الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صفحة رقم 113 بقلم مُكرَّم القصاص

تاريخ النشر : 2017-11-21
صفحة رقم 113 بقلم مُكرَّم القصاص
ما عُدتُ أخافُ الفُراقَ ولا الرحيل !

كُتبٌ في كُل مكان ، رواياتٌ جَمّة ، كوبُ نسكافيه فلا أَعي حُب القهوة كالبقيةْ ، وغرفتي التي أكون فيها حرةٌ بلا قيود ، لِتصبح أحلامي حقيقةً داخلها ، فأستطيع أن أكون فيها كاتبة ، عالِمة ، مُبدعة ، راقِصة ، وممثلة ، وعارضة أزياء ، ومصممة ، أعتلي المسرحُ متى أشاء ، و أُصفِق لي دائماً عندما ينتهي الحَفلُ في رأسي ، أُحاوِر الكثير من العُلماء الذي طالما وددتُ حضور مجالسِهم ، أناقشُ الأدباء الذي تركوا كُتبهم و علومهم ورحلوا ، و أتركُ هذا الواقعَ الفظ لمِن أرادوا الوجود فيه ، و أُوجِدُ واقعي الذي لطالما أردتُ العثور عليه .
هكذا بإختصار ، حتى قَرأت رِسالةٌ تُركت في إحدى الروايات .

في إحدى المكتبات التي إعتدت زيارتِها دورياً ، شَدَّ إنتباهي عنوان روايةٍ كُتب عليه بطباعةٍ قديمة "ما عُدت أخافُ الفراقَ ولا الرحيل " ، تفاصيل غِلافِها القديم تُظهرُ مدى غرابةِ مُحتواها ، فقررتُ إستعارتِها والبدءُ بقرائتِها في ليلةِ رأس السنة .
وجاءت ليلةُ رأسِ السنة ، مَطرٌ شديد في الخارج ، كوبٌ كبير من الشاي الساخن ، وهدوءٌ ساكنٌ يحتلُ الأرجاء وروايتي التي إستعرتُها من المكتبة ، هكذا أردتُ الإحتفال بهذه الليلة ، لا أُريد ضجيجاً كالذي يُقام كلَّ عام ، فقط أريد أن أعيش أحداثِ الرواية بِتفاصيلها وكأنني أحد الشخصيات الموجودة فيها .
بدايةً يقولُ الكاتب : " هل سمِعت يوماً عن رسالةٍ وُجدت في جيبِ أحد الجنود القتلى ، غارقةٌ بالدماء فلا حروفها واضحة ، ولا معانيها تَصِل ! ، هكذا روايتي ، سيَقرؤها الجميع إلا هيَ " .
كُتِبَ في أول سطرٍ في الصفحة التالية ، " سَتَلقى رسالةٌ ورقية داخل هذه الرواية ، إقرأها ثم ضَعها في الصفحة رقم 113 ، فهذِه الرواية لم تُصدَر منها سوى نُسخةٌ واحدة ، داخِلُها رسالة حافِظ عليها ، فإنني متيَقِنٌ بأنها سَتقرؤُها يوماً ما ".
أثارني الفضول لِقراءتها ، حتى أنني تركتُ كماً كبيراً من الصفحات وأخذتُ أبحثُ عنها حتى وجدتُها ، قبل أن أقرأ ما فيها ، فكرتُ للحظةٍ بالبلهاءِ التي تركت هذا الكاتب ! ، فكيف لُه أن يَكتبُ فيها روايةً كاملة ، ويتركُ فيها رسالةً منذُ عُقود عَلّها تصل وتقرؤُها !، صِدقاً أَغبتطُها ، فمجردُ التفكير بأن إنسان يقتني العيشَ على أملِ قراءةِ أحدهُم لما يكتبْ ، يُثيرُني بالغضب .
التقطتُ الرسالة لِتسقطَ منها وردةٌ هشةَ ، يظهرُ عليها علاماتُ زمنٍ طويل .
ثم يقول فيها :
" مُنذ وقتٍ مضى لم نلتقي ، أو لرُبما يشكو طريقُنا الذي إعتدنا اللقاء فيه مِن أخِر مرةٍ لَمحتُكِ فيها ، أو لرُبما قل إشتياقُكِ مُنذُ رحيلي ، وكأن البُعد يزيل تفاصيل وجهي من ذاكرتِكِ ، كلماتي لم تعدْ تروقُكِ البتّة ، ولربما رسائلنا التي أردتِ دوماً الإحتفاظ فيها تخافين عليها من المطر خشيةً زوال حروفٍ عشقْتيها ، لم تعد موجودة ، مُزِّقت أم حُرِقت ! ، حتى عينايَ لم تعدْ تُخيفُكِ ، وزوايا الأماكن جعلتْ مِنك شخصاً آخر ، موسيقانا التي تبادلناها أصبحت ضجيجاً يُزعِجُك حين تسمعينها ، أصبحتُ لكِ عابرٌ ، شَخصٌ مرَّ من هنا ، وفقط .... ، أقسمتُ لكِ يا حُلوتي بأن الحربْ لن يفرقَ بيننا ، وأنني سأنهيها وأعود ، لم أكن أعلم بأن الحرب إنْ إبتلعتنا لا نستطيع النَجاةَ منها ، وإن نجونا فلن نعود كما السابق ، فلا تدرين بأن الحربَ سلبتْ مني قلبي و أحدَ أطرافي وعيني اليُسرى وأنتِ ، هذهِ الرسالةُ لكِ ، هل ستقرأيها أم ستبقى مُشردَةٌ بين هذا وذاك ! ، أنتظرُك حتى اللحظة في طريقٍ جمعنا ، أعلمُ بأنك ستأتين إذ ما تقعُ بين يداكِ " .

أقفلتُ الرسالة ، وَضعتُها في صفحة رقم 113 لِأشعرُ بقطراتِ دموعي ترسو على وجهي ، ثم تركتُ الرواية ومنذ ذلك الحين لمْ أُتمَّ قرائتُها ، وكأنه يعلمُ بأنها وحدها من سَتُكمُل قرائتها ، جَعل منها نسخةً واحدةَ ، لها فقط .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف