الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تلك النّورية أسرّته برقصتِها قبل موْته بقلم: عطا الله شاهين

تاريخ النشر : 2017-11-13
تلك النّورية أسرّته برقصتِها قبل موْته بقلم: عطا الله شاهين
تلك النّورية أسرّته برقصتِها قبل موْته
عطا الله شاهين
ذات مساءٍ حارٍّ حينما كان ذاك الرجل العجوز يسيرُ على الشاطئ كعادته، ولكن بعد سير قصير تعبَ، وراح يجلس على ربوةٍ رملية، وكانتْ نظراته في ذلك الوقت ترتمي صوبَ البحرِ الهائج وبلا توقف، كانتْ الموجات تصلُ إلى قدميه، فيشعر بانتعاشٍ من مياهِ البحر المُضطرب، وبينما كان جالساً هناك شاهدَ مجموعة من النّساء والرّجال كانتْ تسيرُ صوبه، فنظر باتجاه المجموعة ورآها تقتربُ منه بكُلِّ تمايلها، وراحتْ تحلّق حوله، فوجد نفسه في وسطها.
وبعد دقائق بدأ الرجال يُخرجون آلاتٍ موسيقية من إيقاعٍ ونايٍ وقيثارة، وكانَ يسوّي كُلُّ واحد منهم نوتته، فرأى المجموعة بدأت تتهيأ، والنساء ارتدين التّنانير المُلونة ذات ألوان فاقعة، وكانتْ تُشبه تنانير غجر اسبانيا، وفي لحظة، وجد نفسه وكأنه أمام مهرجانٍ، فلمْ يكنْ يتوقّع أنْ يصادفَه في هذا المكان..
بدأتْ المجموعةُ تعزف مواويلا، ومِنْ ثمّ بدأ العزفُ المُصاحب للغناء، حيثُ بقي جالسا وينظر صوبهم، وكان يرقبُ ذلك في اندهاشٍ، وبعد لحظاتٍ نقرَ صاحبُ القيثارة على أوتارِها نغماتٍ موسيقية رائعة، سلبته عقله، وثمّ انطلقَ صوتُ أحدِ الرجال بأغنية، فتمايلَ على ألحانِها.. والنساء تهيأن بُسرعة، اندفعتْ إحداهن إلى وسطِ المجموعة، رقصتْ بحركاتٍ كحوريةِ بحرٍ، وردّتْ بغناء، كأنّه تغريدُ البلابل..
في رقصتِها ضربتْ بيدِها ورجلِها، ودارتْ على نغماتٍ متناسقة، وانسابتْ لسمعِه.. انهمكتْ المجموعةُ في أداءِ الأُغنية، فشاهدهم جميعهم كانوا يعزفون وينشدون ويرقصون دون سابق إشعار، فتوسّط المجموعة، وصفّق وردد على الإيقاعِ الموسيقيّ، وبعد ذلك بدأ في مُراقصةِ النّورية، ورقص معها بمهارةٍ عادية، وأبهر كُلّ العازفين، وردّد بصوتٍ مبحوح، وبنشوةٍ زائدة لمْ يعتدها.
اقتربَ منها وقال لتُ: يا نورية ألا تأتي لترقصي معي مرة أُخرى؟
اندفعتْ النساء الأُخريات وشاركنه والنّورية الجميلة الرّقصَ على الإيقاعِ والصّيحات، التي كانتْ تحدثُها المجموعة، واستمرّتْ الرّقصات وتناوبتْ على مُراقصته الواحدة تلو الأخرى، وفجأةً أثارَ منظرَ الغروبِ شجونه، واتّجه بنظرِه إلى طلوعِ القَمر، الذي كانَ يطلُّ شيئاً فشيئاً في سمائه.
وقفَ متأملا المشهد، لقد سبقَ أن شاهده من قبل، فاندهشتْ نفسه، وكأنّه يشاهدُ ذلك لأولِ مرة، لكن هذه المرة إحساس غريب كانَ يُناديه في أعماقه، أهو إحساسٌ باللّذة والمُتعة التي، تقاربُ على الانتهاء، حيثُ انتهى القَمرُ وراء الغيوم، أمْ شعورٌ بالخيبةِ التي حرّكتْ دواخله وتجثمُ اللّحظة على أنفاسه؟
استفاق مِنْ مُتعته وتبيّن له، بأنّه لمْ يعدْ يصلح لما قام به وفعلَه، فليس هو الآن في سنِّ المجموعةِ حتى يحذو حذوها، كانَ عليه أنْ لا يرقصُ مع تلك النّورية، ولا أنْ يغنيَ مع المجموعة، لقد غابَ عنه أنّ الشّيبَ طلي شعْره بالبياضِ والتّجاعيد توشّمتْ على وجهِه السّنون.
جلس قبالة البحر، تأمّل العتمةَ القاتمة، التي كانتْ تلفُّ البحرَ، والسُّكون الذي كانَ قدْ عمّه قبل قليل، مشهدٌ كان يقرأ فيه من كتابِ حياته، المجموعةُ قد باتتْ تنصرفُ في هدوء، حيث غاب هو في تأمّله وتفكيره، ولمْ يعدْ يدركُ ما يدورُ حوله، ولا أحسّ بما يتراءى أمامه، غاب في تفكيره، كما غابَ القمرُ خلف الغيمات، وحلّ الظّلام بعد الغسَقِ وسكنَ المكان.
في صباح اليوم التّالي، كانتْ مجموعة من النّاسِ تحلّقُ حول رجُلٍ مُسنّ، وجدوه جثةً هامدة على تلك الربوة، لكن قبل موته تذكّر النّورية، ورأى قبل موته البحرَ وهو يزدردُ قرص الشّمس، ابتلعَه كما يبتلع الحتفُ حياته هو الرّجُل العجوز، الذي أسرّته تلك النورية ذات مساءٍ برقصتها .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف