبحث عن حل.

ومن خطورة الشعور بالإحباط والهزيمة النفسية أنه يقضي على أي أمل للإصلاح، مع أن الأمل لا ينقطع ما بقيت هناك حياة، إلى جانب أنه ينطوي على راحة لا تخفى، فبدلاً من الكدّ في سبيل الخروج من الأزمة يكتفي المحبط بالعويل واعتبار نفسه شهيد المصيبة! ومن ثم يعزو كل فشل لاحق إلى مصيبته التي وقع فيها أو أوقع نفسه، ومن ثم أيضًا تُسلمه كل مصيبة وهزيمة إلى أختها أو أكبر منها!. وحينها يصح فيه المثل القائل:"كالهارب من تحت الدلف ليقع تحت المزراب".

الحرب النفسية أشد فتكا ودمارا من الأسلحة النووية لأنها تستهدف العقول والأعصاب والمعنويات، وإشاعة الاحباط وسرقة الأمل وما يحويه من مقومات النصر، وتحطيم الشعب والوطن والجبهة الداخلية بالجملة، وتفتيت الوحدة الوطنية في السلم والحرب على السواء، بقصد تخريب الوطن وتفتيت القضية وحرف البوصلة، وإستنزاف الطاقات عبر تناقضات ثانوية وابراز الخلافات الداخلية الكامنة في أي مجتمع او شعب أو أمة، وإسترجاع ما فيها من أحقاد وضغائن وتضخيم الذات الفردية "الأنا" لدى أصحاب الانفس المريضة وتغييب مفهوم الذات الجمعية"نحن".

الحرب النفسية تستخدم بشكل عام ضد الإنسان، ونفسيته، وعقله، للسيطرة على الإرادة، بهدف تطويعها وتضليلها وتدجينها وكسرها.
ويمكن تعريف الهزيمة النفسية بأنها: اليأس من إمكانية أي عمل إيجابي.
وأحسن وانجع ادوات الحرب النفسية واكثرها فعالية هي الاشاعة، وانجع أدوات الاشاعة؛ هي العناصر المضادة للثورة والامة، واصحاب الفكر الهدام، والتمنطقون والمتثاقفون والجاهلون، وأصحاب الادوار المشبوهة، والباحثين عن دور في خضم المعركة، وهم جميعا ما أصطلح على تسميتهم بالطابور الخامس.

إن بث مشاعر الإحباط والياس والقنوط كأحد أسلحة الحرب النفسية في أفراد المجتمع تأتي بسبل عدة، أهمها؛ عدم النجاح والفشل المتكرر في مواقف او معارك متعددة أو متتالية، وعدم القدرة على فعل ما يريد الفرد او المجتمع، كأن يبحث الفرد عن عمل ولا يجد ما يناسبه بعد عدة محاولات متتالية، أو يحبط نتيجة عدم التوصل لحلول للمشكلات التي يواجهها هو أو مجتمعه، وليس الفرد فقط من يقع بالإحباط واليأس، بل أحيانًا شعوب بأكملها تصل لحالة الإحباط.. فخروجها من مأزق ودخولها آخر، وسيرها من هزيمة صغرى لأخرى أكبر، وخروجها من نكبة لتقع في نكسة، يتسبب في توليد مشاعر الإحباط والقنوط واليأس. وهنا يأتي دور النخبة والطليعة في أي مجتمع وتحديدا حول دورهم في تحديد الاولويات في المواجهة والنضال وتحديد الاعداء والخصوم ومواجهة العناصر المضادة والتصدي لكل المظاهر السلبية وتعظيم المظاهر الايجابية والبعد عن المثبطات والمحبطات، ورسم خارطة النهوض النفسي(الداخلي) كي تمتلك الامة زمام السلوك المادي(الخارجي) وبشكل عام تحديد معالم الصراع وخوضه كرأس حربة وكمثال حر وصارخ على فهم المرحلة وأبعاد الصراع.

إن الحرب النفسية في أبسط صورها هي: إذا أردت أن تسحق شعبا او إنساناً بعينه، فأقنعه بأنه تافه، وإذا أردت أن تهزمه، فأقنعه بأنه ضعيف فاشل يحتاج الى حمايتك دائما، وإذا أردت أن تربكه، فأجعل المصائب تحاصره من كل جانب، بما فى ذلك تجنيد العملاء والجهلة لإثارة الفتن والبلبلة واشاعة الفوضى واثارة الخلافات المناطقية والقبلية والجهوية والاقليمية والطائفية بحجج وذرائع لا يقبلها عقل، ولا يقرها منطق سليم، ولا مبرر لها سوى انها من انتاج عملاء وسفهاء لا يحسبون للنتائج السيئة حسابا الا بعدما "أن يقع الفأس فى الرأس".

وفي كل الاحوال وعبر كل الازمان كانت القدس وستبقى؛ عاصمة للتفاؤل والامل، ووطن لكل شيء جميل.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف