الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قصة المقصور والمنقوص والممدود بقلم:سلامة عودة

تاريخ النشر : 2017-11-21
قصة المقصور والمنقوص والممدود بقلم:سلامة عودة
قصة المقصور والمنقوص والممدود
جال في خاطر المنطق أن يخطب فتاة، وتكون زوجه المستقبلية، وقد وقع اختياره على اللغة؛ لتصبح زوجه المصون، وبعد عقد القران، تزوجها وأنجب منها بنتاً أسماها المقصور؛ لثقته الدينية بالاسم المقصور الذي يخفي الحركات وتكون مقدرة عليه، والمقصور أخذت من القصر وهو ما يخفي مابداخله، وقد وصف القرآن كلمة المقصور ، وهو المختفي في الخيام، قال تعالى: " فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ"(الرحمن:52)، (حورٌ مقصوراتٌ في الخيام (الرحمن: 72)،
وسميت الألف المقصورة بهذا الاسم؛ لأنها تخفي الحركة وتصبح مقدرة وفق منطق النحاة؛ لذا رأى المنطق أن يسميها بهذا الاسم، فلبست المنديل وأخفت شعرها، وأصبح شعرها مختفياً تحت منديلها.
ثم رزق بولدين: الأول منقوص، والآخر ممدود ، وفق اتفاقه مع اللغة وتسميتهما بهذين الاسمين، وقد كان المنقوص قد سمي بهذا الاسم؛ لأنه يخسر حرفه الأخير في حالتي الرفع والجر، ويبقى كاملاً في حالة النصب فقط؛ ما جعله يشعر بالنقص؛ وذات يوم خاطب أخاه الطويل الممدود، وقال له : إنك طويل وممدود في حروفك، وقد وهبك الله نعمة تفوق ما وهبني الله، لكن الممدود لم يقتنع بما قاله المنقوص؛ وقال له: هدّئ من روعك، فأنت في اسمك جرس موسيقي رائع، فأنت تخسر حرفك عندما تترنم على الغنة التي يكسبك إياها التنوين (جاء قاضٍ، ومررت بقاضٍ)، وهذه الصفة نلمحها في التجويد بغنة، ألا ترى أنك عندما تقرأ الآية الآتية: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"، تجد الياء أدغمت في النون، إدغام بغنة، فبادره المنقوص قائلاً: رفعت من معنوياتي، يا أخي العزيز، ولكن الياء تبقى رسماً وتدغم، أما أنا فتذهب أدراج الرياح. ضحك الممدود وقال: لأنها في كلمتين وأنت في كلمة واحدة، وجئت ترتيباً في النهاية؛ فاعتراك ضعف؛ ما أدى إلى حذفك، ولو كان ترتيبك وسطاً لما حذفت أسوة بكلمة الدنيا.
لم تحتمل المقصور هذا النقاش، واضطرمت غيرة في داخلها من هذا الإطراء، وخرجت عن صمتها قائلة: أنا ضلع قاصر،وأنت ممدود، أنا أُكْتَبُ بألف لينة قائمة واحدة( عصا)، وأنت بألفين، تحولت أحداهما إلى همزة؛ لأنها تطرفت وضعف المقطع ، والهمزة والألف في خندق التبادل، فأبدلوا ألفك اللينة الثانية همزة؛ فقوي مقطعك ( حمراا= حمراء).
وعليك أن تعطف علي وتميل للسلام علي، ولا يفترض مني أن أرتقي كرسياً كي أخاطبك وأسلم عليك، وهذا من صلة الرحم بيننا، ألم تسمع قول النحاة : لا يمد المقصور، ولكن يقصر الممدود، فلا نقول: عصاء، وإنما نقول: لميا، حمرا، مع عدم ذكر الهمزة، وقد وظفها الشعراء، وعدت من الضرورات الشعرية؛ ولكنها قاعدة كما رأيت، فاللغة تقوم على التسهيل النطقي يا أخي الأكبر.
فحنّ الممدود وعطف على أخته وقبّل رأسها.
تنبه المنطق من خلال حديث الأبناء، إلى قضية نسب هؤلاء الأبناء، واعتراه شك في اللغة، فسألها: هل أنت على ثقة أن هؤلاء أبنائي، ومن صلبي؟ استشاطت غضباً وقالت: أتشكُّ في طهري وعفافي، وضع المنطق يده على رأسه وراح يفكر في حل سؤال مستعص كهذا، فخاطب جدته في الأمر، فهي القادرة بفراستها أن تكشف الشبه عن طريق لون الدم الذي يسري في الوجوه، وتوصلت إلى نتيجة أنهم إخوة من أم وأب واحد.
كلام الجدة لم يَرْقَ لمستوى تفكير المنطق، وراح يفكر في الفحص عن طريق (DNA)، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما علاقة ال(DNA) باللغة، فاستفتى عالم الإحياء، فقال له: إن ترتيب هذا الحمض النووي له علاقة في بيان الشيفرة الوراثية المكونة من ( الأدنين(A)، والإغوانين(G)، والثايمين(T)، وسيتوسين(C) ، وقد أشار إلى ذلك الخليل بن أحمد الفراهيدي، عندما بنى معجمه التقليبات، الموسوم بمعجم العين، فقد بناه على التباديل بين مخارج الحروف ، متأثراً بالتباديل والتوافيق الواردة في الرياضيات، فالتباديل تشترط الترتيب، والتوافق لا تشترط ذلك، فكان حظ الثلاثي من الحروف يسري على التباديل، والرباعي والخماسي قد جرى على التوافيق، أرأيت لو طلب إليك تباديل ( 1،2،3)، سيخرج عندك ستة أزواج(1،2،3/1،3،2/2،1،3/ 2،3،1/3،2،1/3،1،2)، وكذلك اللغة فكلمة( علم)، تخرج منها ستة تقليبات وهي( علم، عمل، ملع،معل، لعم، لمع)،والتوافيق شرحها يطول.
لذا قررت فحصك أيتها اللغة بهذا الحمض، ومن ترتيبه يكشف السلالة، وبالتالي يطمئن قلبي، تبسمت اللغة وهي واثقة من نفسها، وقالت له: كفى شرحاً وتسويغاً لفكرتك، وأنا جاهزة للفحص الطبي، والحمض النووي الذي تريده.
أخذت خزعة من دم الأبناء الثلاثة، وأجري عليها الفحص المخبري، وخرجت النتيجة بوجود عوامل وراثية بين الأسماء التي فحصت، المقصور والمنقوص والممدود.
ولدى قراءة تقرير المختبر، وُجِدَ حرفان يتكرّران في الأسماء الثلاثة، وهما الواو ، والياء ، وقد جاء التقرير مفصلاً على النحو الآتي:
عصا ( اسم مقصور) والألف منقلبة عن واو، ومثالها في المثنى: عصوان، وعصوات، وينسحب ذلك على فتى في أنها منقلبة عن ياء، في فتيان، وفتية، فالياء والواو موجودتان في التحليل الذي أجريت عليه الفحوصات.
أما الاسم المنقوص فهو في كلمة ( القاضي) التي جاءت من قضى يقضي، وكلمة ( الداعي) من دعا يدعو، والدعوة، فالياء والواو موجودتان.
وأما الممدود فهو في كلمة ( بناء) والهمزة منقلبة عن ياء، وأصلها من بنى يبني، بنيَ، والقول ينطبق على سماء، سما يسمو والأصل ( سماو) قلبت الواو همزة ليقوى المقطع. فالواو والياء موجودتان.
عندها تحللت عقد المنطق، وسكن غضبه، وقرب منه زوجه اللغة، وقال لها : أنا عملاً بفحوى الآية ومؤداها الذي يقول الله فيها:" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي "، أردت أن يطمئن قلبي، وأدفع شك الشيطان الذي ساورني.
وعلى مائدة الطعام التي أعدتها اللغة جلست العائلة، وشرع المنطق يعطي محاضرة في الأخلاق الحميدة، فقال:
اسمعوا يا أبنائي، إذا بقي كل واحد منك وحده دونما التشاور والتشارك مع أخيه على الأقل، يطمع بكم العدو وينال منكم، أما إذا اتحدتم، فلا يستطيع العدو أن يكسر شوكتكم وأنتم على قلب رجل واحد ، سواء كنتم اثنين أم ثلاثة، فالشاعر يقول:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أحادا
عندها تبين للأولاد ما كان يرمي إليه الأب، وقالوا:
صحيح يا أبي، ما ذهبت إليه ، فأنا المنقوص إذا كنا اثنين ترجع لي الياء التي حذفت ، وتكون القوة حليفتي، فعندما نقول:
قاضٍ حذفت مني الياء لأني وحدي، ولكن قاضيان قد عادت لي الياء ياأبي، فلن أستغني عن المثنى والجمع لأنهما خدماني، ومنحاني قوة، لا ينال منها الكلام وإن كثر.
ضحك المنطق والتفت إلى اللغة قال: هاهي أسرتنا المتواضعة قد دخلت معترك الحياة ، وإن شاء الله، قد أدينا ما علينا يا رفيقة دربي، لك مودتي أيتها اللغة وللأبناء المستقبل الواعد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف